الخميس، 3 أغسطس 2017

سلطات الاحتلال (المصرية)!

نظراً لأن التاريخ لا تنقضي عجائبه وزاخر بالمفارقات والغرائب، فإن مصر عبد الناصر بالنبض القومي العالي الصوت والنبرات تولت مهمة تعرية ممارسات الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة. مصر هي التى وضعت عبارة سلطات الاحتلال الإسرائيلي على ألسنة الجميع. وفي مطلع تسعينات القرن الماضي، مصر حسني مبارك كانت تتقدم الصفوف لإنهاء احتلال العراق للكويت، و سارعت يومها دون الآخرين لتبني (النظرية الامريكية) لإنهاء احتلال العراق للكويت!
الآن دار التاريخ دورته لتصبح مصر نفسها (دولة احتلال) تحتل أرضاً سودانية خالصة و المتمثلة في مثلث حلايب، وتحاول وهي تسابق الزمن فرض الأمر الواقع هناك! مفارقة عصية على الفهم، صعبة الهضم، ولهذا لم يكن السودان مغالياً حين اضطر لإيداع (إخطار رسمي) -وفق مقتضيات القانون الدولي- لدى الأمم المتحدة في شهر يوليو المنصرم يؤكد فيه (عدم اعترافه بالوجود العسكري المصري وكافة أعمال السيادة المصرية الحالية في مثلث حلايب، باعتبارها احتلالاً غير شرعي ورفض كافة إعلانات كمصر بهذا الخصوص).
الإخطار وصف السلطات المصرية رسمياً بأنها (سلطات احتلال) ونفى السودان أي صحة لادعاء مصر ممارستها للسيادة في المثلث بلا انقطاع ، مؤكداً إمتلاكه وثائقاً و حججاً قانونية دامغة أن مصر لم تمارس أي أعمال سيادة قبل العام 1995، وهو علام احتلالها للمثلث.
وقال الإخطار ان قواعد القانون الدولي والاتفاقيات الدولية ووثائق منظمة الوحدة الإفريقية فيما يتعلق بالحدود بما في ذلك إعلان القاهرة 1964 تلزم الدول الإفريقية فيما يتعلق بالحدود السياسية الموروثة عن الاستعمار، وهو مبدأ راسخ اعتمدته محكمة العدل الدولية في العديد من أحكامها القضائية في نزاعات عرضت أمامها!
 المؤسف في هذا المشهد الأقرب إلى المشهد السريالي إن الشقيقة مصر التى تتصدر القضايا القومية و قضايا الإقليم، تضع نفسها الآن في موضع يتقاصر عن تاريخها المعروف.
تطلق على الآخرين محتلين ثم تعود وتصبح هي نفسها سلطة محتلة ثم تقبل وترضى التحكيم الدولي بأريحية تامة مع أعدائها وتتقبل نتيجة التحكيم (طابا) ثم تعود وترفض -بلا منطق- التحكيم مع (عمقها الاستراتجي)!
ولا يدري أحد كيف ستصبح القاهرة قيادة عربية تتصدى لسلطات الاحتلال الإسرائيلي وتستضيف (الجامعة العربية) وهي (تحتل) أراضي جارها الذي استجارت بجارها الاستراتيجي السودان حين اتخذت من منطقة (وداي سيدنا) في السودان (مأوى) لطائراتها الحربية التى كانت تلاحقها بعنف وضراوة طائرات العدو الإسرائيلي وهي يومئذ (أهداف سهلة)!
 لولا (وادي سيدنا ) و (جبل أوليا) لما بقي شيء من المعدات العسكرية الاستراتيجية لمصر في حروبها الشرسة مع العدو الإسرائيلي وما عرف بـ(النكسة) التى تحولت الآن إلى (نكسة) في الشخصية القومية لمصر!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق