الاثنين، 29 أغسطس 2016

تعبان و.. أقوى رجال الرئيس

كثيرون لم يصدقوا تزامن وجود تعبان دينق نائب رئيس دولة جنوب السودان في الخرطوم مع وجود غريمه وحليفه السابق الدكتور رياك مشار.. كثيرون لن يصدقوا كذلك أن مشار كان قد وصل الخرطوم قبل وصول تعبان..
وبالتالي لن يصدقوا أن تعبان حين شد الرحال إلى الخرطوم.. كان يعلم أن مشار قد سبقه اليها.. ولكن هذه الحقيقة لم تغير وجهة تعبان ولا وجهة نظره نحو الخرطوم.. لسبب بسيط.. وهو أن تعبان كان يعلم أن أولئك الرجال الذين أتوا برياك مشار إلى الخرطوم.. هم وحدهم القادرون كذلك على أن يفتحوا له الطريق إلى الخرطوم.. وها هم يفعلون.. وهم أيضا وحدهم القادرون على أن يفتحوا له المغاليق المستعصية على الحل.. ولأن تعبان كان يعلم أن فتح الحدود.. وفتح المعابر.. وفتح صنبور النفط.. وفتح الطريق نحو الدعم الرئاسي.. وفتح الطريق نحو الخليج.. تبدأ كلها بفتح قلب الخرطوم.. جاء تعبان رغم علمه بوجود غريمه فيها.. سيما وقد قيل له إن مشار في الخرطوم مستشفيا.. وإن مصيره ليس بيد الخرطوم.. بل بيد الإقليم كله.. وهو ذات الإقليم الذي بايع تعبان قبل أيام طرفا ثانيا لتنفيذ اتفاقية السلام.. لذا جاء تعبان إلى الخرطوم مطمئنا.. لم يكن هذا وحده سبب الاطمئنان.. بل تلك الثقة التي تراكمت مع الخرطوم.. رفقة أربعة أشهر متواصلة كافية بترتيب أشياء كثيرة.. وبتأسيس أشياء اكثر..!
علاقة وثيقة مع مدير مكتب الرئيس.. سكرتيره الخاص.. مستشاره الخاص.. مبعوثه الخاص.. الفريق وزير الدولة..  الفاعل الأكثر تأثيرا في المشهد السياسي الآن.. كانت كفيلة.. بفتح الطريق أمام تعبان دينق إلى الخرطوم.. وببث الإطمئنان في قلبه.. حد إقناعه أن وجود رياك مشار في الخرطوم.. ليس حجر عثرة في طريقه.. طالما تعهد بإعادة ترتيب (المسائل) بما يرضي الخرطوم.. والعلاقات الرسمية حين تتطور إلى علاقة شخصية مباشرة.. تصبح منتجة جدا.. ومفيدة لكل الأطراف.. وفي العالم الثالث.. حيث الأفراد يديرون المؤسسات.. وليس العكس.. فمتانة العلاقات الشخصية وسلاستها تنعكس ايجابا على أداء المؤسسات وتفاعلها وسرعة استجابتها للمطلوبات.. وشيء من هذا يحدث الآن..!
إذن.. لم يكن غريبا أن الفريق طه عثمان مدير مكتب السيد رئيس الجمهورية كان هو آخر مسؤول حكومي زار السيد تعبان دينق بمقر إقامته منتصف ليل عشية مغادرته الخرطوم.. وإن كنا نتحدث عن الأقوياء فآخر من سبق الفريق طه بزيارة تعبان في وقت متأخر من ذات الأمسية كان هو الفريق أول محمد عطا المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني.. الذي بقي مطولا مع تعبان.. ويظل عطا رقما مهما بالنسبة لجوبا في كل المراحل.. والذي لا يعرفه الكثيرون كذلك.. أنه إذا كانت الخرطوم مسؤولة حتى الآن عن إدارة المجال الجوي لجنوب السودان.. فعطا كان هو المستشار الأول لسالفا كير في تأمين جوبا طوال الفترة الانتقالية.. إنها علاقة معقدة لا يسهل فهمها..!
صحيح أن الخرطوم جوبا.. علاقة أعقد من ابتسارها في عبارة عابرة.. أو زيارة خاطفة.. لكن الصحيح أيضا أن تعبان دينق يطرق الأبواب الصحيحة.. حتى الآن على الأقل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق