الاثنين، 29 أغسطس 2016

ملف حقوقي بالغ البشاعة في دولة جنوب السودان، وما من مجيب!

المضحك ومبكي فى شأن ازدواجية المعايير(Double Standard) الذي بات سمة بارزة فى الحاضر التاريخي الماثل لعالم اليوم أنه لم يعد يقف فقط فى الخط الفاصل ما بين الدولة الضعيفة القليلة الحيلة، والقوى الدولية الكبرى ذات السطوة والوزن
الدولي المؤثر.
هناك ازدواجية فى المعايير حتى ما بين الدول الصغيرة، أو الاقل شأناً من الدول الكبرى. فما يمكن مثلاً ان يوجه الى دولة مثل السودان في أي ملف حقوقي، أو دعوى جنائية فى لاهاي ربما لا يوجه الى دولة من ذات القارة الإفريقية، ربما يفوقها السودان فى المستوى الحقوقي الجيد والاستقرار.
هذه المفارقة المحزنة للأسف الشديد بدأت تظهر لها دلائل في عصرنا الحاضر على نحو لافت ومثير للاستغراب. ولنأخذ مثالاً من دولة جنوب السودان القريبة من حدودنا الواقعة ضمن قارتنا الافريقية والتى لا تنتطح عنزتان على أنها في راهنها الماثل الأسوأ فى كل شيء، فقد نشر مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة من مقره فى جنيف بتاريخ 4/8/2016م نشرة ضافية عن أوضاع دولة جنوب السودان اختار لها عنوان –هو في حد ذاته– مثير للرعب، حيث جاء العنوان (ارتكاب الجيش الشعبي انتهاكات واسعة النطاق اثناء وبعد الاشتباكات في يوليو)!
 النشرة اسندت لعناصر الجيش الشعبي جرائم قتل واغتصاب منهجي واضح -في حالات الاعدام الفورية والاغتصابات- لقبلية النوير! وتورد النشرة حوادثاً واقعية موثقة ومثبتة . وتمضي النشرة لتؤكد  أنه تم تصنيف ما لا يقل عن (73) حالة وفاة راح ضحيتها المدنيين حتى الآن ومن الممكن ان تزيد!
وليت نشرة المجلس توقفت عند هذا الحد ولكنها قالت الى (توثيق) تعرض حوالي 217 قاصر للعنف الجنسي. كما أن شباباً مسلحين يعتقد أنهم من الجيش الشعبي قاموا باغتصاب 100 إمرأة من قبيلة النوير فى المنطقة الواقعة على الطريق المؤدي من جوبا الى ياي! ومن بين الـ100 إمرأة (12) قاصر. النشرة ذرفت دموعاً سخينة على الاوضاع الحقوقية التى تفوق الوصف فى دولة جنوب السودان وأبدت (أسفاً بالغاً) على عدم استجابة الجهات المعنية لهذه الحقائق والتحرك لمحاسبة مرتكبيها!
 وبوسع أي مراقب ان يجزم ان الولايات المتحدة سواء عبر هذه النشرة أو بوسائلها الخاصة على علم تام بهذه الجرائم والانتهاكات، ولكنها تلتزم الصمت! ترى هل تهدف بعض القوى الدولية الى اخضاع قبائل النوير لقبيلة الدينكا عبر إذلالهم على هذا النحو؟ أم أن المقصود تأجيج نيران الحرب الاهلية لتصبح مواجهات قبلية مريعة على غرار التوتسي والهوتو فى رواندا في تسعينات القرن الماضي؟
وهل يعقل ان يتحرك المجتمع الدولي فى مقدمته الولايات المتحدة بشأن مواجهة بين حركات مسلحة فى دارفور والحكومة المركزية في الخرطوم وتقيم الدنيا ولا تقعدها، وفي ذات الوقت تغض الطرف عن مجازر ذات طبيعة اثنية واضحة تجري بصورة يومية موثقة في دولة جنوب السودان ولا تحرك ساكنا؟ أرأيتم كيف تبدو المعايير المزدوجة هي نفسها تعاني من معايير مزدوجة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق