الاثنين، 29 يناير 2018

عبث استراتيجي مصري بالعلاقة الإستراتيجية مع السودان!

على الرغم من مما يبدو -ظاهرياً- إن الحكومة المصرية راغبة فى الاحتفاظ بعلاقاتها الاستراتيجية مع السودان باعتبار ان البلدين جارين شقيقين تربطهما أواصر إستراتيجية ومصير مشترك و تاريخ مشترك، إلا ان واقع الأمر -بكل أسف- يشير ان الحكومة المصرية تعبث عبثاً صبيانياً غير مسبوق بهذه العلاقة ، بحيث وصفه احد الدبلوماسيين الغربيين في العاصمة البريطانية لندن بأنه مدهش وغير قابل للتصديق () – بنص تعبيره!
ولمن يريد ان يتعرف على المدى المدهش الذي تردت اليه الحكومة المصرية في عبثها بعمقها الاستراتيجي فان بإمكانه ان يلاحظ عدة أمور بالغة السوء والخطورة :
أولاً، تحتضن الحكومة المصرية عياناً بياناً وبلا مواربة عناصر المعارضة السودانية المسلحة وعناصر وقادة الاحزاب والمنظمات السياسية والحقوقية و تتيح لهم الشقق و المقار و الدور وفتح المكاتب لممارسة أنشطتهم العامة في الساحات والصالات، و في أماكن واضحة و استخراج وثائق ثبوتية تتيح لهم التنقل حول العالم. وهذه الممارسة تقوم بها السلطات المصرية بلا مدارة ومعروفة على نطاق واسع لكل المواطنين المصريين والمقيمين السودانيين في مصر.
ثانياً، تقوم السلطات المصرية بتحريض هذه الحركات المسلحة -علناً- للقيام بأنشطتها العسكرية داخل السودان و توفر لهم العتاد الحربي اللازم، فحركة العدل و المساواة لها شقق و مقار معروفة و هي تنشط في الحركة و السفر إلى ليبيا. و حركة عبد الواحد لها مقر فى منطلقة (البارجيل) بالجيزة وتمارس أنشطة التهريب إلى إسرائيل، وقد سبق للمخابرات المصرية ان أجرت تنسيقاً لهذه الحركات للاجتماع باللواء (حفتر) فى القاهرة بغية تسهيل الحركة الى ليبيا.
ثالثاً، المتمعن في طبيعة العناصر المعارضة التى تجد هذا التسهيل و هذا (الكرم المصري الحاتمي) يجد حركة تحرير السودان جناح مناوي . حركة عبد الواحد – حركة تحرير السودان (الوحدة) الحركة الشعبية قطاع الشمال ، جبهة تحرير كردفان!
 أما العناصر السياسية فانك تجد قادة لحزب الأمة القومي . الحزب الشيوعي السوداني، الجبهة الوطنية العريضة ، مؤتمر البجا – جبهة الشرق. أما الروابط الحقوقية و المنظمات فهناك حركة (قرفنا) ومجموعة (السودان ينادينا) ، والتحالف العربي من اجل السودان. الرابطة العالمية لأبناء جبال النوبة ، منظمة معن، منظمة تسامي الحقوقية ، حركة تمرد السودان .
فلنتأمل عزيزنا القارئ كل هذا الكم  الهائل من عناصر المعارضة السودانية و الناشطين و الحقوقيين و حملة السلاح تأويهم الحكومة المصرية في الوقت الذي فيه لا يوجد ولو معارض مصري واحد أو حتى نصف معارض مصري في السودان ولو عن طريق الخطأ! وإذا تساءلنا عما تستفيده الحكومة المصرية من هذا العمل العدائي الصارخ فإنها تستفيد فائدة مباشرة من المعلومات و العمل على الضغط على الخرطوم.
و لعل أكثر ما يؤكد هذه الحقيقة ان عناصر من الأمن و عناصر من ضابط المخابرات المصرية يتلقون هؤلاء و يجتمعون بهم باستمرار، ففي 8/1/2018 كما أفاد شهود عيان التقى ضابط بتربة المقدم من الأمن العام المصري يدعى (محمود موافي) في منطقة (سعد زغلول) برئيس مكتب حركة مناوي . الاجتماع جاء بطلب من ضابط الأمن المصري و الذي طب منه -لاحظ هنا طبيعة الطلب- قائمة مفصلة بعضوية الحركة و حذره من القيام بأي نشاط دون الرجوع اليه!
اجتماع آخر دعا له ضابط برتبة عميد يدعى (هشام محفوظ) حضره كل من إسماعيل من الحزب الشيوعي السوداني . و الأمر نفسه حدث في منطقة (طبرق) الليبية حيث تم عقد لقاء ترأسه اللواء حفتر وضم كل من احمد قادريا من حركة مناوي و صلاح حامد و منصور يحى صابر بغية التحرك إلى حدود الليبية.
الأمر إذن واضح و مكشوف، مصر تغامر بعمقها الاستراتيجي ولا تضع اعتباراً لعلاقات حسن الجوار ولا تهتم بمخاطر إثارة بغض وغضب شعب السودان و هذه الممارسة المصرية تطن في صميم الجوار المشترك و تدمر العلاقة الاستراتيجية بين البلدين! ولا يدري احد لِمَ تفعل مصر ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق