الثلاثاء، 27 فبراير 2018

(عودة عبد المحمود)

صدرت التوجيهات بعودة السفير عبد المحمود عبد الحليم، السفير السوداني بالقاهرة في اليومين المقبلين، ويتوقع أن تكون العودة الخميس المقبل أو بداية الأسبوع المقبل على أقصى تقدير، وذلك بعد انتهاء فعاليات مؤتمر سفراء السودان ورؤساء البعثات الدبلوماسية في الخارج بعد غد (الأربعاء)، لتنتهي بذلك أزمة استدعاء عبد المحمود للخرطوم بعد قرابة الشهرين من استدعائه والذي تم في الرابع من يناير الماضي.
بداية الطريق
استقبلت الأوساط المصرية خبر عودة السفير عبد المحمود بارتياح شديد، واعتبر المتابعون أن هذا القرار هو بداية لحلحلة المشاكل بين البلدين، بعد الاجتماع الرباعي الذي عقد بالقاهرة في الثامن من فبراير الجاري بين وزيري الخارجية ومديري أجهزة الأمن والمخابرات بالبلدين، والذي حدد مشاكل كل طرف بشفافية ووضوح، كما اعتبر المراقبون أن عودة السفير تعكس أن الجانب السوداني بدأ يطمئن لما نتج عنه الاجتماع الرباعي.
قرار مهم
يوسف أيوب رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة (اليوم السابع) أكد أن عودة السفير عبد المحمود للقاهرة مهمة، داعيا إلى جانب ذلك إلى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في اللقاء الرباعي بين البلدين بالقاهرة. وقال أيوب لـ(اليوم التالي): يهمنا جدا الجانب الإعلامي بين البلدين وضرورة التوقيع على ميثاق شرف إعلامي بين مصر والسودان عن طريق نقابة الصحفيين في مصر واتحاد الصحفيين بالسودان وكذلك وزارة الإعلام السودانية، وذلك لسد هذا الباب تماما، مضيفا: كما يجب الاتفاق على آليات للتناول الإعلامي الإيجابي في البلدين ومراعاة خصوصية العلاقة بيننا، ولفت أيوب إلى أن السفير عبد المحمود شخصية قديرة، وكان له دور كبير في تقريب وجهات النظر بين البلدين، مضيفا أن وجود عبد المحمود مهم جدا في القاهرة حاليا، مؤكدا أنه الوحيد القادر على التواصل مع كل الأوساط المصرية وخصوصا الإعلاميين المهتمين بالعلاقة، وأن ذلك من شأنه أن يسهم في عودة العلاقات إلى مسارها الطبيعي من جديد.
مؤشر جيد
أما خالد محمد علي الكاتب والمحلل السياسي المصري الخبير في الشأن السوداني فاستقبل خبر عودة السفير عبد المحمود للقاهرة باستحسان شديد. وقال علي لـ(اليوم التالي): لأول مرة تؤتي اجتماعات اللجان المشتركة بين البلدين ثمارها بشكل جيد، مضيفا: قرار عودة السفير مؤشر جيد بأننا سنشهد حراكا إيجابيا على مستوى حل الأزمات العالقة بين البلدين، لافتا إلى أنه من الطبيعي أن يكون عبد المحمود بالقاهرة في هذه الفترة، وقال: الدبلوماسية هي التي تزيل المشاكل ووجود السفير بالقاهرة سيساعد في ذلك كثيرا، مشيرا إلى أن قرار عودة السفير يدل على أن هواجس الخرطوم انتهت، مؤكدا أن هذا القرار سيكون له صدى واسع على مستقبل العلاقات المصرية السودانية، وقال علي: عبد المحمود يتمتع بقدرات عالية وتاريخ دبلوماسي كبير، وكانت له صولات وجولات داخل أروقة الأمم المتحدة في مواجهة الجنائية والعقوبات والدفاع عن السودان، مضيفا أنه سفير يمكن التعويل عليه في هذه المرحلة، فهو صاحب قرار، ويتمتع بعلاقات جيدة مع كل الأوساط المصرية سواء الرسمية والحزبية والإعلامية باستثناء بعض الإعلاميين الذين لا يعلمون أهمية العلاقة ويغردون دائما خارج السرب.
علاقة تاريخية
في الوقت نفسه أكد البروفيسور إبراهيم غندور وزير الخارجية أن علاقة السودان ومصر تاريخية وقدر لا فكاك منه، وأنها علاقة بين جارين، تتأرجح صعودًا وهبوطًا، لكنها لم تصل لمرحلة المواجهة في أي وقت، وقال غندور في حديث مع برنامج “لقاء خاص” نشرته شبكة الشروق مساء أمس الأول (السبت) إن العلاقة بين البلدين متأصلة شعبيًا، وستعود العلاقات كما كانت في أي وقت، متجاوزة كل ما هو مؤقت، وأوضح أن موقف السودان حول قضية حلايب المُتنازع عليها لا يزال كما هو (التفاوض أو التحكيم)، مُشيرًا إلى أن الطرفين اتفقا على عدم التصعيد وإبقاء الوضع كما هو، وترك الأمر للرئيسين، بعد أن قدمت لجنة رباعية من وزير الخارجية ومديري المخابرات مقترحات لهما.
تدابير احترازية
وردا على سؤال حول وجود أي توترات بين السودان ومصر، بسبب الحديث عن وجود مصري عسكري في أريتريا يستهدف السودان نفى الوزير ذللك، وقال إن الاستخبارات رصدت الوجود وتحسبت له بإغلاق الحدود باعتباره حقا سياديا، وهي تدابير احترازية إذا منعت شرا، الحمد لله، وإن لم تفعل فهو أن السودان يحرص على سيادته، وكشف غندور عن اتفاق بين مصر والسودان، بعدم انطلاق أي معارضة من البلدين. وقال: في اجتماعنا الرباعي في القاهرة ناقشنا هذا الأمر بتفصيل، وقدمنا فيه الأسماء هنا وهناك، ولكن ليس هناك حديث عن طرد، إلا لمن يرفض هذا الاتفاق، معارضة فعلية أو إعلامية.
إلى ذلك انتشرت تصريحات غندور على نطاق واسع في الوسائل الإعلامية المصرية أمس (الأحد)، واستقبلها المهتمون باهتمام كبير، وقال عدد من الصحفيين المهتمين بالسودان في مصر إنهم يستشعرون أن المرحلة المقبلة ستكون مختلفة في العلاقات بين البلدين، مبدين تفاؤلا كبيرا بعد قرار عودة السفير للقاهرة.
في الانتظار:
(سحر رمضان) مسؤولة ملف السودان في صحيفة (الوفد) المصرية قالت إن عودة السفير عبد المحمود كانت متوقعة وكنا ننتظرها، وأضافت سحر لـ(اليوم التالي): متانة العلاقات المصرية السودانية تستعصي على أي غبار سياسي يحدث في الأفق، ولذلك كانت عودة السفير متوقعة طال الزمن أو قصر، ووصفت ما يحدث في العلاقات بين البلدين بأنه “سحابة صيف سرعان ما تنقشع لأن هذه العلاقات ليست عادية فهي علاقة شعب واحد في بلدين”. وعن عبد المحمود قالت سحر: ننتظر عودته بفرح فهو رجل يتمتع بعلاقات جيدة ومميزة معنا ودائما بابه مفتوح لنا وتليفونه أيضا دون وسيط، مضيفة: عبد المحمود عمل كثيرا على تمتين العلاقات المصرية السودانية وعلى عودة الروح الإيجابية بين المهتمين بالشأن السوداني في مصر، عن طريق لقاءات شبه دورية مع الإعلاميين المهتمين بالسودان، لافتة إلى أن فترة عبد المحمود شهدت أجواء خاصة وحميمية مقارنة بفترات سابقة، معبرة عن سعادتها بعودة عبد المحمود لحضن السفارة السودانية في القاهرة.
ويبقى أن قرار عودة السفير عبد المحمود للقاهرة مهم بقدر أهمية العلاقة بين البلدين، وأن وجود السفير في القاهرة في هذا التوقيت سيساعد وسيسرع كثيرا في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في الاجتماع الرباعي بين البلدين والتي اقتربت مدة تكليفها على الانتهاء، حيث أعطى الرئيسان البشير والسيسي توجيها وتكليفا بمناقشة القضايا العالقة بين البلدين في مدة لا تتجاوز الشهر، ورفع تقرير بها لهما، وذلك في لقائهما بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا على هامش اجتماعات الاتحاد الأفريقي نهايات يناير الماضي.
إنجازات رغم الصعوبات
ويذكر أنه رغم الهنات التي شهدتها العلاقات السودانية المصرية في الفترة الأخيرة لضغوط خارجية تارة واختلاف في وجهات النظرة تارة أخرى، إلا أن فترة السفير عبد المحمود بالقاهرة شهدت إنجازات مهمة يجب الإشارة إليها حتى لا تنحصر هذه العلاقات في مربع الخلاف فقط، فقد شهدت فترة الرجل افتتاح المعبرين (أرقين وقسطل- أشكيت) بعد فترات طويلة من التأجيل، وترفيع اللجنة العليا بين البلدين لمستوى رئاسي تحت رئاسة البشير والسيسي، وإعادة هيكلة قطاعات التعاون، واللقاءات الرئاسية غير المسبوقة، وتفعيل نشاطات الفنانين وأهل الرياضة، وكذلك تفعيل لقاءات شبابية وبرلمانية ومهنية، والقرب من النخب الفكرية والإعلامية، وتقدمه بمقترحات لإنشاء مركز دراسات وادى النيل. عبد المحمود كان أيضا شديدا في الرد على بعض الإعلاميين المصريين الذين يتجاوزن بحق السودان، وظل يكرر دائما أن العلاقات السودانية المصرية لن تقوم لها قائمة إن لم ترتكز على الندية والاحترام المتبادل وتجنب المناهج الاستعلائية، وكان يؤكد أن المسكوت عنه في العلاقات هو سبب التوترات، وأنه ينبغي توخّي الشفافية وحل القضايا العالقة، وعلى مستوى الجامعة العربية تم اعتماد ـ على مستوى القمة ـ عقد مؤتمر لإعمار السودان، واعتبار مبادرة البشير للأمن الغذائي خطة عمل عربية. كما يذكر أن عبد المحمود قبل قدومه للقاهرة عمل وكيلا بالإنابة لوزارة الخارجية وسفيرا للسودان بالأمم المتحدة والهند وسيريلانكا ونيبال وكوبا وجمايكا وسفيرا مناوبا بأديس أبابا والرياض، كما اختير رئيسا لمجموعة الـ77 في الصين، ورئيسا للجنة الرابعة في الأمم المتحدة ونائبا لرئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق