الثلاثاء، 12 يونيو 2018

“آبي في القاهرة”

قالت مصر إن رئيس بلادها، عبد الفتاح السيسي، توافق مع رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، على “احترام حق التنمية دون مساس بحقوق الطرف الآخر”، أثناء مناقشة تطورات موقف سد النهضة الإثيوبي الذي تعثرت مفاوضاته الثلاثية بين القاهرة
والخرطوم وأديس أبابا، فترات سابقة.
جاء ذلك وفق بيان للرئاسة المصرية، عقب اللقاء الأول بين السيسي وآبي أحمد الذي وصل القاهرة مساء السبت في زيارة تمتد يومين.
وقالت الرئاسة، إن السيسي “عقد جلسة مباحثات ثنائية مع رئيس الوزراء الإثيوبي، تناولت القضايا ذات الاهتمام المشترك على الصعيدين الإقليمي والدولي”.
وتطرقت المباحثات، بحسب البيان، إلى “تطورات موقف سد النهضة، حيث توافق الرئيسان على تبني رؤية مشتركة بين الدولتين قائمة على احترام حق كلٍّ منهما في تحقيق التنمية دون المساس بحقوق الطرف الآخر”.
وأشار السيسي وآبي أحمد إلى “توافر الإرادتين السياسية والشعبية للتوسع بآفاق العلاقات بين البلدين لتشمل كافة المجالات، لا سيما على الصعيدين السياسي والاقتصادي”، وفق الرئاسة المصرية.
ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من الجانب الإثيوبي حول تفاصيل اللقاء.
وتعد هذه هي الزيارة الأولى التي يجريها رئيس الوزراء الإثيوبي إلى القاهرة منذ توليه منصبه مطلع أبريل الماضي، وفق رصد مراسل الأناضول.
يشار إلى أن أول لقاء بين “آبي أحمد” ومسؤولين مصريين منذ توليه منصبه، تم على هامش اجتماع شهدته العاصمة أديس أبابا منتصف مايو الماضي، بحضور وزراء إثيوبيين ومصريين وسودانيين؛ لبحث القضايا العالقة في مفاوضات “سد النهضة” الإثيوبي.
وأجرى “آبي أحمد”، مباحثات مع القائم بأعمال رئيس المخابرات العامة المصرية، عباس كامل، ووزير الخارجية المصري، سامح شكري، حول سبل تعزيز العلاقات واستكمال عملية بناء الثقة.
وتأتي الزيارة الإثيوبية في ظل قلق مصري بالغ وفق مراقبين من تداعيات “سد النهضة” (قيد الإنشاء)، وأن تكون لسرعة ملء خزانه آثار سلبية، خشية أن يقلل من حصة مصر من نهر النيل (55.5 مليار متر مكعب سنويا)، مصدر المياه الرئيسي في البلاد.
بينما تقول أديس أبابا إن السد سيحقق لها فوائد عديدة، لا سيما في إنتاج الطاقة الكهربائية، ولن يُضر بدولتي المصب، السودان ومصر.
ودخلت مصر وإثيوبيا بالإضافة إلى السودان مفاوضات حول بناء السد، غير أنها تعثرت مرارا جراء خلافات حول سعة تخزين السد، وعدد سنوات عملية ملء المياه.
وقال السفير صلاح حليمة، رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، إن زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي إلى مصر، تأتي في إطار وجود ملفات ملحة تربط بين مصر وإثيوبيا، ولفك الأزمات بين البلدين.
وأشار “حليمة”، خلال لقاء خاص عبر فضائية “إكسترا نيوز”، أمس (الأحد)، إلى أن مصر ستتولى رئاسة الاتحاد الأفريقي في 2019، لافتًا إلى أن أديس أبابا هى مقر الاتحاد الأفريقي، مضيفًا أن زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي إلى مصر ليست قاصرة على مناقشة موارد المياه بين البلدين، بل موارد المياه الأفريقية بصورة عامة.
ورأت السفيرة منى عمر، مساعدة وزير الخارجية الأسبق للشؤون الأفريقية، أن الزيارة تعني وجود انفراجة في أزمة سد النهضة المتوفقة منذ ثلاثة أشهر، إما بقبول إثيوبيا المبادرة المصرية الخاصة بإشراك البنك الدولي في المفاوضات، وإما تقديم مبادرة جديدة قد يقبلها الطرفان.
وأضافت “عمر”، في تصريح لـ”مصراوي”، أن المسار السياسي في قضية سد النهضة الإثيوبي، أهم محاور حل الأزمة، والجانب الفني دائمًا ما يكون أشد تعنتًا؛ لأنه محكوم بالقوانين واللوائح.
وأوضحت “عمر”، أن السودان دولة محورية لمصر، ولا يمكن حل الأزمة دون التوافق الثلاثي بين مصر وإثيوبيا والسودان.
وأشارت إلى أن إثيوبيا تستفيد من الخبرات المصرية في مجالات التعدين والصناعة، مؤكدة أن إثيوبيا تحصل على دعم مصري في مجالات عديدة.
وقال الدكتور ضياء القوصي، مستشار وزير الري الأسبق، إنه غير متفائل بالزيارة واللقاءات، وإن إثيوبيا تعتمد سياسة الشد والجذب؛ لكسب مزيد من الوقت حتى الانتهاء من السد.
وأضاف “القوصي”، في تصريح لـ”مصراوي”، أن رئيس الوزراء سيعتمد في خطابه للبرلمان على الكلام المعسول والشعارات التي تهدئ الرأي العام المصري، موضحًا أن مؤسسات الدولة تعلم ذلك جيدًا.
ويرى الدكتور عباس الشراقي، رئيس الوحدة الأفريقية بجامعة القاهرة، أن الدبلوماسية المصرية قامت بتحركات كبرى، خلال الفترة الأخيرة، على رأسها التقارب المصري – الإريتري الأخير.
وأوضح أن إثيوبيا هي التى تحدد إلى أي اتجاه سوف تتعامل مصر معها؛ فإذا حدث التوافق خلال زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي ستنفتح مجالات التعاون المشترك، وإذا حدث العكس ستكون الخيارات كلها متاحة أمام القاهرة.
وأضاف: “إثيوبيا تعداد شعبها 100 مليون نسمة، وتعاني في مجالات عديدة على رأسها تدهور الصحة والتأخر في مجال الإنشاءات، وتحتاج إلى مصر في تلك النقاط، وهي على ثقة أنها ستحصل على دعم كبير في تلك المجالات”، لافتًا إلى مشاركة القطاع الخاص في إقامة مشروعات هناك إذا تم التوافق بين الجانبين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق