الخميس، 5 مارس 2015

جنوب السودان . . الاتفاق الثامن

سبعة اتفاقات سابقة بين رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت وزعيم المتمردين رياك مشار، فشلت في إقرار السلام في هذا البلد . فهل يحقق الاتفاق الأخير، الذي تنتهي مهلة توقيعه اليوم، فيما فشلت فيه الاتفاقات السابقة؟
في آخر جولة للتفاوض في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا مطلع فبراير/شباط الماضي، اتفق الطرفان على مشروع لتقاسم السلطة ينص خصوصاً على هيكل لحكومة وحدة وطنية تستمر ثلاثة شهور تقوم خلالها باستكمال عملية المصالحة، ووضع الدستور الدائم، والتحضير لإجراء الانتخابات .
وبموجب الاتفاق يتسلم سلفاكير منصب رئيس الحكومة الانتقالية، بينما يتولى مشار منصب نائبه الأول، على أن يتم اختيار نائب ثان من مناطق الاستوائية . وينص المشروع أيضاً على تكوين مجلس وزراء يضم الرئيس ونائبه الأول و27 وزيرًا، وتكون نسب تقاسم السلطة كالتالي، 60% للحكومة الحالية في جوبا، و30% لجماعة مشار، و10% من نصيب مجموعة العشر المفرج عنهم والأحزاب السياسية الأخرى .
وأقر مشروع الحل أيضا اقتسام مقاعد البرلمان بنفس النسب السابقة، وأن يتم اتخاذ القرارات داخل الحكومة في الفترة الانتقالية بالتوافق بنسبة 80%، وفي البرلمان يكون الحسم بموافقة 80% من النواب .
وبحسب الجدول الزمني الذي حدده وسطاء منظمة "ايغاد"، فإن فترة انتقالية ستبدأ في الأول من إبريل/نيسان في جنوب السودان، وينبغي تشكيل حكومة وحدة وطنية في التاسع من يوليو/تموز على أبعد تقدير .
وتزامنت محادثات اللحظة الأخيرة مع تبني مجلس الأمن الدولي قراراً بإنشاء لجنة عقوبات تقدم إلى المجلس أسماء المسؤولين عن عرقلة جهود السلام الذين يجب معاقبتهم بفرض حظر على سفرهم في أنحاء العالم وتجميد أرصدتهم .
وعلى الرغم من أجواء التشاؤم التي سادت كواليس اجتماعات أديس أبابا من إمكانية تنفيذ الاتفاق حتى بعد توقيعه، إلا أنه من المهم الإشارة إلى أن الاهتمام الدولي المتعاظم وجهود الوسطاء بجولات التفاوض، والعقوبات الأمريكية والدولية المتدرجة على أطراف النزاع، لم تكن جهوداً ضائعة ولا كانت فشلاً كاملاً . كانت العامل الرئيسي وربما الوحيد في تراجع حدة العنف على جبهات القتال الوحشي بين قبيلتي الدينكا والنوير الذي اندلع في جوبا قبل 15 شهراً، وحصد آلاف الأرواح وشرد الملايين ووضع الدولة على حافة الإفلاس وشعبها على شفير المجاعة .
غير أن تراجع العنف لا يعني توقف الحرب، فالمدافع قد تبقى صامتة لكنها سرعان ما تعود إلى الهدير . فهناك شكوك فيما إذا كان مشار قادراً على ضبط جيوش النوير أو إقناع قادته العسكريين بقبول صفقة حكومة الوحدة الوطنية . وبالمقابل فإن معسكر الحكومة قد لا يكون أيضاً راغباً في التنازل عن السلطة وتقاسمها مع المتمردين .
كما أن هناك مخاطر أخرى كامنة، حيث يشير خبراء إلى أن صيغة الاتفاق قد توقظ مخاوف قبائل أخرى وتؤدي إلى مزيد من التصدعات والنزاعات السياسية والعسكرية تحت ذرائع التهميش في اتفاق تقاسم السلطة لصالح القبيلتين الكبيرتين الدينكا والنوير .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق