الاثنين، 23 مارس 2015

النهر وحكمة البشير

•    ظهر اليوم ستلقي مياه النيل الأزرق التي ستعبر من أمام القصر الرئاسي الجديد. لحظة التوقيع وثيقة التعاون لتشييد سد النهضة. التحية للحاضرين، وتصفق بأمواجها للزعماء الثلاثة : البشير، السيسي، ديسالين.. على هذه الخطوة التاريخية (بكل المقاييس) التي تعيد توظيف مياه النهر المارد بما يعود بالنفع والنماء و(الكهرباء) على كل شعوب وادي النيل.
•    الإرادة الحقيقية هي التي جعلت هذا اليوم ممكناً، وجعلت التوافق حاضراً، وفوق ذلك فتحت الآفاق والأذهان للنظر إلى المستقبل بعين الرضا والقناعة بعد حكمة القادة وتدبير الخبراء والفنيين، الأمر الذي أدى إلى تجفيف لعاب الطامعين الذي اسأله ما اعتقدوا إنها بداية صراع دول النهر الثلاث في معركة تم تصويرها (بأكون أو لا أكون).
•    عمليات تسلل عديدة تم إحباطها للدخول في الملف بطرق غير مشروعة للتأثير على مجريات التفاوض ولتطويعه لخدمة ترتيبات إستراتيجية مستهدف بها هذا الإقليم الواعد والذاخر، الذي سينعكس مدى استقراره أو اضطرابه على كامل رقعة تمثل العمق العربي الأفريقي، والقلب الأفريقي، والقرن الأفريقي، وأمن البحر الأحمر.
•    بالمقابل يمثل توافق أثيوبيا والسودان ومصر على توظيف موارد النيل الأزرق والإستفادة منها سفراً جديداً في التاريخ الإنساني في جانب وضع الحلول للقضايا المصيرية بالتفاهمات والطرق السلمية، والاستخدام الأقصى للعلم في كافة مناحيه الحسابية والهندسية والفيزيائية والحيوية، وهذه كانت مباحث اللجان الفنية والاستشارية التي أجابت على كافة الأسئلة الفنية المتعلقة بسلامة جسم السد وتأثيراته البيئية والاجتماعية.
•    بيان التضامن الفني الذي أصدره وزراء الموارد المائية في الدول الثلاث : معتز موسى – المايو تقنو – حسام مغازي – في 26 أغسطس 2014م كان المعبر لتنفيذ الدراسات الفنية التي أوصى بها الخبراء. واعتماد نطاق العمل التي أوصت به اللجنة، وبذلك حانت لحظة تقديم الدفع السياسي للمفاوضات التي أقرها زعماء الدول الثلاث بعد المشاورات، والذي قاده وزراء الخارجية ابتداءاً من فبراير الماضي بأديس أبابا وانتهاء في السادس من هذا الشهر الجاري بالخرطوم التي التأمت فيها اجتماعات مشتركة بين وزراء الخارجية ووزراء الموارد المائية لمدة ثلاثة أيام تم الإعلان بعدها عن وثيقة مبادئ للتعاون بين السودان ومصر وإثيوبيا حول سد النهضة، التي يتم الاحتفال بالتوقيع عليها في هذا اليوم التأريخي الثالث والعشرين من مارس 2015م.
•    250 مليون نسمة هم سكان هذا الإقليم – سيقتطفون ثمار هذا التوافق حول بناء سد النهضة الأثيوبي وستعم عليهم جميعاً فوائد إنشاء هذا السد، فإنتاج (15700( قيقاواط/ساعة سنوياً من طاقة كهربائية نظيفة (القيقاواط = مليون كيلوواط) ستعزز من الجدوى الاقتصادية للربط الكهربائي بين الدول الثلاث، ويخلق من ذلك سوقاً مشتركاً للكهرباء، كذلك فإن قيام سد النهضة سينظم واردات النيل الأزرق مما يزيد إنتاج الطاقة الكهربائية للسدود السودانية الحالية والمستقبلية، وتقليل جريان النهر سيضيف مساحات زراعية جديدة ويقلل تكاليف ضخ المياه للمشاريع الزراعية الحالية، كذلك ستقل مخاطر فيضان النيل الأزرق على طول ضفافه بشكل كبير. إضافة لتحسينه للملاحة النهرية، وفائدة عظيمة هي تقليل فاقد النيل بالتبخر بفضل التخزين في أعلى مجرى النهر.
•    على ضفاف عباباي – (إسم النيل الأزرق بلغة الأمهرة)، وبالعاصمة الخرطوم سينتهي اليوم جدل كثيف بدأ منذ إعلان أثيوبيا قبل أربعة سنوات عن عزمها إنشاء سد الألفية الذي تعتبر قيامه منعطفاً مهماً في مسيرة نهضتها ونمائها، وعلى ذات الضفاف سترتسم على محيا الرئيس البشير علامات الرضا بتحقيق التوافق على هذا الملف الذي رفد مبادرته وأدار منعطفاته بحكمة حاضرة سنعرض ذلك لاحقاً، وإلى الملتقى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق