الاثنين، 28 مايو 2018

أسمرا تصرخ والخرطوم لا تجيب!

كعادتها حين تنقطع بها السبل و تضيق بها الظروف الجيوساسية، عادت اسمرا قبل ايام إلى المحطة القديمة ذات المقاعد المتهالكة و الرياح السوداء؛ محطة إطلاق الاتهامات إلى السودان والدخول في نفق التلاسن الدبلوماسي عسى ولعل ان يفضي إلى بر آمن.
أسمرا رغم كل ما تدركه و تعيه عن حسن الجوار السوداني واستراتيجية العلاقة واستدامة الاستقرار إلا انها ادمنت لعبة اشعال موقد للنار قرب الجدار الحدودي . لعبة قديمة ظلت تلبسها ثياباً جديدة غير لائقة، تهاجم الخرطوم وتبالغ في العداء، أملاً في تفاوض يفتح لها آفاقاً هي بحكم صغر المساحة وقلة الزاد والمعطيات في حاجة ماسة لها.
قالت اسمرا ان الخرطوم تدعم الجماعات الجهادية المعارضة لها بغية زعزعة أمنها. مضت اسمرا هذه المرة لكي تجعل لصحيفة الاتهام حيثيات مقبولة لتقول ان الخرطوم اتاحت لرجل الدين الارتري المتشدد (محمد جعة) افتتاح مكتب في الخرطوم في فبراير 2018م توطئة لتنظيم انشطة سياسية وعسكرية و تدريبية مناوئة لها.
وتضيف اسمرا، ان سفارة قطر في الخرطوم تقوم بتمويل هذا الانشطة وتتولى  الاجهزة الامنية السودانية عمليات التدريب و المهام اللوجستية ولم تقف الاتهامات هنا، فقد توغلت اسمرا اكثر و زعمت ان زيارة رئيس الوزراء الاثيوبي الاخيرة إلى الخرطوم تم خلالها التنسيق لدعم المعارضة الارترية  المسلحة!
والمهدش في هذه الاتهامات وفضلاً عن كونها مرسلة وتعوزها الادلة، انها جاءت هكذا صارخة وعلى ذات النسق القديم المتجدد. اما الاكثر إدهاشاً في توقيت هذه الاتهامات ان الازمة التى كانت مستحكمة بين اطراف سد النهضة، اثيوبيا و مصر والسودان، حدث فيها انفراجة كبيرة باعتراف الجانب المصري، حيث امكن التوصل إلى نقاط ايجابية بناءة بين الاطراف، وهي الازمة التى كان الافتراض ان اسمرا ركبت موجتها في محاولة للاصطياد في (مياهها العكرة) والاستفادة من التناقضات .
وعلى هذا فان المرجح  ان اسمرا التى باتت تشعر بقدر من العزلة الجغرافية والسياسية تريد ان تلقي ببعض اوراقها على الطاولة قبل انفضاض الجمع! ولن ننسى هنا ان اسمرا تتألم غاية الالم جراء عملية اغلاق الحدود التي نفذها السودان في شرقه، إذ المعروف ان اسمرا تعتاش وتقتات على وارد الحدود السودانية، بدءاً من رغيف الخبر وانتهاء بالمعينات المعيشية و الادوية والوقود.
 اسمرا تعيش ضنكاً في العيش جراء هذا الاجراء السوداني السيادي الطبيعي الذي لم تكن تتوقعه  ولهذا فهي بهذه الاتهامات تسعى للتأسيس لمائدة تفاوضية تتمكن من خلالها من تليين موقف السودان من عملية  اغلاق الحدود واعادة فتحها!
هكذا عرف المحللين السياسيين ذهنية القيادة الارترية شديدة الحساسية حيال قضايا الحياة والحبل السري، وفي الوقت نفسه قيادة مغامرة لا تتورع عن خوض أي معترك مقابل المنفعة ولو كانت بضع دريهمات يقمن صلب القيادة التى بالكاد تدير بلادً لا يملك مقومات الحياة. اسمرا تعزف على وتر سلمها السياسي على أمل ان يؤدي إلى لحن سوداني يناسب كلماتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق