الاثنين، 14 مايو 2018

مفاوضات سد النهضة وإستراتيجية السودان للتعاون الثلاثي

تعثرت مرة  أخرى مفاوضات سد النهضة وانفضت الجولة الاخيرة التى انعقدت بالعاصمة الاثيوبية اديس أبابا دون التوصل لاتفاق ينهي الخلاف المتجذر بين الدول الثلاثة في الطريقة المثلى للاستفادة من مياه نهر النيل.
وليس سرا ً هنا ان الجانب المصري مع إدراكه التام ان منشآت السد التى ربما تجاوزت الـ65% من المستحيل إيقافها او التراجع عنها، إلا انه ما زال يبدي قلقه ومخاوفه من قيام السد.
صحيح هنا ان الجوانب الفنية ضرورية للاطمئنان على انشاء السد، وهو ما ظلت القاهرة تتذرع به جولة إثر جولة، ولكن بالمقابل فان الموقف المتشدد الذي تتخذه القاهرة في هذه المفاوضات يتجاوز الحد المعقول في مثل هذه الحالات، فقد اضطرت الحكومة السودانية اواخر الاسبوع الماضي – الاربعاء 9/5/2018 لاصدار بيان رداً على تصريحات وزير الخارجية المصري سامح شكري التى إتهم فيها السودان صراحة بأنه تسبب فى تعثر محادثات السد.
البيان السوداني تأسف على التصريحات المصرية التى تتناقض مع الروح الايجابية بين البلدين، وأشار إلى ما تم الاتفاق عليه في الاجتماع الذي سبق هذه الجولة في السادس من ابريل 2018 حيث تم الاتفاق على دعوة الاستشاري المسئول عن اجراء الدراسات للحوض امام ممثلي الدول الثلاثة ليتم استفساره وتقديم الملاحظات حول التقرير الاستهلالي الذي قدمه.
و اوضح البيان ان السودان ظل ينتظر الموافقة على استدعاء الاستشاري منذ انفضاض اجتماع القاهرة -نوفمبر 2017- والذي وافقت عليه القاهرة فى اجتماع الخرطوم -ابريل 2018م- واقترحت القاهرة دعوة الاستشاري إلى القاهرة خلال فترة اسبوع لتقديم الاستفسارات و الملاحظات له.
واورد البيان ان كل الهدف من جولة اديس الاخيرة هو (التوافق على منهجية و شكل تقديم الاستفسارات المشار اليها للاستشاري حول تقريره الاستهلالي، كما تم التداول في اديس حول هذا البند الاوحد).
 مضى البيان السوداني ليؤكد ان التداول حول هذا البند والذي إتسم في البداية بتباين في وجهات النظر، ثم تحول إلى تداول ساخن، امكن التوصل  إلى حل معقول على مستوى وزراء المالية واللجنة الفنية وذلك (لاتمام منهجية طرح الاستفسارات والملاحظات للاستشاري) على ان يعرض ما تم التوصل اليه على الاجتماع التساعي الذي يضم وزراء خارجية والمخابرات في البلدان الثلاثة مباشرة عقب الاجتماع الثلاثي.
و أكد البيان السوداني انه ظل ثابتاً على موقف السودان النظيف وبذل الجهد لاتمام الدراسات المتفق عليها. وقال البيان ان (التشكيك وهدم جسور الثقة لن يجلب لشعوبنا سوى التباعد والخصام). انمتهى البيان السوداني.
ومن الواضح ان الجانب المصري يطلق تصريحات اقصى ما يستفاد منها هو الحاق الضرر بالعلاقات الاستراتيجية بينه وبين السودان والتى لا فكاك منها بحكم الجغرافيا و التاريخ و الإرث المشترك.
خبير المياه القانوني المعروف الدكتور أحمد المفتى وصف تصريحات الوزير المصري بأنها (بلا معنى) واشار إلى ان المشكلة الاساسية في الملف محل النزاع هذا تحدد انصبة دولتي السودان ومصر من مياه النيل وهو أمر وثيق الصلة بعملية ملء السد، وعلمية ملء السد هي التى تحدد من ثم كمية المياه التى ستذهب إلى كل من مصر والسودان بعد ان تحجز بحيرة السد ما تحجزه.
 الدكتور المفتى قال ان الاجابة على هذا السؤال الخاص بأنصبة السودان ومصر بعد ملء البحيرة هو الذي ينبغي على اثيوبيا ان تجيب عليه. و من جانب آخر فان السودان ونتيجة لوعيه العميق وإدراكه لابعاد القضية ظل يقف موقفاً توافقياً لعدة اعتبارات:
أولاً، هناك نسبة من المياه كبيرة –من نصيب السودان– تذهب إلى مصر منذ سنوات طويلة وكما قيل باعتبارها (سلفة) منحها السودان  لمصر للاستفادة منها في ظل عدم حاجة السودان لها. فلماذا لا تضع مصر اعتباراً لهذه الحقيقة طالما انها تعلم بها؟
ثانياً، ان ملء بحيرة السد مسألة فنية من الممكن معالجتها بهدوء طالما انها تثير قلق مصر، وهي النقطة التى باستطاعة مصر والسودان انجازها في مواجهة الطرف الاثيوبي، لو ان مصر احسنت التعامل مع السودان و أحسنت النوايا والظن بالسودان.
ثالثاً، السودان على علم تام بأن الاستفادة من مياه النيل قضية استراتيجية للدول المطلة على النيل وان هذا الامر من الافضل معالجته بالطرق الدبلوماسية والتفاوض والنوايا الحسنة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق