الاثنين، 12 فبراير 2018

العلاقات السودانية المصرية.. إسترتيجية إعادة البناء!

أعرب اعلاميون مصريين عن ما أسموه (حالة ارتياح عامة) جراء التقارب السوداني المصري الاثيوبية عقب القمة الثلاثية المهمة التى انعقدت على هامش القمة (30) للاتحاد الافريقي مؤخراً. صحيفة (الجمهورية) المصرية قالت في افتتاحيتها ان الرئيس السيسي اكد على عدم وجود ازمة بين الدول الثلاثة .
الكاتب المصري (كرم جبر) دعا فى عموده فى صحيفة (الاخبار) المصرية لايقاظ عوامل التقارب بين مصر والسودان وإبعاد الجفوة و استدعاء المخزون الاستراتيجي لوحدة وادي النيل. الكاتب الصحفي (جلال عارف) فى ذات الصحيفة (الاخبار) اشاد بالقمة وما خرجت به. أما المتحدث باسم الرئاسة المصرية (بسام راضي) فقد أشار الى أن لقاء السيسي و البشير (احدث نقلة نوعية للتعاون بين البلدين)  ان السيسي تفهم كل ما يمكن ان يعكر صفو علاقات البلدين.
من جانب آخر قال السفير السوداني بالقاهرة عبد المحمود عبد الحليم ان القمة أسست لمرحلة جديدة ايجابية تقوم على الشفافية و الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وقال عبد المحمود لصحفيين مصريين ان الرئيس البشير و السيسي اتفقا على تشكيل لجنة مشتركة من الخارجية والامن والمخابرات فى البلدين لوضع خارطة طريق يتم عبرها حلحلة المشاكل العالقة؛ معرباً عن أمله فى التزام الاعلام في البلدين بالمهنية و الاحترام و تجاوز الاجواء السالبة.
وفى حوار أجرته معه صحيفة (المصري اليوم) قال عبد المحمود ان استدعاء السفير السوداني من القاهرة كان (رسالة احتجاج شديدة لمصر إزاء ما يشعر به السودان من مشكلات) محملاً الاعلام المصري وزر تدهور العلاقات بالاساءة لشخصية للرئيس وانتقاد زيارة الرئيس أردوغان الى السودان إذ (ليس من حق أي دولة ان تستجوب دولة اخرى بخصوص الروساء الذين يزورنها).
الكاتب الصحفي المصري (خالد ابوبكر) قال فى صحيفة (الشروق) المصرية ان أهم ما خرجت به القمة (تلطيف الاجواء بين مصر والسودان و اثيوبيا) مطالباً بإزالة الآثار الذهنية السالبة فى اوساط الشباب السوداني وطالب بتخصيص منح دراسية لطلاب سودانيين فى مصر وإقامة اسابيع ثقافية فى القاهرة والخرطوم ودعا لميثاق شرف صحفي وتبادل للزيارات لتعميق علاقات الجارين.
من هذه النقاط يمكن ان نقرأ مستقبل العلاقة بين القاهرة والخرطوم، ذلك ان السودان و من واقع حرصه على هذه العلاقة لم يستجب قط لأي اخطاء او استفزازات مصرية، إذ ان مصر ضغطت على امن السودان القومي باحتلالها لحلايب والعمل على تهجير سكانها و تمصير المنطقة و ملاحقة مواطنين سودانيين ورغم ذلك لم يستجب السودان لهذه الاستفزازات الممنهجة ولم يخض فى نزاع أمني عسكري مع مصر.
كما ان الاعلام المصري وجه اساءات غير مقبولة للقيادة السودانية وحاول ان يصبح وصياً على السودان في علاقاته الدولية ولكن السودان لم ينساق وراءه. هذه كلها مواقف تبين ان السودان تعامل بحرص مع الجانب الاستراتيجي فى العلااقة، ولهذا فان الرئيس المصري السيسي هو الذي بادر بزيارة ولقاء الرئيس السوداني البشير فى القمة 30 للاتحاد الافريقي بأديس، وجرت عملية مواجهة ومكاشفة على مستوى القمة لكي يتم وضع حد للازمة.
وبالفعل بدأت عمليات المعالجة بسفر وزير الخارجية السوداني ابراهيم غندور ورئيس جهاز المخابرات السوداني محمد عطا الى لقاهرة للقاء نظرائهما من الجانب المصري فى إطار لجنة مشتركة أوكلت لها مهمة وضع خارطة طريق لحلحة الازمة.
هذه المؤشرات وبغض النظر عن مآلاتها يمكن اعتبارها ايجابية و من شأنها اعادة رسم الطريق الاستراتيجية لعلاقات البلدين، فالسودان كل ان ولا يزال جاهزاً ومستعداً بذهن وقلب مفتوحين لوضع حد للازمة لادراكه العميق لعلاقة الجوار الاستراتجي و خطورة افساد هذه العلاقة او العبث بها، ويمكن القول ان الدولتين الجارتين بدأتا بالفعل فى وضع خارطة طريق استراتيجية تقوي هذه العلاقة ولا تضعفها و تنمي جانب المصالح الاستراتيجية المشتركة و تعمل على التأسيس لمستقبل واعد وزاهر لا تشوبه أية شائبة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق