الثلاثاء، 17 يناير 2017

(القاهرة، جوبا، كمبالا) تدخل على الخط.. (تشوين) الجبهة الثورية.. تحالف ثلاثي ضد الخرطوم

فاجأ موقع (سودان تربيون) الإخباري الأوساط السياسية والدبلوماسية والعسكرية في الخرطوم وجوبا قبيل أيام من زيارة مرتقبة للرئيس جنوب السوداني للخرطوم، فاجأهم بتقرير إخباري يدّعي إبرام اتفاق بين الرؤساء المصري عبد الفتاح السيسي وجنوب السوداني سلفاكير ميارديت واليوغندي يوري موسفيني للتنسيق المشترك لفتح معسكرات تدريب وإيواء للمعارضة السودانية المسلحة على الحدود بين جنوب السودان ويوغندا بهدف إسقاط الحكومة السودانية التي تدعم نظيرتها الإثيوبية في بناء سد النهضة على النيل الأزرق.
ويعيد الخبر إلى الأذهان حالة العداء بين الخرطوم (القاهرة، كمبالا، والحركة الشعبية في الجنوب) والتي ظهرت بوضوح في أعقاب المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك في أديس أبابا العام 1995م واتهامات القاهرة للخرطوم بالوقوف وراء المنفذين.
وبغض الطرف عن صدقية الخبر، فإن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وصل إلى العاصمة اليوغندية كمبالا، نهايات العام المنصرم، في زيارة، هي الأولى من نوعها لرئيس مصري، وبحسب إعلام البلدين فإن قمة (السيسي – موسفيني) بحثت الوضع الإقليمي، وملف مياه النيل، بجانب الملفات المشتركة بين البلدين.
يأتي خبر (سودان تربيون) في وقت ينتظر أن يزور الرئيس جنوب السوداني سلفاكير ميارديت الخرطوم طبقاً لوزير خارجيته دينق ألور. وقال الور في زيارته الأخيرة للخرطوم من أجل المشاركة في احتفالات السودان بأعياد الاستقلال إن الرئيس كير سيثل إلى الخرطوم في غضون أسبوعين للتباحث مع نظيره السوداني عمر البشير في القضايا ذات الاهتمام المشترك بما فيها الاتهامات المتبادلة بين البلدين حول تبادل الإيواء بجانب بحث مستقبل اتفاقيات التعاون المشتركة الموقعة بين البلدين في العام 2012م .
وتترقب الأوساط السياسية والدبلوماسية والعسكرية في البلدين، فضلاً عن المجتمع الدولي، زيارة رئيس جنوب السودان إلى الخرطوم، في أعقاب نهاية مهلة الـ(71) يوماً التي منحها البشير لجوبا لإنفاذ اتفاقيات التعاون المشترك بنقاطها التسع ومهرها كير بتوقيعه في العام 2012م.
ومن شأن هذا التنسيق العسكري المزعوم إثارة موجة من التساؤلات في مقدمتها تساؤل ما إذا كان الصراع بين هذه الدول قد انتقل إلى مربع جديد لإسقاط نظم حكم عبر آلية العمل المسلح أسوة بما يجري في منطقة الهلال الخصيب. ثم إن انضواء هذه الدول تحت مظلة الاتحاد الإفريقي ومساعيها -التي أوردها التقرير – تتناقض مع نظم الكيان الإفريقي الكبير، ثم إن أكثر التساؤلات ستتعلق بالمكاسب التي يمكن أن تجنيها دولتي يوغندا كدولة منبع وجنوب السودان كدولة ممر لمياه النيل من مناصرة مصر في نزاعها مع إثيوبيا حول سد النهضة، وتأثيرات ذلك على نزاع مصر مع السودان حول مثلث حلايب الغني بالمعادن والغاز الطبيعي والذي يعتبر كذلك موقعاً استراتيجياً لحماية مصالحها المائية في النيل الأزرق.
في الخرطوم، سارع وزير الإعلام الناطق باسم الحكومة السودانية، د. أحمد بلال، إلى التشكيك في الخبر، مشيراً إلى أن علاقات (الخرطوم – جوبا) في أحسن حالاتها، حد أن الرئيس سلفاكير يعتبر نظيره البشير الداعم الرئيس لعملية السلام في دولة جنوب السودان.
بدوره نفى سفير دولة جنوب السودان بالخرطوم، ميان دوت، صحة المعلومات الواردة في تقرير الموقع. وقال ميان في تصريحات لـ (الصيحة) إن كل المعلومات التي أوردها الموقع في تقريره مجهولة النسبة والمصدر، وعارية من الصحة، ويعوزها السند المنطقي.
وأشار إلى أن الحديث عن اتفاق الدول الثلاث على إسقاط الحكومات يتنافي تماما مع المواثيق والأعراف الدولية وميثاق الأمم المتحدة الذي يمنع التدخل المباشر في الشأن الداخلي للدول، وأضاف أن هذا التقرير لا يعدو أن يكون عملية تشويش من قبل المعارضة الجنوبية لحكومة بلاده لتعكير صفو علاقتها بدولة السودان، واصفاً علاقات البلدين بأنها في أحسن حالاتها، ووصلت إلى مراحل متقدمة من خلال الزيارات المتبادلة ضمن أعلى المستويات، وآخرها زيارة وزير خارجية دولة جنوب السودان دينق ألور ومشاركته في احتفالات أعياد الاستقلال ونقله لرسالة من الرئيس سلفاكير لنظيره البشير، موضحاً بأنهم في حالة ترقب لزيارة الرئيس سلفاكير للخرطوم في غضون أيام.
عن مخرجات الزيارة التي قام بها سلفاكير مؤخراً لمصر واستند عليها التقرير الإخباري الذي أورده الموقع في معلوماته قال إنها تلبية لدعوة وجهها له الرئيس السيسي، وركزت على الملفات الاقتصادية بين البلدين في جانب الزراعة والتنمية والتعليم العالي بفتح فرع لجامعة الاسكندرية في جوبا، واتهم ميان المعارضة الجنوبية بفبركة التقرير مستدلاً بزجه لمشروع سد النهضة الذي ليس لدولته علاقة به من قريب أو بعيد (حد تعبيره) وقال: "هذا شأن خاص بدولتي مصر وإثيوبيا".
وفي السياق، شدّد السفير على أن بلاده تتمتع بعلاقة حسن جوار جيدة مع دولة إثيوبيا التي قام رئيس وزرائها بزيارة جوبا قبل شهر وتم الاتفاق على عدد من النقاط.
وفي إطار نفيه لما ورد في التقرير، قال سفير دولة جنوب السودان في الخرطوم: "نحن الآن نعمل في إنفاذ الترتيبات الأمنية المتفق عليها مع الخرطوم". وزاد بأن الاتفاق واضح وأن الطرفين شرعا في تنفيذه بصورة جادة إذ قامت حكومة دولة جنوب السودان بطرد المعارضة السودانية المسلحة من أراضيها، ذات الأمر ينطبق على حكومة السودان التي قامت بطرد المعارضة الجنوبية من التراب السوداني. ورفض ميان الاسترسال في الحديث في ملف طرد المعارضة مبرراً ذلك بأنه ملفات أمنية لا يمكن الحديث عنها في الإعلام، واكتفى بالقول إن كل طرف يعرف الإجراءات التي تمت من نظيره في هذا الملف الذي حدث فيه تقدم كبير.
من جانبه قال مسؤول الإعلام برئاسة الجمهورية د. عبد الملك البرير، إن التقرير يحمل في طياته إشارات عدائية بدرجة عالية، ما يستوجب التوثُّق منه، وقال في حدثيه مع (الصيحة) إنه حتى ولو كانت المعلومات التي أوردها الموقع في تقريره صحيحة بنسبة 100% فلا يمكن أن تورد ويتم الكشف عنها بهذه الطريقة وقال: "حتى إن تم هذا الاتفاق من الصعب أن يتم الإعلان عنه بهذا الشكل الذي فيه نوع من "الفجاجة".
وأشار البرير إلى أن الرئيس سلفاكير كان يركز في حديثه مع أجهزة الإعلام خلال زيارته وفي الآونة الأخيرة، على ضرورة إقامة علاقات وتعاون جيد مع السودان، وهذا يكشف بوضوح أن ما أورده الموقع في تقريره لا يتسق مع خطاب سلفاكير فيما يخص العلاقة مع السودان.
وأكد د. البرير أن علاقة السودان مع مصر ودولة الجنوب في أحسن حالاتها ولا تشوبها أي شائبة، واتفق البرير مع السفير ميان في فرضية أن هذا التقرير يرقى لدرجة اعتباره خبراً مدسوساً من المعارضة وجهات لها أجندت ومصلحة في أن تسوء العلاقة بين هذه الدول، وختم: "يجب نفيه من قبل الجهات التي ورده اسمها في سياق هذا الخبر".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق