الخميس، 18 يناير 2018

لماذا يطالب السودان بإلغاء اتفاقية الحريات الأربع مع مصر؟

تتصاعد في الأوساط الشعبية و بين النخب المختلفة في السودان تساؤلات ملحة جميعها تدور حول: لماذا يلتزم السودان -من جانب واحد- باتفاقية الحريات الأربعة الموقعة بين الدولتين منذ أغسطس 2004 في الوقت الذي لم تلتزم فيه مصر قط بأي سطر من هذه الاتفاقية؟
هذه التساؤلات التى امتدت ألسنة لهيبها الى سماوات السودان بكثافة هذه الأيام، و ربما تدفع الحكومة السودانية لمراجعة الأمر برمته في ظل تصعيد متصل من الجانب المصري لنهج إزدراء هذه الاتفاقية الاستراتيجية.
ومن المعروف ان اتفاقية الحريات الأربعة وهي (حرية الإقامة ، حرية التملك، حرية التنقل، حرية العمل) جاءت تتويجاً طبيعياً لطبيعة العلاقات بين الشعبين وهي علاقات لمن يعرف طبيعة الجغرافيا و التاريخ وحساسية الموقع و الوادي الواحد، لها طابع استراتيجي أزلي، ليس من السهل ان يقلل أي طرف منها أو يستهين بها.
و كان المؤلم من بين ثنايا وطيات هذه الاتفاقية ان يتأسس إطار موحد للبلدين يرتكز على عمق الجوار الاستراتيجي و يحقق أفضل حياة لشعبيّ البلدين. ولكن المؤسف في الأمر -وما أكثر المؤسف في تصرفات النظام الحاكم في مصر- ان الجانب المصري منذ لحظة توقيع الاتفاقية قبل حوالي 13 عاماً  حتى هذه اللحظة لم تبد مجرد الرغبة فى تنفيذ ولو بند واحد منها، ففي ما يخص حرية الإقامة حدِّث ولا حرج، تلاحق السلطات المصرية المواطنين السودانيين و تجبرهم على تجديد الإقامة برسوم باهظة و تقوم بحملات انتقائية و انتقامية و إبعادهم من أراضيها. لقد عانى الموطنين السودانيين الأمرّين في مصر حتى اضطروا لتركها في الوقت الذي يكتظ فيه السودان في كل مدنه بالموطنين المصريين دون الحاجة إلى إقامة ودون شروط. وفيما يخص حرية التنقل فان السلطات المصرية درجت -وعلى نحو ممنهج- على إحتجاز مواطنين سودانيين في المطارات المصرية رغم سبق حصولهم على تأشيرة دخول رسمية صادرة عن القنصلية المصرية في الخرطوم. عشرات المواطنين السودانيين تلقوا إهانات بالغة واستجواب مستفزة وإعادة إلى الخرطوم بأمر المخابرات المصرية! أما حرية التملك فهي ضرب من المستحيل ، ففي حين إن المواطن المصري يسرح ويمرح في امتلاك ما يشاء في السودان وفي كل أنحائه حتى تكاثرت المطاعم و البقالات والفنادق المصرية في المدن السودانية؛ فان المواطن السوداني  في مصر توضع أمامه العراقيل وضرورة الحصول على تصاريح وأوراق وموافقات من المخابرات المصرية حتى ييأس ويدع الأمر!
وذات الشيء ينطبق على حرية العمل حيث لا مجال في القطاع العام ولا الخاص لمواطنين سودانيين في مصر، إذ ان البيروقراطية المصرية تبرع براعة تحسد عليها في وضع المتاريس أمام الموطنين السودانيين، وحتى الذين يمارسون العمل الخاص في مجال التعدين الأهلي تلاحقهم السلطات المصرية و تنزع عنهم معداتهم وأموالهم و تدخلهم السجون!
مجمل الأمر ان الجانب المصري لا يلتزم بالاتفاقية وفوق ذلك يمعن في إذلال المواطنين السودانيين، لذا من الطبيعي ان يطالب شعب السودان بأن تلغى الاتفاقية و ذلك ببساطة لأنه لا توجد اتفاقية ثنائية يقوم بتنفيذها طرف واحد ليتفرغ الطرف الثاني فقط لخرقها وتمرير حذائه عليها! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق