الأربعاء، 27 يونيو 2018

انطلقت يوم "الاثنين" (كير – مشار).. مشاهد من (القمة)

قبل أن تُرسل الشمس أشعتها صوب الأرض، كانت جحافل السمر من أبناء دولة جنوب السودان تتوجه تلقاء قاعة الصداقة، العشرات من الشباب والنساء والكهول والأطفال احتشدوا بالدار الفسيحة، فثمة ما يستدعي هذا التدافع.

وتحتضن القاعة لقاء فوق العادة بين فرقاء الأزمة الجنوبية بقيادة الرئيس سلفاكير ميارديت، وزعيم المعارضة رياك مشار لمحو سنوات الضياع التي تحوّلت فيها خضرة الجنوب للون الدم القاني بعد احتراب استمر عدة سنوات، تحوّل معها الأهالي بين قتيل ونازح أو مترقّب لأحد المصيرين.
أهازيج للسلام
كان لافتاً منذ الوهلة الأولى منظر أبناء الجنوب وهم يصطفون في مشهد مرتب يرتدون شعارات تمجد السلام، الخرطوم، والرئيس البشير. ووصلت الأهازيج عنان السماء بحثاً عن سلام وتنمية وحرية تتنزل على أرض بلادهم التي ظهرت للعالم في 2011م.
ويشهد للمنظمين بأن الترتيب كان أية في الحضور، وجرى تنظيم الحشدين الرسمي والشعبي. وتم التعاطي برقي مع الأطفال وكبار السن، حيث تم توزيع وجبات خفيفة (ساندويتشات) على القابعين في هجير الشمس وقوفاً على أقدامهم لأكثر من خمس ساعات متواصلة.
حضور مشار
كان زعيم المعارضة الجنوبية رياك مشار على موعد مع الجماهير المحتشدة، فكان أول الحاضرين لقاعة الصداقة. وما إن هبط من العربة التي تقله حتى هتفت الجماهير بصوت عالٍ ومدوٍّ (حرية سلام وعادل مشار خيار الشعب).
ثم وقف مشار موجهاً وجهه شطر الجماهير ملوحاً بيده لها، فيما الهتافات تتزايد، وحالت حراسته المشددة دون التداخل بينه وبين الجماهير.
وفد ضخم
وصل رياك مشار إلى قاعة الصداقة بمعية وفد ضخم، ضم الناطق باسمه مناوا بيتر وآخرين. الوفد المرافق لم يأبه لهتاف الجماهير، وكان مسرعاً صوب القاعة.
ممنوع الدخول
مجموعة أخرى تضم عشرة أشخاص من ذوي البنية الجسدية القوية حضرت بعد دقائق من دخول مشار ثم وقفت بالقرب من الجماهير، وكانت تهتف معهم حرية سلام وعدالة مشار خيار الشعب، بعدها حاولت المجموعة الدخول إلى القاعة الرئيسية التي تحتضن الاجتماع، ولكن تم اعتراضها من قبل عناصر التأمين التي المتواجدة لدى المداخل وتم إنزالهم من عتبات القاعة، وحينها لم يجدوا بداً من العودة إلى الجماهير المحتشدة خارجاً والجلوس معها.
حضور الكبار
عقب دخول رياك مشار لقاعة الصداقة ببضع دقائق، حضر الرئيس عمر البشير برفقة نظيره اليوغندي يوري موسيفني الذي كان على متن سيارة البشير، بينما حضر سلفاكير ميارديت على متن سيارة أخرى، تلاه مدير جهاز الأمن والمخابرات الفريق أول مهندس صلاح عبد الله قوش.
وبمجرد وصول الرؤساء الثلاثة هتفت لهم الجماهير، ثم تحول الهتاف إلى (سير سير يا البشير) بعدها تحرك ثلاثتهم إلى قاعة الصداقة.
ورقة لام كول
قال القيادي الجنوبي المعارض لام كول أجاوين إن هنالك قضايا أهم من تقاسم السلطة، مثل صلاحيات الرئيس، مطالباً بتقليص تلك الصلاحيات وتقليص عدد الولايات إلى (10)، كما نصت عليها اتفاقية السلام السابقة، عطفاً على الأجراءات الأمنية المتعلقة بتكوين جيش قومي.
وقال أكول في تصريحات صحافية، إن الإرادة السياسية بين كل الأطراف هي التي تأتي بالسلام، مضيفاً أن (الطريق قصير ونظيف إذا توفرت الأرادة السياسية). ونفى لام أكول حديثهم لتقاسم السلطة، كاشفاً عن تقدّمهم بورقة لحل جذور السلطة وواصفاً موضوع تقاسم السلطة بأنه ليس جوهرياً.
وتابع أكول أن الحكومة ترى أن الحل في زيادة الوظائف الحكومية مثل زيادة عدد الوزراء ومقاعد البرلمان، مردفاً بأن الوظائف لا تحل جذور الأزمة، ناعتاً اقتصاد الجنوب بالمنهار والعاجز عن تغطية الصرف الحكومي.
تناقض حكومي
قال الناطق الرسمي باسم المعارضة مناوا بيتر، إن هنالك خلافات حول السلطة، مشيراً إلى أنهم يطالبون بتقليص مقاعد البرلمان بينما تسعى الحكومة لزيادة المقاعد البرلمانية بغرض نهب أموال الدولة.
وحول رفض حكومة الجنوب عودة مشار للسلطة، قال مناوا: هذا نوع من التناقض الحكومي، مضيفاً أن جوبا تقبل وساطة السودان للجلوس مع مشار، وفي نفس الوقت ترفض عودته للسلطة. مطالباً المجتمع الدولي بالضغط على الحكومة لتتراجع عن مواقفها التي اعتبرها نوعاً من التكتيك.مشدداً على عدم عودة تعبان دينق مرة أخرى للحركة الشعبية المعارضة، وقال إن تعبان أصبح جزءاً من الحكومة ولا يمثلهم، وبالتالي مشاركته في الحكومة لا تمثل المعارضة.
تقاسُم السلطة
قال وزير الإعلام بدولة جنوب السودان، مايكل مكواي إن المطالبة بتقسيم السلطة وفق المحاصصات التي طالب بها رياك مشار مرفوضة، وإن الحكومة سيكون نصيبها 70%، وما تبقى من السلطة سيمنح للمعارضة، وقال إن الحركة الشعبية جناح مشار لا تملك أي قوة عسكرية داخل الجنوب.
وحول المطالب بتقليص أعضاء البرلمان، قال مايكل مكواي: نرفض تقليص البرلمان، بل سنزيد مقاعد البرلمان بـ (100) مقعد جديد، مشيراً في تصريحات صحافية إن القضايا الأساسية التي ستتم مناقشتها في الخرطوم هي التي تتعلق بتقاسم السلطة.
مشاهد متفرقة
من أبرز المشاهد التي كانت واضحة بقاعة الصداقة، هو حرمان عدد من الصحافيين ومراسلي الوكالات الأجنبية من الدخول لجهة عدم تحصلهم على (ديباجات) صادرة من القصر الجمهوري، ورد العاملون بإعلام القصر أن الديباجات نفدت مبكراً.
تأمين مكثف
اللافت للنظر أيضاً هو الانتشار الكثيف بجوار قاعة الصداقة وعلى امتداد شارع النيل ومنع المركبات العامة من المرور بشارع النيل، الانتشار الشرطي المكثف أدى لحدوث اختناق في الشوارع المجاورة لشارع النيل مثل شارع الجامعة .
حضور مبكر
شكّل مساعد رئيس الجمهورية د. فيصل حسن إبراهيم حضوراً مبكرًا لقاعة الصداقة، حيث حضر من غير حراسة أو تأمين، بعدها حضر وزير الداخلية إبراهيم محمود الذي كان مسرعاً، ولم يتوقف عند المدخل كما فعل فيصل حسن إبراهيم الذي توقف للتلويح بيده للجماهير.
حضور متأخر
بعد دخول الرؤساء الثلاثة (البشير وموسيفني وسلفاكير)، حضر وزير رئاسة الجمهورية أحمد سعد عمر، حيث كان حضوره بعد بضع دقائق من دخول الرؤساء الثلاثة، ثم بعد مضي أكثر من ربع ساعة حضر وزير الخارجية الدرديري محمد أحمد الذي يعتبر آخر الحاضرين لقاعة الصداقة، الحراسة بالقاعة لم تعترض طريق الدرديري رغم أن الأعراف البرتكولية تمنع دخول أي شخص بعد دخول الرئيس .
خروج موسيفني
الرئيس اليوغندي يوري موسيفني خرج مبكراً بعد إلقاء كلمته، وقال إن طائرته تتنظره بالمطار، في الصدد غاب كل رؤساء دول إيقاد عن مباحثات الخرطوم رغم أن المبادرة التي ذهب بموجبها فرقاء الأزمة الجنوبية للخرطوم تأتي بدعم من المنظمة.
حراسات مشددة
اللافت في الأمر، أن زعيم المعارضة الجنوبية رياك مشار ضُرب حوله سياج من الحراسة الأمنية المشددة حيث تعامل حراسه الشخصيون بغلظة مع عدد من الصحافيين الذين أرادوا استنطاقه، على الرغم من ابتسامة رياك مشار التي لم تفارقه طيلة الفعالية.
حضور إعلامي كبير
وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والعالمية تسابقت في نقل الحدث وحضر منسوبوها بكثافة لقاعة الصداقة وتبارى بعضهم في أخذ التصريحات من ممثلي الحكومة السودانية ومن قيادات الحكومة والمعارضة الجنوبية.
لافتات متسامحة
غالب اللافتات القماشية التي تزينت بها قاعة الصداقة وكان يحملها أبناء جنوب السودان، كانت تحمل عبارات متسامحة من شاكلة (السلام خيار الشعب)، بينما حملت أكثر من لافتة صورة ضخمة لسلفاكير ومشار يتوسطهما الرئيس عمر البشير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق