الثلاثاء، 17 يناير 2017

أبيي وألور.. جانب من تجليات علم النفس السياسي!

دينق ألور وزير خارجية دولة جنوب السودان، بالكاد نجا من مهاوي الردى التى أشعلها الصراع الدموي الفاجع في دولة جنوب السودان بين قادة الحركة الشعبية وما تزال نيرانه مستعرة حتى الآن. ثم بالكاد تسنى للشاب الجنوبي المملوء حسرة وإحباطاً على ما آل اليه الوضع في دولتهم الوليدة ان يصبح وزيراً وأن يمسك بملف الوزارة المعنية بالشأن الخارجي بعد ان بذل ما بذل من جهد مضني لدى رئيسه سلفا كير لكي يرضي عنه عقب اقصاؤه هو باقان أموم ذات غضبة مضرية غضبها سلفا كير لم ينجح احد منهم في وقف نيرانها.
 ويمكن القول ان دينق ألور يعمل الآن بقدر كبير من الخوف والحذر، فقد أسر أحد المحيطين بألور لبعض ندمائه في نيروبي في شهر ديسمبر الفائت قبالة أعياد الميلاد بأن ألور لا يغمض له جفن ليلاً إلا لساعتين أو ثلاث على اقصى حد مخافة غدر رئيسه به، ويقول الرجل إن سلفا كير قبل إعادته إلى الحكومة لكي يعمل على (اعادة أبيي) إلى دولة جنوب السودان بأي ثمن وربما كان هذا يفسره حديثه الاخير عقب زيارته إلى الخرطوم عن تبعية أبيي لدو لة جنوب السودان!
 الوزير الجنوبي منهك نفسياً وبدنياً، وأدخلت الحرب الدامية في جوبا الروع في نفسه وللمفارقات فإن انتماؤه لقبلية الدينكا لم يشفع له إلا بقدر قدرته على مداهنة رئيسه والمراهنة عل معجزات قد تقع إما حملت رئيسه لخارج السلطة أو عبر الوفاة الطبيعية. ولعل اكثر ما يدهش حالياً في الأوضاع الجنوبية ان الحكومة الجنوبية القائمة في جوبا لا تسيطر حتى على كامل تراب العاصمة جوبا فهناك (جيوب) وهنالك مؤيدين لخصم الرئيس، الدكتور مشار، ومع كل هذا الوضع المضطرب وضيق المجتمع الدولي بما يجري وسعيه لإنزال العقاب بالفرقاء الجنوبيين فإن دينق ألور -لطرافة الموقف وسخريته- ما يزال يأمل في استرداد منطقة أبيي لصالح دولته الممزقة!
 دولة حديثة النشأة لا يحترم قادتها مسئوليتهم الوطنية، قاتلوا بعضهم بشراسة ومع ذلك أعينهم على منطقة سودانية يعتقدون انها تابعة لبلادهم!  والأكثر غرابة أن ألور زار الخرطوم والتقى كبار مسئوليها وما يزال التزام حكومته في جوبا بطرد الحركات السودانية المسلحة من هناك التزاماً معلقاً، خاوي المحتوى بلا قيمة سياسية مع أن اشتعال الموقد الجنوبي يكفي هو وحدة ولكن جوبا ما تزال تصر على إضافة (المزيد من الحطب) على الموقد.
 إن تعقيدات العلاقة بين الخرطوم وجوبا-إن أردنا الإنصاف- نابعة من الأساس من أشخاص. قادة ترسبت في دواخلهم غوائل وغبائن تاريخية قديمة ما تزال حية بداخلهم متناسين واقعهم المرير وسوء إدارتهم المخجل لبلادهم وسوء تعاملهم مع حلفائهم، فلئن وجد ألور الشجاعة لزيارة الخرطوم فلتواتيه الشجاعة لزيارة واشنطن!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق