الثلاثاء، 24 يناير 2017

قصة ( العناصر الإرهابية ) .. وعدم الترحيب برفع العقوبات..(ليه كدة يا مصر)؟!

ولأنها مصر التى نناديها ب (أخت بلادي ياشقيقة)، فقد شق علينا أن نراها بعيدة عن تطورات المشهد السوداني، وحز فى أنفسنا أن تستكثر على بلادنا كلمة (مبروك) ونحن ننجح فى رفع العقوبات الأمريكية، لم تتوقف (أخت بلادي) عند هذا الحد بل ذهبت الى الترويج الواسع لاتهام الخرطوم بتدريب عناصر إرهابية تتبع لجماعة الإخوان المسلمين فى مصر.
لا يعقل أن تساهم 6 دول من جوارنا العربي والإفريقي فى رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان وتحتجب (أخت بلادي) عن الجهود التى أوصلتنا الى هذه الغاية النبيلة .
من الممكن أن نجد العذر لمصر المشغولة بقضاياها الداخلية وهي تغيب عن منظومة دول ساعدت فى رفع الحصار ووقعت بمواقفها الناصعة على ذاكرتنا الوطنية تفاصيل أشرف مساندة فى تاريخ الشعب السوداني ( السعودية ، الإمارات ، قطر، الكويت ، سلطنة عمان إثيوبيا )، لكنا لن نجد العذر لمصر وهي تستكثرعلى شعبنا كلمة (مبروك) رفع الحصار الأمريكي.
شارك الإعلام المصري للأسف فى تغييب بلاده عن أهم التطورات التى حدثت فى السودان (أقرب جار) خلال العشرين عاماً الماضية وهو يحجب خبر رفع العقوبات ويمارس تعتيماً لا تقره مهنية تصنيف الأخبار ولا تسمح به آصرة الجوار الأزلي والمصير المشترك بين مصر والسودان.
أوردت (صحيفة الأهرام المصرية) خبر رفع العقوبات عن السودان فى 5 أسطر بالصفحات الداخلية، لكن ذات الصحيفة أشعلت ناراً بين الخرطوم والقاهرة وهي تفتح صدر صفحتها الأولى مع اخريات لخبر مفاده الآتي : (النائب العام يحيل 304 من حركة حسم للنيابة العسكرية.. الإرهابيون تلقوا دعماً من تركيا وقطر وتدربوا في السودان)، بالطبع جاء اتهام الخرطوم بتدريب العناصر الإخوانية كمحاولة لقطع الطريق أمام الجهود المبذولة لرفع السودان عن لائحة الإرهاب، وفى محاولة لتحريض جهات أخرى على رفض التقارب الماثل بين الخرطوم وواشنطن.
للأسف ما فعله الإعلام فى مصر امتد ليشمل عدداً من الدبلوماسيين انضموا الى حملة تشويه صورة السودان فى وسائل الإعلام وبحملات متزامنة روجت للأسف وبلا حيثيات (فبركة) مفادها أن الخرطوم تأوي وتدعم مجموعات تتبنى العنف والإرهاب فى مصر.
ياله من تطور يستدعي البحث ب(ألم) عن مسببات تبني القاهرة التى نحبها لمثل هذه المواقف العدائية تجاه الخرطوم ،(مصر الرسمية) لم تنفعل بما يراه الشعب السوداني فتحاً ونصراً عزيزاً ينهي معاناته ويضعه على منصة الانطلاق، أقول مصر لأن مؤسساتها المعتمدة لم تنف ما تروج له وسائل الإعلام او تجتهد ولو من باب (المجاملة) لتهنئة الشعب السوداني وليس الحكومة بما تحقق على صعيد رفع العقوبات الأمريكية.
دونكم شهادة الصحفية المصرية صباح موسى وهي تغمس قلمها فى مداد الضمير وتكتب بوجعة تحث المسؤولين المصريين (أن أفيقوا يرحمكم الله) وانتبهوا الى علاقات الجوار مع السودان.
صباح موسى صوت مختلف أطلق صرخة صادقة طافت الأسافير وقروبات التواصل الاجتماعي، قرأنا ردة الفعل على ما أثارت، الشعب السوداني ينظر بأسى بالغ لما يجده الآن من تجاهل فى أجندة السياسة المصرية وما يقترفه الإعلام فى القاهرة بحق العلاقات مع الخرطوم وسط صمت رسمي غير مبرر وفتور فى التفاعل مع تطورات الأوضاع بالسودان.
فى مقابلة أجريتها مع الرئيس المصري المشيرعبد الفتاح السيسي العام قبل الماضي بالقاهرة كان الرجل ينطر الى مستوى العلاقات السودانية المصرية بألم شديد لخصه فى عبارته البليغة (كفاية اللي راح)، لكن على مايبدو فإن العلاقات الثنائية موعودة بالمزيد من النزيف الذى لا يتسق مع أهميتها واستراتيجيتها لكلا البلدين.
تحتل الحكومة المصرية (حلايب) الآن لكن إعلامها يستنكف أن يجدد السودان شكواه في مجلس الأمن من كل عام، تتلكأ القاهرة فى تنفيذ الحريات الاربعة بينما ينفذها السودان بحذافيرها، مازالت مصر تطالب السودانيين بتأشيرة دخول الى أراضيها (باستثناء الرجال فوق الخمسين والأطفال والنساء) بينما يدخل المواطنون المصريون بلادنا بلا (احم ولا دستور)، هذا الأمر بالطبع استوعبته سماحة أهل السودان وهي تحتفي بالأشقاء وتحجز لهم إقامة فى الأفئدة قبل البيوت، القاهرة التى (يفبرك) إعلامها أخباراً عن إيواء السودان لقيادات إخوانية مازالت تستضيف رموز معارضة سودانية وقادة مسلحين يخاطبون منسوبيهم فى الداخل ويدعونهم للاعتصام والانتفاضة الشعبية واتباع الوسائل كافة لإسقاط الحكومة.
العلاقات السودانية المصرية عانت كثيراً خلال الفترة الماضية ومازالت رغم التقدم الذى حدث فى بعض الملفات، على القاهرة الانتباه الى أهمية السودان فى منظومة الجوار الاستراتيجي القائم على المصالح المتبادلة، أوفت الخرطوم بكل ما وعدت به ومازالت تتوازن بوعي واعتدال وتفهم لدورها تجاه الأشقاء فى مصر، نثرت كنانتها فاختارت أقواها عوداً وأمضاها شكيمة سعادة السفير الدكتورعبد المحمود عبد الحليم الذى أنجز الكثير ومازال الطريق أمامه طويلاً وشاقاً.
لابد لمصر من اقتراب أكثر تستعيد معه أراضيها المفقودة وتأثيرها المعلوم على الملفات الإقليمية والدولية، على القاهرة أن تتحسس موقعها من الخرطوم، هي أقرب بحكم الجغرافيا والتاريخ وروابط وادي النيل الذى يجمع شعباً واحداً فى بلدين، لكنها للأسف بعيدة بحساب المواقف ومستوى الانفعال بالهموم المشتركة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق