الثلاثاء، 16 يناير 2018

ليبيا ودولة الجنوب..أدلة دولية على دعم الحركات!

في الوقت الذي تتحرك فيه الملفات العالقة بين الخرطوم وجوبا لايجاد صيغة مناسبة مع مؤشرات تلفت النظر إلى أن الطرفين يستعدان لمرحلة جديدة في العلاقات الثنائية..ووجود لغة التعقل والتعاون من أطراف متباعدة ومتقاربة بين البلدين تنادي بتجاوز مرحلة الاتهامات المتبادلة بإيواء ودعم متمردي كل طرف… إلى مرحلة التعاون في إخماد نار الصراعات الدامية ومع ترقب علاقات متوازنة برز تقرير لفريق من الخبراء خاص بدارفور، يحث فيه مجلس الامن الطلب من الدول الأعضاء خاصة ليبيا وجنوب السودان على الالتزام بمنع تمويل أو توريد الأسلحة والعتاد للحركات المتمردة في دارفور….ورفع الفريق المعني بالسودان والمكون في العام 2005 تقريره النهائي لمجلس الأمن الدولي أواخر ديسمبر الماضي… وتضمن معلومات مثيرة حول الأوضاع والتطورات في دارفور وارتباطات الصراع المسلح الإقليمية.. وتحدث التقرير الذي تداولت محتواه وسائل الاعلام العالمية والمحلية عن اتجاه جماعات دارفورية متمردة للعمل كمرتزقة في ليبيا بغية الحصول على منافع نقدية، خاصة بعد توجس الليبيين من خوض المعارك… ماهي الاسباب التي تجعل جوبا متمسكة بحركات دارفور؟…وهل يعتبر تضارب الاراء والتصريحات حول العلاقة مع جوبا اشارة لانقسام حكومة دولة الجنوب مابين تيارين الاول راغب في علاقة جوار جيدة مع الخرطوم والآخر لايريد ذلك؟… ولماذا؟…
تهيئة ودعم…
المتابع لعلاقة الجنوب بالدول المعادية للسودان وإسرائيل انها واضحة منذ نشأتها كحركة متمردة وظلت تدعمها إلى أن تحقق الانفصال، وبالطبع هذه الدول تود أن تمسك بالحركات المتمردة في السودان لإحداث الفوضى وخلق التوتر، ويرى مراقبون أن الحركة الشعبية بدأت في تهيئة ودعم الحركات المتمردة في دارفور قبل انفصال الجنوب، فمنذ الفترة الانتقالية بدأت في إيواء الحركات المتمردة، وفي عام 2008م عقب تحسن العلاقة بين تشاد والسودان أعلنت الحركة الشعبية عندما كانت شريكاً في الحكم، أعلنت مساندتها لحركة العدل والمساواة، وفتحت لها أبواب الجنوب..
الخبير الأمني اللواء ابنعوف يرى أن عدم التزام جوبا بعدم إيواء التمرد يعود إلى عدم جدية جوبا في الحل وقلة تجربتها وإرادتها السياسية في التعامل مع مثل هذه القضايا تحركها أجندة خارجية، مشيراً إلى أن الصراعات الداخلية في دولة الجنوب ساهمت في ازدياد عملية إيواء التمرد…وقع السودان وجنوب السودان في 27 سبتمبر 2012 اتفاق التعاون المشترك بأديس أبابا متضمنا تسع اتفاقيات حول القضايا الخلافية المترتبة على انفصال الجنوب، باستثناء ترسيم الحدود، ومن أبرز القضايا النفط والأمن و ايواء المتمردين واتفاق (الحريات الأربع) الذي يمنح مواطني أي بلد حق الدخول للبلد الآخر بلا تأشيرة والإقامة والعمل والتملك..
مراقبة الحدود..
شدد الخبراء في توصيات تقريرهم الى مجلس الامن على أهمية دعم بناء القدرات لمراقبة الحدود خاصة بين دارفور والدول المجاورة، بتطوير قدرات قوة الحدود المشتركة، وإنشاء مراكز حدودية دائمة في المعابر المعروفة، وتوفير تكنولوجيا الرصد… وكشف التقرير عن اختلاف طرائق السفر تبعا للإمكانات الاقتصادية للمهاجرين ومكان مغادرتهم.. ويشير تقرير الخبراء الى أن مختلف الجهات المسلحة في دارفور تعمل على تيسير تهريب المهاجرين عبر دارفور وتتخذها كوسيلة للتمويل…وتشمل هذه الجهات المتمردين الدارفوريين سابقا، الذين تم تسريحهم ويقال إنهم ينقلون المهاجرين من مختلف مناطق دارفور إلى المناطق الحدودية.
ويكشف الفريق أن أفرادا سابقين في جيش تحرير السودان/فصيل عبد الواحد، موجودون حاليا في الفاشر، يشاركون في هذا النشاط التجاري بجانب عناصر من جيش تحرير السودان/فصيل ميني مناوي تعمل كذلك بنشاط في هذا المضمار.
نقض الاتفاقيات…
كعادتها دولة الجنوب ما فتئت تنقض جميع الاتفاقيات مع السودان…
وقال استاذ العلوم السياسية دكتور اسامة زين العابدين إن دولة الجنوب ظلت تعتمد على المزايدات في علاقاتها مع السودان، لكنها الآن تعاني من انشطار وضعف وحرب مستعرة، فهي في وضع لا يسمح لها بالمزايدات، لذلك لا بد من الحديث الجاد وطرح القضايا بما يحقق المصالح ، وأضاف زين العابدين أنه قد تكون هناك أطراف في الجنوب مازالت تربطها علاقات بالحركات المسلحة، خاصة أن ياسر عرمان وعبد العزيز الحلو ومالك عقار كانوا ومازالوا جزءاً أصيلاً من الحركة الشعبية، ومن المؤكد أن علاقات جيدة تربطهم بدوائر استخباراتية وسياسية وأمنية في الجنوب ولربما هي التي تقدم لهم الدعم.
مكافحة التمرد…
قال خبراء امميون في تقرير صدر في خواتيم العام الماضي ان حركتي العدل والمساواة بقيادة جبريل ابراهيم وحركة جيش تحرير السودان بقيادة مني اركو مناوي لم يعد لهما اي وجود يذكر في دارفور بسبب استراتيجية مكافحة التمرد الحكومية الفعالة… واضاف الخبراء في تقريرهم ان (حركة العدل والمساواة باتت تنشط بشكل اساسي في جنوب السودان، في حين ان جيش تحرير السودان-جناح مني اركو مناوي ينشط بشكل اساسي في ليبيا، هاتان المجموعتان تقومان بأنشطة مرتزقة ووفقا لمعلومات وانشطة اجرامية ايضا في هذين البلدين…واكد التقرير ان الحركتين تتبعان (استراتيجية الانتظار) القائمة على اعادة تجميع قواتهما في ليبيا وجنوب السودان بانتظار ان تسنح فرص جديدة لاستئناف العمليات..
تهريب البشر..
وحقق فريق الخبراء حسب تقريرهم في عمليات تهريب المهاجرين عبر دارفور الى الدول المجاورة خاصة ليبيا وتشاد ومنها لأوربا…ولفت التقرير الى أنه ومنذ عام 2015 تلاحظ وصول مهاجرين ولاجئين دارفوريين غادروا السودان اخيرا إلى أوروبا بأعداد أكبر وهو ما يوحي بزيادة وجود وتحسن تنظيم شبكات التهريب العاملة في السودان وليبيا وتشاد.
ونقل عن مهاجرين من أهالي دارفور قاموا بهذه الرحلة في عام 2017 استخدامهم وسائل النقل العام أو بالسيارة من الخرطوم إلى الفاشر، حيث التقوا بدليل رتب نقلهم في سيارة رباعية الدفع شمالا إلى الحدود الليبية.
وروى مهاجرون آخرون سافروا من داخل دارفور أنهم توجهوا إلى الفاشر ثم إلى منطقة المالحة بالحافلة أو بواسطة شاحنة، حيث التقوا بمهاجرين آخرين وواصلوا رحلتهم… ووصف بعضهم عبور الحدود مع مهربي مركبات ليبيين من الكُفرة، جاؤوا إلى المالحة لبيع مركباتهم…وباتت (المالحة) منذ مطلع العام 2017 أكبر سوق للسيارات القادمة من ليبيا، وهي منطقة حدودية تبعد حوالي 200 كلم شمال شرق الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، ويقصدها مئات التجار من مختلف أنحاء السودان للشراء بسعر منخفض…ويشير التقرير الى أنه بعد عبور المهاجرين للحدود، يتم تسليمهم إلى شبكات شتى تيسر لهم المضي في رحلتهم… ويبحث آخرون عن مهرّب لمواصلة رحلتهم بمجرد وصولهم إلى ليبيا
لعدم وجود عسكري دائم على طول الحدود السودانية الليبية .. فقد سمح النزاع والفوضى في ليبيا لشبكات التهريب بالعمل دون عقاب.
معطيات ودلائل..
فالناظر إلى الساحة السياسية يدرك أن السودان ظل يجنح للسلام منذ انفصال الجنوب خاصة مع القرارات الرئاسية بفتح الحدود مع الجنوب واحتضان اللاجئين وتخصيص معسكرات لهم …الامر الذي اعتبرته جوبا متنفسا وفرصة لاسترجاع علاقاتها ومصالحها مع السودان …ورغم كل المعطيات والدلائل الدولية الموجودة الان حول التقارب بين جوبا وحركات دارفور… يبقى السؤال في انتظار الاجابات العملية بقرارات لتحديد موقفها من ضبابية العلاقة مع الخرطوم وحسم المناورات السياسية التي تنتهجها…

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق