الثلاثاء، 30 أغسطس 2016

الحركات المسلحة .. من يجرؤ على استضافتها؟

طبقاً لما أودته الأنباء، خيرت حكومة دولة جنوب السودان الحركات المسلحة لدارفور بتوفيق أوضاعها تمهيداً لمغادرة أراضيها أو التجريد من السلاح والدخول في معسكرات لتكون تحت إشراف ورقابة الاستخبارات العسكرية
لجوبا إلى حين معالجة الأوضاع بين الحركات والحكومة السودانية أو الأمم المتحدة.
من جهة أخرى، سيلتقي النائب الأول لرئيس دولة جنوب السودان تعبان دينق بقيادات الحركة الشعبية – قطاع الشمال – في مفاوضات بأديس أبابا بغية الضغط عليهم بالخروج بنتائج إيجابية، لا سيما وأن عودة الإنتاج ببعض الحقول البترولية بدولة الجنوب لا يتأتي إلا بخروج – قطاع الشمال – من تلك المناطق بحسب قراءة تعبان دينق.
 منطق الطرد:
طرد الحركات المسلحة (حركات دارفور – قطاع الشمال) يعد واحداً من القضايا التي اتفقت عليها حكومتا السودان وجنوب السودان إبان زيارة النائب الأول للرئيس الجنوب سوداني سلفاكير إلى الخرطوم، تلك الزيارة التي جرت في الأيام القليلة الماضية والتي خرجت باتفاق خارطة الطريق بين البلدين.
جوبا بدأت تتحسن عافيتها بعد سنوات من الحرب ألقت بظلالها على علاقاتها مع الخرطوم، وها هي تتقدم بثغر يحمل نصف ابتسامة وتمنح الخرطوم برهاناً على حسن النوايا تماشياً مع خطواتها الرامية لبناء علاقات طيبة مع السودان الذي بدوره فتح لها صفحة بيضاء تنتظر الوقائع التي ستكتب عليها عبر ما سيأتي به مستقبل العلاقات بين البلدين.
ليبرز التساؤل حول أين سيتمم الحركات المسلحة وجهها؟ وما هي الخيارات المتاحة لها حال أبعدت من دولة جنوب السودان؟.
المسئول السياسي لحزب العدالة وعضو آلية (7+7) بشارة جمعة أرو، قال إنه لا توجد خيارات أمام الحركات حال قيام جوبا بطردهم وتضييق الخناق عليهم سوى خيار السلام، لا سيما وأن الحدود المتاحة للحركات جميعها في دولة الجنوب، وأضاف ارو في حديثه لـ(سوداني) أمس: بناءاً على الواقع المرتقب عقب انتهاء مهلة وقف إطلاق النار والانتهاء من الحوار الوطني ستحسم جميع القضايا الخلافية التي تستمد منها الحركات المسلحة الشرعية الثورية للنضال في المنطقتين إضافة إلى أن الحوار الوطني سيضع تشخيصاً ومعالجات لتلك القضايا، وبالتالي سينسف أرضية الحركات ويفرغها من محتواها..
بشارة اعتبر أنه بطرد الحركات تكون جوبا قد جردت الحركات من الموقع الاستراتيجي لكونها الدولة الوحيدة الداعمة للحركات ما يضرب على الحركات حصاراً جغرافياً، إضافة للتأنيب الذي سيقع على الحركات من الرأي العام الداخلي والخارجي حال استمرارها في الحرب والذي سيفقدها مساعدة بعض الحركات والقوى الموجودة..
وجهات محتملة:
الناطق الرسمي باسم تحالف الأحزاب الموقعة على السلام آدم عوض يذهب في حديثه لـ(سواني) أمس، إلى أن ثمة العديد من الوجهات الممكنة للحركات حال تأكدت نية جوبا في طرد الحركات، واعتبر أن هناك خيارين إما الالتحاف بالسلام وإكمال المفاوضات عبر خارطة الطريق وبرأيي هذا هو الخيار الأنسب والأرحم للحركات المسلحة، أو الخيار الثاني ويتمثل في انتقال الحركات إلى ميدان آخر، سواءً في اسمرا أو أديس أبابا أو ليبيا، وأضاف: الخيار الثاني تكلفته عالية من جميع النواحي، بالإضافة إلى أنه سيهزم عملية السلام ووقف الحرب..
 آدم أكد أنه لا يعتقد بقبول تلك الدول استقبال الحركات على أراضيها باستثناء ليبيا لأنها بالأساس دولة غير مستقرة، وتسيطر الحرب على مكوناتها السياسية والاجتماعية، وتسيطر عليها مليشيات وبذلك هي الأقرب لاستقبال الحركات، وأضاف: لكن الباب موصد في كل من تشاد وإثيوبيا لأن حكومة السودان علاقاتها جيدة مع تلك الدول، أما جوبا فهي أيضاً تسعي لخلق علاقات جيدة مع الخرطوم، مع الوضع في الاعتبار أنه قد تطرأ متغيرات تنسف كل هذا الواقع.
 حصار كامل:
فيما يختص باستقبال الحركات في دول أخرى، أكد بشارة بأنه لا توجد حدود تلجأ إليها الحركات لتحتمي بها، فدولة تشاد لا توجد فيها فرص للحركات لان دارفور أمرها الآن محسوم وتصريحات الحركات الدارفورية الحاملة للسلاح يبدو أنها اختارت السلام، وبالتالي تشاد ليست أرضية يمكن أن تنطلق منها الحركات، في المقابل إثيوبيا لن ترضي بأن تكون أراضيها انطلاقة لمحاربة السودان وأيضاً دول البحيرات اتخذت قرارها مسبقاً بمحاربة الحركات.
جوبا لا تملك قراراً:
فيما كان للمحلل السياسي الحاج حمد رؤية أخرى، ويذهب إلى أن جوبا تتحدث عن طرد الحركات كما لو أنها تمتلك قرارها، وأضاف في حديثه لـ(سوداني) أمس: ليست المرة الأولي التي تقول جوبا إنها ستطرد الحركات المسلحة من أراضيها إلا أنها تظل مجرد أقوال فقط.
ويعود السبب في ذلك إلى أن قرارات جوبا في يد النظام العالمي وهو الذي يقرر من يذهب ومن يبقي، والي الآن لم نسمع بقرار من الولايات المتحدة أو فرنسا يختص بطرد الحركات المسلحة من جنوب السودان.
ومن جانبه ذهب أستاذ العلوم السياسية د. إبراهيم ميرغني في حديثه لـ(سوداني) أمس، إلى أن دولة جنوب السودان لا توجد فيها سيطرة للحكومة وأن ما يعيشه الجنوب هو صراع بين قبيلتي النوير والدينكا الأمر الذي يتطلب شيئاً من الحذر عند التعامل معها وأضاف: لن تخرج الحركات من الجنوب إذ أن هناك مناطق كثيرة خارج سيطرة الحكومة.

جوبا وعدت بإبعاد المتمردين السودانيين خلال 21 يوما

كشفت الحكومة السودانية، الإثنين، عن تلقيها وعودا من النائب الأول لرئيس جنوب السودان لدى زيارته الأخيرة للخرطوم، تفيد بأن جوبا ستبعد الحركات المسلحة السودانية عن أراضيها في غضون 21 يوما.
وأنهى النائب الأول لرئيس حكومة جنوب السودان، تعبان دينق، الأسبوع الماضي، زيارة للخرطوم حمل خلالها رسالة من الرئيس سلفا كير ميارديت لنظيره السوداني عمر البشير.
وتضمنت الرسالة، التي تحصلت "سودان تربيون" على نصها، التزام سلفا كير الكامل بتنفيذ كل الاتفاقات الموقعة مع السودان في اتفاق التعاون المبرم في العام 2012 قبل أن يحث الخرطوم على التعامل بالمثل مع حكومته.
وطالب وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة السودانية أحمد بلال، دولة جنوب السودان بضرورة الإسراع في تنفيذ تعهداتها بطرد الحركات المسلحة والكف عن إيوائها.
وقال بلال "نحن في انتظار تنفيذ وعود النائب الأول لحكومة جنوب السودان تعبان دينق بطرد الحركات المسلحة من جوبا خلال 21 يوماً"، وزاد "نأمل في تحقيق تنفيذ هذا الوعد في الزمن المحدد له من قبل حكومة الجنوب".
وأكد بلال للمركز السوداني للخدمات الصحفية، يوم الإثنين، أن علاقة حكومة السودان جيدة مع جنوب السودان وأنهم يعملون من أجل الوحدة في جنوب السودان ودعم خطوات الأمم المتحدة من أجل الاستقرار بالدولة الوليدة.
وكان تعبان قد أفاد الصحفيين لدى زيارته الخرطوم أن حركات دارفور وقوات الحركة الشعبية ـ شمال، ليسو متواجدين في أرض الجنوب الآن.
وقال "ستظل هذه الاتهامات المتبادلة إلى أن توجد الآلية للتحقق من ذلك.. ونحن سنذهب إلى أديس أبابا وإلى كل الأماكن الموجودة فيها هذه الحركات ونقول لهم جاء الزمن المناسب للتوصل لسلام، وسنقدم كل الإسناد المطلوب ونقدم لهم النصيحة بالتي هي أحسن".
وأسدى تعبان النصح إلى الحركة الشعبية التي تحارب الحكومة السودانية في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، قائلا "ننصحهم بأن زمن الحرب انتهى، ونقول لهم لا يمكن إخوانكم في الجنوب يعانون بسببكم أنتم، فحتى لو الجنوب لا يدعمكم فالسودان يستغل ذلك".

جنوب السودان: سيناريوهات الحرب والسلام في ظلّ مبادرات الحل

صورة قاتمة تلفّ مصير دولة جنوب السودان، في ظل التنافس الحاد بين الرئيس، سلفاكير ميارديت، وزعيم المعارضة المسلحة، رياك مشار، والذي بدت ملامحة منذ الفترة الانتقالية التي سبقت انفصال الجنوب وتكوين دولته المستقلة عام 2011، إذ
ظل ميارديت، طيلة تلك الفترة، يشكّ في طموحات مشار نحو كرسي الرئاسة، حتى أنه اتّهمه، في وقت من الأوقات، بتشكيل حكومة داخل حكومة، رغم تعيينه إياه، حينها، نائباً له.
وعند أول فرصة، بعد عامين من الاستقلال، أطاح سلفاكير بمشار من السلطة، بعد أن أصدر قراراً رئاسياً عام 2013 بحلّ الحكومة، وتكوين حكومة جديدة في إثرها قامت الحرب الأهلية بعد نحو أربعة أشهر، ليعود ويعمل من جديد على الإطاحة بمشار من موقعه كنائب أول له، والذي ناله عقب اتفاقية السلام، التي وقّعاها معاً في أغسطس/آب من العام الماضي، ضمن وساطة إقليمية ودولية، ليسيطر شبح الحرب على الدولة الجديدة.
وخلال الفترة الفائتة، عجّت الساحة السياسية بقرارات دولية وإقليمية كثيرة، يحمل معظمها مطالبات للحكومة في جوبا بإعادة رياك مشار، الذي لجأ مؤخّراً إلى الخرطوم طلباً للعلاج، إلى منصبه كنائب أول للرئيس الجنوبي.
لكن أيّاً من تلك القرارات، سواء الإقليمية منها أو الدولية، لم توفّر الآليات الكافية لإلزام الحكومة في جوبا بتنفيذ قراراتها، كما أن المعطيات على الأرض لا تؤشر إلى إمكانية تنفيذها، خاصّة بعد أن بدأت دول الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيقاد)، وهي الوسيط الرئيسي في محادثات السلام الجنوبية، بفتح أبوابها لاستقبال بديل مشار الذي عيّنه سلفاكير أخيراً، تعبان دينق، حتى أن بعضها استقبل الرجل رسمياً، كما فعلت الجارة الخرطوم الأسبوع الماضي، الأمر الذي اعتبره مراقبون اعترافاً رسمياً بشرعية الرجل.
وفي هذا السياق، أكّد وزير الإعلام الجنوبي، مايكل مكواي، لـ"العربي الجديد"، أنه، حسب علمه، "لم يصدر أي قرار من الاتحاد الأفريقي، أو مجلس الأمن الأفريقي، لا يعترف بدينق كنائب أول"، وشدد، في الوقت نفسه، على أن جوبا "لا علاقة لها بأمر تعيين دينق، على اعتبار أن المعارضة المسلحة هي من اختارته وقدّمته بديلاً لمشار".
ونصح الوزير الجنوبي مشار بـ"اعتزال السياسية في الفترة المقبلة، والتحضير للانتخابات عام 2018"، داعياً الخرطوم، التي تستضيفه الآن، إلى إقناعة بالخطوة، وأضاف: "نحن، عموماً، لا يعنينا الأمر؛ فإذا رأت المعارضة إعادته نائباً أول؛ فلها ذلك"، مستبعداً، في الوقت نفسه، اتّخاذها تلك الخطوة.
ووفقاً لمصادر، فإن سلفاكير بدا مرتاحاً للتعامل مع نائبه الجديد، تعبان دينق، وهو أمر أبداه لرؤساء دول (إيقاد)، والمنطقة عموماً، كما قاد محاولات لإقناعهم بالخطوة، في محاولة لتخفيف الضغوط بخصوص إعادة مشار، وتأكيد قدرة تعبان على "تحقيق السلام".
ونقلت تقارير إعلامية تسريبات عن اجتماع ضمّ سلفاكير مع تنفيذيين في الحكومة، بثّ فيها تحذيرات من إعادة مشار للسلطة في جوبا، على اعتبار أن الخطوة من شأنها تأجيج الحرب، مشيراً إلى "تطابق الرؤى والمبادئ" بينه وبين دينق، مما يمكّنهما من "تحقيق الاستقرار والسلام" للدولة الوليدة.
وسارعت جوبا، ومجموعة المعارضة بقيادة دينق، نحو تنفيذ بنود الاتفاق بإكمال عملية تعيين نواب البرلمان، وعقد جلساته، وهي خطوة كانت متعثرة لخلافات بين الطرفين أيام مشار، فضلاً عن محاولة طيّ ملف الخلافات مع الخرطوم، مع تقديم بعض التنازلات في المواضيع العالقة بين البلدين، لا سيّما ملف الترتيبات الأمنية، إلى جانب وضع ميزانية بمبلغ مليوني دولار لتنفيذ اتفاقية السلام.
في المقابل، نقلت صحيفة "الإندبيندنتس" الكينية تصريحات للناطق الرسمي باسم (إيقاد)، شوران كوكو، أكد فيها أن المنظّمة لم ترفض تعيين تعبان خليفة لمشار، على اعتبار أن الخطوة حق لمجموعته، وفقاً لاتفاقية السلام.
وبدت المعارضة المسلحة، بقيادة مشار، واثقة من عودة زعيمها إلى منصبه في جوبا، بعد تحقيق شروطه بنشر قوة حفظ سلام تعمل على الفصل بين القوات، وحفظ الأمن، ورأت أن خيارها الثاني العودة إلى مربع الحرب للإطاحة بنظام الرئيس سلفاكير، وأكدت أنها قادرة على تحقيق الخطوة.
ويرى مراقبون أن القوى الدولية والإقليمية تركز كل جهودها في إقناع جوبا بنشر القوة الإقليمية، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي، مما يجعل من أمر إعادة مشار خطوة ثانية، كما يعتقدون أنها قد تساند دينق في حال اقتنعت بمقدرته على تحقيق الاستقرار، والتأكد من أن مشار ليس لديه ما يرتكز عليه في تحقيق السلام.
ويرى المحلل السياسي، محجوب محمد صالح، أن المجتمع الدولي "ما زال يتحدث بلسانين؛ أحدهما يشدد على تطبيق اتفاقية السلام، وإعادة مشار إلى منصبه وفقاً لها، والآخر يحرص على خلق علاقات جيدة مع سلفاكير". ويذكر أن القوى الإقليمية إذا رأت أن رحيل مشار لن يهدد الأمن؛ فستستجيب للأمر، و"في هذه الحالة، قطعاً، سيحاول مشار القيام بضغوط عسكرية، مما قد ينذر بانفجار الوضع برمته".
ويعتقد صالح أن نشر القوة المقرّرة دولياً من شأنه أن يوفّر قوة عسكرية تسمح للمجتمع الدولي والإقليمي بالضغط على الرئيس سلفاكير، كما قد يوفّر إمكانيةً لإعادة مشار إلى منصبه، ويعلّل ذلك بالقول: "من دون تلك القوة؛ ليس لمشار قوة أخرى لفرض قراره على جوبا، وهو ما يجعله يعمل خلف الكواليس بضغوط دبلوماسية للوصول إلى حل للأزمة الراهنة".
في المحصّلة، يمكن القول إن ثمّة سناريوهات عدة تنتظر المشهد الجنوبي، وإن كانت الأطراف المتنازعة ترجّح اندلاع الحرب من جديد، وتعدّ لها في ظل تمترس كل طرف على مواقفه.
إزاء ذلك، يرى مراقبون أن السناريو الأفضل يتمثّل بنجاح المجهودات الدولية، عبر دول الجوار، في إقناع كل من سلفاكير ومشار بالتنحي عن السلطة، وتعيين من يثقون فيهم في مناصبهم، على أن يستعدّا للترشّح لمنصب الرئاسة في الانتخابات العامة، وذلك لاستحالة تعامل الرجلين معاً.

الاثنين، 29 أغسطس 2016

الحكومة السودانية تفرج عن 25 محكوما من رعايا دولة الجنوب

أفرجت السلطات السودانية، عن 25 مواطناً من دولة جنوب السودان، بموجب قرار سياسي بعد أن أوقع عليهم القضاء السوداني في وقت سابق عقوبات متعددة بينها الإعدام والسجن المؤبد والإبعاد من الأراضي السودانية.
وهاتف المحكومون سفارة جنوب السودان في الخرطوم، وأبلغوها بإطلاق سراحهم وخروجهم من زنازين المحكومين ووضعهم في حراسات الانتظار بسجن كوبر، بينما رفضت هيئة الدفاع الإدلاء بأي معلومات حول القضية.
وقضت محكمة مكافحة الإرهاب بالخرطوم شمال برئاسة القاضي عابدين ضاحي، في أبريل الماضي، بالإعدام شنقاً حتى الموت في مواجهة 22 من مواطني دولة جنوب السودان، كانوا يقاتلون في وقت سابق مع حركة العدل والمساواة السودانية التي يتزعمها بخيت عبد الكريم دبجو، قبل أن ينضم الأخير إلى اتفاق سلام الدوحة ويحصل مع مقاتليه على عفو رئاسي عام.
وأدانت المحكمة المتهمين بالاشتراك في الإرهاب ضد الدولة واستخدام أسلحة ثقيلة، وتدمير قرى وترويع مواطنيها علاوة على نهب وإتلاف مؤسسات حكومية سعياً لتقويض النظام الدستوري.
وقال سفير دولة جنوب السودان بالخرطوم، ميان دوت، إن السفارة لم تتلق إخطاراً بالقرار لكنهم توقع تسلم خطاب رسمي من الإدارة العامة للهجرة والجوازات، دائرة شؤون الأجانب خلال الأيام المقبلة.
وأفاد أن السفارة تلقت اتصالا الأسبوع الماضي من المحكومين أنفسهم ابلغوها خلاله أن السلطات السودانية أطلقت سراحهم وأخرجتهم من زنازين الإدانات وخلعوا عنهم لباس المحكومين بالسجن.
وأضاف "هم حالياً في غرف الانتظار بسجن كوبر لكننا لم نتلق مكتوباً رسمياً بالقرار، وننتظر مخاطبة دائرة الأجانب بوزارة الداخلية لنا بذلك لنقوم باستلامهم ومن ثم ترحيلهم".
ورفض عضو هيئة الدفاع عن المحكومين، سمير علي مكين، الإدلاء بأي معلومات حول القضية، وقال إنه لا يستطيع التحدث للإعلام حول القضية.
وتنتظر هيئة الدفاع قرار محكمة الاستئناف حول القضية بعد أن تقدمت إليها باستئناف ضد حكم محكمة الموضوع في أبريل الماضي.
وانضم المتهمون لحركة العدل والمساواة السودانية حين كانت تحت قيادة زعيمها الراحل خليل إبراهيم، ثم انشقوا عنها والتحقوا بفصيل عبد الكريم دبجو، الذي وقع اتفاق سلام مع الحكومة السودانية في ابريل العام 2013. وسلموا أسلحتهم للاستخبارات العسكرية السودانية، بعد أشهر من توقيع اتفاق سلام الدوحة، وبحسب إفادات المحكومين امام المحكمة فانه جرى تجميعهم بمعسكر، بمنطقة جديد السيل، القريبة من الفاشر، عاصمة شمال دارفور.
وتعود تفاصيل القضية إلى تدوين جهاز الأمن والمخابرات السوداني، في وقت سابق، بلاغات في مواجهة 25 من منتسبي دولة جنوب السودان كانوا يقاتلون في صفوف حركة العدل والمساواة فصيل (دبجو).
وتضمنت الشكوى تورط المتهمين في معارك عسكرية ضد قوات الحكومة في دارفور وتحديدا مناطق جبل مون، شرق الجبل، عدوله حسكنيتة، هجليج، خرسان، دار السلام، وكركدي، مهاجرية كنجة، كما شاركوا في عمليات نهب لممتلكات المواطنين وتدمير منشآت حكومية والاستيلاء على أسلحة ثقيلة بجانب قتل المواطنين وأفراد من القوات المسلحة.
وانكر المتهمون أثناء التحقيق صلتهم بالمعارك وقتل المواطنين وأفراد الجيش كما نفوا الضلوع في أي عمليات سلب ونهب وتدمير المنشآت الحكومية.
وأفادوا ان الاستخبارات العسكرية السودانية طلبت ترحيلهم من الفاشر إلى الخرطوم تمهيدا لنقلهم إلى دولة جنوب السودان، لكن عند وصولهم الخرطوم، تم تسليمهم لجهاز الأمن والمخابرات - بتاريخ 22 فبراير 2015 - حيث شرع في إجراءات اعتقالهم وتقديمهم للمحاكمة.

سجل حافل بالإخفاق لقوة حفظ السلام في جنوب السودان

تتمثل مهمة قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب السودان بحماية المدنيين المعرضين للخطر. غير أن تلك القوة لزمت الجمود فيما القوات الحكومية تغتصب عشرات النساء والفتيات خارج مجمعها، فضلاً عن تجاهلها نداءات الاستغاثة، إبان
اغتصاب الجنود واعتدائهم على عمال الإغاثة الأجانب، مع قتل صحافي محلي.
 لقد جاءت تلك الإخفاقات الرهيبة في جنوب السودان الذي يواجه خطر العودة لحرب أهلية، عقب وقوع اشتباكات عنيفة بين قوات الرئيس سالفا كير، وتلك التابعة لنائبه السابق وزعيم المعارضة رياك مشار، الفار من البلاد حالياً. وتشير الأحداث السابقة إلى مخاوف أوسع نطاقاً حول أصحاب الخوذ الزرقاء، وهي مسألة سيناقشها وزراء من مختلف أرجاء العالم في لندن الشهر المقبل.
يأتي اختيار أمين عام جديد للأمم المتحدة خلال العام الجاري كفرصة للضغط من أجل التغيير، إذ يشكو الكثيرون من أن حفظ السلام قد انزلق إلى ذيل جداول الأعمال. كما يقدم مؤتمر لندن فرصة لإحراز تقدم بشأن التدابير العملية، كالتدريب والتخطيط على نحو أفضل. العالم يحتاج ذوي الخوذات الزرقاء لإنجاز بعض من أصعب مهامه.

تعبان و.. أقوى رجال الرئيس

كثيرون لم يصدقوا تزامن وجود تعبان دينق نائب رئيس دولة جنوب السودان في الخرطوم مع وجود غريمه وحليفه السابق الدكتور رياك مشار.. كثيرون لن يصدقوا كذلك أن مشار كان قد وصل الخرطوم قبل وصول تعبان..
وبالتالي لن يصدقوا أن تعبان حين شد الرحال إلى الخرطوم.. كان يعلم أن مشار قد سبقه اليها.. ولكن هذه الحقيقة لم تغير وجهة تعبان ولا وجهة نظره نحو الخرطوم.. لسبب بسيط.. وهو أن تعبان كان يعلم أن أولئك الرجال الذين أتوا برياك مشار إلى الخرطوم.. هم وحدهم القادرون كذلك على أن يفتحوا له الطريق إلى الخرطوم.. وها هم يفعلون.. وهم أيضا وحدهم القادرون على أن يفتحوا له المغاليق المستعصية على الحل.. ولأن تعبان كان يعلم أن فتح الحدود.. وفتح المعابر.. وفتح صنبور النفط.. وفتح الطريق نحو الدعم الرئاسي.. وفتح الطريق نحو الخليج.. تبدأ كلها بفتح قلب الخرطوم.. جاء تعبان رغم علمه بوجود غريمه فيها.. سيما وقد قيل له إن مشار في الخرطوم مستشفيا.. وإن مصيره ليس بيد الخرطوم.. بل بيد الإقليم كله.. وهو ذات الإقليم الذي بايع تعبان قبل أيام طرفا ثانيا لتنفيذ اتفاقية السلام.. لذا جاء تعبان إلى الخرطوم مطمئنا.. لم يكن هذا وحده سبب الاطمئنان.. بل تلك الثقة التي تراكمت مع الخرطوم.. رفقة أربعة أشهر متواصلة كافية بترتيب أشياء كثيرة.. وبتأسيس أشياء اكثر..!
علاقة وثيقة مع مدير مكتب الرئيس.. سكرتيره الخاص.. مستشاره الخاص.. مبعوثه الخاص.. الفريق وزير الدولة..  الفاعل الأكثر تأثيرا في المشهد السياسي الآن.. كانت كفيلة.. بفتح الطريق أمام تعبان دينق إلى الخرطوم.. وببث الإطمئنان في قلبه.. حد إقناعه أن وجود رياك مشار في الخرطوم.. ليس حجر عثرة في طريقه.. طالما تعهد بإعادة ترتيب (المسائل) بما يرضي الخرطوم.. والعلاقات الرسمية حين تتطور إلى علاقة شخصية مباشرة.. تصبح منتجة جدا.. ومفيدة لكل الأطراف.. وفي العالم الثالث.. حيث الأفراد يديرون المؤسسات.. وليس العكس.. فمتانة العلاقات الشخصية وسلاستها تنعكس ايجابا على أداء المؤسسات وتفاعلها وسرعة استجابتها للمطلوبات.. وشيء من هذا يحدث الآن..!
إذن.. لم يكن غريبا أن الفريق طه عثمان مدير مكتب السيد رئيس الجمهورية كان هو آخر مسؤول حكومي زار السيد تعبان دينق بمقر إقامته منتصف ليل عشية مغادرته الخرطوم.. وإن كنا نتحدث عن الأقوياء فآخر من سبق الفريق طه بزيارة تعبان في وقت متأخر من ذات الأمسية كان هو الفريق أول محمد عطا المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني.. الذي بقي مطولا مع تعبان.. ويظل عطا رقما مهما بالنسبة لجوبا في كل المراحل.. والذي لا يعرفه الكثيرون كذلك.. أنه إذا كانت الخرطوم مسؤولة حتى الآن عن إدارة المجال الجوي لجنوب السودان.. فعطا كان هو المستشار الأول لسالفا كير في تأمين جوبا طوال الفترة الانتقالية.. إنها علاقة معقدة لا يسهل فهمها..!
صحيح أن الخرطوم جوبا.. علاقة أعقد من ابتسارها في عبارة عابرة.. أو زيارة خاطفة.. لكن الصحيح أيضا أن تعبان دينق يطرق الأبواب الصحيحة.. حتى الآن على الأقل

ملف حقوقي بالغ البشاعة في دولة جنوب السودان، وما من مجيب!

المضحك ومبكي فى شأن ازدواجية المعايير(Double Standard) الذي بات سمة بارزة فى الحاضر التاريخي الماثل لعالم اليوم أنه لم يعد يقف فقط فى الخط الفاصل ما بين الدولة الضعيفة القليلة الحيلة، والقوى الدولية الكبرى ذات السطوة والوزن
الدولي المؤثر.
هناك ازدواجية فى المعايير حتى ما بين الدول الصغيرة، أو الاقل شأناً من الدول الكبرى. فما يمكن مثلاً ان يوجه الى دولة مثل السودان في أي ملف حقوقي، أو دعوى جنائية فى لاهاي ربما لا يوجه الى دولة من ذات القارة الإفريقية، ربما يفوقها السودان فى المستوى الحقوقي الجيد والاستقرار.
هذه المفارقة المحزنة للأسف الشديد بدأت تظهر لها دلائل في عصرنا الحاضر على نحو لافت ومثير للاستغراب. ولنأخذ مثالاً من دولة جنوب السودان القريبة من حدودنا الواقعة ضمن قارتنا الافريقية والتى لا تنتطح عنزتان على أنها في راهنها الماثل الأسوأ فى كل شيء، فقد نشر مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة من مقره فى جنيف بتاريخ 4/8/2016م نشرة ضافية عن أوضاع دولة جنوب السودان اختار لها عنوان –هو في حد ذاته– مثير للرعب، حيث جاء العنوان (ارتكاب الجيش الشعبي انتهاكات واسعة النطاق اثناء وبعد الاشتباكات في يوليو)!
 النشرة اسندت لعناصر الجيش الشعبي جرائم قتل واغتصاب منهجي واضح -في حالات الاعدام الفورية والاغتصابات- لقبلية النوير! وتورد النشرة حوادثاً واقعية موثقة ومثبتة . وتمضي النشرة لتؤكد  أنه تم تصنيف ما لا يقل عن (73) حالة وفاة راح ضحيتها المدنيين حتى الآن ومن الممكن ان تزيد!
وليت نشرة المجلس توقفت عند هذا الحد ولكنها قالت الى (توثيق) تعرض حوالي 217 قاصر للعنف الجنسي. كما أن شباباً مسلحين يعتقد أنهم من الجيش الشعبي قاموا باغتصاب 100 إمرأة من قبيلة النوير فى المنطقة الواقعة على الطريق المؤدي من جوبا الى ياي! ومن بين الـ100 إمرأة (12) قاصر. النشرة ذرفت دموعاً سخينة على الاوضاع الحقوقية التى تفوق الوصف فى دولة جنوب السودان وأبدت (أسفاً بالغاً) على عدم استجابة الجهات المعنية لهذه الحقائق والتحرك لمحاسبة مرتكبيها!
 وبوسع أي مراقب ان يجزم ان الولايات المتحدة سواء عبر هذه النشرة أو بوسائلها الخاصة على علم تام بهذه الجرائم والانتهاكات، ولكنها تلتزم الصمت! ترى هل تهدف بعض القوى الدولية الى اخضاع قبائل النوير لقبيلة الدينكا عبر إذلالهم على هذا النحو؟ أم أن المقصود تأجيج نيران الحرب الاهلية لتصبح مواجهات قبلية مريعة على غرار التوتسي والهوتو فى رواندا في تسعينات القرن الماضي؟
وهل يعقل ان يتحرك المجتمع الدولي فى مقدمته الولايات المتحدة بشأن مواجهة بين حركات مسلحة فى دارفور والحكومة المركزية في الخرطوم وتقيم الدنيا ولا تقعدها، وفي ذات الوقت تغض الطرف عن مجازر ذات طبيعة اثنية واضحة تجري بصورة يومية موثقة في دولة جنوب السودان ولا تحرك ساكنا؟ أرأيتم كيف تبدو المعايير المزدوجة هي نفسها تعاني من معايير مزدوجة؟

الخميس، 25 أغسطس 2016

الاستراتيجي والتكتيكي بين مشار وتعبان

شعرت بسعادة غامرة لمجرد صدور تصريح من تعبان دينق نائب رئيس دولة جنوب السودان بأنهم بصدد تغيير اسم الجيش الشعبي لتحرير السودان إلى اسم آخر لا يحمل تلك المضامين الاستعمارية والعنصرية المستفزة التي تُضمر شراً
مستطيراً للسودان وأعني بها عبارة (تحرير السودان). نعم، (تحرير السودان) .. يا سبحان الله! حتى بعد أن انفصلوا بدولتهم يريدون تحريرنا من ماذا؟ لا أدري! بالرغم من أنهم أولى بتحرير أنفسهم من الفقر والجهل والمرض والحرب الأهلية التي فتكت ولا تزال بدولتهم التي جعلتهم أحاديث ومزقتهم شر ممزق.
ذلك جزء مما وعد به تعبان دينق الرئيس البشير، بل إن الرجل وافق على طرد الحركات المسلحة التي كانت ولا تزال تتخذ من دولة الجنوب حاضنة لها تتمتع فيها بالإيواء والسند والدعم العسكري واللوجستي والمالي.

تعبان واصل نثر وعوده المدهشة، معتبراً قطاع الشمال وحركات دارفور سبباً للأزمة بين بلاده والسودان حيث أشار إلى أن اتفاقاً قد أبرم مع الحكومة السودانية لحل القضايا الأمنية وقضايا الحدود مع فتح المعابر خلال (21) يوماً وأن الرئيس البشير وجَّه بتقديم دعم فوري من مخزون السودان الاستراتيجي لشعب جنوب السودان يشمل مواد تموينية وغذائية!

ربما يفوق كل ما ورد أعلاه من حيث الأهمية، خاصة في أجواء الحوار والتفاوض التي تشهدها الساحة السياسية السودانية، قول تعبان إن الرئيس سلفاكير سيطلب من الحركة الشعبية (قطاع الشمال) التابع له توقيع اتفاق سلام مع الحكومة السودانية وأكد تعبان حديثه بقوله: (أي سوداني شمالي يريد الاستمرار في الحرب لن يكون جنوب السودان منصة انطلاق له.. في المقابل أيضا نتمنى ألا يكون السودان نقطة انطلاق لمشار ولام أكول)!

كلام من الذهب الخالص يصدر من تعبان دينق لكنه يبقى مجرد كلام إلى أن تثبت الأيام مدى صموده أمام رمال السياسة المتحركة التي لا تعرف الثبات أو قل مدى تحوله إلى أفعال، ولن نتوقف كثيراً في محطة الشرعية التي يتمتع بها تعبان فيكفينا التعامل على أساس الأمر الواقع الذي فرضه الرجل على المشهد السياسي الجنوبي المتقلب كما أن مصداقية تعبان تحتاج إلى إثبات سيما وأن تاريخ الرجل وتقلبات مواقفه التي لا تستقر على حال لا تطمئن كثيراً فالليالي من الزمان حبالى مثقلات يلدن كل عجيب!

إذن فإن تعبان دينق طرح على الحكومة السودانية علاج كل أو معظم ما يشكو منه السودان من أذى ظل جنوب السودان يُلحقه بنا منذ أن غادرنا إلى وطن آخر خاصة دعم قطاع الشمال الذي يصر على أن يظل تابعاً لتلك الدولة حاملاً اسمها ورافعاً شعاراتها التي تنادي منذ أيام قرنق بتحرير السودان وتفكيكه وإعادة هيكلته وفقاً لمشروع السودان الجديد.

تعبان جاءنا من الآخر حين طرح حتى تغيير اسم الحزب الحاكم في جنوب السودان وجيشه القائم على ذات الاسم والشعار (تحرير السودان)

بربكم ماذا تبقى من مشكلات بيننا وبين جنوب السودان إن حدث كل ما أعلن تعبان الموافقة عليه بما في ذلك التخلي عن الفرقتين التاسعة والعاشرة التابعتين لدولته واللتين تشنان، بقيادة قطاع الشمال، الحرب على السودان داخل ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق السودانيتين؟!

صحيح أن دولة جنوب السودان تعيش حالة سيولة تجعل من إنفاذ تلك الوعود ضرباً من الأماني الصعبة التنفيذ سيما وأن سلفاكير ونائبه تعبان لا يسيطران على الأوضاع في تلك الدولة المتعددة الأقطاب ومراكز القرار كما أن هناك مركز قرار آخر لا يمكن تجاهله أو تجاوزه عند اتخاذ أي قرار يتعلق بالعلاقة بين السودان ودولة جنوب السودان وأعني به الرئيس اليوغندي يوري موسيفيني الذي يقيم جيشه في جوبا بإذن بل بطلب من سلفاكير الذي يعتمد عليه كثيراً في حربه ضد خصمه العنيد رياك مشار الذي، ويا للعجب، حطت طائرته في الخرطوم قبل أن تغادر طائرة غريمه تعبان دينق عائدة إلى جوبا.

إذن فإن هذا المشهد الجنوبي الحالي ربما يحتاج إلى (حاوٍ) ليفكك طلاسمه وأبعاده المهلهلة، فمن جانب فإن ما طرحه تعبان دينق من عروض مغرية يصعب تجاهله أو التغاضي عنه وفي ذات الوقت فإن رياك مشار يبقى هو الأقرب للسودان من الناحية الاستراتيجية فهو ولام أكول، حليفه القديم منذ أيام الانشقاق من قرنق عام 1991 واتفاقية الخرطوم للسلام عام 1997، يقودان ولاية أعالي الكبرى (حاضنة قبيلتي النوير والشلك) القريبة جغرافياً من السودان كما أن القبيلتين أقرب إلى السودان وشعبه من قبيلة الدينكا ولا يمكن التضحية بالاستراتيجي من أجل التكتيكي إلا إذا نظرنا تحت أقدامنا، فتاريخ مشار ولام أكول لم ولن يقدح في صدقهما ولا يمكن البناء على وعود مهما كانت مغرية وتجاهل الواقع المأساوي الذي تشهده دولة جنوب السودان والتي تتقلب في برميل من البارود المحتشد بكل صنوف الثأرات والأحقاد والسخائم التي غالباً ما تنفجر في القريب العاجل لتغير المشهد الحالي إلى واقع جديد هو الذي ينبغي أن نبني عليه حساباتنا للمستقبل.

مقتل مئات بمعارك في جنوب السودان

اندلعت اشتباكات عنيفة بين القوات الموالية لرئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت وقوات من الجيش الأبيض الذي يساند المعارضة المسلحة بزعامة ريك مشار في قاعدة باجوت العسكرية في ولاية جونقلي ما أسفر عن مقتل مئات من الجنود من
الطرفين.
وقال حاكم ولاية جونقلي العقيد فيليب اغوير إنهم يشتبهون بأن تكون قوات المعارضة التابعة للجيش الأبيض هي التي شنت الهجوم على رئاسة إدارة محافظة دوك عند الفجر، مؤكداً دحرهم من جانب قوات الجيش الحكومي في الولاية. وقال: «قواتنا كبدت الجيش الأبيض خسائر فادحة وقتلت أكثر من 100 جندي منهم». وأضاف: «ما زالت جثث القتلى منتشرة في العراء بعد أن قامت قواتنا بمطاردتهم إثر تسللهم عبر أسوار ثكنة باجوت العسكرية»، لافتاً إلى مقتل ما يزيد عن 20 جندياً من قوات الجيش الشعبي وجرح آخرين، فيما أكد الناطق الرسمى باسم الجيش الشعبي لول راو حصول اشتباكات عنيفة في باجوت إلا أنه رفض الإدلاء بمعلومات عن الهجوم.
إلى ذلك، أكدت المعارضة أن قواتها تحتجز طائرة تجارية كينية في منطقة يواي في ولاية جونقلي منذ أسبوع. وكشف القيادي في الحركة المعارضة مبيورجون قرنق إن قواتهم تحتجز الطائرة وطاقمها بغرض التحقيق لكنه لم يوضح إلى أي شركة تتبع الطائرة المحتجزة.
وكشف أن قوات الحركة وجدت مبالغ مالية ضخمة داخل الطائرة بعد تفتيشها، مشيراً إلى أنه سيتم الإفراج عن الطائرة وطاقمها حال انتهاء التحقيقات الجارية. في تطور آخر، أعلنت الأمم المتحدة، عزمها إرسال فريق تحقيق في أحداث جوبا التي وقعت الشهر الماضي بين قوات سلفاكير ومشار.
وعيّن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الجنرال الهولندي المتقاعد باتريك كمرت لقيادة فريق التحقيق في أحداث جوبا حول الاعتداء على المدنيين وقضايا الاعتداءات الجنسية وأحداث العنف واستجابة القوة الدولية «يونمس» لنداءات حماية المدنيين وفق التفويض الممنوح لها، بخاصة أن هناك شكاوى من تباطؤها، إلى جانب التحقيق في الظروف التي أحاطت بالهجوم على فندق «توران» في جوبا واستجابة البعثة لحماية المدنيين فيه. وأكد البيان أن فريق التحقيق سيزور جوبا للوقوف على مهماته وسيقدم تقريراً إلى الأمين العام خلال شهر من زيارته، وأنه سيتم نشر نتائج التحقيق أمام الرأي العام.
من جهة أخرى، قال السودان إنه دفع بإستراتيجية للتعامل مع الأزمة في جنوب السودان إلى الاتحاد الأفريقي عبر الهيئة الحكومية للتنمية في دول شرق أفريقيا «إيغاد» التي تتوسط بين الأطراف المتصارعة. وكانت الخرطوم أفادت أخيراً بأنها رفضت طلباً من دول كبرى للعب دور في احتواء الأوضاع في جنوب السودان، متمسكة بدورها فقط عبر وساطة «إيغاد».
وأعلن الناطق باسم الخارجية السودانية السفير قريب الله خضر أن وزارة الخارجية وضعت استراتيجية للتعامل مع الأوضاع المتسارعة في دولة جنوب السودان، عبر تشكيل غرفة عمليات من الجهات ذات الصلة للتعامل مع الموقف.
وقال خضر للصحافيين، إن أبرز ملامح الإستراتيجية هي تأمين مصالح السودان في الجنوب ووقف الحرب وتحقيق السلام وتقريب شقة الخلاف بين الفرقاء الجنوبيين.
على صعيد آخر، رحّب الاتحاد الأفريقي بمبادرة زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي التي قال إنه سيدفع بها لإنهاء تعثر المفاوضات بين الحكومة السودانية والمتمردين. وعلقت الوساطة الأفريقية، الأسبوع الماضي، جولة التفاوض بين الحكومة السودانية و»الحركة الشعبية - الشمال»، وحركتي العدل والمساواة، وتحرير السودان، في مساري محادثات السلام في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق من جهة وإقليم دارفور من جهة أخرى، بعد تعثر التوصل إلى تفاهمات حول مسارات الإغاثة والترتيبات الأمنية.
وأشار رئيس مكتب اتصال الاتحاد الأفريقي في الخرطوم، الناطق باسم الوساطة الأفريقية، السفير محمود كان بترحيب الوساطة بمبادرة المهدي للدفع بالمفاوضات بين الحكومة والحركات المسلحة، وإيجاد مخرج لتعثر الجولة الأخيرة في أديس أبابا. وقال إن المشاورات مستمرة بين الأطراف حتى الوصول إلى اتفاق وقف القتال وتمرير المساعدات الإنسانية.
وكان المهدي أعلن تبنيه مبادرة لإيجاد مخرج لتعثر المفاوضات وتسليمها إلى الوساطة الأفريقية خلال أيام، وأوضح أن مبادرته «ستخرج الموقف من عدم الاتفاق إلى اتفاق».

تعبان دينق يختتم زيارته للسودان

اختتم النائب الأول لرئيس دولة جنوب السودان تعبان دينق اليوم زيارته للبلاد التي استغرقت ثلاثة أيام سلم خلالها رسالة لرئيس الجمهورية المشير عمر البشير من رئيس دولة جنوب السودان الفريق سلفا كير ميارديت تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين ، كما اجرى مباحثات مع المسئولين بالدولة.
وكان في وداعه بمطار الخرطوم النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول ركن بكري حسن صالح وعدد من المسئولين بالدولة.
وقال وزير الدولة بالخارجية كمال الدين اسماعيل في تصريح لوكالة السودان للأنباء إن الطرفين ناقشا خلال الزيارة كل القضايا التي تهم البلدين والتزاماتهما بكل شفافية ووضوح تام ، ولا سيما في المجال الامني والاقتصادي والذي يتمثل في

المعابر والتعاون في مجال البترول، مؤكدا انه تم الاتفاق الكامل في كل هذه القضايا.
واضاف قائلاً " العبرة ان نضع كل هذه الاتفاقيات والاجراءات في اطار التنفيذ الامر الذي سيظهر جلياً في غضون ثلاثة اسابيع مدى التزام الطرفين بهذه الاجراءات والاتفاقيات. "

الأربعاء، 24 أغسطس 2016

هضربة (تعبان دينق) قبل العاصمة

والمفاجأة ..التي يتركها تعبان دينق وراء ظهره وهو يزور الخرطوم هي ما ستسفر عنه هجمة مشار القادمة على جوبا بمائة وعشرين ألف جندي محفز بالكراهية العنصرية. وتعبان دينق يستخف بعقول السودانيين .
وهو كأنه مسؤول في دولة مستقرة مثل مصر وإثيوبيا ..يبشر بأن زيارته التي نعرف علاقتها بفشل مفاوضات الحكومة السودانية وقطاع الشمال سوف تكون نتائجها بمستوى توقعات الشعبين. ويقول بكل استخفاف لعقول السودانيين بأنه ليست مفاجأة أن يعيش الشعبين في سلام.. بل المفاجئة ألا يحدث ذلك. تعبان دينق كأنه يتحدث عن علاقات بين مصر والسودان وليس جنوب السودان الذي نعرفه والسودان . ومصر رغم احتلال حلايب نستبعد أ لا يعيش معها السودان في سلام ..لكن جنوب السودان لجيشه فرع في السودان يتخندق في كاودا ومناطق أخرى باسم قوات قطاع الشمال في الحركة الشعبية. ولذلك تبقى المفاجئة هي أن يحدث سلام بين البلدين مع استمرار أنشطة الفرقتين التاسعة والعاشرة في جنوب كرفان والنيل الأزرق. وتعبان دينق يستمر في استخفافه بعقول السودانيين ويكرر كلام جون قرنق الزائف الذي أطلقه قبل وفاته على جبال الأماتونج بثلاثة أسابيع وهو يخاطب الجماهير التي قتل وأسر أبناءها . كان جون قرنق وهو عائد يقول بعربي جوبا: (سلام جا ..كلام دا صحي) ولكن هل مات معه السلام في جبال الأماتونج بعد أن جف خزان الوقود في الطائرة .؟ و ما قاله تعبان دينق أثناء زيارته الأخيرة إلى الخرطوم عن أحداث سلام يعيشه الشعبين.. يمكن أن يتحقق بيد رياك مشار وهو يهجم على جوبا على طريقة هجوم موسيفيني على كمبالا لنزع السلطة . وتعبان دينق الذي يقول بأنه جاء إلى الخرطوم بقلب مفتوح وذهن منفتح ..هذه الحالة التي جاء بها تبقى لصالح إنقاذ قطاع الشمال في الحركة الشعبية من الورطة الميدانية التي وقع فيها بعد إفشاله للمفاوضات بإشارات من جهات معينة . وهذه الجهات ليس بإمكانها أن تنقذه من الورطة الميدانية ..ولذلك كانت زيارة تعبان دينق للإنقاذ منها . ومسألة معالجة القضايا العالقة بين البلدين تبقى ذريعة مستدامة لتغطية أغراض متعددة ومختلفة لزيارات المسؤولين إلى الخرطوم. فحتى الآن لم تتأهل زيارات المسؤولين الجنوبيين إلى الخرطوم لتكون بمستوى النزاهة والمصداقية . لن تكون زياراتهم صادقة ونزيهة ومفيدة للشعبين إلا بعد أن تحسم اعتداءات قوات الجيش الشعبي التي تعمل تحت مظلة قطاع الشمال بالحركة الشعبية . تعبان دينق يقوم بزيارة ماكرة إلى الخرطوم قبل انطلاق عاصفة الغابة بمائة وعشرين ألف جندي يقودهم رياك مشار . إن عاصفة الصحراء في القارة الآسيوية كانت قد حققت أهدافاً وفتحت الطريق لضرر أكبر من النفع . لكن عاصفة الغابة الآن بقيادة مشار ستكون بالدرجة الأولى لصالح حسم قضية اعتداءات قطاع الشمال المدعومة من حكومة جوبا. ستكون هي أيضاً عاصفة الحزم الإفريقية. إن تعبان دينق قال جئنا لنقول لإخواننا في السودان إن زمن الحرب قد ولى وجاء زمن السلام . طبعاً كلام غريب جداً يناقض الواقع تماماً و لا يشبه الروح التي تتعامل بها جوبا مع الخرطوم أمام دعم الأولى لقطاع الشمال للحركة الشعبية. ترى هل جاء تعبان دينق ليقول للحكومة السودانية قد ألغينا قطاع الشمال في الحركة الشعبية تماما ًورفتنا قواته من الجيش الشعبي وانسحبنا من كاودا وطردنا حركات دارفور .؟ لو لم يتحقق كل هذا فكيف يكون زمن الحرب ولى وجاء زمن السلام .؟ وبعربي جوبا نقول ( سلام ما جا ) نعم.. لم يأتِ السلام مع استمرار قطاع الشمال.

حلايب.. "جنوب السلك"

الطريق إلى حلايب
في الطريق المسفلت السواد سيد كل شيء.. درجات الحرارة تشوي الوجوه خارج السيارة لكنها لا تمنع ابتسامتهم؛ كيف لهم أن يبتسموا وكيف يعيشون؟ من أين يجلبون هذه القدرة على الإبتسام وكيف ترتفع الأيادي بالسلام وهي المنهكة بحمل مياه الشرب أو الغوص عميقاً في البحر من أجل اصطياد بعض الأسماك؟ عبرنا في محمد قول لنجد لافتة على يمين الشارع مكتوب عليها (مرحباً بكم في محلية حلايب).. نعبر اللافتة لنقف في محطة (أوسيف)، حاضرة المحلية.. المحلية اسمها حلايب، ولكنها الآن تقف مؤقتاً في أوسيف.. المدينة التي تجاهد من أجل أن تكون (قرية).. هنا يمكنك أن تجد رئاسة المحلية وموردا للمياه.. لا تسأل عن الكهرباء، فهي ترف لا يحتاجه الناس هناك. في المدينة أيضاً نقطة (جمركية) تستقبل الصادر والوارد وأناس يضعون كتوفهم من أجل تلقيط رزقهم الحلال في السوق أو في المناطق حوله اللواري من نوع (السفنجة).. تتراص هناك بشكل منتظم؛ بعضها يتجه نحو الشمال، وكثيرها يمضي في الاتجاه جنوباً وهي محملة بالبضائع.
مؤقتة لبضعة وعشرين عاماً
في داخل محلية حلايب في قلب مدينة أوسيف وحده اللون الأصفر للطلاء يخبرك أنك داخل مبنى حكومي المختلف هذه المرة هو أن المبنى هو مبنى رئاسة المحلية لا شيء يخبرك بذلك سوى اللافتات المرفوعة في كل المحليات لكنها هناك تغيب ليست وحدها فحتى الراية التي ترفرف في مدخل المبنى تغيب عن أوسيف يخبرني أحدهم بأن غياب الراية يتعلق بأن (الهواء شديد).. الرجل يقصد ساعتها الرياح التي تهب على المدينة من حين لآخر ولا يمضي دون أن يشير لأمر آخر يقول إن الحكومة لا توفر لهم ميزانية للأعلام التي تحتاج للتغيير كل أسبوع. في مكتب يبدو كأنه يتواءم مع الحال الماثل يجلس محمد الطاهر هييس معتمد المحلية الذي يقول إن وجودهم في هذا المكتب وفي مدينة أوسيف أمر استدعته الظروف الاستثنايئة منذ العام 1994 حين تم احتلال جزء من المثلث هييس يقول إنه يدير الآن ما تبقى من المحلية حين يكشف بأنه يحكم ثلثيها، بينما الثلث الثالث يقع تحت سيطرة القوات المصرية الغازية. يقول إنه يبذل مافي وسعه لتوفير الخدمات للمواطنين في هذه النقطة ويردف بأن هذا الوضع المؤقت سينتهي طال الزمن أو قصر.
تمييز تنموي إيجابي ولكن!
يقول علي أحمد حامد والي البحر الأحمر الذي وصل إلى السلك الشائك، والموضوع داخل الحدود السودانية إن المعالجة ووضع النهايات هي من اختصاص الحكومة المركزية وتحديدا وزارة الخارجية. يقول إنه ذهب إلى هناك بغية إرسال رسالة مفادها أن هذه الأرض لنا وستظل لنا وأن الغرض من زيارته كان تعظيم الإحساس بمسؤوليتهم تجاه هذه الأرض المغتصبة. وليس هذا فحسب فخطة الولاية بحسب حامد تقوم على أساس التمييز الإيجابي في تقديم الخدمات لمواطني حلايب، لكن ثمة مفارقة تبدو واضحة للعيان فيما يتعلق بالخدمات شمال السلك الشائك، أو في تلك التي تقدم جنوباً.. يعترف المعتمد بهذا التفاوت حين يقول إن الخدمات التي تقدمها الحكومة المصرية لن تستطيع من خلالها خلع مواطني المثلث من انتماءاتهم للسودان، وقال إن الإغراءات لن تغير في سودانية القبائل السودانية شيئاً و أنهم سيظلون على ولائهم للسودان.. يقول المعتمد إنهم قطعوا شوطاً كبيراً في مشاريع التنمية مقارنة بما كان يحدث في السابق، لكن تبدو المفارقة كبيرة فيما يحدث هنا وما يحدث في الجانب الآخر.. المعتمد يبدو ساعتها سعيداً بالإنجاز في مشروع المياه.. يقودنا ليرينا الطلمبات التي أنجزتها محليته في الأيام السابقات، ويقول إن سعر برميل المياه الذي يحصل عليه المواطن من الطلمبة انخفض من 35 جنيهاً إلى 7 جنيهات فقط، أما ما يحدث في المستشفى فتحكي عنه إحدى الموظفات وهي تضع كل النقائص أمام القادمين، ومعها ذلك المبنى الفخيم الخالي من المرضى. ما يمكن قوله إن ما تبقى من حلايب يحتاج للكثير حتى تتحول العلاقة بين الحكومة والشعب إلى علاقة محبة.
سوء الشبكة
يشكو موظفو الجمارك ومسؤولو السلطات في المنطقة من سوء شبكة سوداني التي تسقط من حين لآخر وتعطل خدمات التخليص الجمركي والتوقيعات المنتظرة و يعزون هذا الأمر لارتباط الشبكة بالكهرباء التي تنتهي عند السادسة مساءً حيث يصبح بعدها من المستحيل إنجاز خدمة، عليه فإن تراكم السيارات له ما يبرره رغم أن السلطات الأمنية في المنطقة تؤكد أنه لا يوجد شيء يمكنه أن يعكر صفو الحياة هناك وأن كل المشاكل تتم معالجتها في الإطار الودي والجودية. تجود علينا ساعتها العربات القادمة من مصر بعدد لا يستهان به من (قدر الفول) لدرجة أن أحدهم يعلق الآن يمكن القول بمعالجة أزمة غذاء الغلابة فيما تبقى من السودان، نترك أوسيف في طريقنا نحو السلك متشابك الأوجاع.
من أوسيف وحتى السلك
سأمشي رافعاً رأسي بأرض النبل والطهر ومن تقديس أوطاني ودم في عروقي يجري.. قريباً من ذلك الجندي وهو يحمل سلاحه على كتفه المستقيم وعيونه تقول بالقدرة على وضع حلول للأزمة وفقاً للغة انتمائه الخاصة لمؤسسته، لكن ثمة من يقف في طريقه من أجل تحقيق غايته.. يمضي بخطوات من يتشوق للمضي في الطريق حتى نهايته ونتبعه في رحلة الـ 38 كيلو مترا مربعا الفاصلة بين مدينة أوسيف وبين السلك الشائك في الطريق تقف قرية قبانيت وبعدها (ماروب).
في رمال ماروب ثمة ما يتوقف عنده ففي العام 1958 وحين بدأت قضية حلايب تصعد إلى السطح كان ساعتها رئيس الوزراء عبد الله خليل يقف وقفته الصلبة ويخرج صوت: "لن نترك شبرا في الأرض السودانية". يهبط بطائرته في منطقة ماروب وتعود القوات المصرية من حيث أتت الجنود هناك يجعلون من نقطة توقف الطائرة مزاراً للانتماء ويسمونها في قواميسهم الخاصة بمطار عبد الله خليل.
جنوب السلك
فوهات المدافع المحمولة على أكتاف الجنود المصريين ورايتهم التي ترتفع هناك تقول للقادمين حسبكم فليس بالإمكان المرور أكثر حتى وإن كانت هناك حوالي سبعين كيلو مترا هي في الأصل من ضمن الخريطة السودانية قريباً من (السلك).. وفي الجانب الجنوبي ليس ثمة عسكر سودانيون. وجودهم هنا يعني اعترافهم بأن الأراضي مصرية. فقط العسكر الذين يرافقوننا أحدهم يخبرنا أن أمضوا إلى الإمام فأنتم لا تحملون أسلحة. عند الجانب الآخر يخرج إلينا عدد من الجنود تشابه لهجتهم لحد كبير لهجة أهل المنطقة.. يبادلوننا التحايا والسلام.. بل يلتقطون معنا الصور التذكارية وهم يرسمون الضحكة على وجوههم.. وحدها الدواخل تغلي حين تخبرك أرضك أن عد من حيث أتيت.. داخل السلك المكشوف يمكنك رؤية مبان للسكن بنيت من المواد الثابتة وحركة دوؤبة ربما زاد منها تواجدنا غير المرغوب فيه.. كانت نصف ساعة كافية لأن نعود أدراجنا ونحن يغتالنا السؤال ثم ماذا بعد؟ وما الذي يحدث في الجانب الآخر وكيف يعيش أولئك السودانيون تحت الاحتلال و إلى متى سنعود أدراجنا دون أن نعبر إلى نهاية حدود بلادنا؟
أقصى شمال الوطن
يقدر المعتمد المساحة التي تفرض عليها السلطات المصرية قبضتها بـ 70 كيلو مترا وهي منطقة لا يختلف اثنان على سودانيتها بحسب الخرط بل باعتراف الحكومة المصرية نفسها حين رسمت حدودها مع المملكة العربية السعودية في جزيرتي (تيران وصنافير) متخذة من خط 22 نقطة حدودية يكشف المعتمد عن القاطنين هناك من السودانيين حيث تتعدد انتماءاتهم الإثنية و إن كان يغلب عليهم عنصر قبيلة (البشاريين) وهي قبيلة لا علاقة لها بمصر مقارنة بمجموعات العبابدة التي تنقسم بين الدولتين بل إن عموديتهم في ولاية نهر النيل وقريباً من عطبرة كما أن العادات والتقاليد التي يتبعونها هي ذاتها العادات والتقاليد في شرق السودان. اختلاف بدا ماثلاً حتى في محاولة الإعلام المصري تزييف الحقائق ونقل الصورة من هناك وهو ما أكد على خطل الحديث عن مصرية المنطقة وأثبت سودانيتها رغماً عن ذلك فإن الجانب المصري يصر على فرض الأمر الواقع منذ العام 1994 والمضي قدماً في مشروع تجاوزاته. تبدو مفارقة أخرى تعلقت هذه المرة بفوز أحد مرشحي دائرة حلايب بانتخابات مجلس الشعب المصري وحين ذهب لإقامة احتفال فوزه لم يجد فنانا سوى الاتجاه نحو بورتسودان وجلب الفنان محمد البدري الذي ذهب إلى هناك عبر القاهرة..!
يكشف القائمون على الأمر هناك على أن ثمة حالة تسلل ذات أبعاد اجتماعية يقوم بها بعض المواطنين بين الجانبين فيما يكشف مصدر عسكري عن تواجد عساكر سودانيين داخل الجزء المحتل من قبل القوات المصرية.
نعود من السلك الشائك مثلما حدث لوالي ولاية البحر الأحمر ننحني لعاصفة الأمر الواقع ترهقنا فكرة الإيمان بسودانية حلايب وبضرورة استعادتها تتداخل التفاصيل والحكايات يقف الجندي المصري شاهراً سيفه ونحور النص (إن مددت إلي يدك لتقتلني فإني أمد إليك يدي لأقرئك السلام).. السلامة بشكلها الراهن ترفضها عيون الجندي المتوثب.. يختفي خلفها والي البحر الأحمر حين يضع المسؤولية على وزارة الخارجية التي تؤمن بنظرية أن السلام ضرورة وحين تسأل عن (السيادة) يجيبك ذلك المواطن السوداني الممنوع من دخول بورتسودان، لأن الخط يفصله عنها.. يخبرك عنه ذلك الآخر المقيم جنوب السلك... يصارع فقط لأن يعيش حياة مثل الحياة.. ويخبرك عنها تناقض ذلك الشاب من أبناء حلايب شمال السلك وهو يقول: ما ترانا فاعلين؟ الانتماء سوداني والخدمات مصرية؟

مشار بالسودان لتلقي العلاج وتم إخطار جوبا

كشفت الحكومة السودانية الثلاثاء، عن وجود النائب الأول السابق لرئيس حكومة جنوب السودان، د. رياك مشار، بالأراضي السودانية لتلقي العلاج والرعاية الطبية، وأنه حالياً في حالة صحية مستقرة، مؤكدة إخطارها لحكومة دولة جنوب السودان بذلك .
وقال وزير الإعلام السوداني، أحمد بلال عثمان، في بيان له "لقد استقبل السودان مؤخراً مشار نظراً لأسباب إنسانية بحتة، على رأسها حاجته العاجلة للعلاج والرعاية الطبية، إذ كان عند وصوله في حالة صحية تستدعي سرعة التعامل معها، وقد سبق للأمم المتحدة أن أعلنت عن استقباله بإحدى دول الإقليم لذات الدواعي.
وأضاف "إن الحالة الصحية لمشار مستقرة حالياً وسوف يبقى بالبلاد تحت الرعاية الصحية الشاملة، إلى أن يغادر إلى حيث يشاء لاستكمال علاجه".
وأكد وزير الإعلام أنه قد جرى "إخطار الأشقاء في دولة جنوب السودان بذلك".
وكانت الأمم المتحدة قد أفادت أنه تم إجلاء مشار إلى دولة الكنغو المجاورة لجنوب السودان، بعد وصوله لحدودها بعد أسابيع من اندلاع العنف بعاصمة الجنوب.

جنرال هولندي سيحقق في فظائع ارتكبت في جوبا

اعلنت الامم المتحدة الثلاثاء انها عهدت الى جنرال هولندي متقاعد اجراء "تحقيق مستقل" حول فظائع ارتكبها جنود من جنوب السودان ضد مدنيين في جوبا خلال تموز/يوليو وحول عجز قوات حفظ السلام عن منع هذه الاعمال.  ويفترض ان يركز
التحقيق الذي سيجريه الجنرال باتريك كاميرت، على "العنف الجنسي" الذي تم ارتكابه داخل وفي محيط قواعد الأمم المتحدة في جوبا التي لجأ اليها مدنيون.
ويجب ان يحدد التحقيق ما اذا كانت بعثة الامم المتحدة في جنوب السودان "قد استجابت بشكل مناسب لمنع تلك الحوادث وحماية المدنيين ضمن الوسائل المتاحة لها".  ويقدم الجنرال كاميرت تقريره في غضون شهر الى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، وسيتم نشر نتائج التحقيق.
وتعرض جنود بعثة الامم المتحدة في السودان وعددهم نحو 13 الفا لانتقادات شديدة لعدم حمايتهم المدنيين خلال المواجهات، وخصوصا نساء وفتيات تعرضن للاغتصاب قرب قاعدة للامم المتحدة.
ووثقت الامم المتحدة ما لا يقل عن مئتي حالة اغتصاب في العاصمة خلال تموز/يوليو وحده ارتكبها اشخاص في زي عسكري ينتمون خصوصا الى قوات الرئيس سلفا كير. وكان الجنرال كاميرت، القائد السابق لقوة الامم المتحدة في اثيوبيا واريتريا، قد تولى قيادة لجنة تحقيق داخلية حول سلوك قوات حفظ السلام خلال هجوم دموي استهدف معسكرا للامم المتحدة في ملكال (شمال شرق جنوب السودان) في شباط/فبراير. وخلص التحقيق انذاك الى ان عددا من عناصر القوات الاممية تركوا مواقهم او رفضوا حماية مدنيين.
واجاز مجلس الامن الدولي نشر 4 الاف جندي اضافي للامم المتحدة من اجل توفير الامن في جوبا وردع الهجمات ضد القواعد الاممية.  ولجأ نحو مئتي الف مدني فروا من الحرب الاهلية التي يشهدها جنوب السودان منذ عامين ونصف عام، الى ستة مخيمات تابعة للامم المتحدة في مختلف انحاء البلاد.

الثلاثاء، 23 أغسطس 2016

«تعبان» من زاوية أخرى

ي نهاية سبتمبر من العام الماضي، وعلى مائدة عشاء بمطعم فخم في قلب منهاتن بنيورورك أقامها السيد وزير الخارجية بروفيسور إبراهيم غندور، وكان ضيوفه وفد من معارضة دولة جنوب السودان تزامن وجوده في الولايات المتحدة مع انعقاد الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة كان دافعها اجتماعي محض عضدته العلائق المشتركة وأخلاق السودانيين في السودان شماله وجنوبه، كان الضيوف د. رياك مشار وتعبان دينق وإيزكيل وعدد من قادة المعارضة الجنوبية يومها، كان واضحاً من خلال الجلسة الطويلة وحوارات العشاء وتقاطعاته وتقييمات الوضع الداخلي في جنوب السودان والمحيط الإقليمي والمجال الدولي الفسيح المهتم بقضية هذا البلد المنكوب، أن الخطى بدأت للتو في التباعد بين رياك مشار وتعبان دينق، ربما خلافات عميقة في الأساس في توجهات الرجلين من قبل وهما عضوان قياديان في الحركة الشعبية، فرياك مشار له خصومة داخل التيار الذي كان غالباً في الحركة من أيام قرنق وما بعده حتى خروجه في ديسمبر 2013م، بينما حافظ تعبان دينق على ارتباطاته مع (ولاد قرنق) داخل الحركة الشعبية وهم حلفاؤه الحقيقيون، ويوجد تقارب مزاجي وسياسي بينه وبينهم، ويحمل ذات توجهاتهم ورؤاهم ونظرتهم للوضع في جنوب السودان . > لكن الذي لفت النظر في تلك الجلسة البعيدة عن أجواء أية مجاملات سياسية أو دبلوماسية او أية عقد اخرى لالتئامها في اقاصي الدنيا في بقعة نائية عن البلدين، هو محاولة السيد تعبان دينق أن يؤكد بصفته الشخصية أنه تغير بالفعل، وينظر الى ضرورة ان يكون هو ومن معه هم التيار الأقرب للسودان داخل دولة جنوب السودان في حال تم السلام وتعافي جسد الدولة الجنوبية من اهوال الحرب وويلاتها.. ودعا في حديث وتحاور مباشر مع كاتب هذه السطور الى ان الاعلام والصحافة السودانية يجب ان تدعم وجود علاقة متينة وقوية بين شطري السودان القديم، وان يكون لها وعي متقدم بوجود هذا التيار . > بالرغم من ان رؤية السيد تعبان قد اقتضتها حالة ظرفية، قد لا تتوافق مع مواقفه السابقة عندما كان حاكماً لولاية الوحدة ودوره في دعم المجموعات المتمردة من حركات دارفور وقطاع الشمال بالحركة الشعبية، ثم تغير وفق الأوضاع الضاغطة عندما خرج متمرداً مع مشار، الى درجة جعلته ينظر للخرطوم نظرة متغيرة تقولبت عنده الى حلف استراتيجي بين الخرطوم وجوبا ...فها هو الرجل يتبوأ موقع الرجل الثاني في الدولة الجنوبية في واحدة من أسوأ حالات هذه الدولة مع ضآلة خياراتها، فما الذي يمكن أن يفعله السيد تعبان دينق وقد طرح من قبل ما يوحي بأنه فهم العلاقة بعد حين على حقيقتها؟ > فالسياسة لا تعرف الثوابت، فهي عنصر متغير باستمرار لا يمكن الركون اليه والاطمئنان إلى ما بها من تحولات، فموقع المعارض هو أسوأ خلفية سابقة لرجل الدولة، لأن الحسابات تختلف والتقديرات تتنوع ما بين النظائر والاشباه والنقائض والاشتباه ..! فدولة جنوب السودان حتى اللحظة تتعامل مع السودان بنوع وافر من التوجس وسوء النية، وتحتضن المعارضة السودانية المسلحة وتدعم الحركات المتمردة، ولم تفك ارتباطها بقطاع الشمال في الحركة الشعبية والجيش الشعبي الموجود في المنطقتين جنوب كردفان والنيل الأزرق. كما أن الطريقة التي دخل بها تعبان في السلطة لا تعطيه القوة الكافية ولا القدرة على تغيير دفة العلاقات بين الخرطوم وجوبا الى نقطة الاطمئنان . > لقد اعتذرت الخرطوم في بداية الأمر عن استقبال السيد تعبان عندما تم تعيينه، وعد ذلك سلوكاً دبلوماسياً مقبولاً حى تنجلي الأمور وتوضح أكثر وجوبا ملبدة بغيوم النزاع والخلافات، ودول الإقليم وهيئة الإيقاد لم تكن لتعترف الا بما نص عليه في الاتفاقية المبرمة بين سلفا كير ورياك مشار، لكن يبدو أن موقف الخرطوم الإيجابي واستقبالها للسيد تعبان دينق بوصفه النائب الأول لرئيس الجمهورية في دولة الجنوب، قد يفتح الطريق أمام البلدين من جديد للنقاش والتفاهم، وربما يطل بصيص ضئيل مما قاله تعبان في جلسة العشاء النيويوركي، لكن هناك من هو في جوبا يقف بالمرصاد!!

مسار التعاون المحتوم في النهر العظيم

ظل نهر النيل يجري من منابعه، في الهضبة الإثيوبية والبحيرات الاستوائية، لحقب سحيقة في التاريخ وهو يشقّ صحراء ممتدّة كأطول نهر في العالم يتعدّى طوله أكثر من ستة آلاف كيلو متر ليهب الحياة لكل قاطني حوض النيل، إلا أن الحقيقة أنه ظلّ يشكّل لمصر أكثر من مجرد مورد ماء تجعل كل شيء حياً، فقد تحوّل إلى أيقونة وجدانية ورمزية استقرّت تكاد تجعل وجود مصر من دونه ليس بلا معنى فحسب، بل غير ممكن أصلاً، ولعلّ ذلك ما جعل هيروديت يطلق مقولته الشهيرة "مصر هبة النيل" أي أنها ما كانت ستكون لولاه، بيد أن هذا الارتباط الوجداني وتجذّره في الوعي الجمعي المصري إلى درجة تجعله "ملكاً خاصاً" بها دون غيرها، أحال المقولة في السياسات الإستراتيجية المصرية إلى واقع يكاد يعني حرفياً "أن النيل هبة مصر"، وليس العكس، ولعلّ هذا الإحساس الذي أصبح حاكماً للقرار الرسمي هو الذي قاد للتململ عند شركاء الحوض من أهل المنابع الذي رأوا فيها "احتكاراً" غير مبرّر.
من غير المنصف بالطبع اعتبار "الارتباط الوجداني والمصلحي" المصري بالنيل مجرد أمر دافعه غريزة حب التملك، بل هو نتاج خبرة وتجربة حياة طويلة، تعزّزها حقائق طبيعية، فمصر من دون شركائها في حوض النيل لا تملك بديلاً لمصادر المياه غير ما يرفدها بها نهر النيل، في حين يتوفر للدول الأخرى مصادر بديلة متعدّدة للمياه، دون أن يعني ذلك بالطبع أنها لا تحتاج إليه في أية عملية توسّع تنموي. لم يكن هناك حتى قبل أقل من مائة عام تزيد قليلاً، من حاجة للانتباه إلى ضرورة تقنين موارد مياه النيل إلى مصر، فالحداثة بكل تبعاتها لم تكن قد تمكّنت بعد من بسط أذرعها تعقيداً لمتطلبات الدولة الحديثة التي كان محمد علي باشا قد أرسى قواعدها قبل ذلك ببضعة عقود. وحتى الحاجة للتقنين لم تكن محل جدل فقد كانت الإمبراطورية البريطانية سيّدة حوض النيل بلا منازع وتسيطر استعماراً على أغلب دوله، وهو ما جعلها تبدأ مشوار التقنين لضمان مصالحها في مستعمراتها، فكان أن أبرمت أول اتفاقية في العام 1891 مع إيطاليا لضمان عدم قيام الأخيرة بأية إنشاءات تؤثر على تدفق المياه في نهر عطبرة، ثم أبرمت اتفاقية 1902 بين بريطانيا والإمبراطور منليك الثاني تعهد فيها بعدم القيام بأي منشآت على بحيرة تانا أو النيل الأزرق أو السوباط تعرقل وصول المياه إلى النيل إلا باتفاق مسبق مع حكومة صاحبة الجلالة والحكومة السودانية التي كانت تديرها بريطانيا، ثم أبرمت اتفاقية 1929 بين بريطانيا ومصر التي شرعت الحقوق المصرية، وأخيراً اتفاقية مياه النيل بين مصر والسودان في العام 1959 بعد ثلاث سنوات من استقلال السنوات التي اقتسمت مجمل وارد مياه النيل بين البلدين، والتي لا تزال تشكل مادة جدل واسع في العلاقات السودانية المصرية.
الرابط بين هذه الاتفاقيات، ودون الدخول في تفاصيل فنية أو قانونية أو المعطيات والملابسات السياسية حينها، أنها أسست حقوقاً مائية معلومة تضمن لمصر احتياجاتها الحاضرة والمستقبلية، ثم جاء إنشاء خزان جبل أولياء، ثم السد العالي بكل تداعياته ليرسّخ واقعاً حصرياً لمفهوم "الحقوق التاريخية المكتسبة" لمصر، في معادلة ظلت مقتصرة على مصر والسودان في التعاطي مع مسألة مياه النيل في غياب شبه تام لبقية دول الحوض التي كان عدم انشغالها عملياً بأي مطالب في المياه سبباً في تكريس الملكية الثنائية لمياه النيل. هذه الخلفيات المختصرة على نحو أرجو ألا يكون مخلاً تشكّل أرضية لا مناص من الانتباه إليها عند تناول التطوّرات اللاحقة التي جرت في حوض النيل، والتي بلغت ذروتها عندما أعلنت إثيوبيا في العام 2010 عن اعتزامها إنشاء سد باسم مجهول أخذ اسم سد الألفية قبل أن يأخذ عنوان "سد النهضة الإثيوبي العظيم".
لعلّ التحوّل الأهم في معادلات حوض النيل، التي استقرت لقرون، قد بدأت إرهاصاتها في النصف الأول من تسعينيات القرن العشرين، بعد سنوات قليلة من انتصار الجبهة الثورية للشعوب الإثيوبية بزعامة ملس زيناوي في صراعها مع حكم الدرق بزعامة منقستو هايلي مريام في العام 1991، لم يكن نظام الحكم الجديد في أديس أبابا مجرد سلطة ترث أخرى، بل جاء بحمولة أيدولوجية مثقلة بالأحلام الكبيرة لبلد ذي تراث تاريخي عريض، كانت المفارقة بين أحلام القادة وواقع الفقر المدقع والتخلف التنموي كبيرة بدرجة تستلزم ما هو أكثر من إدارة شؤون الحكم بالغرق في الهموم اليومية للنظر في الآفاق المستقبلية، شكّل الخروج من دائرة الفقر بمشروعات تنموية طموحة الفكرة المركزية التي سيطرت على تطلعات زيناوي الزعامية لقيادة الشعوب الإثيوبية إلهاماً بمهمة وتشويقاً لدور. ولذلك انصرف ذهنه منذ البداية إلى ضرورة توظيف الموارد المائية الضخمة النابعة في بلده في مشروعه التنموي، ولكن كيف السبيل إلى ذلك، وقد استقرت معطيات وحسابات في أرض الواقع تقرب إلى درجة الثوابت غير الخاضعة للمساس فيما يتعلق بمياه النيل.
في خضم أيام الرفض المصري القاطع لقيام سد النهضة لأول أمره، سألت شخصية قيادية رفيعة جداً في الإقليم، كانت على صلة وثيقة بزيناوي في مطلع التسعينيات، عن خلفيات هذا النزاع وحقيقة مواقف الأطراف فيه، ومما قاله رداً على سؤالي إن ملس قبيل توجهه للقاهرة في العام 1993 في أول زيارة له لمصر كزعيم لبلاده تحدث معه حول أجندة زيارته ومن بينها قوله إنه سيفاتح نظيره المصري حسني مبارك بضرورة إعادة فتح ملف مياه النيل والاتفاقيات التي تحكمها لأن إثيوبيا لم تكن طرفاً فيها، كما أنها تريد أن تستغلّ مواردها المائية في مشروعه التنموي الطموح، وقالت الشخصية القيادية إنه نصح زيناوي بالتأني في فتح الموضوع خاصة أن السلطة الجديدة في أديس أبابا لم تزل طريّة العود. الشاهد في هذا الخصوص أن التوجّه الإثيوبي للتفكير باتجاه استخدام مياه النيل التي تنبع من أرضها، لا سيما أنها تمثل خمسة وثمانين بالمائة من مجمل موارد نهر النيل، لم يكن جديداً بل ظلّ حاضراً في أجندة القيادة الإثيوبية منذ بواكير التسعينيات.
على الرغم من الطبيعة الحيوية المفترضة لقيام علاقات وثيقة تجمع بين دول حوض النيل، السودان، مصر، إثيوبيا، إرتريا، يوغندا، كينيا، تنزانيا، رواندا، بروندي، والكنغو الديمقراطية، فإنه باستثناء هيئة مياه النيل المشتركة بين مصر والسودان، لم تكن هناك أطر محددة لهذه العلاقات، فقد بدأت أول محاولة للتعاون بين دول الحوض في العام 1967 فيما يعرف بمشروع "هايدرومت المسحي"، وكان يركز على حوض البحيرات الاستوائية بغرض جمع المعلومات وتحليلها، وضم مصر والسودان، وكينيا ويوغندا وزائير بروندي والكنغو الديمقراطية، وانضمّت إليه إثيوبيا بصفة مراقب في العام 1971، ولم يحقق المشروعات إنجازات كبيرة.
في العام 1983 نشأت مجموعة أوندوقو، وضمّت السودان، ومصر، يوغندا، إفريقيا الوسطى، ثم انضمّت لها لاحقاً رواندا وبروندي، بينما بقي تمثيل إثيوبيا وتنزانيا وكينيا كمراقبين، وهدفت المجموعة إلى تعزيز التعاون يينها في مسائل ليست على علاقة مباشرة بمياه النيل، مثل النقل والاتصالات.
وفي العام 1993، تأسست مجموعة التعاون الفني لتعزيز الحماية البيئية لحوض النيل، وضمّت السودان، مصر، رواندا، تنزانيا، يوغندا والكنغو الديمقراطية، بينما احتفظت إثيوبيا وإرتريا وكينيا وبروندي بدور المراقبين. وساعدت هذه المجموعة في التجهيز للخطط الوطنية، والقواعد الفنية، وتعزيز التعاون بين دول الحوض، وتطوير أطلس للحوض، والتدريب.
وكما هو ملاحظ في هذه المحاولات المحدودة للتعاون بين دول الحوض، فإن الغالب عليها أن دول المنابع سواء في الهضبة الإثيوبية أو البحيرات الاستوائية كانت شبة غائبة أو حاضرة بصفة مراقب، كما أن مضمون أجندتها لم تتعدَ جمع المعلومات، وتحليلها، وضمان زيادة تدفق المياه، ومن الواضح أن القضايا المتعلقة بالمياه نفسها لم تكن في قلب انشغالاتها، وكما يقول فيكأحمد نيقاش المدير التنفيذي لـ"المكتب الفني لحوض النيل الشرقي - إنترو"، فإن هذه المحاولات التنظيمية للتعاون بين دول الحوض لم تكن شاملة، والطريق لتعاون أوسع بين دول الحوض لم تكن واضحة، مثل مسائل تخصيص المياه، الحاجة لأطر قانونية جديدة، وبناء مؤسسات للتعاون.
ومن هذه الملاحظات حول قصور صيغ التعاون، مع تطور الرؤية الإثيوبية لمشرع تنموي ونهضوي تشكّل مياه النيل رافعة أساسية فيه، بدأت تلوح في الأفق معطيات جديدة في التعامل مع ما كان البعض يعتبره ثوابت في شأن مياه النيل، هذا الحراك الإثيوبي منذ منتصف التسعينيات هو ما بدأ في صناعة أجندة جديدة في حوض النهر النيل قادت لتحوّلات كبرى قلبت كل موازين المعاجلات التي استقرّت لدهور. كيف حدث ذلك، هذا ما نواصل فيه في مقالات قادمة.

البشير يتسلَّم رسالة من سلفاكير

تسلَّم الرئيس السوداني عمر البشير، يوم الاثنين، رسالة خطية من نظيره الجنوب سوداني سلفاكير ميارديت، تتعلق بالعلاقات والقضايا ذات الاهتمام المشترك، بجانب دعوة إلى زيارة جوبا بهدف بحث العديد من الملفات بين البلديْن الجاريْن.
واستقبل البشير بالقصر الرئاسي في الخرطوم النائب الأول لرئيس جنوب السودان تعبان دينق قاي، الذي استهل زيارة إلى الخرطوم الأحد هي الأولى منذ تعيينه خلفاً لرياك مشار، بعد الاشتباكات العنيفة التي شهدتها مؤخراً عاصمة الدولة الوليدة.
وأكد البشير خلال اللقاء حرص السودان على أمن واستقرار دولة الجنوب، لافتاً إلى أن استقرارها هو استقرار للسودان.
وقال وزير الدولة في الرئاسة السودانية الرشيد هارون، في مؤتمر صحفي عقب اللقاء، إن البشير أكد أن من اهتماماته أن يعيش شعب الجنوب في وئام واستقرار، ويتقاسم السودان اللقمة والمصير المشترك معه.
وقال هارون إن السودان سيظل فاعلاً في عودة الاستقرار والأوضاع السياسية والأمنية في الجنوب.
وأشار إلى أن لقاء البشير مع تعبان دينق تطرَّق إلى العلاقات الثنائية بين البلدين، لافتاً إلى ترحيب السودان بالزيارة.
وأشار هارون إلى العلاقة الأزلية والتاريخية بين البلدين. وقال "إذا انفصلنا سياسياً لن ننفصل وجدانياً، وإن الانصهار وعلاقات الدم والأخوة ستظل علاقات أخوية راسخة"، مؤكداً دعم وحرص السودان على هذه العلاقة الأزلية.
وأضاف هارون قائلاً: "نحن ننشد التطوُّر المستمر حتى يعيش الشعبان الشقيقان في سلام". وقال "نحن ضحينا بالوحدة من أجل السلام".
وأوضح أن اللقاءات التي أجراها دينق بالخرطوم تناولت السبل الكفيلة بتطوير العلاقات لمصلحة الشعبين.
وقال إن اجتماعات اللجنة الأمنية الليلة قبل الماضية وضعت مؤشرات وتفاهمات كبيرة في سبيل إنفاذ اتفاقية الترتيبات الأمنية بين البلدين، مؤكداً أن سيادة دولة جنوب السودان واستقرارها هو همٌّ بالنسبة للسودان.

دعوى قضائية تدفع ببطلان اتفاق “سد النهضة” وتصفه بـ “المجحف”

وصفت الدعوى القضائية التي قام برفعها السفير إبراهيم يسري المدير الأسبق لإدارة المعاهدات بالخارجية المصرية – الاتفاق الذي تم توقيعه بين مصر واثيوبيا والسودان بأنه اتفاق مجحف لحقوق مصر يمس بمصالحها و حقوقها الثابته في مياه النيل
والتي تقررها عشر اتفاقيات دولية نافذة بموجب معاهدة فيينا لقانون المعاهدات واتفاقية فيينا للتوارث الدولي للمعاهدات، مؤكدا أن الاتفاق يوقع بمصر خسائر خطيرة و كبيرة وحيويــــــــــة – يبــدو أنها راجعة لضعف فريق المستشارين القانونيين والفنيين برئاسة الجمهورية- بحسب ما جاء في الدعوى .
دفع المدعي ببطلان وانعدام هذا الاتفاق و يؤسس ادعاءه على الاسانيد التالية:
الاتفاق ينتهك الدستور
وتابعت الدعوى التي تم إقامتها أمام مجلس الدولة :
“لا ريب في أن هذا الاتفاق ينتهك دستور البلاد فضلا عن اضراره بمصالحها الثابتة باتفاقيات دولية وحقوقها التاريخية و نوجز فيما يلي أوجه التناقض بين الاتفاق المذكور  وبين نصوص الدستور الساري والصادر سنة 2014 ونوجزها فيما يلي :
* أن أول جملة وردت في ديباجة الدستور: تنص علي أن
مصر هبة النيل للمصريين، وهبة المصريين للإنسانية.
وهو ما يؤكد حقوقها و يؤيد أهمية النيل و مكانته عند المصريين”
* وجاء في الدعوى أن مادة (1) من الدستور تنص على أن:
جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة، ولا ينزل عن شيء منها، نظامها جمهوري ديمقراطي، يقوم على أساس المواطنة وسيادة القانون.
والنص واضح و قاطع بعدم التنازل عن شئ من جمهورية مصر العربية.
* مادة (4)السيادة للشعب وحده، يمارسها ويحميها، وهو مصدر السلطات، ويصون وحدته الوطنية التي تقوم علي مبادىء المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، وذلك على الوجه المبين فى الدستور.
ويعني هذا أن أي سلطة أو فرد لا يملك مكنة التنازل عن اي شئ من الوطن ولا سيادة لأي سلطة أو فرد مهما كان منصبه تعلو على سيادة الشعب ، و أن الشعب هو الذي يوافق عن أي تنازلات أو يرفضها في استفتاء شعبي
* مادة (44)
تلتزم الدولة بحماية نهر النيل، والحفاظ على حقوق مصر التاريخية المتعلقة به، وترشيد الاستفادة منه وتعظيمها، وعدم إهدار مياهه أوتلويثها. كما تلتزم الدولة بحماية مياهها الجوفية، واتخاذ الوسائل الكفيلة بتحقيق الأمن المائى ودعم البحث العلمى فى هذا المجال.
وحق كل مواطن فى التمتع بنهر النيل مكفول، ويحظر التعدى على حرمه أوالإضرار بالبيئة النهرية، وتكفل الدولة إزالة ما يقع عليه من تعديات، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون.
حق مصر التاريخي في النهر الخالد
وتابعت الدعوى : “وتلزم هذه المادة بجلاء أنه لا يجوز لجهة الإدارة التنازل عن حقوق مصر القانونية والتاريخية في مياه النيل وهو ما ينتهكه الاعلان سالفة الذكر
* مادة 144 نص الدستور في هذه المادة علي ان يؤدي الرئيس و الوزراء و النواب القسم وفقا للنص التالي:
يشترط ان يؤدي رئيس الجمهورية، قبل أن يتولى مهام منصبه، أمام مجلس النواب اليمين الآتية ”أقسم بالله
العظيم أن أحافظ مخلصًا على النظام الجمهورى، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه”.
ويورد هذا القسم تعهدا دستوريا برعاية مصالح الشعب رعاية كاملة ووحدة و سلامة أراضيه.
1- و حول حدود صلاحية رئيس الدولة في مجال الاتفاقيات و المعاهدات الدولية يعاود المدعي طرح اسانيد انتهاك الاتفاق للدستور:
مادة (151)
يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور.
ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة.
وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن اى جزء من إقليم الدولة.
دعوة الشعب للاستفتاء
وجاء في عريضة الدعوى التي تم تقديمها لمجلس الدولة :
مادة (157)
لرئيس الجمهورية أن يدعو الناخبين للاستفتاء في المسائل التي تتصل بمصالح البلاد العليا، وذلك فيما لا يخالف أحكام الدستور.
يشترط الدستور أن يؤدى رئيس الجمهورية الآتية ” أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصًا على النظام الجمهورى، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه ”.
ومؤدي ذلك أن التوقيع علي هذا الاتفاق قد خالف القسم أمام الله و الوطن
ومن هنا تكون الجملة الفاتحة للدستور ملزمة لجهة الإدارة و هي ان مصر هبة النيل ملزمة للسلطة
2- توقيع الاتفاق المذكور لا يعدو ان يكون قرارا اداريا.
يدفع المدعي بأن تصرف جهة الإدارة المطعون عليه يعتبر قرارا اداريا يخضع لرقابة القضاء
الاتفاقية المصرية – القبرصية
اتفاق الكيانات الهيدروكربونية في المياه اقتصادية المصرية:
وبخصوص الاتفاقية القبرصية – المصرية ، أكدت دعوى أخرى أقامها السفير يسري أن توقيع الاتفاق المذكور ليس من صلاحيات السلطة التنفيذية أو التشريعية.
ودفع المدعي بأن التوقيع علي الاتفاقية المشار اليها وهي الماثلة في هذه الدعوي تعتبر تنازلا عن حدود مصر الاقليمية بما لها من حقوق سيادية علي مواردد
منطقتها الافتصادية الخالصة وفقا لاتفاقية قانون البحار ، وهو تصرف لا تملك الحق فيه السلطة التنفيذية و مجلس النواب لانه ام حظره عليهما الدستور و أرجعه للشعب صاحب السيادة علي اقليمه و كل شيء فيه .
وتابعت الدعوى :
“أن قرار جهة الإدارة بالتوقيع علي الاتفاقية و االمطعون عليه في الدعوي المااثلة لا يدخل في نطاق اعمال السيادة ، و انما يعتبر في حقيقته قرارا اداريا معيبا يخضع لرقابة القضاء
ولذلك فإن ما يتعلق بأرض الوطن والسيادة الثابتة عليه اقليما و حدودا برية و بحريةهو شأن كل مواطن في مصر والشعب وحده هو صاحب السيادة يمارسها ويحميها وهو مصدر السلطات ويصون وحدته الوطنية طبقاً لنص المادة 4 من الدستور
، وعليه فإن التنازل بقرار منفرد من جهة الادارة عن حق من حقوق هذا الوطن أو النيل من سيادته ليس من المسائل التي ينطبق عليها وصف اعمال السيادة
وهو ما أخذت به أحكام مجلس الدولة لإدراج عمل من أعمال الإدارة أو قرار ضمن طائفة أعمال السيادة والنأي به بعيداً عن رقابة القضاء .
وتابعت الدعوى :
“الدستور المصرى أكد فى المادة (1) على أن (جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة ، موحدة لا تقبل التجزئة ) و وعقد السيادة للشعب وحده لأنه مصدر السلطات طبقا لنص المادة (4) و(44) ما ألزم الدولة بحماية بحارها وشواطئها وبحيراتها وممراتها المائية طبقا لنص المادتين( 43و 45 ) وأوجب الحفاظ على الأمن القومى لمصر.
وجاء في الدعوى :
“والزم الدستور رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء وأعضاء الحكومة قبل أن يتولوا مهام مناصبهم وقبل مباشرة أعمالهم أن يؤدوا يميناً يتعهدون فيها بالمحافظة على وحدة وسلامة أراضى الوطن وقد وردت صيغته فى المادتين( 144و165 ) من الدستور على الوجه الآتى :
(أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصًا على النظام الجمهورى ، وأن أحترم الدستور والقانون ، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة ، وأن أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه )
كما أوجب الدستور دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وترسيم الحدود البرية و البحرية و التنازل عن ثرواتها ، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة , وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور ، أو يترتب عليها التنازل عن اى جزء من إقليم الدولة أو اي حق اقليمي لها)
وتابعت الدعوى : ” فقد تضمن الدستور الحالى النص فى الفقرة الأخيرة من المادة (151) على أن : ( وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدات تخالف أحكام الدستور أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة أو اي شيء منها)
أما نص المادة (151) من الدستور الحالى فقد ورد فيه الحظر على الابرام ومصطلح إبرام المعاهدات أعم وأشمل من مصطلح إقرار المعاهدات والحظر الوارد فى المادة (151) من الدستور يمتد إلى السلطة التنفيذية فهو يحظر عليها كل عمل من أعمال إبرام المعاهدات الدولية بما فيها التوقيع عليها إذا كانت المعاهدة تخالف الدستور أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة ” .
وتابعت الدعوى : ” خلافا لما تقدم وافقت عليها مصر علي توقيع الاتفاقية مع قبرص بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 535 لسنة 1981 والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 10/6/1982 والتى تجيز للدولة المتعاهدة فى علاقتها مع الدولة أو الدول الأخرى الأطراف فى المعاهدة أن تتمسك ببطلان المعاهدة إذا كان التعبير عن موافقتها على الالتزام بالمعاهدة قد انطوى على خرق بَين لقاعدة ذات أهمية أساسية من قواعد القانون الداخلى …. ومن جهة القانون الداخلى فان
موافقة ممثل الدولة على المعاهدة يجب أن يتم صحيحاً وفقاً لأحكام قانون الدولة ” .
وتابعت الدعوى : ” ولما كان الدستور فى الفقرة الأخيرة من المادة (151) قد حظر على السلطة التنفيذية إبرام اتفاقيات من شأنها التنازل عن أى جزء أو حق يتصل بإقليم الدولة فان قيام الحكومة المصرية بالتوقيع على ذلك الاتفاق لا يعد عملا من أعمال السيادة وإنما هو عمل من أعمال الإدارة مما يختص القضاء بنظر الطعن عليه التزاما بحكم المادة ( 97 ) من الدستور والذي حظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء ,….ببطلان توقيع حكومة جمهورية مصر العربية على الاتفاقية الثنائية محل الدعوي المتثلة بتخويل قبرص التربح من مكامن الهيدرو كربون في مياهنا الاقتصادية الخالصة دون اي التزام قانوني يلزم قبرص بعدم التعدي علي مواردنا الغازية ورعاية مصالح مصر و شعبها و الغاء ما يترتب على ذلك من آثار
يقوم الاتفاق علي أساس أن الاتفاية محل الدعوي تقوم علي اساس باطل يؤسس علي بطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع قبرص الموقعة سنة 2003 ” .
وخلصت الدعوى أن الاتفاقية محل الدعوي الماثلة تمثل تنازلا خطيرا عن جزء من حقوق مصر السيادية في اقليمنا البحري بالمياه الاقتصادية الخالصة، و عن ثروات طائلة و كميات ضخمة من الطاقة في وقت تشكو منه البلاد من ازمة طاحنة في الطاقة ، مؤكدة أن توقيع الاتفاقية ليس من صلاحية السلطة التنفيذية التصرف فيها دون ارادة الشعب و فقا لنصوص الدستور و اتفاقية قانون البحار و احكام القانون الدولي فيما يتعلق بالمعاهدات الدولية، علي نحو ما نفصله عند النظر في الدعوي.

مباحثات نفطية بين السودان وجنوب السودان بالخرطوم

بدأت بوزارة النفط والغاز بالخرطوم، المباحثات الفنية بين السودان وجنوب السودان حول اتفاقية البترول والتعاون الفني لإعادة حقول الوحدة وزيادة الإنتاج النفطي من حقول أعالي النيل. وتأتي المباحثات على هامش زيارة نائب الرئيس سلفاكير ميارديت.
وترأس الوفد السوداني وزير النفط د. محمد عوض زايد، بينما ترأس نظيره وزير الطاقة والكهرباء السفير أزيكئل لول قدركويس وفد دولة جنوب السودان.
وقال وزير النفط والغاز السوداني محمد عوض زايد، إن بلاده مستعدة لأقصى درجات التعاون ومساعدة دولة جنوب السودان في زيادة إنتاجها عبر العون اللوجستي، وإعادة النظر في اتفاقية رسوم العبور.
وأضاف أن السودان مستعد لتمديد الاتفاقية التي تم التوقيع عليها في أديس أبابا أمام المجتمع الدولي، وينتهي أجلها بنهاية العام الجاري.
وأعرب زايد عن أمله بالوصول إلى اتفاق مرضٍ للطرفين، وقال إننا جاهزون لمد حقول الوحدة وسارجاث بالمعينات كافة التي تساعد على إعادة الإنتاج ونقل النفط عبر خطوط الأنابيب السودانية إلى موانئ التصدير ببورتسودان .
من جانبه، عبر وزير الطاقة والكهرباء بدولة جنوب السودان السفير ازيكئل لول قدركويس، عن ارتياحه للتعاون النفطي، وثمن دور السودان في مد العون.
وقال إننا هنا لفتح صفحة جديدة للتعاون وإحداث نقلة في الإنتاج النفطي لصالح الشعبين.
وأشار إلى أن دخول حقول فلوج وسارجاث تمكن من زيادة الإنتاج النفطي وحتى الشركاء يعملون معنا على زيادة الإنتاج في حقول أعالي النيل.
وطالب قدركويس بمزيد من المساعدات اللوجستية لزيادة الإنتاج، وقال إننا شعب واحد في دولتين.
وانخرط الفنيون من الجانبين في اجتماعات مشتركة لمناقشة الأجندة للتوصل إلى اتفاق فيما يلي رسوم العبور وزيادة الإنتاج، ويتوقع أن يتم التوقيع على البيان الختامي يوم الثلاثاء المقبل.

الأحد، 21 أغسطس 2016

بدء المباحثات المشتركة بين السودان ودولة الجنوب

بدأت بالقصر الرئاسي السوداني، الأحد، جلسة المباحثات المشتركة بين السودان ودولة الجنوب، حيث رأس النائب الأول لرئيس الجمهورية، الفريق أول ركن بكري حسن صالح، الجانب السوداني، فيما رأس تعبان دينق، النائب الأول لرئيس دولة الجنوب، الجانب الجنوبي .
وركزت المباحثات طبقاً لوكالة الأنباء السودانية، على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين ودعم آفاق التعاون في مختلف المجالات، خاصة وأن البلدين تربطهما علاقات تاريخية وروابط اجتماعية بين شعبي البلدين .
وتطرقت المباحثات للأوضاع بدولة الجنوب، خاصة بعد الأحداث التي شهدتها جوبا خلال الفترة الماضية .
وأكد الجانبان ضرورة التنسيق والعمل المشترك، لدعم مسيرة الأمن والاستقرار في كلا البلدين .
وبدأ تعبان دينق زيارته التي ستمتد لثلاثة أيام برفقة وفد رفيع من حكومة الجنوب يضم وزيري الدفاع والنفط، ومدير الاستخبارات العسكرية، وينتظر أن يلتقي الرئيس السوداني، ليطلعه على التطورات في جنوب السودان.
وصرّح وزير الشؤون الرئاسية في دولة الجنوب، مايياك أييي، بأن تعبان يحمل رسالة من الرئيس سلفاكير لنظيره السوداني، عمر البشير، تتضمن التزام الحكومة والرئيس الجنوب سوداني شخصياً، بإقامة علاقة قوية جداً ومثمرة في المجالات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية، والعلاقات السياسية بين البلدين في السعي وراء المصلحة المتبادلة.

قيادات عسكرية وأمنية تبحث قضايا دولتي السودان المشتركة

ناقش اجتماع التأم بالخرطوم ضم مسؤولين عسكريين وأمنيين من السودان وجنوب السودان، موقف تنفيذ مخرجات اجتماع اللجنة السياسية الأمنية المشتركة بين البلدين، الذي عُقد في الخامس من يونيو الماضي بالخرطوم، كما بحث سبل تطوير العلاقات بين البلدين.
وقد تمَّ الاجتماع الذي عُقد بوزارة الدفاع السودانية، على هامش زيارة النائب الأول لدولة جنوب السودان، تعبان دنيق قاي والوفد المرافق له إلى العاصمة السودانية، والتي بدأت الأحد.
وترأس الاجتماع كلٌّ من وزير الدفاع السوداني الفريق أول ركن عوض محمد أحمد بن عوف، ووزير دفاع دولة جنوب السودان الفريق مهندس كوال ميانق جوك.
وقد ضم من الجانب السوداني، وزير الداخلية الفريق أول ركن عصمت عبد الرحمن زين العابدين، ورئيس الأركان المشتركة الفريق أول ركن عماد الدين مصطفى عدوي، ووزير الدولة بوزارة الدفاع الفريق الركن علي محمد سالم.
كما ضم نائب مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق أمن أسامة مختار وعدداً من الخبراء والفنيين من الجانب السوداني.
وضم من جانب دولة جنوب السودان كلاً من مستشار رئيس دولة جنوب السودان للشؤون الأمنية توت قلواك، ومدير جهاز المخابرات الفريق توماس دواس، فضلاً عن سفير دولة جنوب السودان بالخرطوم والملحق العسكري.

مشار ورقصة الموت

في العام 1991م، عن د.رياك مشار عقب انسلاخه الشهير عن الحركة الشعبية في أول تمرد له عليها : « إن التاريخ سيظل يذكر رياك مشار بالشخص الذي طعن الحركة الشعبية في ظهرها حينما كنا على وشك الانتصار ..» ..! >  لم يكن جون قرنق ليتخيل لو عاش أو بعثه الله ليرى، أن رياك مشار سيذكره التاريخ أيضاً بأنه أكثر قائد من جنوب السودان، راوغ الموت وفر منه وصار عصيا ًعليه، فلا يكاد يفلت من مخالب منيته، إلا ليكون فريسة مطاردة لمرة أخرى، تقترب منه المنايا فيهرب تسن نصالها لتحز عنقه فينجو، ولا يكاد ذباب سيف الموت يلامس جسده حتى تجده في لمح البصر بعيداً هناك في لحظة الانقضاض ..!كأن هذا الرجل خُلق ليباري أشباح الموت التي تحوم حوله فلا تتصيده. فمن غاب يهرب إلى دغل، من دغل يقفز إلى آكام وآجام ..كأنه في جفن الردى وهو نائم..! >  بالأمس القريب استطاع رياك مشار أن ينجو من مطارديه وهم قوات غريمه الرئيس سلفا كير الذي كان يريده حيا ًأو ميتاً، فسلفا كير لن يرتاح وتهمد ثائرته إلا إذا رأى بأم عينيه رياك مشار أمامه جثة هامدة يتحسسها ثم يطمئن. > يهرب مشار من جوبا كما هرب ليلة الانقلاب المزعوم في سبتمبر 2013م، في هذه المرة الثانية من قصة هروبه في يوليو الماضي، كانت غربان الموت ترفرف بأجنحتها فوق رأسه داخل القصر الرئاسي بجوبا، والرصاص ينهمر حوله كمطر استوائي مخبول، وبجانبه خصمه الذي يتمنى موته وهو لا يستطيع فعل ذلك في تلك اللحظة. ومن الغرائب كان سلفا كير في تلك الساعة أحرص على رياك، فأنقذه بسيارات مصفحة من القصر الرئاسي، ثم تحسَّر على فوات الفرصة فلاحقه بعد هنيهات وقصف مواقعه بالطائرات العمودية وحاصر قوات نائبه الأول في مقرها بجوبا، لكن (ثعلب الغابات) فرَّ من العاصمة المكلومة كما فعل في المرة السابقة ولم يغطه الموت ببردته الواسعة .. > هذه المرة .. كان في الاتجاه المعاكس، موَّه كثيراً وعبر بحر الجبل إلى غرب الاستوائية، قاتل مع رهط من رجاله، تعرَّض لكمائن داخل الغابات الكثيفة وسار مئات الأميال علي قدميه وسط أحراش موحشة وقاسية، عانده كل شيء.. المطر العنيف المتساقط عليه وقذائف الطائرات التي كانت تلاحقه وتدمر كل شيء كان معه السيارات والعتاد ورصاص نباح القوات التي تطارده مذ خروجه تقضم أطراف مرافقيه، حتى صار بلا ركائب أو عربات، ابتلعته الغابات بغرب الاستوائية وهي كما يقال(الداخل فيها مفقود والخارج منها مولود) ..! > ولد من رحم الغاب مرة أخرى، ليجد نفسه بعد أيام مريرة طويلة من التيه والجوع والمرض والإصابة في كاحل القدم، مولود داخل غابة أخرى في الكونغو الديمقراطية في جزء يعج بالمجموعات المسلحة والعصابات والمطارَدين مثله .. حتى التقطته أيادٍ إقلمية ودولية وهو بين براثن الموت ..سهام أعدائه التي تترصده، والجوع الذي نهش معدته وأمعاءه وأحشاءه، والموت الذي داهم كل خلايا جسده، فطعامه كان من ثمرات الأشجار الغابية أو الحيوانات الهائمة حيث أبقى القليل من الرصاصات في بنادق جنوده بعد نقص ذخيرته بغرض أصطياد ما يأكلونه، تعددت أسباب الموت أمام ناظريه ورأى حراب المنية حوله تتلمَّظ ..! > قصة هذا الرجل ..محيرة حقاً ..!ليس لأن النبواءت الوثنية لقومه وقديسهم المزعوم تتعضد كل مرة كأنه مدخر ليوم تحققها، لكن ربما سار في ذات الطريق الذي مشى فيه قبله زعماء المعارضات المسلحة في العالم، بول بوت زعيم الخمير الحمر في كمبوديا الذي ذاق طعم السلطة ثم تركها، طورد عبر الفلوات والغابات طويلاً ثم اعتقل ووجد مقتولاً 1998م في كوخ وسط دغل كثيف وحوله جماجم مجهولة ..! > وجونثان سافيمبي زعيم حركة يونيتا في أنجولا، قاتل طويلاً وهرب كثيراً ، لكن مصرعه كان في حضن أدغال أنجولا الشرقية عام 2002م وتركت جثته تنتفخ تحت كوخ قصبي نبتت حوله حشائش سامة وتسلق جثته النمل الأسود، وتشي جيفارا الذي يعتبره اليساريون أيقونة النضال الأممي كان مصيره هو ذات المصير في غابات بوليفيا بالقارة الإيبيرية حيث ولد وترعرع  وانطلق مناضلاً .. >  كل المُطاردين من أجل السلطة أو المُطالبين للسلطة والهاربين من لظاها، أكلتهم نيرانها وشواظها، فما بال رياك مشار يهرب من الموت وإليه ..؟  إذا جاء من يمين لجأ إلى شماله ومن أمامه تراجع إلى الخلف ومن فوقه غاص في الأرض ومن الأرض طار في الفضاء.

نائب سبفاكير يبدأ زيارته للخرطوم

بدأ نائب رئيس جنوب السودان الجديد تعبان دينق قاي يوم الأحد، أول زيارة للعاصمة السودانية الخرطوم بعد تعيينه أخيراً خلفاً لرئيس الحركة الشعبية المعارضة رياك مشار بعد الاشتباكات الدامية الأخيرة التي وقعت في العاصمة جوبا.

وسيمتد برنامج زيارة دينق للخرطوم لمدة يومين يلتقي خلالها عدداً من المسؤولين السودانيين على رأسهم الرئيس عمر البشير ونائبه الأول الفريق أول ركن بكري حسن صالح.
وأعلنت الحكومة السودانية ترحيبها بالزيارة، قائلة إنها تأتي للتباحث حول عدد من القضايا والملفات بين البلدين.
وقال وزير الدولة بالخارجية د. كمال الدين إسماعيل في تصريحات صحفية بمطار الخرطوم الدولي عقب وصول دينق، إن برنامج الزيارة يشمل مناقشة عدد من القضايا الثنائية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك خاصة الملفين الأمني والاقتصادي، بجانب التطرق لأزمة جنوب السودان.
وجدد إسماعيل موقف السودان الثابت حيال مقررات الإيقاد الخاصة بحل قضية جنوب السودان بالتفاوض والحوار.

مصر تحتجز 70 سودانياً حاولوا التسلُّل لإسرائيل

أعلنت وزارة الخارجية السودانية، يوم السبت، أن السلطات المصرية أوقفت مجموعة من السودانيين أثناء محاولتهم التسلل إلى إسرائيل. وأكد المتحدث باسم الوزارة السفير قريب الله خضر أن عدد السودانيين المحتجزين يبلغ 70 محتجزاً في سجن القناطر الخيرية.
وفي تصريح صحفي له قال خضر ، إن سفارة الخرطوم في القاهرة على اتصال بالسلطات الأمنية المصرية، للوقوف على أحوال المواطنين المحتجزين، والاطمئنان على أوضاعهم، وهي تتابع أوضاعهم حالياً.
وتكررت محاولات التسلل إلى إسرائيل عبر سيناء المصرية، وغالباً ما يدفع المتسللون مبالغ مالية كبيرة لعصابات تهريب البشر بسيناء، لمساعدتهم على التسلل لإسرائيل بهدف البحث عن عمل.

حركات دارفور ... القتال في الجنوب إرتزاقا

معلومات خطيرة تلك التي كشفت عها قيادات معارضة بحكومة الجنوب عن تسلم المقاتلين بحركة العدل والمساواة أموالاً طائلة من الحكومة مقابل مشاركتها في الحرب بجوبا وراجا وبحر الغزال، مشيرة إلى أن الحركات المسلحة دفعت بالأطفال اليافعين الذين قامت
بإستجلابهم من منطقة جبال النوبة في القتال. وقال اللواء اقوك ماكور القيادي بالمعارضة فإن الحكومة قامت بإجراء اتصالات مكثفة بالحركات المتمردة لأجل حثها على المشاركة في حربهم ضد المعارضة، مبيناً أن المتمردين قاموا بتحويل المبالغ المالية الى حسابات سرية في بنوك بكل من سويسرا وكينيا والنمسا ودول أوربا.
وتحاول حركات دارفور خاصة حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، تأكيد ولائها لجوبا وكمبالا، وإن تخلت عن حلفاء الأمس وواتتها الفرصة في نهاية يناير وبداية فبراير الماضي، عندما هاجمت مدينة بانتيو ومناطق في ولاية الوحدة سقطت في أيدي مجموعة مشار، وشاركت في استرداد مدينة بور.
وليس هناك أدل على همجية تلك القوات المتمردة والمرتزقة غير التقرير الرسمي الذي أعدته إدارة حقوق الإنسان ببعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان وأتهمت فيه حركة العدل والمساواة بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، وكشف التقرير أن العدل والمساواة وبدلائل قوية مارست أعمال القتل والاغتصاب وهاجمت المراكز الصحية، بما فى ذلك مراكز تتبع للأمم المتحدة. وبحسب تفرير الأمم المتحدة فإن مرتزقة العدل والمساواة مارسوا بشكل ممنهج العنف الجنسي والاختطاف كما أجبرت قواتهم في بعض المناطق النساء على السير عاريات خارج منازلهن كما شملت أعمال العنف جنسيات من دول أخرى غير الجنوب. وأكد التقرير أن نحو 20 سيدة جنوبية اغتصبن بواسطة العدل والمساواة في منطقة ماينديت إلى جانب ارتكاب ذات القوات جرائم اغتصاب فردي وجماعي في مقاطعة اللير بالإضافة لأعمال نهب وسرقة لمتعلقات المواطنين أثناء فرار الأهالى من منطقة بانتيو فى الخامس عشر من أبريل الماضي، وطالب التقرير الذي صدر تحت عنوان (الصراع في جنوب السودان) حكومة جوبا بإجراء تحقيقات حول الانتهاكات ومحاسبة مرتكبيها
ومازالت وتيرة القتال في تزايد وتوسعت المنطقة الجغرافية للمواجهات العسكرية بالإضافة إلى تصعيدات أخرى خطيرة على الأرض تزيد من المخاوف والقلق على مستقبل السلام في جنوب السودان وتؤثر على الانسجام الاجتماعي والتعايش السلمي في الدولة الوليدة، وعلى رأسها القتال الذي لا يزال مستمرا بين الطرفين.
وإدراكا لأهمية "النواحي القبلية " في تشكيل وتوجيه التطورات الراهنة في أحدث دولة على هذا الكوكب، فإن المخاوف من تصاعد التوترات العرقية لا تزال منطقية.
و أبرز تلك التهديدات والمخاوف الجديدة ما تضمنته التقارير الإعلامية والاستخباراتية التي تشير إلى تورط المرتزقة الأفارقة والحركات السلبية لدول اخرى، في العمليات العدائية الجارية ، و تشمل مجموعة M23 المدعومة من أوغندا و المتمردين السودانيين و الجماعات المتمردة وهي حركة العدل و المساواة و متمردو دارفور .
ومع الأخذ في الاعتبار الأبعاد الإثنية لهذه الموجة الحالية من الحرب الأهلية في جنوب السودان هناك حقيقة أن الجزء الأكبر من القوات الحكومية التي تقاتل بجانب الرئيس سلفاكير هم من الدينكا ، أكبر قبيلة ، في حين أن الجزء الأكبر من المعارضين العسكريين له هم من النوير، ثاني أكبر قبيلة في جنوب السودان ، وهذا الواقع يضاف إلى خطورة وتعقيد الوضع في جنوب السودان . وبالتالي ، فإن إشراك هؤلاء المرتزقة و الحركات السلبية في العنف العرقي بمثابة إضافة الملح إلى الجرح و يؤدي إلى مضاعفات أكثر لا داعي لها ومن شأنها تهديد فرص إيقاد لتحقيق السلام ، بما في ذلك السلم الاجتماعي والوئام المجتمعي ، هناك.
ان التاريخ الحديث للحركات الدارفورية يعيد نفسه . فالغالبية منهم لعبوا أدوارا مماثلة في ليبيا وتشاد ، حيث في كلتا الحالتين مارسوا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
اكثر من ثلاثة اعوام مرت بالفعل منذ اندلاع هذه الحرب الأهلية في جنوب السودان، خطورة الوضع الإنساني واضحة، و تظل احتمالات السلام ضعيفة بالنظر إلى الاتجاهات الحالية في القتال. ونشرت وسائل الإعلام الإقليمية والدولية تقاريرا تكشف عن تطورات مخيفة و فظيعة في جنوب السودان . ومن هذا المنعطف ، فقد حان الوقت للمجتمع الدولي ان يذكر الرئيس كير بخطورة انتهاك القوانين الدولية التي تجرم استخدام المرتزقة .

النائب الجديد لرئيس جنوب السودان يزور الخرطوم

أعلنت الحكومة السودانية أن النائب الأول الجديد لرئيس دولة جنوب السودان تعبان دينق قاي، سيبدأ يوم الأحد زيارة رسمية إلى الخرطوم تستغرق ثلاثة أيام على رأس وفد وزاري عالي المستوى، وسيبحث خلال الزيارة عدة موضوعات.
وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير قريب الله خضر لوكالة السودان الرسمية للأنباء، يوم السبت، إن دينق يرافقه وفد يضم وزراء الدفاع والنفط إلى جانب مدير الاستخبارات العسكرية.
وأكد أن المسؤول الجنوبي سيلتقي الرئيس عمر البشير ونائبه الأول الفريق أول ركن بكري حسن صالح ليطلعهم على التطورات الجارية في جنوب السودان.وقال السفير خضر إن الزيارة مهمة، علماً بأن تعبان دينق كان قد شارك في قمة الإيقاد الأخيرة، وزار بعض الدول الأعضاء في المنظمة التي ترعى عملية السلام في الجنوب.
وشدَّد المتحدث باسم الخارجية على أن السودان ماض في جهوده في إطار رؤية وقرارات إيقاد، من أجل تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف في الجنوب، بهدف الوصول إلى الاستقرار والسلام هناك.وتأتي الزيارة، وهى الأولى التي يقوم بها دينق بعد أسبوعين من تولي منصبه خلفاً لرياك مشار، بعد الاشتباكات الأخيرة في العاصمة جوبا التي خلفت مئات القتلى في يوليو الماضي.
وقال سفير جنوب السودان في الخرطوم ميان دوت، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن تعبان سيناقش عدداً من القضايا التي لا تزال عالقة منذ انفصال جنوب السودان عام 2011، من بينها وضع منطقة أبيي والمبالغ التي يتعين على جوبا دفعها لاستخدام خط أنابيب تصدير النفط الذي يمر عبر السودان.
وتوقف إنتاج جنوب السودان من النفط منذ اندلاع الحرب الأهلية في ديسمبر من العام 2013، عندما اتهم الرئيس سلفاكير ميارديت نائبه السابق مشار بالتآمر للإطاحة به.

تدريب عسكري سوداني إثيوبي لتأمين الشريط الحدودي

أجرت قيادتا الفرقتين الثانية مشاة السودانية والـ 24 الإثيوبية تدريباً عسكرياً مشتركاً في ولاية القضارف، يهدف لتأمين الشريط الحدودي، ومواجهة عصابات تهريب البشر والسلاح والمخدرات. وأكد الجيشان حرصهما على تعزيز روح التعاون المشترك.

وقال قائد الفرقة السودانية الثانية مشاة بالقضارف اللواء الركن الصادق خالد، لدى مخاطبته احتفال ختام المشروع التدريبي المشترك، إنهم يعملون على تنفيذ رغبة قيادة البلدين في تعزيز التعاون العسكري، وتبادل الخبرات، وتطوير القوات من أجل بسط هيبة الدولتين على امتداد الشريط الحدودي، وتعزيز أمن وسلامة المواطنين.
وأشار إلى أن التدريب المشترك أخذ في التطور في ظل الروح المعنوية العالية للمتدربين من الجانبين، رغماً عن الظروف المناخية المعقدة التي تمت فيها عملية التدريب.
من جانبه، أشاد قنصل دولة إثيوبيا بولاية القضارف سقاد المايو بمستوى التعاون والتنسيق بين البلدين في المجالات كافة.
وأكد خلال مخاطبته سعي إثيوبيا لتطوير التعاون العسكري مع الجانب السوداني في ظل المتغيرات الكبيرة التي تشهدها منطقة شرق أفريقيا.
وعدَّ القنصل تخريج هذه الدفعة المشتركة بداية فعلية لهذا التعاون المنظور بين البلدين.

البشير يلتقي مبعوث الأمم المتحدة لدولتي السودان

التقى الرئيس السوداني، يوم السبت، بالخرطوم، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للسودان وجنوب السودان نيكولاس هيسوم. وتناول اللقاء القضايا التي تهم المنطقة خاصة دولة جنوب السودان، والدور التي تؤديه منظمة الإيقاد وتطورات الحوار الوطني.

والتقى البشير ببيت الضيافة بالخرطوم، يوم السبت، نيكولاس هيسوم الذي أوضح في تصريحات صحفية عقب اللقاء أن اللقاء تناول القضايا التي تهم المنطقة، خاصة دولة جنوب السودان والقضايا العالقة.
وأضاف نيكولاس أن اللقاء تناول الحوار الوطني والتقدم الكبير التي حدث فيه، كما تناول اللقاء الدور التي تضطلع بها منظمة الإيقاد، وليس فقط فى المنطقة وإنما على مستوى القارة الأفريقية.
وأشار نيكولاس إلى أنه جاء خلفاً للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة السابق هايلي منكاريوس.

حكومة جنوب السودان تعرض على مشار العودة إلى جوبا بشروط

اشترطت حكومة جنوب السودان تخلي زعيم المعارضة المسلحة، رياك مشار، عن العنف فضلاً عن النأي عن ممارسة أي نشاط سياسي إلى حين إجراء الانتخابات المقبلة في مقابل عودته إلى العاصمة جوبا، بينما يصل إلى الخرطوم اليوم نائب
رئيس دولة الجنوب الجديد تعبان دينق لمناقشة تسوية القضايا العالقة بين البلدين.
وقال وزير الإعلام في جنوب السودان مايكل مكوي، في تصريحات للصحافيين عقب اجتماع لمجلس الوزراء في جوبا: «ليست لدينا مشكلة مع مشار، وإذا أراد العودة إلى جنوب السودان فعليه النأي عن العنف والتخلي عن ممارسة العمل السياسي لحين انعقاد الانتخابات المقبلة (في العام 2018)، لأنه إذا أراد أن يكون رئيساً للبلاد فعليه انتظار هذه الانتخابات». وأضاف: «الحكومة لن تسمح لمشار بالعودة في حال رفضه شروطها»، مؤكداً أن حكومته لا تعلم بمكان تواجد نائب الرئيس السابق حالياً.
وبعث مشار رسالةً أكد خلالها وصوله سالماً إلى جمهورية الكونغو، وانتقاله إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا حيث عبّر عن امتنانه لرئيس الكونغو ولبعثة الأمم المتحدة هناك، لـ «تقديم العون له ولمرافقيه»، بعد اختفائه لأسابيع عقب أحداث جوبا.
وكشف مشار نيته القيام بجولة على الدول المنضوية تحت لواء «الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا» (إيغاد)، لشرح مواقفه من الأحداث الأخيرة في جوبا.
وتحدث مشار، في الرسالة التي عممها الناطق الرسمي باسمه، جميس داك، عن الصعوبات التي اعترضت قواته عقب أحداث جوبا، كاشفاً سيرهم على الأقدام على مدى 40 يوماً، قبل أن يهنئ قواته على «إفشال عملية اغتياله بالقصر الرئاسي في 8 تموز - يوليو» الماضي.
ووفق مصادر حكومية، فإن ظهور مشار من جديد أحدث ارتباكاً لدى الحكومة في جوبا، التي سبق أن تلقت تقارير تفيد بمقتله، لاسيما أنه أُصيب في إحدى الهجمات.
الى ذلك، كشفت وثيقة داخلية خاصة بالأمم المتحدة، أن حكومة جنوب السودان جنّدت أطفالاً خلال الأسبوع الماضي، استعداداً للنزاع المتجدّد. وأفادت بأنّ سياسياً رفيع المستوى عيّنه الرئيس سلفاكير ميارديت قاد عملية التجنيد في إحدى القرى، من خلال ترهيبهم، علماً أن عمر بعضهم لا يتجاوز 12 سنة. وغالباً ما تجبر الجماعات المسلّحة في جنوب السودان الأطفال على الانضمام إلى صفوفها، من خلال تهديدهم بمصادرة مواشي عائلاتهم، المصدر الرئيسي للثروة في هذا المجتمع الرعوي. وأشارت وثيقة الأمم المتحدة إلى أن تجنيد الأطفال حصل بعد وقت قصير من موافقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على إرسال 4 آلاف جندي إضافي من قوات حفظ السلام إلى البلد.
وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أن 650 طفلاً على الأقل انضموا إلى الجماعات المسلحة في جنوب السودان هذا العام، عدا عن تجنيد حوالى 16 ألف طفل منذ بدء الحرب الأهلية في كانون الأوّل (ديسمبر) 2013.
وأوضح الناطق باسم الجيش بلول رواي كوانغ، أن الشباب لم يجبَروا على الانضمام إلى الجيش، لافتاً إلى أنه لا يملك معلومات عن تجنيد أطفال. في تطور آخر، يصل إلى الخرطوم اليوم النائب الأول لرئيس جنوب السودان تعبان دينق قاي الذين عينه سلفاكير خلفاً لمشار، في زيارة رسمية تستغرق 3 أيام.
وقال توت قلواك مستشار رئيس جنوب السودان لشؤون الأمن القومي، عضو الوفد الوزاري المرافق لتعبان أن الزيارة ستناقش القضايا العالقة كافة.
وأوضح أن الهدف الرئيس من الزيارة إعادة العافية والحيوية إلى العلاقة بين البلدين. وأضاف: «حين نذهب إلى الخرطوم نشعر أننا عائدون إلى الديار»، مشدداً على ضرورة تجاوز الخلافات بين البلدين وخلق علاقة نموذجية تستفيد من إمكانات البلدين ومواردهما بما يكملان بعضهما البعض لمصلحة شعبيهما.
في شأن آخر، أعلنت «حركة العدل والمساواة» المتمردة في دارفور، أن أسيراً تابعاً لها توفي في سجن الهدى في الخرطوم، متأثراً بداء السل. ولم يصدر عن السلطات السودانية ما يؤكد أو ينفي ذلك.
وتشير إحصائية غير رسمية إلى أن عدد المحكومين في السجون السودانية من منتسبي الحركات المسلحة يصل إلى 93 محكوماً، فضلاً عن عدد من أسرى المعارك. وأكد بيان لمكتب الأسرى والمعتقلين في الحركة أن الأسير مصطفى آدم إسماعيل، توفي الخميس الماضي، في زنزانته في سجن الهدى شمالي أم درمان في القسم التابع لجهاز الأمن والاستخبارات نتيجة تأثره بمرض السل. واتهم البيان الجهات الأمنية برفض تقديم العلاج والدواء وترك الأسير على حاله حتى توفي مساء الخميس. وأشارت «حركة العدل والمساواة» إلى أن المتوفي وآخرين تم أسرهم في معارك قوز دنقو والنخارة بين الحركة والقوات الحكومية في نيسان (أبريل) وأيار (مايو) 2015. وتابع البيان: «منذ ذلك التاريخ لم تسمح السلطات الحكومية للأسرى بالاتصال بذويهم أو تقديم أي خدمات علاجية لهم أو تقديمهم للمحاكمات».