نتقلت الحرب الأهلية في دولة جنوب السودان لمرحلة جديدة بين حكومة الحركة
الشعبية بقيادة سلفا كير وفصائل المعارضة المسلحة إلى مربع جديد, حيث أسفرت
الانشقاقات هذه المرة عن تأسيس حركة سانو الفيدرالية للوحدة الوطنية التي
يقودها اللواء وليم الاريو دال المنشق من الحركة الوطنية الديمقراطية
بقيادة د.لام أكول،
التي تطالب بالوحدة بين دولتي السودان وجنوب السودان. حيث أكد أن
الوحدة مجدداً بأسس وتفاهمات جديدة هي التي تنتشل شعب دولة جنوب السودان من
البرك الدموية التي يسبح فيها الآن، مؤكداً أن خيارات أهدافها متاحة,
واثقاً من أن أمل شعب الجنوب أصبح يؤيد خيار الوحدة, مستبعداً نجاح تعدد
الحركات المعارضة لاستعادة الوضع إلى طبيعته في الجنوب، وقال اللواء وليم
الذي ينحدر من قبيلة الدينكا في حوار عبر الهاتف من دولة افريقية, إنه إذا
أجري الاستفتاء مجدداً فإن الجنوبيين سيصوتون لصالح الوحدة، خاصة أن خيار
الوحدة قرار أصبح تملكه حركة (سانو) الفدرالية وحدها, ويخضع لحساباتها هي
قبل حسابات أي طرف آخر. (الإنتباهة) بدورها استنطقت اللواء وليم الاريو دال
حول أهداف حركته فرد في السطور الآتية:-
ما هي الأسباب التي دفعتكم للانشقاق عن الحركة الوطنية الديمقراطية بقيادة د.لام أكول؟
أولاً عندما انضممنا للحركة الوطنية الديمقراطية، كانت تحمل كلمة
(الديمقراطية) وهي كلمة رنانة في آخر الجملة, لكن د.لام لم يترجمها على أرض
واقع المسمى زوراً بالحركة الوطنية الديمقراطية التي دخلناها من أوسع
الأبواب على أمل إنقاذ شعب دولة جنوب السودان, لكن للأسف خرجنا منها من
أضيق النوافذ الفكرية الجهوية الذي مارسها د.لام اكول حتى في الشؤون
العسكرية, بمعنى أنه يقوم بتقليد أبناء قبيلته في الرتب العسكرية الحساسة
دون النظر الى الأقدمية العسكرية, ناهيك عن المؤهلات, وبهذا أكد لنا رئيس
الحركة الوطنية الديمقراطية حقيقة أن كافة القيادات التقليدية مصابون بداء
القبلية والجهوية مهما كانت درجاتهم العلمية ومفاهيمهم الفكرية تجد في
ظاهرهم القومية الوطنية الديمقراطية, وفي باطنهم الجهوية والقبلية وحتى في
داخل نفس القبيلة عدا د.رياك مشار الذي له مبادئ وحدوية صادقة لشعب جنوب
السودان, ونحن لا نختلف معه في تلك الأفكار والمفاهيم .
لماذا أسستم حركة (سانو) الفدرالية للوحدة الوطنية في هذا الوقت؟
في الحقيقة هذا هو الوقت المناسب لذلك، حتى يعرف المجتمع الدولي
أنه كان على خطأ لتقسيم تراب السودان الواحد , ونحن بدورنا حاولنا تصحيح
مسارات وأفكار قيادات الحركة الشعبية منذ الانفصال لكنهم واصلوا في غيهم
الجهوي, ومع ذلك تأكدنا الحقيقة عند د.لام أكول في الحركة الوطنية
الديمقراطية, فأبت أنفسنا إلا وأن نؤسس حركة وطنية تنادي بوحدة الشعب
الواحد وان هذه الحركة تمثلها كل مكونات شعب جنوب السودان أولاً لأنهم
أصحاب المصلحة الحقيقية الذين سيخوضون هذا الرهان بقلب واحد حتى تعود
لسوداننا هيبته وعزته وكرامته التي انتهكها أطراف المجتمع الدولي عندما
فصلوا جنوب السودان .
في ظل تعدد الحركات المعارضة لحكومة سلفا كير ,ما هي الحركة التي ستحقق طموحات وآمال شعب جنوب السودان؟
إن كل الحركات المتمردة ضد حكومة جنوب السودان كلها حركات كرتونية
فارغة من المبادئ والأهداف فهي لا تقدم ولا تؤخر, وبمعنى آخر هي حركات
تدعي الثورة لتحقيق مصالح قياداتها فقط ,ولا يوجد قائد الآن قادر علي تحقيق
الوفاق بين مكونات مجتمع جنوب السودان عدا د.رياك مشار الذي يحمل نفس
المبادئ والأهداف التي نحملها نحن في حركة (سانو) الفدرالية للوحدة الوطنية
, فكل القيادات بالحركات المعارضة لحكومة سلفا كير هي قيادات قابلة للشراء
بأبخس الأثمان, فهي تعزف على أصوات المصالح النشاز فاقد للأهداف والمبادئ
عدا حركة (سانو) الفدرالية للوحدة الوطنية. ونأمل ان يلتف كل الغيورين
حولها لتحقيق الغاية المنشودة.
من أين جاءت فكرة حركة (سانو) الفدرالية للوحدة الوطنية؟
نود أن نذكر (لأن الذكرى تنفع المؤمنين,) حركة (سانو) الفدرالية
للوحدة الوطنية هي الابن البار لحزب (سانو) في تحقيق تراب السودان, ومن
المعروف أن حزب (سانو) هو أول حزب سياسي لجنوب السودان, وكان يرأسه الأب
المناضل الراحل وليم دينق نيال الذي كان ينادي بوحدة السودان, وهو من أبرز
القيادات الجنوبية الوحدوية، وهو من أبناء منطقة (التونج) وانا شخصياً أحد
أحفاده, فلابد من تحقيق أهداف ومبادئ الذين ضحوا بدمائهم الغالية من اجل
هذا الوطن, ولهذا رأينا أن نعمل على وحدة تراب الوطن بقناعات وأسس وطنية
حقيقية تمسح ماء وجه شعب الجنوب الذي تم تضليله من قبل قيادات الحركة
الشعبية ود.لام اكول أحد تلك القيادات التقليدية بزعامة سلفا كير الذي
قادته الصدفة الى الرئاسة بالمفاهيم القبلية والجهوية أوصلت دولة جنوب
السودان الى أن تكون رواندا جديدة في افريقيا نتيجة الأحداث التي راح
ضحيتها أكثر من ضحايا قبل العام2000م.
ما هي أهداف حركة (سانو) الفدرالية للوحدة الوطنية بصفتك رئيسها وقائدها العام؟
بإيجاز أهداف حركة (سانو) الفدرالية للوحدة الوطنية، هي توحيد
التراب السوداني من نمولي الى حلفا وإنقاذ شعب جنوب السودان من سياسات
الحركة الشعبية الهدامة والتي جعلت القتل الجائر بين الأبرياء العزل واقعاً
معاشاً في الجنوب, ونؤكد ايضاً أن خيارات وسائلنا متاحة لتحقيق الهدف
والآن نجد ان شعب جنوب السودان صار متعطشاً للوحدة أكثر من أي وقت مضى
بعدما عايش حقيقة سياسات الحركة الشعبية وقياداتها الفاشلة, وهذا دليل على
أن أفكار الغابة لا تصلح ان تقود مجتمع جنوب السودان الى التنمية والسلام
ووحدة المجتمعات المحلية الإثنية التي تتكون من (64)قبيلة. فقيادات الحركة
الشعبية لم يأتوا بشيء سوى الفساد الأخلاقي والاجتماعي والسياسي ونهب أموال
الدولة وتدمير التنمية بالكامل .لذلك تعطش شعب جنوب السودان للوحدة اليوم
قبل الغد , وهناك كثيرون الآن من قيادات الحكومة بجوبا يتوقون للوحدة وكلهم
في انتظار من يطلق صافرة بداية النضال من أجل الوحدة. وحركة سانو
الفدرالية للوحدة الوطنية تطلق الصافرة الآن وتنادي كل الأحرار من أبناء
الجنوب بصفة خاصة والسودان عامة بالوقوف لتحقيق أهدافها المنشودة في توحيد
تراب الوطن الغالي كما تركه لنا الآباء والأجداد.
كيف تفسر صمت النخب السياسية الجنوبية والمجتمع الدولي على ما يحدث في دولة جنوب السودان؟
النخب السياسية الجنوبية عاجزة عن التحرك لإيجاد الحلول وأصبحت
تتفرج على المشهد الأليم الذي يحدث في جنوب السودان ,وهي مرغمة على ذلك لأن
سياسات حكومة سلفا كير الإقصائية أجبرتهم على الصمت المرير على الأوضاع
المزرية ,مع ان النخبة السياسية توافق الحكومة في جوبا على سياساتها
التعسفية حتى لا تتوقف مصالحها الشخصية وذلك على حساب المواطن البسيط
والمغلوب على أمره .
هناك بعض النخب السياسية تم تخديرها بالرشاوى والمناصب الدستورية دون
مراعاة لمعاناة المواطن, وأصبحت هناك مسافة بين الحكومة التي تواصل
انتهاكاتها ضد بعض القبائل , والمواطن البسيط الذي لا يحلم إلا بالأمن
والاستقرار المفقودين في البلاد, أما صمت المجتمع الدولي لأنه يتحمل
مسؤولية انفصال جنوب السودان, فقد صار لا صوت له بعد الانفصال لارتباط
مصالحهم في ظروف الحرب الدائرة الآن ونهب بقية الثروات والموارد الطبيعية
في جنوب السودان. والآن هناك شركات أوربية تحت مظلات المنظمات الإنسانية
تعمل في مجال تعدين الذهب في (كبويتا) وبقية المناطق في جنوب السودان, وتقف
وراءهم قيادات منتفعة من النخب السياسية الجنوبية في حكومة جوبا التي
أصبحت لا حول لها ولا قوة بعد الفساد الذي استشرى في البلاد ,وتم إفراغ
خزينة الدولة من كل جنيه فأصبح كل قيادي يأتي بشركاته دون رقيب أو حسيب
وانشغال قبائل جنوب السودان في القتال بين بعضهم البعض, وحقيقة أن المجتمع
الدولي بمنظماته الإنسانية المختلفة ذات الأجندة والمصالح لا يهمها ما يحدث
في جنوب السودان من اقتتال أكل الأخضر واليابس.
كيف ترى علاقة جنوب السودان مع دول شرق إفريقيا وغربها؟
من أكبر الأخطاء التي ارتكبتها حكومة الحركة الشعبية في جوبا, هي
اتكالها المفرض على التعاون مع دول شرق افريقيا وغربها تجارياً وسياسياً
واجتماعياً وتغييب دور العلاقات التاريخية مع دولة (السودان الأم) التي
ينتمي إليها شعب جنوب السودان تاريخياً وثقافياً واجتماعيا أكثر من دول شرق
وغرب افريقيا, والدليل على هذا الحديث نجد أن الجنوبيين الذين نزحوا الى
السودان الآن يعاملون أسوة بالمواطنين السودانيين , وذلك حسب توجيهات رئيس
الجمهورية المشير عمر البشير مقارنة مع الجنوبيين الذين نزحوا الى شرق وغرب
إفريقيا حيث يعانون أشد أنواع المآسي وأقسى ظروف الحياة الاجتماعية مع
مواطني تلك الدول. ان السودان هي القبلة المقبولة القابلة للتعامل والتعاون
الاجتماعي مع إخوانهم من جنوب السودان نسبة للعلاقات التاريخية الضاربة
الجذور ولا يجب ان ننسى أن دول شرق إفريقيا لها يد طويلة في حرب الجنوب
الحالية.