الأربعاء، 16 أغسطس 2017

خلافات سلفاكير وتعبان…مطامع القادة تبدد أحلام السلام

أعاد تصاعد الخلافات بين رئيس حكومة جنوب السودان سلفاكير ميارديت ونائبه تعبان دينق إلى الأذهان الأزمة السياسية والأمنية التى ضربت جوبا قبيل توقيع اتفاق السلام بين الجانبين ، وكثيراً ما يحاول سلفاكير وحكومته تصوير الخلاف بينه وتعبان على أنه خلاف سياسي بعيد عن القبلية الأمر الذي دفع حاكم ولاية (لاتجور الجنوبية)، ليج بانق، لوصف الخلاف الأخير بين سلفاكير وتعبان بأنه خلاف حول تقاسم السلطة بينهم والمعارضة وأرجع تأخير تشكيل حكومتة لذات السبب. وأشار إلى أن حكومته تقدمت بمقترح بالتنازل عن بعض المقاعد في المحافظات شريطة أن توافق المعارضة على التنازل عن بعض الوزارات غير أن تعبان لم يرد على مبادرة سلفاكير الأمر الذي أصاب الأخير بحالة من التوجس خشية أن يقدم تعبان دينق على أي من الخطوات التى يمكن أن تصبح مهدداً لاتفاقية السلام في الجنوب. 
حسم عسكرى ورغم سعي جوبا لوضع الصراع بين سلفاكير ونائبه في خانة سياسية إلا أن التطورات الميدانية ومتطلبات القوات الموالية للطرفين يغلّب عليها الطابع القبلي ، وليس ببعيد عن الأذهان الملاحظات التى دونتها (مجموعة الأزمات الدولية) في تقرير نشرته في مايو من العام 2015م حول المعارك في ولايات الاستوائية الثلاث والتي تضم إحداها العاصمة تتمثل في أن سكان غالبية مناطق (النوير) باتوا معادين للقوات الحكومية التي يشيرون إليها بوصفها (قوات دينكا) بصرف النظر عن تركيبتها الفعلية. ودفعت التصرفات التى ظلت تنتهجها حكومة سلفاكير في التعامل مع المشاكل الداخلية إلى تخوف بعض المراقبين الذين يعتقدون أن القبضة العسكرية لسلفاكير على الحكم يغري بتشجيعه على التمادي في الاعتماد على الحسم العسكري كما يهدد بإذكاء ظلم القبائل الأخرى خلاف “الدينكا” وتكريس الطابع القبلي للصراع خاصة مع استمرار المواجهات الميدانية وعدم الوصول إلى حلول سلمية مع رياك مشار الذي لا زال يحتفظ بنفوذه في أوساط قبيلة النوير . المشهد الماثل في جنوب السودان يشير إلى نهايات غير سعيدة لحكومة سلفاكير حال اتساع الخلاف بين سلفاكير ونائبه خاصة وأن المعارضة الجنوبية المسلحة بقيادة مشار لم تقبل بخلافة تعبان دينق لرياك مشار في منصب النائب الأول لسلفاكير واعتبرت تعيينه خرقاً لاتفاقية السلام الموقعة بين الحكومة والمعارضة المسلحة كما أنها توقعت أن تعيينه لا محالة سيؤدي إلى تجدد القتال في الجنوب. 
يرى المراقبون أن سلفاكير من خلال تعيينه لتعبان دينق خلفاً لمشار نجح في تقسيم المعارضة المسلحة من خلال هذا التعيين، لكن أصبح من الصعب عليه تحقيق السلام لجهة أن غالبية مسلحي المعارضة لا يزالون موالين لرياك مشار، الذي سبق أن تسببت إقالته من منصبه في انفجار الأوضاع في جنوب السودان الى الحد الذي تحولت فيه إلى حرب واتخذت طابعاً قبلياً بسبب الصراع بين قبيلتي الدينكا التي ينحدر منها الرئيس وقبيلة النوير التي تدعم مشار وذات الأمر ربما يتكرر جراء الخلاف بين سلفاكير ونائبه. إحراج الحلفاء وكانت الحرب الدائرة في جنوب السودان قد أدت إلى تشريد مئات الآلاف من المواطنين مع تأكيدات وكالات الإغاثة أن الأوضاع الإنسانية في الجنوب أصبحت وخيمة ووصل الأمر الى التهديد بوضعها تحت الوصاية الدولية ، كما سبق أن أعلن مجلس الأمن الدولى عن استعداده للنظر في اتخاذ تدابير تمنع مزيداً من تصاعد العنف والصراع بما فيها العقوبات المحتملة التي قد تكون مناسبة استجابة للأوضاع في جوبا. 
ويبدو أن الأوضاع الأمنية في جنوب السودان خرجت عن سيطرة الشركاء الدوليين لتحقيق السلام بسبب هيمنة سلفاكير على الحكم الأمر الذي أحرج حلفاءه خاصة بعد تحذيرات الأمم المتحدة المتكررة بشأن تدهور الأوضاع الأمنية والحرب التى نجمت عن النزاع السياسي القبلي بينما أدى انقسام المعارضة في جوبا بين تعبان دينق ورياك مشار إلى صعوبة الوصول إلى سلام في ظل قبضة سلفاكير على الحكم ، وتشير الخلافات الأخيرة بين سلفاكير وتعبان إلى أن الوضع قد يمضي إلى الأسوأ وسط تحذيرات بخطورة تعبان وقوته مما يشير إلى تحقيق وحدة وطنية بين مكونات جنوب السودان ستظل (أضغاث أحلام).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق