الاثنين، 4 يونيو 2018

مصر والسودان.. خصوصية العلاقة… حساسية المواقف

يصف المراقبون والمهتمون بشأن العلاقة بين السودان ومصر بأنها علاقة إستراتيجية ومهمة، وقد شبه أحدهم العلاقات التى تجمع بين مصر والسودان بـ»المقدسة»، لذلك نجد أن العلاقة بين البلدين فى أحسن حالاتها، فالقنوات مفتوحة ما بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى ونظيره الرئيس عمر حسن البشير، وكذلك القنوات الدبلوماسية، ويصف المصريون السودان بأنه العمق الاستراتيجى الجنوبى لمصر، لذا فإن هنالك ضرورة قصوى للتعاون بين البلدين لمعالجة كل القضايا العالقة بشيء من الحكمة والحرص على اعتماد الشفافية والصراحة والوضوح في كل الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
أعقد مشاكل وادي النيل
وتأتي الزيارة الحالية لوزير الخارجية، الدرديري محمد أحمد، للقاهرة في سياق الحرص على البعد الإستراتيجي للعلاقة بين البلدين، حيث أعلن الديرديري في ختام الزيارة عن عقد قمة مرتقبة بين رئيس الجمهورية، المشير عمر البشير، ونظيره المصري، عبدالفتاح السيسي، في أكتوبر المقبل، وأضاف في مؤتمر صحفي بالقاهرة،: «نقلت للرئيس السيسي، دعوة من البشير، لزيارة الخرطوم في أكتوبر، وقال الديرديري إنه تطرق مع السيسي لضرورة إطلاع الشعبين السوداني والمصري بما يدور في الاجتماعات واللقاءات المشتركة بين البلدين، موضحاً أنه سيتم إطلاع الإعلام على تفاصيل الاجتماعات والمشاورات التي تجرى مستقبلاً، وقال وزير الخارجية، إن لقاءه مع شكري، اتسم بالحميمية والصراحة والشفافية، وأضاف «تطرقنا لأهم وأعقد مشاكل وادي النيل، وأكدنا العزم على تجاوز هذه الخلافات وتناولنا مختلف القضايا الإقليمية لا سيما التطورات في جنوب السودان وليبيا واتفقنا على مضاعفة التنسيق بين البلدين». وحول الأوضاع في ليبيا، قال الدرديري «نتطلع أن ينجز الليبيون اتفاقاً شاملاً يتجاوز الأزمة الحالية كون ما يحدث يتسبب في آثار سالبة، ومنها تسرّب الأسلحة والحركات المسلحة إلى داخل الحدود السودانية وكذلك المصرية»، وأضاف وزير الخارجية أن هناك اتفاقيات مرجعية تجمع بين السودان ومصر تحدد كيفية تعامل البلدين مع دول الحوض الأخرى، والبلدان يحترمانها، وزاد بالقول: «إن البعض ظن أن هناك تبايناً في المواقف أو تناقضاً في سد النهضة» وهذا ليس بصحيح، هناك اتفاقيات مرجعية تجمع بين السودان ومصر تحدد كيفية تعامل البلدين مع دول الحوض الأخرى، والبلدان يحترمانها»، مشيراً إلى أن البلدان الثلاثة قطعت شوطاً مقدراً، ومضى بالقول: «صحيح هناك إشكالات كبيرة وتحديات تبرز من وقت لآخر كوننا في مرحلة مفصلية ومقبلون على تطور مهم جداً في الحوض، لكن وجود الآليات ساهم في تقريب مواقف البلدان الثلاثة»، وتابع «اتفقنا على مضاعفة الجهد لتجاوز أي إشكالات قائمة الآن، لتذليل أي صعاب تظهر بين الدول الثلاث واستمرار التنسيق واستدامته»، وزاد الدرديري بالقول: اتفقنا على مضاعفة الجهد لتجاوز أي إشكالات قائمة الآن وجار حالياً تحديد موعد جديد للجنة التساعية لتذليل أي صعاب تظهر بين الدول الثلاث واستمرار التنسيق واستدامته
التوافق في الرؤى.
بدوره، قال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إن اللقاء تناول العلاقات الثنائية والاتفاق على دورية آلية التشاور السياسي شهرياً لتناول القضايا الفرعية كافة، والتنسيق فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية، وأشار إلى أنه جرى التباحث بالقضايا الإقليمية ومنها التطورات في ليبيا وجنوب السودان وقضية سد النهضة، والعلاقات الثلاثية السودانية المصرية الإثيوبية و»كان هناك قدر كبير من التوافق في رؤى هذه القضايا»، والتقى الدرديري الذي وصل للقاهرة الثلاثاء، بالرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، وسط حضور وزير الخارجية المصري، سامح شكري، واللواء عباس كامل القائم بأعمال رئيس المخابرات العامة، بالإضافة إلى سفير السودان بالقاهرة. وتعتبر زيارة وزير الخارجية الدرديري لجمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الأولى له للدول العربية منذ تعيينه في 15 مايو الجاري، خلفاً للبروفيسر إبراهيم غندور، وتعتبرالزيارة بداية لجولة عربية تشمل مصر والسعودية يعقد خلالها لقاءات ثنائية مع رصيفيه فى كل من القاهرة والرياض، وكان الوزير قد إلتقى بوزير الخارجية المصري سامح شكري في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في اجتماع تشاوري على هامش اجتماعات الاتحاد الإفريقي «الجمعة والسبت»، المخصصة لبحث الإصلاح المؤسسي للاتحاد الافريقي، في مقر الاتحاد الافريقي.
وكان السفير عبدالمحمود عبد الحليم سفير السودان في القاهرة، قد أشار في تصريحات صحفية «الثلاثاء» بمطارالقاهرة الدولي إن المباحثات تركز على سبل ووسائل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين، وتحريك الآليات التي أقرها كل من رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في أكثر من قمة، لحل القضايا العالقة والوصول بالعلاقات إلى آفاق أرحب، استناداً إلى خصوصية العلاقات، وأضاف عبد الحليم، أن المباحثات تشمل قضايا المنطقة العربية والأفريقية، وخاصة الأوضاع في ليبيا واليمن وسوريا، وكذلك تعزيز التنسيق بين البلدين في المحافل الدولية والإقليمية، وأوضح أن اجتماع الوزيرين سيحدد الموعد المناسب لاجتماعات اللجنة الرباعية، المكونة من وزيري الخارجية ورؤساء المخابرات في البلدين، والتي من المفترض أن تعقد جولتها المقبلة في الخرطوم.
وكان وزير الخارجية قد أوضح في تصريحات صحفية عقب استقبال رئيس الجمهورية المشير عمر البشير له ببيت الضيافة قبل سفره للقاهرة، إنه اطلع الرئيس على التحركات التى يعتزم القيام بها الى مصر والرياض، لافتاً إلى انه سيعقد لقاءً ثنائيا مع الدكتور سامح شكري وزير الخارجية المصري، واضاف انه عقب زيارته الى القاهرة سيتوجه الى المملكة العربية السعودية فى زيارة يجري خلالها لقاءً مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير فى اطار اجتماعات لجنة التنسيق المشترك بين البلدين، واشار الوزير الى انه اطلع البشير علي نتائج الاجتماعات التي عقدت بأديس ابابا بشأن السلام فى دولة جنوب السودان بجانب مجمل الاداء في وزارة الخارجية، حيث تعهدت وزارة الخارجية بالعمل على تجاوز كل التحديات التي تواجه السياسة الخارجية، والمتمثلة في صون الأمن القومي، وتحقيق السلام والاستقرار والتنمية الشاملة، مؤكدة سعيها إلى تطوير وترقية العلاقات مع دول المحيط الإقليمي والدولي، عبر تكثيف التواصل المباشر.
العلاقات مع مصر
وأكد في بيان الخارجية أمام المجلس الوطني عن أداء الوزارة للنصف الثاني من العام 2017م إحتواء التصعيد بين السودان ومصر وتعزيز حالة التهدئة بعد الزيارة التي أجراها رئيس الجمهورية، عمر البشير، لمصر في فبراير الماضي، مبيناً أنه تم وضع مصفوفة لحل كل المشاكل العالقة بين البلدين. وأشار وزير الخارجية في حديثه إلى السياسة الخارجية للبلاد بقيادة الدبلوماسية الرئاسية التي ترتكز على الإقليمين العربي والأفريقي، خاصة العلاقات مع دول الجوار لما تعنيه من حفظ الأمن القومي، مبيناً أن البعد الاقتصادي له أهمية قصوى في عمل الوزارة لإنفاذ مبادرة رئيس الجمهورية لتحقيق الأمن الغذائي العربي.
وأضاف الدرديري أنه رغم الصراعات التي تشهدها المنطقة، بيد أن السودان سعى لبناء علاقات ثنائية تقوم على أساس التعاون والتعايش والعمل الجماعي مع الدول، وتضمن تقرير الوزارة ارتباط السياسة الخارجية بتحقيق الأمن القومي والاستقرار الإقليمي، ونوه الدرديري لمشاركة البلاد الفاعلة في اجتماعات الدورة السادسة للمنصات الوزارية لاستراتيجيات الساحل، وأشار التقرير الذي تلاه الدرديري محمد أحمد، على الاجتماع الوزاري لـ»الإيقاد» لجهود السودان لتحقيق السلام في دولة جنوب السودان وحرصه على تنمية الحدود المشتركة السودانية التشادية، والعمل من خلال لجنة الاتحاد الأفريقي المعنية بتحقيق السلام في أفريقيا الوسطى، وأضاف أن السودان يسعى لبناء علاقات استراتيجية مع محيطه العربي، منوهاً إلى أن الجامعة العربية أجازت القرار الخاص بدعم التنمية والسلام في السودان، بجانب المطالبة برفع العقوبات الأمريكية عن البلاد ودعم خطة البرلمان العربي لرفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، وأن الوزارة مستمرة في مسيرة الانفتاح الخارجي على دول العالم، من خلال تعزيز وبناء شراكات استراتيجية واقتصادية تراعي مصالح السودان، و تعمل الخارجية على إبراز وجه السودان المشرق على المحيط الإقليمي والدولي، وتوسيع قاعدة التعاون الخارجي.
وقال وزير الخارجية، الدرديري محمد أحمد، إن السودان يحضّر الآن للمرحلة الثانية من الحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية توطئة لتدشينها قريباً، وأشار إلى دور البلاد في قضايا الأمن والسلام الإقليمي ومحاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية ومكافحة الجرائم العابرة للحدود، وقال وزير الخارجية، في بيانه أمام المجلس الوطني عن أداء الوزارة للنصف الثاني من العام 2017م والربع الأول من العام الجاري، إن السودان أصبح يعدّد وينوّع خياراته الدبلوماسية وعلاقاته الخارجية مع القوى الصاعدة ذات التأثير الاقتصادي والسياسي في العالم، وأشار إلى تطوير علاقات البلاد مع «تركيا، روسيا، البرازيل، الهند، والصين» وعدد من الدول الآسيوية ودول الخليج، مؤكداً أن السودان يتوجه نحو الاندماج في الاقتصاد العالمي وجذب الاستثمارات.
تقرير الخارجية أكد أن السياسة الخارجية تشهد تطوراً كبيراً يقوم على تحقيق الأهداف الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين السودان والعديد من الدول الآسيوية التي تضع البلاد في أعلى سلم أولوياتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق