الثلاثاء، 22 أغسطس 2017

جوبا تفشل في توحيد قطاع الشمال.. وقائع و توقعات!

إنفضّ اجتماع عاصف للمجموعتين اللتين تتشكل منهما الحركة الشعبية قطاع الشمال في العاصمة الجنوبية جوبا دون أن يسفر عن نتيجة ايجابية. الاجتماع الموسوم بالفشل –قبل انعقاده- كان قد دعا اليه الرئيس الجنوبي سلفا كير قبل ان يتطور من ملاسنات حادة ونقاش إلى اشتباك بالأيدي وركل بالأرجل! ولم يجد الرئيس الجنوبي مناصاً من الخروج من قاعة الاجتماع وقد شيع ضيوفه باللعنات وتأكد له ان مهمته من كل الجوانب كانت مستحيلة.
 ولكي نفهم حقيقة الأمر ونستجلي الوقائع فان الأمر بدا مضحكاً إلى حد بعيد، فالرئيس كير دعا قادة الحركة للاجتماع بهم لبحث تطورات ما بعد سقوط المعقل الحصين لخضمه اللدود رياك مشار، (فقاك) وحاجة القوات الجنوبية الحكومية لدعم من القطاع بغية السيطرة على مناطق إنتاج النفط في ولاية الوحدة.
كان الهم والهدف الأساسي للرئيس كير الاستفادة من قوات الحركة الشعبية قطاع الشمال لتأمين المنطقة و تكثيف الانتشار العسكري فى المحيط الممتد مع الحدود السودانية، ولكن قادة الحركة الشعبة كانوا ينتظرون ان ينجح الرئيس كير في (إصدار أوامره) لتوحيد الحركة ومحاسبة الذين تسبوا في الانشقاق، وبالطبع لم يكن تصور قادة القطاع مبالغاً فيه، فهم في أفضل توصيف واقعي مجرد جنود في الجيش الشعبي، إذ المعروف ان قادة الحركة الشعبية قطاع الشمال يحملون رتباً عسكرية ينتهي نهاية الهرم القيادي لها في جوبا ويتلقون رواتبهم و ترقياتهم و تشوينهم من الرئاسة العسكرية في جوبا، وهم بهذا التوصيف ليسوا سوى (جنود) ومن جانبه كان الرئيس كير أيضاً بحكم خلفيته العسكرية ينتظر من مرؤوسيه في في القطاع (تنفيذ أوامره)!
 ولكن خاب ظنه فقد بدت له الشق أوسع من ما كان يتصور! الأدهي وأمرّ ان الرئيس الجنوبي اصطحب معه في الاجتماع مدير جهاز الأمن (اكول أكور) في إشارة واضحة إلى إن الاجتماع ذي طبيعة أمنية وليست سياسية و ان مدير الأمن ربما يخول له –اذا دعا داعٍ– للقيام بواجبه حيال من يرفض انصياع للأوامر.
 وكانت المفاجأة الصاعقة ان المجتمعين دخلوا في عراك واشتباك عنيف لم يلقوا فيها بالاً لا إلى سرية الاجتماع وأهميته ولا سلطة الرئيس و هيبته القيادية لا لوجود مسئول الأمن الأول داخل قاعة الاجتماع. بإمكاننا أن نستخلص من هذه الوقائع عدة نتائج سالبة:
أولاً، وقوع ما يمكن وصفها بحالة تباعد بين قادة الحركة الشعبية الجنوبية في  جوبا وقادة الحركة الشعبية قطاع الشمال. هذا التباعد وبصرف النظر عن مسبباته هو في خاتمة المطاف فيه إشارة إلى أن الحركة الشعبية تمزقت إلى حد بعيد وهي ماضية في طريق التشرذم يوماً بعد يوم.
ثانياً، فشل قادة الحركة بكل هيبتها القيادية معناه ان الماكينة المحورية التى تحرك الأمور داخل الحركة أصبحت غير قادرة على الدوران وتحريك الساكن وهذا بدوره يعني أن المستقبل يحمل مفاجآت تاريخية.
ثالثاً، اصبح الوضع مرشحاً لمزيد من الأزمات، فلا الحركة الشعبية قطاع الشمال قادرة على القيام بدورها في السودان ولا الحركة الأم قادرة على القيام بدورها في دولة الجنوب، مع صعوبة التنسيق والعمل لمشترك، وهذا بدوره بدون شك أسوأ نتيجة دارت بعنف في ذهن الرئيس كير وهو يغادر قاعة الاجتماع ساخطاً ولاعناً لهؤلاء القادة الذين فشلوا في تحقيق أهدافهم في السودان والآن فشلوا في المساعدة في دعم الأوضاع فى الجنوب!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق