الاثنين، 20 أكتوبر 2014

بين طيات السحاب الرئيس البشير يضع النقاط على الحروف:

على الطائرة الرئاسية، في طريق العودة للخرطوم من القاهرة، تمكن الوفد الصحفي المرافق للرئيس المشير عمر البشير، من إجراء هذه المقابلة التي أنتجت عدداً مقدراً من الأخبار والمعلومات المهمة .. حيث كان الرئيس البشير بين طيات السحاب، رغم ضيق المكان والزمن رحباً في تقبل التساؤلات، وسخياً في توفير الإجابات .. فإلي مضابط الحوار.
* نبدأ من محطات الختام، قبل صعودنا إلى الطائرة، ومن خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعك مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وصفت الزيارة بأنها (تاريخية) .. ترى من أي وجهة استحقت الزيارة الوصف، وما أبرز القضايا التي تطرقتم لها في اليومين الماضيين؟
- خلال 25 عاماً زرت مصر مرراً وتكراراً، ولكن لم يحدث أن شعرت بالراحة النفسية مثلما حدث في الزيارة الحالية، وقد انتابني شعور غامر بصدق الرئيس السيسي، وجدية توجهاته، وقد بدت تلك الجدية واضحة في زيارته للخرطوم، والتي تمت بمبادرة شخصية منه، حسب تقديري، إذ أنها المرة الأولي التي يبادر فيها الرئيس السيسي بزيارة دولة دون وفد مقدمة، وهو الوفد المكون في العادة من رجال الأمن والمراسم، ومن دون أن تتم الإجراءات الأمنية المعتادة، من وضع برنامج، وتفتيش للصالة، وما إلى ذلك من إجراءات التأمين .. حدث كل ذلك مع أن زيارة السيسي كانت معلنة قبل 24 ساعة من موعد وصوله إلى الخرطوم .. وأثناء زيارتي الأخيرة للقاهرة عندما اقترحت عليه إن يتم ترفيع اللجنة الوزارية إلى رئاسية وافق على المقترح من دون تردد، وتحمس له.. اتفقنا على تأجيل القضايا الخلافية وعدم مناقشتها، لأننا قد لا نتفق إذا ما بدأنا بها.
وقضية حلايب ليست جديدة، والخلاف حولها مستمر منذ العام 1958، لذلك فضلنا عدم مناقشتها .. هناك مصالح ضخمة للبلدين يمكن أن تتحقق من خلال التعاون المشترك.
وكذلك ناقشنا جملة من القضايا الإقليمية، وفي مقدمتها القضية الليبية، واتفقنا على دعم استقرار ليبيا ووحدتها، وأمنا على الأمر نفسه في ما يتعلق بالصومال.
حتى في القضية السورية تطابقت الرؤى بيننا حول ضرورة دعم مساعي الحل السياسي، لأن الإصرار على الحل العسكري يعني المزيد من التدمير والقمع وتشريد المدنيين.. نحن كعسكريين نعرف جيداً أن الحرب دائماً ما تأتي في آخر مراحل العمل الدبلوماسي، وبعد أن يتعذر الحل السياسي.
وحتى عندما يتم تحقيق نصر عسكري باهر تحدث خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، فالأرملة التي تفقد زوجها، والنائحة التي تشيع طفلها لا يمكن أن تجد ما يعزيها عن فقدها.
لذلك رأينا أن الحل السياسي هو الأجدى لكل القضايا الإقليمية.
* تلقفت الوسائط الإعلامية المختلفة أنباء ترفيع اللجنة الوزارية المشتركة إلى المستوى الرئاسي، بوصفها من أبرز مخرجات القمة؟
- نعم .. اللجنة الرئاسية ستنظم عمل الوزراء، وستمكن الرئيسين من متابعة أي قصور يحدث في أي من الملفات التي اتفقنا على تفعيلها، واللجنة ستنعقد بالتناوب بالخرطوم والقاهرة.
* خلال المؤتمر الصحفي طلبت أنت والرئيس السيسي من الإعلام أن يدعم أوجه التعاون بين البلدين، وأن يتوقف عن إثارة القضايا الخلافية؟
- خلال لقائي مع الرئيس السيسي تحدث معتذراً عن بعض التفلتات التي حدثت من إعلاميين مصريين خلال الفترة الماضية.
وبالأمس تحدثت بعض وسائل الإعلام المصرية عن أن الجانب المصري تعمد وضع خريطة تشير إلى وجود مثلث خلايب داخل الأراضي المصرية، وعلمت أن الخريطة المذكورة موجودة في مكانها منذ إن تم إنشاء قصر الاتحادية.
هم يقولون إن حلايب مصرية، ونحن نقول ونصر على سودانية حلايب، لكننا لن نحترب عليها، وإذا نجحنا في تفعيل برنامج التعاون المشترك وأنجزنا ما اتفقنا عليه، فستزول الحدود تلقائياً، ولن يحدث خلاف حولها.
* حسناً، على ذكر التعاون الاقتصادي وتفعيل الاستثمار بين البلدين، بوصفها الصيغة المثلي لتحجيم الخلافات .. ماذا حدث بشأن الملف؟
نحن نعاني من بعض المشاكل في ملف الاستثمار، ومعلوم أن السودان فقد حوالي 80 بالمائة من مداخليه من النقد الأجنبي بعد فصل الجنوب وفقدان عوائد البترول.. ذلك الواقع انعكس سلبياً على مناخ الاستثمار في السودان حيث عاني المستثمرون مصاعب جمة في تحويل استثماراتهم إلى الخارج، وتأثر الاستثمار، لكن الفترة المذكورة باتت على مشارف نهايتها.
وأنا أقول لمن يدعون أن التحسن الذي طرأ على أداء الاقتصاد السوداني في الآونة الأخيرة قد تم بلا مجهود من الدولة، إن ذلك حدث نتاجاً للبرنامج الثلاثي، الذي وصلنا إلى نهايته، وبدأت ثمراته تظهر في انخفاض نسبة التضخم، وتحسن معدلات صرف العملة الوطنية، وأنا أقول بكل ثقة إننا قد شارفنا على الخروج من مشكلتنا الاقتصادية، وأتوقع أن ينعكس ذلك إيجاباً على مناخ الاستثمار .. المستثمرون المصريون لديهم مشروعات في السودان تعاني من بعض المشكلات تتطلب منا أن نسعى إلى حلها.
* هناك مقترح بإنشاء منطقتين حرتين على الحدود؟
بكل تأكيد إنشاء مناطق حرة سيزيل الكثير من المشاكل وعلى رأسها مشكلة التحويل وسينعش التجارة البنينية بين البدلين، والموضوع قيد البحث بين الوزيرين المعنيين، وأتمنى أن نفلح في إنجازه.
نتوقع أيضاً أن تسهم الطرق البرية في تنشيط وتيرة وحركة التجارة بين السودان ومصر، تم افتتاح الطريق الأول فعلياً (قسطل – أشكيت)، وهناك أيضاً طريقان، طريق غرب النيل (أرقين)، والطريق الساحلي .. كل هذه الطرق من شأنها أن ترفع وتنشط حركة التجارة بين البلدين.
* حسناً بعيداً عن ملفات الاقتصاد، قريباً من الأيدولوجيا .. أثيرت خلال الفترة الماضية بعض الأقاويل عن دعم سوداني للإخوان المسلمين، وأنتم أكدتم أنكم لا تتدخلون في الشأن المصري.. هل أثيرت هذه القضية خلال المباحثات مع الرئيس السيسي؟
- هذا شأن داخلي يخص المصريين، ونحن لم نتدخل فيه أبداً.. تحديد هوية من يحكم مصر من صميم مسؤوليات الشعب المصري، ولا يعنينا بشيء، ولن نعيب على أي أحد أن يأتي بانقلاب.
* تردد خلال الفترة الماضية أن هناك تبايناً في الرؤى حول ما يحدث في ليبيا .. على ماذا اتفقتم بشأن الملف؟
- نحن نمتلك علاقات قوية مع كل فصائل الثوار الليبيين، ولا يخفي على أحد أننا دعمناهم وساندناهم بما نستطيع، لأننا تضررنا كثيراً من فترة حكم القذافي.
سنستخدم علاقاتنا مع الفصائل الليبية لنجمع أبناء الشعب الليبي على كلمة سواء على أمل أن يصلوا إلى حل يعيد الاستقرار إلى ليبيا.
* من الخارج إلى الداخل، بعد مرور حوالي 10 أشهر منذ انطلاقها، كيف ترون مسيرة الحوار حتى اللحظة، وكذلك كيف تقيم أداء آلية (7+7)؟
- نحن طرحنا مبادرة للحوار الوطني استهدفنا بها جمع كلمة أبناء السودان، وتوحيد الصف الوطني، ففهمها بعض المعارضين على أنها تمثل مؤشر ضعف .. نحن لم نتحدث عن حكومة قومية أو انتقالية بل دعونا إلى الحوار ووضعنا له أربعة محاور، تتعلق بقضايا مهمة، مثل السلام والاقتصاد والحريات والهوية، ورأي البعض ضرورة إضافة محور خامس يتعلق بالعلاقات الخارجية، ووافقنا على ذلك.
هناك من يريدون القفز فوق المبادرة، وحرق المراحل، وتجاوز الحوار إلى نتائجه مباشرة وهذا أمر غير مقبول.. في ما يتعلق بقضية الحريات مثلاً نريد أن نتحاور بدءاً على القضية المذكورة ونتفاكر حول مفهوم الحريات، ونتفق على ما يحفظ الأمن القومي وعلى الخطوط الحمراء..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق