الأحد، 8 يناير 2017

"ما بعد مالابو"

يُنتظر أن يزور سلفاكير ميارديت، رئيس دولة جنوب السودان، العاصمة الخرطوم لتوطيد العلاقات بين البلدين ومناقشة القضايا العالقة، والزيارة تُعتبر السادسة للرجل منذ استقلال بلاده في التاسع من يوليو 2011.
سلفاكير سليتقي نظيره الرئيس المشير عمر البشير، لاستكمال عدد من الملفات، ابتدرا مناقشتها في قمة مشتركة في عاصمة غينيا الاستوائية "مالابو"، على هامش مشاركتهما في القمة العربية الأفريقية.   
بالنسبة إلى الكتاب والمحلل السياسي، عبد الله رزق، فإن زيارة سلفاكير للخرطوم امتداد لزيارة نائبه الأول تعبان دينق في العام الماضي، وعدَّها زيارة ضرورية لمتابعة ما تم التوصل إليه والاتفاق حوله مع الخرطوم. ويقول رزق لــ(اليوم التالي)، إن الأوضاع المضطربة في دولة الجنوب تضع القضايا الأمنية في مقدمة اهتماماته. وأوضح أنه بالنظر لعلاقة الخرطوم بالمعارضة التي يتزعمها رياك مشار، فإن سلفاكير مهتم بدور ما للخرطوم في احتواء المعارضة وتحجيمها على الأقل.
وكان السودان وجنوب السودان قد وقعا في 27 سبتمبر 2012 اتفاق التعاون المُشترك في أديس أبابا، ويشمل الاتفاق تسع اتفاقيات تضم القضايا الخلافية المترتبة على انفصال الجنوب، باستثناء ترسيم الحدود، ومن أبرز القضايا النفط والأمن والمتمردون واتفاق (الحريات الأربع)، الذي يمنح مواطني أي بلد حق الدخول للبلد الآخر بلا تأشيرة والإقامة والعمل والتملك.
وسبق أن أصدر سلفاكير، أوامر لوحدات الجيش بالانسحاب الفوري من الحدود مع السودان، وأبدى استعدادًا للتطبيع الكامل معه وتفعيل اللجان المشتركة التي تم تشكيلها بعد انفصال بلاده في يوليو 2011. وقال سلفاكير – وقتها - إنه قرر التطبيع الكامل مع السودان، وسحب جميع القوات العسكرية التابعة لبلاده، من الحدود لمسافة 5 أميال جنوبًا، وفقًا لحدود عام 1956.
ويشير رزق، إلى أن موضوع الأمن أصبح مشروع مقايضة لم يكتمل بين الخرطوم وجوبا، ولم تجد الاتفاقات التي وقعها الطرفان في أديس أبابا قبل أكثر من عامين والتي تشمل تسوية لموضوع الأمن حظها من التنفيذ، فبقيت الدولتان تتبادلان الاتهامات بشأن إيواء المتمردين ودعمهم.
ويقول الصحفي والمحلل السياسي من جنوب السودان، أتيم سايمون، لــ(اليوم التالي)، إن تجاوز مشكلة ترسيم الحدود في ظل انعدام الثقة والاتهامات المتبادلة بين الخرطوم وجوبا، يتطلب تفعيل اللجان المتعلقة بنشر قوات المراقبة على الشريط الحدودي، لتأكيد مسألة الإيواء والانتشار، لأن الملف الأمني هو المسيطر على الجانب الفني للحدود.
وتبدي الخرطوم، على الدوام، حالة من عدم الرضى حيال بطء تنفيذ اتفاقيات التعاون مع دولة جنوب السودان، وتقول إن حزمة التفاهمات بين البلدين لم يُنفذ منها سوى تلك الخاصة بتصدير نفط الجنوب عبر ميناء بورتسودان.
وكانت السلطات في الخرطوم قد وجهت بإغلاق الحدود المشتركة مع جنوب السودان في أعقاب انفصال الأخيرة، ما أدَّى إلى مضاعفة معاناة سكان الولايات المتاخمة للسودان، وهي (أعالي النيل والوحدة وغرب بحر الغزال وشمال بحر الغزال وواراب).
ويؤكد عبد الله رزق أن جوبا تتطلع لإحياء وتفعيل الاتفاق النفطي مع الخرطوم، التي هي في حاجة ماسة للعائدات من عملية تصدير بترول الجنوب، وهناك مصلحة مشتركة للبلدين، يباعد بينها الاختلاف حول الأمن. خاصة وأن جوبا لم تتجاوب، فيما يبدو، مع طلب الخرطوم بطرد المتمردين، وبالتالي ليس ثمة ما يمكن أن تقدمه الخرطوم بالمقابل، فيما يخص المعارضة الجنوبية.
ويشير أتيم سايمون، إلى ضرورة اتفاق الأطراف المتنازعة، على تحديد نقاط مراقبة خلال مسألة الترسيم، وأشار إلى أن مسألة بناء الثقة تتطلب فتح صفحة جديدة على أرض الواقع لتنفيذ القضايا العالقة، لكنه أكد عدم وجود خطوات فعلية على أرض الواقع، بالإضافة إلى أن اللجان الفنية المشتركة استغرقت وقتًا طويلًا، ما جعل الخرطوم تشكك أن جوبا تماطل في إيجاد حل للملف.
ويتبادل السودان وجنوب السودان اتهامات بشأن دعم وإيواء متمردي البلدين، رغم التزام الخرطوم وجوبا باتفاقات موقعة بينهما، تقضي بعدم دعم وإيواء أي بلد لمتمردي البلد الآخر.
ويرى أتيم سايمون، ضرورة اجتماع اللجان الفنية المُتخصصة في ترسيم الحدود والملفات الأمنية، لتحريك الملف وفتح صفحة جديدة لبناء حوار جديد بين الخرطوم وجوبا.
على المدى المنظور، طبقًا لرأي عبد الله رزق، فليس ثمة إمكانية لقيام الخرطوم بدور أمني،  بالاشتراك مع جوبا في تأمين حقول البترول في ظل استمرار تمرد رياك مشار، ورهطه من النوير، فضلًا عن الوجود الأوغندي في الجنوب والذي يعتبر مُنافسًا ومانعًا أمام أي نفوذ للخرطوم في الجنوب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق