الخميس، 28 يونيو 2018

“من الخرطوم سلام”

من المنتظر أن تتوج اليوم الأربعاء، المباحثات بين رئيس دولة جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، وزعيم المعارضة المسلحة، رياك مشار، بتوقيع اتفاق سياسي، بإشراف الرئيس عمر البشير.
وقال وزير الخارجية الدرديري محمد أحمد، في الجلسة المباشرة لمبحاثات الجانبين، بالخرطوم، إن “المباحثات المغلقة التي جرت بين سلفاكير ومشار، بحضور الرئيس عمر البشير، توجت بالاتفاق على بعض النقاط، سيعلن عنها صباح اليوم”، دون مزيد من التفاصيل.
من جانبه، قال زعيم المعارضة المسلحة، ريك مشار، إن “مسودة الاتفاق مع رئيس دولة جنوب السودان، سلفاكير ميارديت وصلتني متأخرة، ولم أطلع عليها بشكل جيد”.
وأضاف: “أطلب مهلة بـ48 ساعة للجلوس مع بقية المعارضة المسلحة، لمناقشة مسودة الاتفاق والتوقيع عليها”. وتابع: “لم تكن هناك رؤية واضحة لتحقيق السلام بدولة جنوب السودان، لكن السودان بإمكانه رعاية عملية تفاوضية شاملة”.
بدوره، قال رئيس دولة جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، إن “مساعي الرئيس عمر البشير، جادة لتحقيق السلام في دولة جنوب السودان”. واعتبر أن “البشير قادر على رعاية السلام بأمانة، وتحقيق خطوات إيجابية”.
وينص الاتفاق المنتظر توقيعه بين سلفاكير ومشار، والذي حصلت (اليوم التالي) على نسخة منه، على “إعلان وقف إطلاق النار التام والدائم في كل الجبهات”. كما ينص أيضًا على “القبول بتجميع كل القوات المقاتلة من جميع الأطراف في مواقعها الراهنة، وتفويض منظمة (إيقاد ـ الهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا) والاتحاد الأفريقي، لنشر القوات الأفريقية اللازمة لمراقبة وقف إطلاق النار”. ويقضي أيضًا بـ”قبول مبدأ العمل معًا من أجل إنسان دولة جنوب السودان، على أن يتم اعتماد المدن الثلاث: جوبا، ملكال، وواو، عواصم مؤقتة تتقاسم مؤسسات الحكم”.
ومنح الاتفاق، “تفويضًا لحكومة السودان لاتخاذ ما يلزم نحو تأمين حقول النفط بدولة جنوب السودان، بالتنسيق مع حكومة البلد الأخير، والعمل على تأهيل الحقول والعودة بالإنتاج النفطي لمستوياته السابقة”. وأضاف الاتفاق أنه “في هذا الإطار، تتم تسوية المسائل العالقة بين البلدين الشقيقين المرتبطة بالقطاع النفطي”.
وفي كلمته أمام الجلسة المباشرة، وجه الرئيس عمر البشير، بفتح الحدود مع دولة جنوب السودان، لتسهيل حركة المواطنين والتجارة. وقال، إن جهود بلاده “مستمرة إلى حين الوصول إلى سلام حقيقي في دولة جنوب السودان”. وأضاف: “سنقف معكم ولن نترك أي فرصة أو محاولة، لتحقيق السلام في بلدكم، ووجودكم في الخرطوم غير وجودكم في أي عاصمة أخرى”. وأشار إلى أن “الظروف الإنسانية للاجئين من دولة جنوب السودان سيئة، وسنعاملهم بصورة استثنائية، وندعمهم ونخفف من آلامهم”.
ولفت إلى أن “الزعيم الحقيقي هو الذي يضحي من أجل شعبه، ولا زعامة لشخص يضحي من أجل مصالح وأهداف شخصية”. وأضاف، “كنت رئيسًا للبلاد وأحارب من أجل الوحدة مع جنوب السودان، ورئيسًا للحكومة التي وقعت اتفاقية السلام الشامل في 2005”. وتابع، “كنا حريصين على تنفيذ الاتفاقية والالتزام ببنودها رغم شعورنا بالألم، أن لا ينقسم السودان في عهد رئاسة عمر البشير”. وزاد: “لكن من أجل السلام ضحينا بأن ينقسم السودان في عهدنا من أجل السلام، ولكن للأسف كانت النتيجة أن الأوضاع تدهورت في جنوب السودان، أكثر من أيام الحرب قبيل تنفيذ الاتفاقية”. ومضى قائلًا: “حجم أعداد الضحايا في الصراعات الأخيرة بدولة جنوب السودان فاقت كل الدماء التي أريقت في الحرب التي استمرت في جنوب السودان لأكثر من 20 عامًا”. واستدرك: “إذا لم نصل إلى سلام خلال أسبوعين في الخرطوم، فستجدوننا معكم من أجل المواطن في جنوب السودان”. وأضاف: “إذا لم تتوصلوا إلى سلام، فسيكون هناك كلام”.
وسبق أن كشفت الحكومة، الأحد الماضي عن خطة مشتركة مع جوبا لإعادة تشغيل حقول دولة جنوب السودان، يبدأ تنفيذها في الفترة المقبلة. وقال وزير النفط، أزهري عبد القادر، خلال لقائه وزير الطاقة بدولة جنوب السودان، إزيكيل لول جاتكوث، إن زيارة وفد بلاده تأتي في إطار إجراء مباحثات فنية عالية المستوى، تفضي إلى إعادة تشغيل حقول دولة الجنوب.
وشملت أجندة المباحثات، إعادة الإنتاج النفطي من بعض الحقول وزيادة حجم الإنتاج من حقول أخرى في دولة الجنوب.
وتشهد عمليات الإنتاج والتصدير للنفط المستخرج من حقول الجنوب، مشاكل فنية، وأخرى مرتبطة بخلافات حول رسوم نقل الخام عبر الأراضي السودانية ومنها إلى الخارج.
وفي 2013، وقع السودان ودولة الجنوب 9 اتفاقيات في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، من بينها اتفاقية النفط التي تتضمن الترتيبات المالية الانتقالية التي تتضمن رسوم عبور وتصدير نفط جنوب السودان عبر الأراضي السودانية. وانفصال جنوب السودان، أفقد الأخيرة ثلاثة أرباع مواردها النفطية، بما يساوي 80 بالمائة من احتياطيات النقد الأجنبي و50 بالمائة من الإيرادات العامة.
وانطلقت، أمس الأول (الاثنين)، مباحثات السلام بين أطراف النزاع بدولة جنوب السودان، بالخرطوم بوساطة (إيقاد)، وحضور الرئيس البشير ونظيره الأوغندي، يوري موسفيني. والخميس الماضي، اختتمت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، قمة قادة دول (إيقاد) التي استمرت ليوم واحد، لبحث مقترح إنهاء أزمة جنوب السودان.
وفي 5 يونيو الجاري، أعلنت الخرطوم عن مبادرة جديدة يقودها البشير، لحل الأزمة السياسية في جنوب السودان، بهدف “حث الفرقاء الجنوبيين لتجاوز الخلافات وتحقيق الاستقرار والتنمية”. والتقى سلفاكير، الأربعاء الماضي، مع مشار، في أديس أبابا، للمرة الأول منذ عامين.
وانفصلت دولة جنوب السودان عن السودان، عبر استفتاء شعبي، عام 2011، وتشهد منذ 2013 حربًا أهلية بين القوات الحكومية والمعارضة، اتخذت بُعدًا قبليًا.
وخلفت الحرب نحو 10 آلاف قتيل، وملايين المشردين، ولم يفلح في إنهائها اتفاق سلام وقعته أطراف النزاع عام 2015.
و(إيقاد) هي منظمة حكومية أفريقية شبه إقليمية، تأسست عام 1996، تتخذ من جيبوتي مقراً لها، وتضم كلًا من: إثيوبيا، كينيا، أوغندا، الصومال، جيبوتي، أريتريا، السودان، وجنوب السودان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق