الاثنين، 14 أغسطس 2017

مصر .. اضطهاد النوبة .. إرهاب الأقباط.. تفريغ سيناء

قلق كبير يشوب العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية ومصر, على خلفية ما تقوم به حكومة السيسي طوال الفترة الماضية, من قمع وكبت للحريات, واعتقال تعسفي، وتعامل غير كريم لسلطة الانقلاب مع السجناء السياسيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان.
منظمة(هيومن رايتس فيرست)، التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، لفتت الأنظار إلى ما يحدث في مصر بنشرها لتقرير حول أحوال النشطاء والبعثات الدبلوماسية في القاهرة، ودعت إلى تعليق المساعدات العسكرية التي تقدمها واشنطن لحكومة مصر، بعد أن مارست السلطة أقسى أنواع القهر تجاه قادة حركات المجتمع المدني، وقمع الاحتجاجات والتظاهرات السلمية.
استندت المنظمة في دعوتها إلى شروط الكونغرس الأمريكي الذي ربط  تقديم المساعدات العسكرية بتحسين أوضاع حقوق الإنسان, وإفراد مساحات مقدرة لحرية التعبير والتجمهر السلمي، إلى جانب ممارسة منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام أعمالها دون تدخل حكومي.
ما يحدث في مصر، لا يفي بهذه الشروط والالتزامات، بل يتجاوزها مع سبق الإصرار والترصد، بانتهاكات وصلت حتى التمييز الديني وحظر سفر المدافعين عن حقوق الإنسان، ورمي الناشطين السياسيين في غياهب السجون، لذلك لا تستحق أي دعومات عسكرية أو غيرها حتى لا تستخدمها ضد شعبها المغلوب على أمره.
ليس غريباً على السيسي وأعوانه، أن يتخذوا مثل هذه الإجراءات التعسفية، وليس جديداً على أمريكا هذه المعلومات، فهي تراقب وتعلم ما يجري هناك، وتمد حبال الصبر ببرود غريب أذهل كل المراقبين.
منذ أن اعتلى السيسي كرسي السلطة، بدا واضحاً أن سياسته قمعية دموية تجاه الشعب المصري، حيث مارس أعوانه البطش والإرهاب على كل صوت معارض يرتفع، وامتدت أذرعهم إلى مكونات المجتمع المصري، واجتهدوا لأجل تفتيتهم وزرع الفتن وسطهم حتى يضمنوا شتاتهم، وبالتالي بقاء رئيسهم لأطول فترة ممكنة على سدة الحكم.
في عهد السيسي، امتلأت السجون بالمعارضين والناشطين، وتمت مضايقة منظمات حقوق الإنسان حتى تبعد تقاريرها عما يدور في المدن والمحافظات المصرية من قمع واضطهاد، وكثرت التفجيرات الإرهابية في الكنائس مستهدفة الأقباط الذين بدأوا يتململون من سياسة السيسي تجاههم، بعد أن انقلب عليهم ولم يرد لهم الجميل.
يحاول النظام الانقلابي في مصر, تصوير العمليات التفجيرية، بأنها من فعل تنظيم الإخوان المسلمين، رغم أن الأقباط والإخوان ، لهما علاقات ممتدة في تاريخ مصر الحديث، لكن النظام الحالي يسعى لفتنة المجتمع عبر إرهاب الأقباط لإخضاعهم.
يراقب المجتمع الدولي وأمريكا، ما يحدث في سيناء من تشريد وتفريغ ممنهج لسكانها بعد تدمير الدولة للمستشفيات والمدارس في مدينتي (رفح) و(الشيخ زويد), وقامت بتحويل معظم المرافق  إلى ثكنات عسكرية.
رئيس اتحاد قبائل سيناء، إبراهيم المنيعي، في أحد الحوارات لصحيفة عربية، قال إن عشرات الوحدات الصحية والمدارس والمنشآت الحيوية ، أصبحت خارج الخدمة، بعد الاعتداء عليها من قبل قوات الجيش المصري.
الواقع الإنساني السيئ الذي يعيشه المواطن، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، أن الدولة عمدت إلى إنهاء مظاهر الحياة في سيناء، طيلة السنوات الأربع الماضية، على عكس ما تظهره إعلامياً، بأنها تعطي المنطقة، اهتماماً خاصاً.
من  يدمر مئات المنازل، ويغلق عشرات الطرق، ويعطل المدارس والمستشفيات، من المؤكد أن لديه مخططاً كبيراً يريد تحقيقه في المنطقة، وهذا خطر يحدق ليس بسيناء وحدها، بل بالمجتمع المصري بكل مكوناته.
النوبة في جنوب مصر، تعتمل نفوسهم بالكثير من المرارات والغليان، وما زالوا ينتظرون إيفاء الحكومة بوعودها لهم قبل سنوات، بعد احتجاجاتهم الشهيرة، التي طالبوا فيها بوضع آليات لتعويضهم، وعودتهم إلى قراهم الأصلية، وتعمير منطقة النوبة القديمة.
القيادات النوبية أعلنت قائمة مطالب شملت تعمير قرى النوبة حول بحيرة ناصر وفق المواقع المتفق عليها بينهم، على أن تكون هناك خطة شاملة للاستثمارات السياحية والتعدينية والصناعية والزراعية يتم تنفيذها ، بالتزامن مع بناء مساكن النوبيين على ضفاف البحيرة.
نظم نوبيون قبل ذلك ، اعتصاماً سلمياً أمام مبنى محافظة أسوان، لأجل الاستجابة لمطالبهم المتجددة في العودة والتوطين وتعيين قيادات نوبية في المواقع التنفيذية.  إلا أنهم تعرضوا للضرب بالهراوات وتم تفريق تجمعهم بالغاز المسيل للدموع.
لم تعر الحكومة المصرية ، مطالب أبناء النوبة أي اهتمام، بل تجاهلتهم ومارست تجاههم سخرية وعنصرية بغيضة واضطهاداً عرقياً وصل حد أن منعت عنهم العلم والخدمات، حتى لا يقوى عودهم ويقفوا في وجه الحكومة المتسلطة ويطالبوا بحقوقهم المشروعة.
هذا هو الموقف الحقيقي لحقوق الإنسان في مصر، بعيداً عن الأبواق الزائفة في وسائل الإعلام المختلفة، فهل تستحق القاهرة أي تعاطف أو دعم من المجتمع الدولي وأمريكا؟
غداً إن شاء الله ،أحدثكم عن صناعة الإرهاب في مصر وتصديره للعالم، وإيوائها للمتمردين على حكوماتهم في إفريقيا والدول العربية، لنعلم أي نظام اعتلى عرش هذه الدولة المؤثرة؟ وأي تآمر ينتهجونه ضد جيرانهم وأشقائهم؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق