الثلاثاء، 21 أكتوبر 2014

رهان البشير.. وإعلام السيسي!

لن نتجاوز حدود الأدب ونشكك في ملاحظات وإفادات زملائنا رؤساء التحرير الذين رافقوا الرئيس البشير في رحلته إلي جمهورية مصر العربية.. فاثنان من أهم رؤساء التحرير في الخرطوم.. أكد  النتائج الإيجابية التي خلصت إليها مباحثات الرئيسين.. والزيارة عموماً.. كما لن نتجاوز الخطوط الحمراء ونشكك في الإفادات التي أدلي بها فخامة السيد رئيس الجمهورية.
سواء في تصريحاته الصحفية بالقاهرة.. أو في حواره الصحفي بالطائرة الرئاسية.. وهو أمر أي الحوار الرئاسي يستحق من بادر بفكرته وبتنظيمه التقدير والثناء.. فبجانب ما كشف من إفادات مهمة وثقت للزيارة.. فقد امتص غضبة عمت الوسط الصحفي السوداني وصحيفة أجنبية تحصل علي فرصة حوار رئاسي.. فيما تصطف الصحف السودانية في قائمة الانتظار.
ولكن.. كل هذا لن يصادر حقنا بإمعان النظر في المشهد السياسي المصري اليوم.. بل إن كل هذا يفر علينا إمعان النظر في المشهد المصري تمحيصاً وتحليلاً لإدراك حجم المصدات وشبكات التأمين التي وفرها النظام المصري.. حتي لا يكون ما تم الاتفاق عليه عرضه للعواصف.. وهوج الرياح.
ولعل هناك مفارقة صارخة ينبغي الانتباه إليها.. هي أن زيارة الرئيس السوداني إلي القاهرة جاءت في خضم معركة إعادة ترتيب صفوف حزبه استعداداً للانتخابات العامة.. هذه المعركة التي بدأت منذ أكثر من شهر ولا تزال مستمرة.. وأيا كانت فاعلية هذا الحزب.. وفعاليته محل اتفاق أو اختلاف بيننا.. فالحقيقة المؤكدة هي أن هذا الحزب هو الذي يبشر الرئيس بسياساته.. ويروج لها ويعمل  علي إنفاذها.. فالمؤكد أن الرئيس لن يغضب من هكذا توصيف لدوره.. سيما وأنه يعبر عن ذلك دائماً.
ولئن سأل سائل عن العلاقة بين كل ما ذكرنا وبين تأملنا في المسرح السياسي المصري.. لتجدن الإجابة دونما جهد.. وهي أن الرجل الذي يحكم مصر اليوم.. لا يملك حزباً ولم يفوضه حزب.. وتريث قليلاً حتي نشرح أهمية وجود حزب في ظرفنا هذا.
ليس هذا فحسب.. فصحيح أن المشير السيسي تدعمه القوات المسلحة المصرية ويدعمه الشعب المصري.. بلدليل فوزه بسهولة في انتخابات الرئاسة هناك.. ولكن الصحيح أيضاً.. أن الرئيس المصري اليوم لا سند مباشر له ولا داعم غير مؤسسة الرئاسة.. ونعني بالسند هنا المستشارين والخبراء والأجهزة والمؤسسات الداعمة تبشيراً وترويجاً وتنفيذاً.. ومؤسسة الرئاسة المصرية اليوم.. هي مؤسسة بكل المقاييس حديثة نسبياً تفتقد إلي الكثير من الخبرات المتراكمة.. بعد خروج أناطين مؤسسة الرئاسة بعد الثورة في مختلف مراحلها.. وغاب  كذلك الحزب الحاكم.. فبات ثمة فراغ سياسي واسع في حاجة إلي آليات تملؤه.. خاصة لجهة إدارة القضايا الخلافية.. أو تلك الأكثر تعقيداً.. فماذا يحدث في مصر الآن؟.. ومن يعلب هذا الدور؟..
للأسف.. والحال كذلك.. فالواقع أن الإعلام أصبح هو صاحب الكلمة الأولي والأخيرة.. وأصبح هو القائد والموجه الفعلي.. لا للرأي العام المصري.. فحسب بل حتي للمسرح السياسي في أدق مفاصله.. والمزعج حقاً أن الإعلام.. وفي ما يتعلق بالسودان.. فهو يضم ثلة من أصحاب المصالح الضائعة يمثلون مجموعتين.. مجموعة نظام مبارك التي لا تري في نظام السودان غير ذلك النظام الذي ظل يتأمر علي نظامهم.. أو بالأحري علي مصالحهم.. منذ قصة محاولة اغتيال مبارك وحتي سقوط نظامه.. مع كل دلالات صعود نجم الإسلاميين عقب ذلك.. أما المجموعة الثانية فهي مجموعة نظام مرسي، إن جاز التعبير..
وهذه لا تري في نظام الخرطوم إلا خائنا تخلي عنهم.. في لحظة ما.. ولا ننسي أصحاب المواقف التاريخية الذين مازالوا يحلمون بسودان تحت التاج المصري العظيم!
عليه.. وفي ظل غياب أوعية سياسية قادرة علي ملء الفراغ الناجم عن غياب حزب حاكم.. ومؤسسات ذات خبرة وقدرة وفعل وتأثير.. تصبح كل اتفاقات السيسي.. تحت رحمة الإعلام .. ولا نقول في مهب الريح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق