الخميس، 19 يوليو 2018

السيسي في الخرطوم

في خطوة جديدة في مسار العلاقات المشتركة بين البلدين، يبدأ الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، اليوم (الخميس)، زيارة رسمية إلى البلاد تستغرق يومين، بالتركيز على بحث العلاقات الثنائية والملفات العالقة والشائكة بين البلدين.
بالنسبة إلى سفير السودان لدى القاهرة، عبد المحمود عبد الحليم، فإن زيارة الرئيس المصري، إلى السودان مهمة، وتأتي في إطار التواصل المستمر بين قيادتي البلدين، وردَّا على زيارة الرئيس البشير إلى القاهرة قُبيل الانتخابات الرئاسية.
وأوضح السفير، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية، أن القمة السودانية المصرية بالخرطوم، ستناقش العلاقات المتطورة بين البلدين، والجهود المتصلة لتعزيزها وتعميقها في كافة المجالات، كما يقف الرئيسان على سير ونتائج الاجتماعات العديدة لآليات التعاون الثنائي التي شهدتها الفترة المنصرمة، وعلى رأسها اجتماعات اللجنة الرباعية المشكلة من وزيري الخارجية ومديري المخابرات في البلدين.
بحسب السفير ستناقش المباحثات السودانية المصرية، آليات التعاون المشترك وصولًا إلى اجتماعات لجنة التعاون العليا برئاسة الرئيسين والتي ستستضيفها الخرطوم أيضًا في أكتوبر القادم.
*العثرات والعقبات
وتشهد علاقات الخرطوم والقاهرة، مصاعب حقيقية على أرض الواقع، وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في يناير الماضي، إن هناك عثرات تواجه تنفيذ اتفاق “الحريات الأربع” بين مصر والسودان، لكنه أعرب عن أمله في أن تشهد العلاقات بين البلدين مراعاة تطلعات الشعبين.
وجاء رد الوزير المصري، على أسئلة الصحفيين خلال مؤتمر صحفي عقده مع نظيره التنزاني، أجوستين ماهيجا، في العاصمة القاهرة – وقتها- حول إمكانية إلغاء اتفاقية “الحريات الأربع”.
ووقع البلدان في 2004 اتفاقية “الحريات الأربع” التي تعطي مواطني البلدين، حقوق أو حريات التنقل المتبادل بدون تأشيرة، والعمل، والإقامة بدون قيود، وكذلك تملك الأراضي والعقارات.
ومؤخرًا، طلبت مصر إدخال تعديلات على تفصيلات بنود الاتفاقية يضع بعضها قيودًا على دخول السودانيين إلى مصر، فيما اتهم مسؤولون سودانيون القاهرة بـ”التلكؤ” في تفعيل الاتفاقية.
*مشاحنات الإعلام
وتشهد العلاقات بين السودان ومصر توترًا ومشاحنات في وسائل أجهزة الإعلام، على خلفية عدة قضايا خلافية، أهمها النزاع حول المثلث الحدودي في حلايب وشلاتين المستمر منذ سنوات.
ورغم نزاع الجارتين على هذا المثلث الحدودي منذ استقلال السودان عام 1956، لكن المنطقة كانت مفتوحة أمام حركة التجارة والأفراد من البلدين دون قيود حتى عام 1995، حين دخله الجيش المصري وإحكم سيطرته عليه.
وسبق أن استدعى السودان سفيره من القاهرة لـ”التشاور”، فيما قالت الخارجية المصرية آنذاك إنها بصدد “تقييم الموقف لاتخاذ الإجراء المناسب”.
إبان زيارته إلى ولاية سنار مؤخرًا، ارتدى الرئيس عمر البشير، بزته العسكرية، وشدَّد على أن بلاده على استعداد لصد ما وصفه بعدوان المتربصين والمتآمرين والمتمردين على البلاد.
وفي ذات اليوم، أعلن مساعده – وقتها- إبراهيم محمود، أن السودان يتحسب لتهديدات أمنية من جارتيه مصر وإريتريا، بعد تحركات عسكرية للدولتين في منطقة “ساوا” الإريترية، المتاخمة لولاية كسلا.
لكن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قال – حينها- في كلمته بمناسبة افتتاح عدد من المشروعات التنموية بمحافظة المنوفية شمالي البلاد، إن “بلاده لا تتآمر على أحد ولا تتدخل في شؤون الآخرين ولن تحارب أشقاءها (السودان وإثيوبيا)”.
وسبق أن أعلن السودان، العام الماضي، أنه ضبط أسلحة مصرية مع متمردين في إقليم دارفور، واتهم جارته مصر بدعم المتمردين، وهو ما نفته القاهرة مرارًا.
بيد أن الرئيس المصري، قال إن بلاده لا تحتاج أن تدخل في صراع وحروب مع دول أخرى، مؤكدًا أن امتلاك مصر قوة عسكرية لا يعني أن تطغى على الآخرين.
وأضاف، “دائمًا حريصون على أننا نبقى داخل حدودنا، ولا نتآمر على أحد، ولا نتدخل في شؤون الآخرين، وفي نفس الوقت نحافظ على حياة 100 مليون مصري”.
وتتصاعد خلافات بين القاهرة والخرطوم إثر نزاعهما على سيادة المثلث الحدودي، حلايب وشلاتين، ودعم السودان لموقف أديس أبابا في ملف “سد النهضة”، الذي تخشى مصر أن يؤثر سلبًا على حصتها السنوية، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، من نهر النيل، مصدر المياه الرئيسي للبلاد، وهو ما ينفيه السودان بشكل قاطع.
بينما تقول إثيوبيا إن السد سيحقق لها فوائد عديدة، خاصة في مجال إنتاج الكهرباء (تحتاجها الخرطوم)، ولن يُضر بدولتي المصب، السودان والخرطوم.
*آفاق التحالفات
وشكلت زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى السودان في ديسمبر الماضي، أزمة مكتومة بين الخرطوم والقاهرة، بسبب انتقادات أجهزة الإعلام المصرية للزيارة ونتائجها، خاصة وأن الزيارة شهدت توقيع 22 اتفاقية ذات طبيعة استراتيجية، أمنية وعسكرية وتجارية واقتصادية، وسياسية وزراعية وصناعية وتنموية.
ثم كانت زيارة أردوغان إلى جزيرة “سواكن”، وحديثه المباشر عن تعاون عسكري (سوداني- تركي)، وإعلان الشراكة الإستراتيجية بين البلدين، والشائعات عن توقيع اتفاقية إنشاء قاعدة عسكرية تركية في البحر الأحمر، ثم اجتماع قادة أركان السودان وتركيا وقطر بالعاصمة الخرطوم أثناء الزيارة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق