الأربعاء، 16 مايو 2018

خطر داهم: مصر تجاوزت خط (22) جنوباً!

في الوقت الذي كانت فيه قوات الاحتلال المصري التى تحتل مثلث حلايب السوداني وتعمل على تمصيره كلية وضمه – بالقوة – إلى الاراضي المصرية، في ذات هذا الوقت -لسخريات القدر ومفارقاته- كان وزير الخارجية المصري سامح شكري لا يجد أدنى حرج وهو يطلق تصرحيات تتهم السودان بالتسبب في تعثر مفاوضات سد النهضة!
قلّ أن تجد ظلماً وخيانة لجوار استراتيجي بين دولتين جارتين يمثل كل منهما عمق الاخر أكثر من هذا الموقف المصري المدهش! ليس ذلك فحسب ولكن والي ولاية البحر الاحمر، السيد علي أحمد حامد، الذي يقع المثلث المحتل ضمن حدود ولايته، أقلقته انباء موثقة ان سلطات الاحتلال المصرية لم تعد تقف فقط عند حدود المثلث المحتل ولكنها بدأت تمارس عبثاً يتعدى خط عرض 22 جنوباً!
بمعنى ادق فان (نشوة احتلال اللمثلث) أسكرت الجانب المصري بحيث دفعته لمد رجليه خارج لحاف المثلث متوغلاً في العمق السوداني. عضو المجلس الوطني السوداني عن دائرة حلايب (احمد عيسى عمر) قال للصحفيين ان السلطات المصرية اعتدت على مواطني المنطقة بالنهب و السلب و تجاوزت حتى حدود حلايب المحتلة نفسها.
من جانبه وبعد طوافه بالمنطقة ووقوفه على أحوال مواطنيه حذر والي البحر الاحمر من مغبة تصرفات القوات المصرية وقال الوالي (ان استمرت مصر فان الملف سوف يتعقد أكثر). و من الواضح ان مصر الشقيقة (تقلد سلطات الاحتلال الاسرائيلي) حذواً بحذو، تحتل الارض وتفرض الامر الواقع ثم تفكر في مد مساحة الاحتلال و التوسع، ثم لا تتحرج في توجه الاتهامات وإطلاق المزاعم ضد أصحاب الارض المحتلة.
ففيما يخص ملف سد النهضة ووفقاً للمتابعات فان السودان عمل على تفادي انهيار المحادثات وانسداد أفقها. وكلما شعر السودان بتعنت طرف، قدم مقترحاً وسطياً للمحافظة على روح ايجابية ولكن حتى لو قلنا جدلاً ان السودان (لم يقف) مع مصر في هذا الملف، هل يبرر ذلك اعتداء مصر السافر على اراضي سودانية؟
وبماذا يمكن لدولة مثل مصر عانت من الاحتلال والاذلال الاسرائيلي الذي اعقب هزيمة يونيو 1967 ان تبرر احتلالها لاراضي دولة جارة هى التى أمنت لها الحماية التامة لطائراتها ومقاتلاتها من الغارت الاسرائيلية المذلة في حرب 1956 و 1967م؟
ألم يتم ترحيل الكلية الجوية المصرية والطائرات المصرية لمنطقة وادي سيدنا شمال الخرطوم ولم تتوفر لها الحماية من غارات اسرائيل المجنونة التى لا ترحم؟
هل نسيت القاهرة -بعد كل هذه العقود  من السنوات- الملاذ الآمن والحضن الدافيء الذي وفرته الخرطوم لطائراتها وطياريها؟ ألم يقف نظام الرئيس نميري مع مصر حين (جنحت) مصر للسلام وذهب الرئيس السادات إلى الكنيسيت الاسرائيلي وقاطعته الحكومات العربية؟
كيف نسيت مصر السيسي هذا التاريخ؟ وكيف غطت المصالح الضيقة بصر وبصيرة الحكومة المصرية عن العمق الاستراتيجي الذي مثله لها السودان؟ ولو كان السودان يرغب في استرداد حقه السليب بالقوة كما أخذته مصر بالقوة ترى هل تستطيع مصر ان تمنعه؟ والله لا تستطيع على الاطلاق.
ولكن السودان ما يزال يرجو ان تثوب السلطات المصرية إلى رشدها، وان تضع ألف حساب (لغضبة الحليم) فحين يتفجر غضب السودان يوماً ما، فان مصر ستردد المقولة السائدة في ثقافتها الشعبية المعرفة (يا ريت اللي جرى ما كان)!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق