الثلاثاء، 12 يونيو 2018

صراع جنوب السودان.. ومحاولات المعالجة

يبدو ان الاوضاع في جوبا تتحول من سيئ إلى أسوأ .. المئات يموتون في جوبا..الكثيرون هربوا من المدينة وآخرون يحاولون البقاء على قيد الحياة..فالالاف من النازحين والمهاجرين يعيشون اوضاعا مزرية…وبحسب الامم المتحدة فان اعداداً كبيرة يعانون من نقص الغذاء وسوء التعذية والتعليم كما سُجلت نسب عالية من وفيات الاطفال…بالرغم من التحذيرات المتكررة من المجتمع الدولي والامم المتحدة لطرفي النزاع بالوصول الى توافق الا ان الشقة بعيدة بينها….مما يشير الى عدم تحسن الاوضاع الانسانية مالم تصل الاطراف المتصارعة لصيغة اتفاق ينهي الحرب ويعيد السلام والامن…ومع توالي الاتهامات بين الجانبين تعاود الامم المتحدة التحذيرات…وامس الاول اعلنت حركة التمرد بقيادة نائب الرئيس السابق رياك مشار أن القوات الحكومية شنت هجمات جديدة على مواقعها في ولاية فشودة.. وقال نائب المتحدث باسم الحركة الكولونيل لام بول غابرييل في بيان إن أربعة مقاتلين من المتمردين لقوا مصرعهم في الهجوم المفاجئ على مقر الجيش الشعبي لتحرير السودان فصيل مشار في أردب قبل ان يتم صد الهجوم.. يأتي هذا الهجوم قبل أن يعقد الرئيس سلفا كير ومشار لقاءً مباشراً في الخرطوم خلال أسبوع في إطار الجهود التي تبذلها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيقاد) لإنهاء الصراع المسلح في الدولة الوليدة…
لاخلاف شخصي
وقال القيادي البارز ورئيس الحركة الوطنية بجنوب السودان د/ كاستيلو قرنق في محادثة ل«الصحافة» ان دمار جنوب السودان يعود الى خلاف داخل الحركة الشعبية والخلافات الجذرية بين شعب الجنوب وقيادات الحركة الشعبية…..مشيرا الى ان معظم المبادرات الاخيرة منذ مبادرة اوغندا لتوحيد الحركة الشعبية الى مبادرة رايلا اودينغا التي تؤكد تطبيق مبادرة اروشا ذهابا الى فكرة اللقاء في موريتانيا تعيدنا الى الفكرة الخاطئة والتي تشير الى ادعاء ان هنالك خلاف شخصي بين سلفا ورياك..وانه اذا اتفق الاثنان تكون عودة السلم الى الجنوب اوتوماتيكياً..مؤكدة و ان د/ رياك لم يكن مقتنعا باتفاقية 2015 لكن الضغوط التي مورست عليه ممن حوله مثل ضيو مطوك وتعبان دينق جعلته يذهب الى جوبا ويعطي الحكومة فرصة لاعادة الثقة بين قيادات الحركة والشعب.
تحالفات جديدة…
شكلت تسع مجموعات معارضة في جنوب السودان تحالفا لتسريع الجهود الرامية الى انهاء الحرب الاهلية في مارس الماضي منتدى تنشيط السلام رفيع المستوى في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا… وقال التحالف في بيانه ان الخطوة جاءت بسبب الرغبة في تحسين الوضع بجنوب السودان ومنعه من التفكك…وأردف : في هذا الوقت من تاريخ بلادنا تصبح الحاجة إلى إنقاذ جنوب السودان من التفكك الكامل أكثر إلحاحا.. ومن أجل مواجهة التحدي المتمثل في استعادة وحدة شعبنا وضمان التحول السياسي والاقتصادي والأمني الجذري، فإننا قادة الحركات السياسية والأحزاب والجبهات في جنوب السودان قررنا تكوين حلف لتسريع الجهود الرامية الى استعادة السلام العادل والدائم والديمقراطية والحفاظ على حقوق الانسان والحقوق الديمقراطية الاساسية لشعبنا )…وأشار البيان إلى أن هذا الاتفاق بين الأحزاب هو اعتراف بأهمية توحيد الإمكانيات السياسية والعسكرية لخدمة الشعب…وزاد : من خلال التوقيع على ميثاق تحالف المعارضة في جنوب السودان، فإننا نرسل إشارة قوية وملهمة إلى جماهيرنا وأصدقائنا في جميع أنحاء العالم بأننا دعاة لتطلعات شعبنا وأننا نتحمل مسؤولياتنا تجاه إنقاذ جنوب السودان من التفكك الكامل واستعادة السلام والكرامة لشعبنا وضمان مواطنة متساوية وعادلة وتغيير حقيقي للأجيال المقبلة )ويتكون تحالف المعارضة من الحزب الديمقراطي الاتحادي وجبهة الإنقاذ الوطني والحركة الديمقراطية الوطنية والحركة الديمقراطية الشعبية وحركة تحرير جنوب السودان والحركة الوطنية من أجل التغيير في جنوب السودان والحركة الوطنية لجنوب السودان وحركة جنوب السودان المتحدة والتحالف الديمقراطي المتحد… من جانب اخر اعلنت جوبا موقفها في الاجتماع التشاوري منتصف مايو الماضي وقال مسؤول حكومي مشارك في الاجتماع :اجتمع فريقنا وقدم للوساطة اقتراحنا للمضي قدماً، أننا نقبل تقاسم المسؤوليات وإذا كان هذا يعني اتفاقا جديدا يؤدي إلى تشكيل الحكومة الجديدة، نحن مستعدون لذلك وأضاف المسؤول الذي رفض الكشف عن هويته : أوضحنا أيضا أنه لا يجب أن يكون تقاسم المسؤولية إعادة النزاع 0
لافتاً الى ضرورة أن تشارك حركة التمرد في الحكومة إذا كانت كل ما يريده هو عودة السلام والاستقرار بدلا من الإصرار على مشاركة مشار.
ومع ذلك، قال المسؤول إنهم لا يريدون تكرار التجربة الماضية، منوهاً إلى أنهم لا يستطيعون قبول عودة الأشخاص الذين لا يوافقون على العمل مع الحكومة، وزاد: ان كير ومشار يتعاملان مع قضايا البلاد بصورة شخصية وهذا يجعل من الصعب سد الفجوة او حتى التوافق عند منحهم الفرصة 0 وأعلنت خلال الايام الماضية منظمة الايقاد الإقليمية التي ترعى مفاوضات السلام بين طرفي النزاع في جنوب السودان عن انتهاء المفاوضات دون التوصل إلى الحل ..وأكد بيان صادر عن ايقاد أن المفاوضات في إثيوبيا لم تؤد إلى نتيجة بعد (عدة محاولات للتقريب بين مواقف الطرفين)..ودعت المنظمة طرفي النزاع إلى أخذ مقترحاتها بعين الاعتبار، مشيرة إلى أنها تعكس الجهود لإيجاد أرضية مشتركة» بين الطرفين..
عدم شرعية الرئيس..
الامين العام للهيئة القومية لدعم السلام بجنوب السودان استيفن لوال قطع بعدم شرعية الرئيس سلفا كير في الوقت الحالي خلال حديثه ل«الصحافة» وقال ان شرعية الحكومة انتهت يوم 26 ابريل وهي الفترة الرسمية لانتهاء عمر اتفاقية التسوية في اغسطس.. وهي التي اعطت للرئيس فترة انتقالية عمرها 3 اعوام انتهت في 26 ابريل الماضي.. لكن هنالك مبادرة من الايقاد لتنشيط عمليات السلام في الجنوب.. وخلال سرده لمجريات الاحداث داخل حكومة جوبا قال لوال :قامت الايقاد بعدد من الخطوات الجادة لتنفيذ هذه المبادرة لكن ماحدث ان الرئيس كير قام ببعض التوافقات داخل منظومة الحركة الشعبية في جوبا وقبلوا بعودة رياك مشار بموجب اتفاقية اغسطس في عام 2015 لكن لم تدم هذه الاتفاقية طويلا وتم خرقها مماادى الى هروب رياك مشار من جوبا الى الكنغو وتدخلت دول اقليمية لانقاذ الاتفاقية ودكتور رياك من الاستهداف الواضح من جانب الحكومة… بالاضافة الى الحدث لمؤسف داخل منظومة المعارضة بانشقاق تعبان دينق الذي يمثل الان النائب الاول الرئيس.. تم بناء على هذا الانشقاق اعتماد تعبان دينق قاي رئيسا للحركة الشعبية للمعارضة في جوبا وتم تعيينه نائبا اول بدلا من رياك مشار.. وهذا خرق لاتفاقية اغسطس لان الموقع عليها هو رياك …من الطبيعي بموجب هذا السلوك غير القويم ألا نستغرب تصريحات الرئيس سلفا بانه نادم على انه لم يقتل رياك وباقان وغيره.. وتارة اخرى يأتي بتصريح عن قبوله بدخول رياك لجوبا كمواطن فقط..لايمكن لشخصية مثل رياك ان ياتي كمواطن وهو الزعيم لعدد من الكتل السياسية…وشخصيته محورية في كثير من القضايا والمعالجات السياسية…
ناقوس الخطر..
ليست المرة الأولي التي تدق فيها المنظمات الدولية ناقوس الخطر فيما يخص الاوضاع الانسانية بجنوب السودان.. ولايبدو ان تلك الاوضاع في طريقها للتحسن مالم تصل الاطراف المتصارعة لصيغة اتفاق ينهي الحرب ويعيد الامن والسلام…فهل ستجني الخرطوم ثمار توافق وسلام لدولة الجنوب من خلال لقاء سلفا ومشار خلال الفترة القادمة…

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق