الأحد، 25 فبراير 2018

(أحزان الجنوب)

مرت دولة جنوب السودان الوليدة بمحطات عدة من النزاع مع السودان الدولة الأم، والاقتتال الداخلي منذ استقلالها عام 2011، وأسفرت هذه الحروب عن مقتل الآلاف من المسلحين والمدنيين وتشريد أكثر من مليون شخص ، فضلا عن أزمات اقتصادية وإنسانية، رغم ذلك ما يزال قادة الجنوب يستخدمون العنف لتصفية الخصوم ويشعلون النيران رغم كافة اتفاقيات وقف النار ومعاهدات السلام التي تعقد بينهم برعاية إقليمية ودولية، حتى صار الجنوب مادة أخبار وتقارير مثيرة للوكالات والصحف الأجنبية.
الإعدام للجاسوس:
في آخر حدث بالدولة التي أنهكها القتال بين قوات الرئيس سيلفاكير وخصمه اللدود مشار، أصدرت محكمة في جنوب السودان حكما أمس (الجمعة) بالإعدام شنقا على ضابط سابق من جنوب أفريقيا برتبة كولونيل بعد إدانته بمحاولة قلب نظام الحكم.
وبحسب وكالة رويترز، كان الكولونيل المتقاعد وليام إندلي (55 عاما) يقدم المشورة لريك مشار النائب السابق لرئيس جنوب السودان والذي صار زعيما للمتمردين وتخوض قواته حربا أهلية منذ 2013.
وأثناء النطق بالحكم قال القاضي لادو إريمينيو سيكوات، إن أمام إندلي 15 يوما للاستئناف.
وإلى جانب الاتهام بالتآمر وتقديم أسلحة أدين إندلي أيضا بالتجسس وشن تمرد والتخريب والإرهاب ودخول جنوب السودان بطريق غير قانوني.
ووصف محامي الدفاع جارديت أبيل جار الحكم بأنه إجهاض للعدالة. وقال إن إندلي الذي يعتزم استئناف الحكم سجين سياسي يجب إطلاق سراحه طبقا لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في ديسمبر الماضي.
وخلال المحاكمة حاول إندلي استدعاء ستة شهود للشهادة لصالحه، لكن لم يحضر أي منهم.
وقال جار “اختارت المحكمة أن تكون غير كفء ومنحازة في القضية”. وأضاف أن الحكم “غير مطابق لاتفاق وقف الأعمال العدائية الموقع أخيرا والذي يوجب إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وأسرى الحرب”.
وقالت وزارة العلاقات الدولية في جنوب أفريقيا إنها ستدرس الحكم. وقال متحدث باسمها “سفارتنا في جنوب السودان ستكتب إلى المقر الرئيسي بشأن الحكم وسنواصل بحث الأمر بعد ذلك”.
ويحاكم إندلي مع متحدث سابق باسم مشار صدر حكم بإعدامه أيضا في وقت سابق من الشهر الجاري بتهمة التحريض والتآمر على حكومة الرئيس سلفا كير.
مأساة الطفولة:
تقول وكالة الأنباء الفرنسية إن تقرير للأمم المتحدة يفيد بارتكاب العديد من الانتهاكات لحقوق الأطفال في جنوب السودان، من ضمنها إجبار أطفال على مشاهدة أمهاتهم يتعرضن للاغتصاب والقتل.
ويقول تقرير الأمم المتحدة الذي أعده محققون في مجال حقوق الإنسان، إن 40 موظفا رسميا قد يكونون متورطين بصورة فردية عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ويضيف التقرير أن المدنيين تعرضوا للتعذيب والتشويه، وأن القرى قد دمرت على الصعيد المهني.
ومن بين المسؤولين الـ 40 الذين يشتبه في ضلوعهم بارتكاب انتهاكات، خمسة برتبة كولونيل، وثلاثة من حكام الولايات.
وتقول الأمم المتحدة إن الشهادات التي جمعت من الناجين “مرعبة”، بما في ذلك حالات أجبر فيها أشخاص على اغتصاب أفراد من عائلتهم “ما يذكر بحالات وقعت أيام حرب البوسنة”. كما أجبرت مرأة على مشاهدة عملية إخصاء زوجها.
وتقول ياسمين سوك، رئيسة لجنة حقوق الإنسان في جنوب السودان: “العنف الجنسي ضد الرجال في جنوب السودان يفوق بكثير ما هو موثق، إن ما رشح حتى الآن هو على الأرجح مجرد غيض من فيض”.
وتقول إحدى الناجيات، وهي امرأة حامل في مقاطعة لينيا، إنها شاهدت مقاتلي الجيش الشعبي لتحرير السودان يحتجزون ويعذبون ويشوهون أشخاصا يشتبهون بأنهم أنصار المعارضة.
وتضيف أنها احتُجزت مع جثث الضحايا المتحللة، التي كانت من بينها جثة زوجها.
ويجمع محققو الأمم المتحدة أدلة لاستخدامها في محاكمات جرائم الحرب في المستقبل، وسيقدم التقرير إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف. لكن المحكمة لم تنشأ بعد لأن برلمان جنوب السودان لم يوافق عليها حتى الآن.
ضبط القتلة:
أوردت (البي بي سي) على موقعها الإلكتروني أمس الجمعة، أن محققين من الأمم المتحدة حددوا هويات أكثر من 40 عسكريا من جنوب السودان ربما يكونون مسؤولين عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ويعد هذا تحولا كبيرا عن تقارير الأمم المتحدة السابقة التي كانت توثق الجرائم لكن لا تحدد المرتكبين.
وقال محققون من لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنوب السودان إن نتائج تحقيقاتهم استندت إلى مقابلات مع مئات الشهود وصور الأقمار الصناعية ونحو 60 ألف وثيقة ترجع إلى وقت اندلاع الحرب.
ويحدد التقرير الذي صدر أمس الجمعة – ذات التقرير الذي يتحدث عن الاغتصاب- أسباب “مسؤولية القيادة الفردية عن الاعتداءات واسعة النطاق أو الممنهجة ضد المدنيين”، التي ارتكبها مسؤولون عسكريون كبار من بينهم ثمانية برتبة لفتنانت جنرال وثلاثة من حكام الولايات.
وقال متحدث باسم الحكومة إنها ترغب في محاسبة المسؤولين عن أي جرائم. وقال ماوين ماكول المتحدث باسم الشؤون الخارجية لرويترز: “ستحاسب الحكومة المسؤول عن أي جرائم، إنها حكومة مسؤولة”.
وحتى الآن لم يحاكم سوى عدد محدود للغاية من المسؤولين العسكريين أو الحكوميين في جنوب السودان بتهمة ارتكاب جرائم ضد مدنيين.
ويسرد تقرير الأمم المتحدة تفاصيل ما يصفها بأنها “أمثلة مروعة على الوحشية ضد مدنيين اقتلعت عيونهم أو ذبحوا أو شوهوا”.
والقرار متروك للاتحاد الأفريقي لتحديد ما إذا كانت الأدلة التي قدمها المحققون ستؤدي إلى محاكمات.
وقبل عام قالت لجنة الأمم المتحدة إن الاتحاد الأفريقي يتواطأ مع سفك الدماء في جنوب السودان بعدم القدرة على إنشاء المحكمة. ودعت مجددا الجمعة لتأسيس المحكمة.
وقالت ياسمين سوكا رئيسة اللجنة “من الممكن تأسيس المحكمة على الفور ويمكن للادعاء بدء العمل في الحالات. بموجب اتفاق السلام لا يمكن أن يستمر من يوجه لهم اتهام في مناصبهم”.
مطالب بالتنحي:
اهتمت وكالة الأناضول التركية بتأثيرات التغييرات في إثيوبيا على الجارة الشرقية لجنوب السودان، ونقلت في تقرير أمس (الجمعة) أن كلمنت جاندا، عضو مجلس الولايات (الغرفة الثانية بالبرلمان) بدولة جنوب السودان، طالب الرئيس سلفاكير ميارديت بـ”التنحي عن السلطة على نهج رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين”.
جاء ذلك في رسالة مفتوحة بعثها للرئيس كير من مقر إقامته في كينيا، حصلت الأناضول على نسخة منها، أمس الجمعة.
وخاطب جاندا الرئيس كير بالقول: “كما ندرك جميعا أنك كنت قائدا للبلاد الأعوام الـ13 الماضية، والآن بات واضحا بأن الأوضاع العامة أصبحت أسوأ مما كانت عليه في الماضي”.
وأضاف “لا توجد فرص أمام بلادنا للانتقال نحو الأفضل، فهي تنحدر يومياً للأسفل، لهذا فإنني أناشد ضميركم المسيحي أن تتنحى مثل القادة الشجعان أمثال الرئيس زوما ورئيس الوزراء ديسالين”.
وناشد جاندا، رئيس البلاد بـ”عدم الاستماع إلى بعض أعضاء حكومته الذين يتحاشون إخباره بالحقيقة كاملة”.
وقال “أناشدك بعدم الاستماع إلى أشخاص مثل وزير الإعلام مايكل مكوي، ووزير رئاسة مجلس الوزراء مارتن إيليا لومورو، لأنهما سيقولان لك إن الأوضاع على أحسن حال، بينما هي عكس ذلك تماما في الواقع”.
وأشار جاندا، إلى أن “الأوضاع التي تشهدها البلاد ستزداد سوءا حال تمسكك (الرئيس كير) بالاستمرار في السلطة”.
وفي رسالته، كتب جاندا: “على الرئيس كير ونائبه السابق ريك مشار إتاحة الفرصة أمام شعب جنوب السودان للمضي قدما دونهما لأنهما يفتقدان للإرادة السياسية”.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق