الاثنين، 30 يوليو 2018

النفط بجنوب السودان.. سلام مجتمعي وتعافٍ اقتصادي

في الوقت الذي تتأهب فيه جوبا لإنفاذ اتفاقية السلام الموقعة بين فرقاء الأمس حلفاء اليوم والمتمثلين في حكومة الرئيس سلفاكير ميارديت ونائبه الدكتور رياك مشار أبرز عقبة التمويل كأهم العقبات بعد أن ربطت واشنطن دعمها للمبادرة بتوقيع كافة أطراف الصراع.
ولما كان النفط مصدر الدخل الأساسي بجنوب السودان حظي القطاع دون غيره بحراك فاعل خلال الفترة الماضية بالرغم من أن العديد من المحللين السياسيين رأوا أن قطاع التجارة وبخاصة مع دول الجوار الأفريقي سيكون لها نصيب الأسد خلال في الأيام .
وواجه القطاع العديد من التحديات عقب اندلاع العنف العام 2013م إذ دمرت الحرب الضروس معظم المنشآت النفطية وأجبرت العديد من الشركات على إجلاء موظفيها ولإيقاف أنشطتها وبخاصة بحقول الوحدة التي تسيطر عيلها قوات المعارضة بقيادة مشار، وتعتبر العقوبات الأمريكية على قطاع النفط أحد أذرع الضغط التي يمارسها المجتمع الدولي لإنهاء العنف وإحلال السلام.
تعاون الأشقاء
الناظر للمشهد النفطي بين السودان ودولة جنوب السودان يرى أن الدولتين تربطهما روابط جيولوجية واقتصادية عميقة في هذا المجال، وذلك أن الحوض النفطي الأساسي يقع في الحدود بين الدولتين فضلاً عن وجود أنابيب النفط وميناء التصدير بالسودان وحقول النفط بدولة الجنوب، وقد التزمت هذه الروابط وزارتى النفط في البلدين على إنشاء شراكة فاعلة تمثلت في العمل على إعادة ضخ بترول الجنوب بإنفاذ الاتفاق الموقع بين البلدين لإدخال حقول الجنوب إلى دائرة الإنتاج النفطي في الوقت المضروب بداية سبتمبر.
وقالت وزارتا البلدين بأنهما تعملان على متابعة العمل على أرض الواقع، وأن العمل الذي يجري بحقل توما ثاوث قطع شوطاً كبيراً في عمليات اختبار الآبار وجاهزيتها للإنتاج وإعادة تأهيل محطة تجمع الخام وخط أنابيب نقل الخام وشبكة الكهرباء والاتصالات وتعبيد الطريق الرابط بين حقل توما ثاوث وهجليج بطول 28 كيلو مترا، إضافة إلى التسهيلات التي تمت بين البلدين في حركة المهندسين والفنيين وحركة الآليات والمعدات والعربات وكل ما تحتاجه حقول الجنوب.
ووجه المهندس أزهري عبد القادر وزير النفط والغاز بالسودان الشركات العاملة في إعادة تأهيل الحقول بمواصلة العمل بوتيرة أسرع حتى تدخل حقول الجنوب إلى دائرة الإنتاج النفطي قبل الموعد المحدد، مشيدًا بجهود العاملين فى شركتي جيبوك من جنوب السودان و 2B OPCO السودانية على مواصلتهم العمل ليلاً ونهاراً، بجانب جهود حاكم ولاية روينق في تأمين الحقول ومنح التسهيلات الإدارية للتنقل بين البلدين، منبهاً للالتزام بالعمل المتصل الذي يوصل للغايات، مبيناً أن ما تم من أعمال يعتبر مشجعاً وموصلاً للنجاح في مقبل الأيام، كاشفاً عن تطلعه أن يتم الأمر كما خطط له في مواقيته، مؤكداً أن الحقول سوف تدخل تباعاً بعد حقل توما ثاوث وأن انتهاء الطريق المعبد قبل موعده المحدد يعتبر إنجازاً، معلناً عن رعايته التامة مع وزير النفط بحكومة الجنوب لإنفاذ اتفاق إعادة الضخ وتبادل الخبرات وتدريب المهندسين من دولة جنوب السودان.
وأكد وإلى ولاية روينق (طم مشار) جاهزية الوحدات الأمنية لتوفير الأمن، معلناً استقرار الأمن بالولاية واستعدادهم لتأمين الحقول والعاملين فيها ومنح التسهيلات اللازمة لحركة وعبور المعدات والآليات والمهندسين وكل ما يتعلق بالبترول، مؤكدًا رعايته ودعمه غير المحدود لتأمين حقول النفط وتقديم كافة المساعدات لإعادة الإنتاج النفطى.
تحديات ماثلة
ويواجه العمل بقطاع النفط جملة من التحديات على الصعيد السياسي، ذلك أن امتناع قوى تحالف المعارضة والذي يترأسه قربريال جانكسونق ومجموعة المعتقلين السابقين بقيادة باقان أموم يعتبر أحد هذه التحديات، بعد أن أعلنت واشنطن رفضها قبول أي اتفاق لم تمهر فيه هذه القوى بالموافقة وهو ما قد يهدد السلام بالدولة الوليدة حال تم استبعادهم عن التسوية السلمية فضلاً عن ذلك العقوبات الأمريكية المفروضة على القطاع، فبالرغم من أن نائب الرئيس تعبان دينق غاي أكد في وقت سابق عدم تأثر القطاع بالعقوبات الأمريكية كون أن الشركات العاملة بالجنوب ليست لها تعاملات رسمية مع واشنطن، إلا أن العقوبات الامريكية عادة ما تخيف المستثمرين وتؤدي إلى هروب رأس المال.
صدارة عالمية
ويقول موقع أويل أفركا إن جنوب السودان ليس مصدراً كبيراً للنفط ففي عام 2016 ، شحنت الدولة سلعًا بقيمة 1.34 مليار دولار للخارج، لتحتل بذلك المرتبة 138 كأكبر اقتصاد تصدير في العالم ، وفقاً لما ذكره مرصد ماستشوستس للتكنولوجيا التابع للمرصد الاقتصادي، تقريبًا كل صادرات البلاد في ذلك العام بلغت - 1.33 مليار دولار - جاءت كلها من النفط الخام. ونتيجة لذلك، فإن جنوب السودان هو أكثر الدول اعتماداً على النفط في العالم، وفقاً لبنك التنمية الأفريقي يمثل النفط نحو 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
على الرغم من الجلوس في مساحات شاسعة من الاحتياطيات النفطية، فإن جنوب السودان هو واحد من أفقر البلدان الأفريقية، التي مزقتها سنوات من الصراع الذي وضع اقتصادها في حالة من السقوط الحر، إذ انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من1111 دولارا في عام 2014 ، إلى أقل من 200 دولار بحلول عام 2017، وفقاً للبنك الدولي.
ويقول كول، الذي يعمل أستاذاً للدراسات الأمنية بجامعة الدفاع الوطني في واشنطن العاصمة للموقع، إن قرار الأمم المتحدة حظر السلاح عن حكومة جوبا يبين أن الدول الأعضاء في مجلس الأمن تعتقد أن الأطراف المتحاربة في جنوب السودان والوسطاء السودانيين ليسوا جادين في التوصل إلى اتفاق سلام.
ويقول محللون آخرون إن تحرك مجلس الأمن يعد تحذيراً لحكومة جنوب السودان والمتمردين. يقول أتيم سايمون، محلل وكاتب من جنوب السودان: "إن المجتمع الدولي يشعر بخيبة أمل كبيرة تجاه الحكومة ، خاصة بعد أن مددت فترة ولاية الرئيس".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق