الاثنين، 28 مايو 2018

إستراتيجية السودان بشأن ملف حلايب في المرحلة المقبلة!

لن نغالي ان قلنا ان الاستراتيجية التى يتبعها السودان لمجابهة ابعاد النزاع الحدودي المستعر بينه وبين الشقيقة مصر في مثلث حلايب، هي استراتيجية هادئة و مدركة لاواصر حسن الجوار من جهة، والحقوق القانونية المكفولة له وفق القانون الدولي و منازعات الحدود من جهة أخرى.
و لا شك ان  جزء من استراتيجية معالجة الازمة نفسها تعيين وزير للخارجية بخلفية قانونية وخبرة متميزة في نزاعات الحدود و القضايا ادولية الشائكة المماثلة. الوزير السوداني، د. الدرديري محمد أحمد كان نجماً من نجوم نيفاشا 2005 وهيئة تحكيم قضية أبيي المتنازع عليها بين السودان و جنوب السودان.
 الوزير الدرديري في اول ظهور له تحت قبة البرلمان السوداني عقب ادائه القسم و شروعه في تولي منصبه قال ان وزارته تتعهد بأن تبقي قضية حلايب حاضرة في كل اجتماعات وزارة الخارجية في الفترة المقبلة واضاف ان (عدم وضع الدولة يدها على ارض منطقة لا يعني عدم سيادتهاعليها).
وقال أيضاً (ان الحديث عن السيادة على ارض البلاد تشمل بالطبع الاراضي التى لا تضع الدولة يدها عليها لان في القانون الدولي لا يفترض ان تكون المنطقة او الاقليم تحت قبضة الدولة فعلياً لتؤكد سيادتها عليه، بل عندما يكون خارج قبضتها أيضاً تؤكد سيادتها عليه).
و من المعروف ان السودان ظل ومنذ العام 1958 يودع مذكرات راتبة لدى مجلس الامن الدولي يؤكد فيها حقوقه الثابتة حيال مثلث حلايب تأكيداً على ممارسة حقوقه السيادية على الارض و اعتراضاً على اعتداء الجانب المصري علي سيادته.
وكما هو معروف فان مثلث حلايب و شلاتين البالغة مساحته 20 ألف كلم مربع يقع اقصى الشمال الشرقي على ساحل البحر الاحمر و قد كان الاحتلال البريطاني قرر في عام 1902 جعل المثلث ضمن الادارة السودانية . الحكومة المصرية التى لا يعرف ما هي دوافعها جراء احتلال المثلث السوداني منذ العام 1995 و في سابقة غير معهودة في العلاقات الدولية و منازعات الحدود، ظلت ترفض وبتعنت غير مبرر أي تفاوض او تحكيم حول تبيعة المثلث و في ذات الوقت تعمل الحكومة على تغيير ديموغرافيا المثلث و تمصيره و إحكام سيطرتها عليه  ظناً منها أنها و عبر سياسة فرض الامر الواقع ربما تنجح في كسب النزاع لصالحها مستقبلاً.
شكوى السودان المتكررة و بصورة راتبة لمجلس الامن الدولي هي الاخرى تعرقل سياسة فرض الامر الواقع التى تتبعها مصر، فقد ظل السودان يعلن عن اعتراضه و عدم رضائه على التصرف المصري.
و هو بهذا المسلك يفرغ التصرف المصري من مضمونه إذ لن يتسنى لمصر ادعاء انها تمارس سيادتها الوطنية على المثلث المحتل في ظل اعتراض السودان عليه. لقد ظل السودان في واقع الامر يؤمل ان تثوب الحكومة المصرية إلى رشدها، فهو يمثل للشقيقة مصر عمقاً استراتيجياً و اسناداًلا بديل له ، وقف داعماً لها ايام غارات العمق التى كانت تشنها المقاتلات الاسرائيلية على مصر وجعل السودان من ارضه مخابئ آمنة للطائرات المصرية في وادي سيدنا، وغيرها.
و السودان لم يستثمر قط في ازمات المصريين السياسية خاصة بعد الاطاحة بحكم الرئيس المنتخب محمد مرسي. كل هذه النوايا الحسنة لم تضع لها الحكومة المصرية اية اعتبار، فوق ان طبيعة سكان  المثلث من العبابدة و البشاريين المنحدرين من اصول بجاوية هم سودانيون ومن المستحيل تصنيفهم بأنهم مصريين تحاول السلطات المصرية منحهم جنسيات مصرية رغم لسانهم البجاوي.
ان السودان سوف يكسب قضيته في المرحلة المقبلة بأن حلايب، وهي مسألة وقت!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق