الثلاثاء، 6 فبراير 2018

جنوب السودان يتصحر و”مصر” تستفيد من قناة جونقلي

بدات مصر إحياء مشروع قناة (جونقلي) بدولة جنوب السودان من أجل في توفير حصتها في المياه وتعويض أزمة نقص المياه المتوقع جراء بناء سد النهضة الاثيوبي رغم ان حفر القناة له أضرار كبيرة علي مناطق الرعي بدولة جنوب السودان، حالة ضعف ارادة حكومة جنوب السودان بسبب الحرب الاهلية جعل الرئيس سلفاكير يوافق على اعادة حفر القناة المصرية، ويتعبر مشروع قناة جونقلي الذي كان لنقل مياه بحر الجبل شمالا لري الأراضي الزراعية في مصر خصماً علي الموارد الطبيعية لمساحات كبيرة من اراضي اربع قبائل رئيسية بدولة جنوب السودان هي (الدينكا – النوير – المورلي – الشلك) وقد بدأ شقها بعد موافقة حكومة الخرطوم انذاك لكنه لم يكتمل بسبب اندلاع الحرب بقيادة رئيس الحركة الشعبية الراحل جون قرنق وتوقفت فكرة شق قناة رغم حفر (360) كم بين مدينتي بور وملكال ويهدف الحفر أن تؤدي القناة لتوفير مياه المستنقعات لكنه يجفف في الوقت نفسه مليون ونصف فدان من أراضي المستنقعات الصالحة للزراعة لتكون جرداء متصحرة كما ان الفائدة الكبيرة سوف ترجع الى مصر لكن دولة جنوب السودان سوف تفقد ثرواتها الزراعية بسبب التصحر والسمكية والحيوانية جراء تجفيف المستنقعات التي هي مصدرأ لمعظم التلك الثروات:-
بداية ونهاية التمرد
نصت بنود اتفاقية مياه النيل (1959م) على أن تكون إيرادات مياه نهر النيل مناصفة بين دول حوض النيل ، لكن مع استمرارية الحياة و تزايد أعداد السكان بصورة مضطردة أصبحت المياه المخصصة لا تفي باحتياجات السكان ونشاطاتهم الزراعية والتنموية، لذا جاء التفكير للاستفادة من المياه المبتخرة بمنطقة مستنقعات بحر الجبل، وبعد دراسات وبحوث مكثفة بدأت منذ العام (1947) وانتهت توصل البلدان إلى خطة عمل للاستفادة من المياه الضائعة بمنطقة السدود ومستنقعات بحر الجبل وتمخضت الدراسات والبحوث الإستشارية إلى ان حفر قناة تستوعب المياه الزائدة من المستنقعات وكميات المياه التي كانت تتبخر سنوياً دون الاستفاده منها،وبعد عدة محاولات جاءت التوصيات إلى حفر خط مائي يربط بين منبع القناة بولاية جونقلي حتى المصب لتصب عند فم السوباط قرب ملكال وكانت هناك عدة خيارات وخطوط مقترحة لشق قناة وأخيرا توصل المهندسين إلى التركيز على خط يربط بين نهر السوباط قرب ملكال وقرية جونقلي عند نهر (أتيم) إحدي مناطق الدينكا مدينة بور حاضرة ولاية جونقلي.
لكنه ثبت من الدراسات ان هناك عوائق عدة ربما تعوق خط الملاحة فكان هناك خط بديل لمقترح أخر يمتد خط القناة إلى (بور) ويأخذ انحرافا إلى الشرق ليستوعب مناطق الدينكا عموماً وهو الخط الذي وافقت عليه كل الأطراف بتوصية من خبراء ومستشارين و بيوتات خبرة أجنبية، أما الخط الجديد لقناة جونقلي (بور- ملكال) يبلغ طوله (360) كيلو متراً بينما الخط القديم الذي يبدأ من قرية جونقلي وحتى ملكال يبلغ طوله (280) كيلومتراً وكان تكلفة تنفيذه عالية جدا بالمقارنه بالخط الجديد نسبه لإضافة تكلفة أعمال السدود والجسور التي سوف تقام على جانبي نهر (اتيم)،ويمتاز أيضاً الخط الجديد أنه يمر عبر القرى المركزية التي تأخذ موقعها على طول خط القناة وتستفيد منه القبائل النيلية الاربعة (الشلك والنويروالدينكا والمورلي) الذي يحتل مشروع القناة معظم اراضيهم وسوف يخسرون في المستقبل ثرواتهم الطبيعية بعد حفر القناة الذي تم تنفيذ الجزء الأكبر حيث تم حفر (260) كيلومتراً بواسطة الشركة الفرنسية لكن توقف عند قرية (كونقور) نتيجة الحرب عام (1983) بين الحركة الشعبية بقيادة جون قرنق واستمرت الحرب حتي توقيع اتفاقية نيفاشا عام 2005م.
المصريين بجونقلي مجددا
الاسبوع الماضي أكد مصدرعسكري بدولة جنوب السودان ان قوات مصرية لاتقل عن (150) عسكري بجانب (28) مهندس مصري وصلوا الى منطقة (دوك فاديت) التى تعبد (140) كيلو متر شمال مدينة بور بولاية جونقلي من اجل اعادة بناء قناة جونقلي ،وقال المصدر ان المصريين اقاموا معسكر الجهة المقابلة لمنطقة (دوك فاديت) شرق القناة حيث اقامو معسكر يضم اليات عسكرية تابعة لسلاح المهندسين المصري ، كما تم تامين الطريق من المعسكر الى مدينة بور بنقاط حراسة عسكرية مشددة تهدف لاكمال انشاء القناة التى تبقى منها حوالي (100) كيلو متر، يضاف ان منطقة (دوك فاديت) تعد في التقسيم القديم باسم (بور الشمالية) وتقطنها قبيلة (دينكا بور) وينحدر منها كل من الجنرال مجاك اقوت والجنرال ملوال ايوم ومؤسس الحركة الشعبية الراحل الدكتور جون قرنق دي مبيور ومولانا ابيل الير ، ويشار ان مشروع حفر قناة جونقلي الذي بدا في عام (1974م) وتم تنفيذ الجزء الأكبر حيث تم حفر (260) كيلومتر بواسطة الشركة الفرنسية التي فازت بعطاء تنفيذ الحفر توقف عند قرية (كنقور) منطقة الراحل جون قرنق نتيجة اندلاع الحرب الاهلية عام (1983م) بين الحركة الشعبية بقيادة قرنق وحكومة الخرطوم بسبب موافقة الخرطوم على انشاء القناة كما أن ماكينة الحفر العملاقة توقفت عند قرية (كونقور) بعد رفضت غالبية قبائل ولاية جونقلي انشاء القناة المصرية بسبب تعرية القناة للتربة من الغطاء النباتي ثم تصحرها بجانب تبخر الماء بلا إستفاده منه فى مناطق المستنقعات وهو الامر الذي يؤدى الى إرتفاع درجة الحرارة بسبب فقدان رطوبة المستنقعات، كما يؤثر انشاء القناة على إنقراض الثروة السمكية وتقلصها لأنها فقدت الملاذ الآمن ومياه المستنقعات التى تتكاثر فيها ويعتمد مواطني ولاية جونقلي على الثروة السمكية بشكل كبير هذا غير الاثار البئيية للقناة المصرية التى سوف تسبب بهجرة الحيوانات البرية إلى دول المجاورة لفقدانها المرعى بسبب إنخفاض نسبة هطول المطر بسبب إنخفاض نسبة تبخر الماء المنتظم، هذا غير ان زيادة نسبة المياه في القناة لصالح مصر سوف يتضرر منها مواطني جنوب السودان في ولاية أعالي النيل ايضا بسبب سرعة جيران المياه التى سوف تتركز في منطقة (خور فلوس) قبالة مقاطعة عطار الحدودية بين ولايتي أعالي النيل وجونقلي وتؤدى لفيضانات موسمية لقرى الولايتان معا.
سلبيات قناة المصرية
يقول نائب مدير هيئة توفير المياه في جوبا العاصمة المهندس شارلس ريحان تومبي ان تحرك حكومة سلفاكير لإعادة العمل علي حفر هذه القناة بمجهودات مصرية بعد ان تعقدت الاوضاع السياسية بين دول حوض النيل وأنشأت أثيوبيا سد النهضة التي تراها مصر خصماً علي حصتها في المياه فاتجهت الي دولة جنوب السودان كأخر كرت ضغط لإعادة العمل في قناة جونقلي للحفاظ علي حصتها من المياه بعد إصرار أثيوبيا علي أنشاء سد النهضة التي تعود فوائدها علي الجانب الاثيوبي وتحافظ علي حصة السوداني من المياه التي كانت مصر تستفيد منها دون عائد للسودان وفي الوقت نفسه تري مصر ان إنشاء سد النهضة يشكل خطراً علي أمنها فحاولت دبلوماسياً تعطيل طرق التنفيذ لكن دون جدوي وان محاولتها لتشغيل قناة جونقلي ليس في مصلحة دولة جنوب السودان التي ستتأثر سلباً لكن في الحقيقة ان حكومة جنوب السودان تبحث في اقصر الطرق لايجاد الاموال لانها لا تملك مصدر دخل للخزينة العامة للدولة وتري ان مشروع قناة جونقلي سيدر لها ملايين الدولارات أجلاً ام آجلاً وهي غير آبهة بالسلبيات المناخية التي ستتأثر بها أجزاء كبيرة من جنوب السودان.
بدائل لزيادة حصة
وكان رئيس هيئة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة المصرية السابق اللواء سمير فرج كشف إن مصر ستقوم بحفر قناة في جنوب السودان ستوفر (30) مليار متر مكعب من المياه سنوياً،وأضاف أن قناة جونقلي سيستقطب جزء من مياه المستنقعات الأمر الذي سيفيد مصر تأتي تلك المحاولات للاستفادة أكثر من المياه في منطقة السدود ومستنقعات بحر الجبل و زيادة المياه الواصلة لمصر كجزء من محاولات إيجاد بدائل لزيادة حصة مصر من المياه بعد تزايد حدة تهديدها باستمرار العمل لإنجاز سد النهضة الإثيوبي وتعثر الاتفاق لكن المشروع يواجه خلافا جديداً يصطدم فيه مجدداً مصر والسودان من جهة وجنوب السودان مصر من جهة أخري على تحمل مبالغ تعويض مقاولي المشروع بعد توقفه بسبب الحرب الأهلية خلال ثمانينات القرن الماضي ما ضاعف الخلافات السياسية القائمة أصلا بين البلدان الثلاثة.
إقناع للوصول
في السياق يقول مصدر في وزارة الري المصرية أن القاهرة تحاول إقناع الدولتين للوصول لحل وسط مع تقديم عرض لدولة جنوب السودان لإقامة عدد من المشاريع التنموية والمرفقية في ولاية جونقلي مقابل المشاركة في إنجاز ما تبقى من المشروع بمعزل عن الخرطوم علماً بأن مصر دعمت جنوب السودان بمشاريع تنموية بقيمة (26) مليون دولار وأشار المصدر إلى أنه على الرغم من قوة العلاقات بين حكومتي مصر وجنوب السودان وتزامنها مع تدهور مستمر للعلاقات بين الخرطوم مع كل من (القاهرة وجوبا) فان عقبة تلك المشاكل تقف عائقاً أمام اتخاذ قرار استئناف المشروع سياسياً وفنياً.
مسمار في نعش
من جانبه قال المحلل احمد حسام الدين ان مصر تخشى من بناء سد النهضة وما يتبعه من خطوة تخزين للمياه سيؤدي إلى تدمير مساحات من أراضيها الزراعية وعدم توفير مياه شرب كافية لسكانها الذين يتجاوز عددهم (100) مليون نسمة الذين يعانون نقصًا في الموارد المائية في وقت تقول فيها إثيوبيا إن بناء سد النهضة له منافع لجميع الدول بما فيها دولتا المصبّ مصر والسودان،إلا ان مصر تري ان ذلك سيؤدي الي نقص مياه النيل خصوصاً في محافظاتها الحدودية وستحتاج الي مبالغ طلئلة لإقامة محطات لتحلية مياه البحار لتلبية احتياجات مصر المائية وتتضمن اموالاً لإنشاء محطات تحلية في أهم (4) محافظات هي شمال وجنوب سيناء والبحر الأحمر ومرسي مطروح بتكلفة تصل لـ(50) مليار جنيه لكنها غير قادرة علي ذلك في ظل الازمة الخانق التي تمر بها مصر هكذا سيبقي مشروع سد النهضة مسمار في نعش المياه السائبة.
المخاوف والاضرار
ويواصل الخبير المائي حسام الدين ان هناك أضرار محتملة تقع على دولة جنوب السودان كالمشكلات البيئية والاجتماعية التي تشمل إنهيار المصايد السمكية وجفاف أراضي الرعي وإنخفاض مستويات المياه الجوفية وإنخفاض هطول الأمطار في المنطقة هذا كله قد يحد من الفوائد العملية للمشروع،كما نبه الى ان المخاوف البيئية والمناخية عن نتائج حفر قناة جونقلي اثبتتها الدرسات وأكدت تأثر المناخ في إنخفاض معدلات هطول الأمطار مع إنخفاض المساحات المغمورة بالمياه و زيادة رقعة السدود بنسبة (150)% نتيجة للانخفاض المضطردة في مياه النيل وعليه يكون خيار عدم حفر القناة مطلوب حتي لا يفقد جنوب السودان ثرواته الطبيعية.
أهداف جوبا الخفية
مجالس جوبا عاصمة جنوب السودان تعتقد ان هناك مخطط من مجلس اعيان الدينكا الاتحادي يسعى لتهجير كل من (دينكا بور) ودفعهم الى الذهاب الى اقليم بحر الغزال و تهجير (النوير) من مناطقهم واضعاف (المورلي) و(الشلك) باعتبارئهم القبائل الرئيسية المتاثرة جراء اكتمال قناة جونقلي حيث تحظى القبائل الاربعة بثروة حيوانية ضخمة واعمال رعي كبيرة كما يمتلكون اسواق كبيرة للاسماك في النيل ،وان قيام القناة المصرية سوف يؤدى لتهجير واضعاف جودهم في المنطقة حيث سيضطر الغالبية لمغادرة الولاية بسبب الجفاف والتصحر نتيجة اكتمال قناة جونقلي المصرية.
قرنق حارب القناة
اوقف رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان الراحل جون قرنق اعمال الشركة المنفذة لقناة جونقلي في قرية (كونقور) حيث لاتزال مكينة الحفر الضخمة التى جلبت من باكستان الى السودان عبر ميناء بوتسودان في القرن الماضي موجودة حتى الان رغم التهام الصداء لها، وكان الراحل جون قرنق قد اعلن الحرب على الخرطوم بسبب قناة جونقلي المصرية انذاك واقنع قرنق كل من وزير الدفاع الحالي كول ميانق جوك واخرين من قيادات (دينكا بور) ومقاتلي قبيلة النوير والمورلي بالانضمام اليه لذات السبب باعتبار القناة سوف تسلب حقهم في الارض انذاك ، المفارقة ان حكومة دولة جنوب السودان بعد انفصالها عن السودان بقيادة الرئيس سلفاكير ميارديت نائب جون قرنق سابقا اعاد حفر القناة في صمت مطبق و استقدم المصريين لمواصلة اعمال الحفر مقابل الحصول على المال والسلاح لمواجهة الحرب الاهلية التى تعاني منها البلاد منذ العام 2013م ويحارب بذلك السلاح قبائل النوير والشلك والمورلي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق