الاثنين، 21 أغسطس 2017

السودان وإثيوبيا.. استراتجية النهوض واستشراف المستقبل!

طوال ثلاثة أيام قضاها رئيس الوزراء الاثيوبي هيلا ماريام ديسالين ضيفاً على العاصمة السودانية الخرطوم، عقد السودان وإثيوبيا عدداً من الاتفاقات ذات الطابع الاستراتيجي فى كافة المجالات بين البلدين، سواء في المجال الاقتصادي والصناعي والزراعي او المجال الأمني.
ومن المؤكد ان السودان وإثيوبيا وهما يؤطران لطبيعة علاقاتهم الاستراتيجية إهتمّا اهتماماً بالغاً بقضية سد النهضة، القضية المحورية الأكثر إلحاحاً فى هذه اللحظات. وتفيد متابعة (سودان سفاري) بالعاصمة السودانية الخرطوم ان الاتفاق الإطاري الذي وضعه الرئيسان، البشير وديسالين، وضع نصب الاهتمام مصالح الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان) وعمل على صيانة هذه المصالح.
كما ان المباحثات التى جرت بين الجانبين نجحت فى تعزيز التعاون الثنائي بشأن القضايا الاقتصادية وهذه واحدة من ابرز النتائج المهمة التى ينظر اليها من قبل المحللين بأنها قضية القرن الافريقي لان هذه المنطقة -القرن الافريقي- أولاً، ظلت تعاني من الكوارث والمجاعات و تدفقات اللاجئين لعقود خلت من الزمان.
ثانياً، ظلت منطقة القرن الافريقي منطقة جذب للقوى الدولية التى تستثمر فى معاناتها وتناقضاتها. ثالثاً، ظهور دول الإيقاد -والتى من بينها دول القرن الافريقي- جعل هذه المنطقة مهمة للغاية للحفاظ على الامن الاقتصادي والأمن الاجتماعي والأمن القومي للمنطقة والقارة الافريقية بأسرها.
 إن نجاح السودان كدولة فاعلة فى المنطقة فى انشاء حزام اقتصادي وأمني متين مع إثيوبيا الناهضة بقوة يجعل من المنطقة حقلاً أخضراً للمستقبل، فالاتفاقيات سواء فى مجال الطاقة (الكهرباء) المنتجة فى سد النهضة؛ او في المجال الزراعي (منطقة الفشقة الحدودية) ذات الخصوبة العالية؛ أو فى مجال التبادل التجاري، وكلنا يعلم حجم الحركة التجارية بين الدولتين برياً فى ظل عدم امتلاك إثيوبيا لموانئ بحرية؛ هذه كلها أضافت الى علاقات البلدين قيمة مضافة وحتمت عليهما البحث عن سبل تتيح الاستفادة من إمكانية كل دولة لصالح الدولة الأخرى.
هناك أيضاً التوافق الاستراتيجي على قضايا المنطقة وضرورة احلال السلام فى دولة جنوب السودان نظراً للآثار السالبة للنزاع الجاري هناك وتدفقات اللاجئين والفارين من الحرب. السودان من جانبه ايضاً حرص على تبادل المعرفة الاستثمارية والتجارب المشتركة فى هذا المجال مع إثيوبيا التى تمتلك تجربة استثمارية جيدة فى المنطقة.
ومن جهة أخرى فقد جرى التفاهم على تعزيز المحافظة على حدود البلدين المشتركة سواء نتاج الجرائم مستحدثة مثل تهريب السلع وتجارة البشر وغيرها من الجرائم التى تلحق اضراراً بأمن البلدين والمنطقة.
هناك أيضاً الاتفاق على وحدة السودان وسلامة اراضيه وضرورة احلال السلام فى المناطق التى تشهد حروب فى جنوب النيل الأزرق وكردفان. رئيس الوزراء الاثيوبي الذي زار عدة مصانع سودانية ووقف على تجارب سودانية فى مجالات شتى فى السودان اشاد بالتجربة السودانية والنهضة التى يتبناها هذا البلد.
إجمالاً يمكن القول ان السودان كدأبه فى تقوية وتمكين الروابط بينه وبين جيرانه نجح في انشاء اساس استراتيجي متين بينه وبين إثيوبيا، كما أنه استطاع بدبلوماسية ان ينزع الى حد كبير فتيل الخلاف الناشب بين إثيوبيا ومصر بشأن سد النهضة، بما يشي بمستقبل جيد للمنطقة وبما يجعل السودان رائداً فى كيفية خلق علاقات تكاملية ذات ابعاد استراتيجية مع جيرانه بدأها بتشاد ثم ارتريا وسعى لها مع دولة جنوب السودان وهاهو الآن يترجمها الى واقع مع إثيوبيا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق