الأحد، 4 فبراير 2018

القاهرة وأسمرا لا يعرفون شعب السودان أبداَ!

كأنما ارادت الاقدار والتصاريف السياسية ان تأتي بالديل المادي المباشر على قوة النواة الوطنية الصلبة و استحالة كسرها واختراقها لكي يدرك قادة الحكومة المصرية وجيرانهم في الشرق ان شعب السودان أقوى مما قد يتصوروا، فان التحركات المصرية تزامنت مع ظروف اقتصادية صعبة و ضاغطة في السودان ، و مع ذلك ان شعب السودان لم يرنوا ببصره بعيداً عن المؤامرات التى تدار في (ساوا).
و لم يتخلى هذا الشعب عن وعيه السياسي و رجاحة عقله ، فالصعوبات الاقتصادية و المعيشية التى اتخذتها الحكومة السودانية مؤخراً، لو كانت من حكومة غير مسئولة ولا مسنودة من شعبها و لا تثق في شعبها لاطارت أمن و استقرار السودان في طرفة عين! و شعب السودان نفسه لو لم يكن متحلياً بواقعية سياسية بالفطرة وذكياً بما يكفي لتخلي عن رابطة جأشه و عاث فساداً في أمنه و استقراره.
 المعادلة كانت واضحة؛ الحكومة الوفاقية التى تحكم السودان في الوقت الراهن هي حكومة جاءت نتاجاً مشروع وطني تاريخي مجيد. حوار ناقش طويل دام لما يربوا على العامين، خرج برؤى و قرارات تبنتها حكومة الوفاق الوطني و شرعت في إنفاذها. هي حكومة في باطنها عشرات القوى السياسية و المستقلين و المنظمات و التكنوقراط، برنامجها مأخوذ من مشروع الحوار الوطني وبالكامل، و ليس ادل على ذلك من ان رجلاً مثل مبارك الفاضل وزير الاستثمار و منتمي لحزب الامة وكان معارضاَ شرساً للحكومة قال قولته الشهيرة التى سارت بذكرها وسائل الاعلام والصحف (ان الموازنة العامة لن يتغر منها لو سطراً واحداً)!
 الرجل يدرك انه عضو في حكومة وفاق وطنية و ينفذ برنامجاً عن حوار طويل لافكار و رؤى و ان هذه الموازنة لم تأت من فراغ ولا هي من بنات افكار المؤتمر الوطني، لهذا دافع عنها بذات الثبات والقوة. إذن ليست الحكومة التى تحكم السودان الآن تنتمي لطيف سياسي منفرد او تخص مجموعة سياسية بعينها وشعب السودان اللماح يدرك ذلك و يدرك طبيعة الفوضى التى ولغت فيها دول الجوار التى خاضت ما يسمى بالربيع العربي وحتى مصر نفسها -رغم ما يبدو ظاهرياً- تعيش متناقضات و استحقاقات الفوضى الشاملة.
ولكن شعب السودان اثبت انه الأذكى و الادرى بحاله وظروفه، ولهذا فان حكومة السيسي وحكومة افورقي بدا لهما الأمر مستغرباً – رغم الجوار و الادعاء بمعرفة شعب السودان – فقد إزداد تماسك الشعب السوداني وتضافر جهود أبنائه مع حكومتهم لم تنطلق البلاد للفوضى المرجوة، ولا الانتفاضة المحمية بالقواعد العسكرية الأجنبية والثورة الكذوبة المدعومة بسلاح اسرائيلي تحول من ايدي الإسرائيليين إلى ايدي جيش مصر! لا شك ان هذا دليل مادي قاطع على خطأ حسابات السيسي و الرجل بارع في الحسابات الخاطئة وبارع في خسارة المواقف وسوء التقدير والتدبير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق