الخميس، 6 أبريل 2017

تكامل سوداني اثيوبي

تم الإعلان عن تكامل اقتصادي بين السودان واثيوبيا ، وتوحيد المواقف السياسية والتنسيق الأمني ، وذلك بعد اجتماع موسع بين الرئيس عمر البشير ورئيس الوزراء الاثيوبي هايلي مريام ديسالين أمس الأول ، في واحدة من أكثر الزيارات أهمية ، كما وصفها وزير الخارجية بروفيسور ابراهيم غندور ، ووجدت نتائج الزيارة ترحيبا شعبيا وشعورا بالارتياح من المراقبين والخبراء في العلاقات الدولية والاقتصادية ، وكان هذا التكامل نتاج جملة من العوامل والعناصر ، وأولها ، ان الاتفاقية تعتبر تأسيسا وبناء على علاقات تاريخية وموروث ثقافي واجتماعي من حقب التاريخ القديم وارتباط مملكة مروي ومملكة اكسوم ، وثانيا لتوفير عناصر وفرص وتجارب اقتصادية يمكن استغلالها في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والطاقة ، ووفق الطبيعة الجغرافية فان كل دولة تمثل استكمالا للاخري وذات ارتباط وثيق بالاخري ، وثالثا فان هذا التكامل تم الاعداد له بترفق وهدوء ، وانخرطت اللجنة المشتركة بين البلدين في اجتماعات متوصلة حيث تم توقيع «13» اتفاقية عام 2013م ، وانعقد العام الماضي اجتماع في بورتسودان واخر في أديس أبابا وتم خلاله توقيع مذكرة تفاهم ، واستكملت كل هذه الحلقات بإعلان تكامل اقتصادي وبداية مرحلة جديدة.
ويعتبر هذا التكامل الأقوى اقتصاديا ، بما تملكه الدولتان من قدرات وموارد ومجالات متنوعة ، وبما تملكه من ارادة سياسية وعزم على تحقيق مصالح الشعبين ، وهو بهذا الفهم يعتبر اضافة للقارة الافريقية وضمانا للاستقرار الاقتصادي والأمني ، لان التقارب الاقليمي يعزز القدرات والامكانات ، ويحقق فائدة أكبر ، والوصول الى تفاهمات سياسية في المنطقة واستخدام صلاتهما في ارساء الاستقرار والأمن والطمأنينة ، خاصة ان المنطقة تشهد تحديات أمنية كبرى تتمثل في الحرب في دولة جنوب السودان وعدم الاستقرار والتفلت الأمني ، وانفراط وهشاشة الدولة في الصومال وما يترتب على ذلك من تحديات أمنية ولجوء ونزوح وهجرة غير شرعية واتجار بالبشر ، والظروف الأمنية في اليمن والذي يشكل معبرا للتهريب والجرائم العابرة ، وتوثيق صلات البلدين والتنسيق الأمني يحقق التوازن ، ويمكن ان يهييء ظروفا لمصالحات تاريخية ، كما ان روح التحاور وتغليب لغة الحوار تم الوصول الى تفاهمات حول سد النهضة مع الاشقاء في مصر.
لقد اصبح للسودان ادوار ملموسة في مفاوضات السلام بجنوب السودان ، وادرك الجميع ان الحروب اداة سالبة وطاردة للاستثمارات ، ولذلك سعت هذه الدول للتوسط ونزع فتيل الصراع المأساوي في المنطقة من خلال الايقاد ومن خلال منابر المجتمع الدولي ومؤسساته.
لقد توفرت بنية تحتية مناسبة لانطلاق وتحقيق التكامل الاقتصادي وتم منح اثيوبيا ميزات تفضيلية في ميناء بورتسودان ، واكتمل الطريق البري «القلابات «السودانية»- الحمرا «الاثيوبية» ، وتم البدء في بناء الخط الناقل للكهرباء بين السودان واثيوبيا لامداد السودان بطاقة تصل الى 3 آلاف ميقاواط ، بينما هي الان ما بين «200- 300» ميقاواط ، وهناك خطط لمناطق حرة ومناطق صناعية وتوحيد العملات، وقبل ذلك فتح فروع بنكية وفي اثيوبيا اليوم بنية استثمارية من القطاع الخاص السوداني تصل الى 2.5 مليار دولار، ان البنية الان مهيأة لنقلة نوعية في علاقات البلدين بما يخدم الشعبين ويمثل نموذجاً للعلاقات الافريقية ويشكل ضأمناً للاستقرار والسلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق