الاثنين، 20 أكتوبر 2014

بتوقيت القاهرة.. وقائع ما جرى بين القصرين "1-3"

1
سبقت زيارة الرئيس البشير للقاهرة إشارات إيجابية وعلامات دالة مهدت لأجواء صحية للحوار الثنائي بين الخرطوم والقاهرة.. الأولى جاءت بتصريحات البشير لصحيفة (الشرق الأوسط) والذي أكد فيها أنه (لن يحارب مصر بسبب حلايب) وكانت تلك علامة على أن زيارته للقاهرة ليس من أجندتها المعلنة إثارة قضايا يمكن أن تسبب توتراً بين البلدين.
الإشارة الثانية جاءت من المؤتمر الوطني حين امتنع عن دعوة جماعة الإخوان المسلمين المصرية لمؤتمره العام المنعقد هذا الأسبوع تلك إشارة للقاهرة تدل على أن الخرطوم غير راغبة في دعم معارضة الحكومة المصرية.
سبق زيارة الرئيس انجاز صامت أنجزه السيدة وزير الري السوداني، معتز موسى، يتمثل في إقناع الجانب المصري بالتوقيع على اتفاق ثلاثي بين مصر، إثيوبيا والسودان لطرح عطاء للشركات التي ستتقدم بدراسات للجوانب المختلف عليها في سد النهضة.
هذا الاتفاق قادة السودان وأخرج مصر من أزمة كبرى كانت تواجهها. إذ لم يكن باستطاعتها إيقاف بناء السد وليست بقادرة على قبول استمراره دون ضمانات تطلبها لتهدئ مخاوفها الظاهرة. أخيرا ًتم الاتفاق على طرح العطاء للشركات التي ستنافس على الدراسات التقييمية لآثار سد النهضة على مصر والسودان وتم الاتفاق على أسماء سبع شركات عالمية.
2
تلك الإشارات كانت مهمة لتهيئة الأجواء لتعظيم فرص نجاح زيارة الرئيس البشير للقاهرة.. الدولة المصرية، ولا أقول الإعلام المصري، احتفت بزيارة البشير هذه المرة بشكل لافت.. رافقت الرئيس البشير للقاهرة أكثر من ثلاث مرات، في عهد الرئيس حسني مبارك وطنطاوي والرئيس مرسي، في أغلب تلك الزيارات كان الرؤساء يستقبلون الرئيس البشير في قصر الاتحادية، المقر الرسمي للدولة، حيث يجري تفتيش طابور الشرف.. في هذه الزيارة، حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على استقبال الرئيس البشير على سلم الطائرة في مطار القاهرة واصطحابه الى قصر الاتحادية حيث الاستقبال، كما حرص على وداعة أيضا في مطار القاهرة. مرسي لم يفعلها – الرسمي – ثم حرص الرئيس السيسي على لقاء البشير منفرداً لأربع ساعات في قصري الاتحادية والقبة، أضف لذلك الحفاوة والود اللتين استقبل بهما الرئيس السيسي البشير وإصراره على أن يكون لقاؤه الأخير بالبشير في مقر إقامته بقصر القبة.
تلك إشارات دبلوماسية دالة على حرص القاهرة على إظهار مشاعرها تجاه الرئيس وبناء علاقات شخصية معه.وكذلك حرصت على إخراج الزيارة بطريقة مختلفة مظهراً وجوهراً.
لقد ردت القاهرة على تحيات وأشارت الخرطوم بالطريقة التي استقبلت وودعت بها الرئيس البشير.
3
عبارة مفتاحية تلخص وقائع ما جرى في رحلة القاهرة، قالها الرئيس البشير في ختام المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس بقصر القبة مع الرئيس السيسي. قال البشير : "اتفقنا على أن نبدأ بما اتفقنا عليه ونعمل على حل ما نحن مختلفون فيه". عضد هذا التصريح الرئيس السيسي من خلال كلمة مكتوبة تجنب فيها الإشارة إلى آية قضية خلافية أثارت أو يمكن أن تثير توتراً بين البلدين.
سنحاول في هذه المقالات النظر في الموضوعات التي اتفق فيها الرئيسان وتلك التي بدأ فيها الخلاف واضحاً والأخرى التي لفها غموض ولا يعرف أحد حتى الآن ما جرى بشأنها في الغرف المغلفة.
4
كان الاتفاق واضحاً على تعزيز المصالح المشتركة. تكررت كلمة (تكامل البلدين) في كلمتي الرئيسين أكثر من مرة وتجاوزنا (حدوتة) العلاقات الأزلية والتاريخية التي طالما عزفنا عليها دون أن نحصد شيئاً. هذه إشارة دالة على لغة جديدة يتحدث بها الرئيسان، إضافة لتأكيدها وجود إرادة سياسية قوية لإنفاذ كل الاتفاقيات.
قبل ذلك كان البشير قد التقى رجال الأعمال المصريين الذين بثوا شكواهم من عقبات كثيرة تواجه الاستثمار المصري بالسودان، وتلقوا وعودا من الرئيس البشير بالنظر فيها، ولكنه أكد أنها لن تحل بين يوم وليلة.
5
رأس المال المصري المستثمر حالياً وفعلياً في السودان لا يتجاوز ملياري دولار، بينما المشروعات المصدقة التي تنتظر التنفيذ تبلغ قيمتها قرابة الـ(10) مليارات دولار. أولى مهام اللجنة العليا التي أصبحت تحت رئاسة رئيسي البلدين إزالة العقبات أمام تلك المشاريع لتجد طريقها للتنفيذ، ومن ثم التطلع لتدفق (رساميل) مصرية كبيرة للاستثمار في السودان وخاصة في المجال الزراعي، وهو ذو أولوية في خطة الدولة السودانية أو كما أوضح د. مصطفى عثمان..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق