الأربعاء، 21 فبراير 2018

فبركات الإعلام المصري.. اللعب على المكشوف

في محاولة جديدة للتصعيد ضد السودان مع الخرطوم قامت وسائل الإعلام المصرية بتسريب انباء حول  طلب السودان مغادرة الأخوان المسلمين وامهالهم ساعات، في وقت سبق ان اكد فيه السودان عدم وجود اي من الجماعة في اراضيه فضلاً عن شهادة الكثيرين على عدم تعامل السودان مع المعارضة المصرية وعدم تواجدها في السودان باي شكل من الأشكال بخلاف القاهرة التى اصبحت الملاذ الأمن للمعارضة السودانية سواءً كانت سلمية او مسلحة.
لم يكن الإعلان الذي تناقلته وسائل الإعلام المصرية بحفاوة وارسلت من خلاله التحايا الى السودان من قبيل المصادفة بل هو امر له مابعده بحسب الخبراء السياسيون الذين رأوا ان القاهرة ارادت ان ترسل رسائل الى الرأي العام المصري مفادها وجود معارضة مصرية داخل السودان، الأمر الذي أثار حفيظة السودانين شعبياً والذين ظلوا يطالبون بوضع حد للتجاوزات المصرية بحق السودان والتى يبدو انها مستمرة رغم توقيع البلدين في الإجتماع الرباعي على عدد من الوجهات ومن بينها تجنب التصعيد الإعلامي.
يبدو انه بعد تراجع دور القاهرة على المستويين الإقليمي والدولى فقدت الدبلوماسية المصرية بوصلتها واتجهت الى اضعاف الدبلوماسية السودانية في الوقت الذي يسع فيه السودان الى التكامل مع الدبلوماسية المصرية لتعزيز العلاقات الافريقية.
ويقول الباحث في الشؤون الافريقية د. حسن سلمان ان العقلية التاريخية لمصر في نظرتها للسودان تحتاج الى مراجعات كثيرة فلابد ان يثبت في عقلية النخبة المصرية ان السودان دولة مستقلة ذات سيادة لها مصالحها ولها احزابها السياسية فالذاكرة المصرية تتصور بان السودان كان يوما جزء من مصر كما نري في الاعلام المصري ، قائلاً: ان مصر قلقة جدا من وضعها الداخلي وحتى الان الحكومة لم تقدم معالجات سياسية حقيقةلقضايا بلادها، وبالتالي تسعي الى حشد الشارع المصري لمشكلات خارجية و تُصور له ان هنالك مهددات احيانا بسد النهضة واحيانا بحكومة السودان اوخلافات بسبب حلايب وشلاتين او محاولة تصوير ان هنالك ارتباط بين حركة الأخوان المسلمين في مصر والحركة في السودان معتبراً ان هذا البعبع الذي تصوره القيادة السياسية التى عجزت عن معالجة مشكلاتها الداخلية يجعلها تصنع نوعاً من المشكلات الخارجية .
واسبعد سلمان ان يكون سبب العداء المصري للسودان يرجع الى الخلاف حول مياه النيل حيث قال ان الامر اعقد من ذلك فالحكومة المصرية لا تتعامل مع السودان بالطريقة التى يتعامل به معها، واضاف ان الحكومة المصرية لديها هاجس من السودان فهي تنظر الى انه بابعاده الايدلوجية وتركيبته ونظامه السياسي يشكل مشكلة، واضاف قائلاً: منطق الدول مؤخرا يحكمة المصالح فاذا كان السودان مثلاً تحكمة حكومة اسلامية الا نها تتعامل بشكل ايجابي مع  روسيا والصين مثلا نلاحظ ان الانظمة ذات الخفليات الشيوعية لم يمتنع السودان عن التواصل معها بمنطق المصالح لانه يعزل تماماً بين المبادئ والافكار التى تحكمة في اطار سياسي معين وبين التعامل المصلحي.
على الرغم من ان الشواهد كثيرة على المواقف العدائية خاصة للإعلام المصري تجاه الخرطوم الا ان الأخيرة ظلت تلتزم بالمرونة واللجوء الى الحلول الدبلوماسية على الرغم من تسليط الإعلام المصري سهامه تجاه السودان فبعد ان طالب السودان الجانب المصري بضرورة الإلتزام بميثاق الشرف الإعلامي الموقع بين الجانبين والتأمين عليه ابان الإجتماع الرباعي مؤخراً لجأ الإعلام المصري الي سياسة التلفيق الممنهج والتى ظهرت بجلاء في الأوساط الإعلامية بادعاء طرد المعارضة المصرية في محاولة لاثبات وجودها في السودان.
من خلال متابعة المتغيرات في القرن الأفريقي يتضح ان المنطقة العربية اصبحت بحاجة الى عمق افريقي والسودان يتمتع بهذا العمق خاصة وانه جزء من المنطقة العربية وفي نفس الوقت جزء من العمق الافريقي، بجانب ان كثير من الدولة العربية التى كانت تتخذ من القاهرة حلقة وصل الى القارة الأفريقية اصبحت تري ان التواصل الافريقي يجب ان يتم عبر السودان الأمر الذي أثار غيرة القاهرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق