الأربعاء، 31 يناير 2018

القمـة الثلاثيــة بيــن (البشير) ، (السيسي) و (ديسالين)

شيراتون أديس ابابا ، الفندق الافخم والاغلى في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا ، والذي ارتقي وحل محل اعرق الفنادق هناك ، والذي يقع في منخفض بين مرتفعات صخرية ؛ جعلته في موقع يبدو غريبا بعض الشئ ، الفندق المشاد وسط حدائق غناء وملامح فخامة عالية ؛ ينظر الواقف في فسحته الي بعض المقار الحكومية ومن بينها مقر رئيس الوزراء الاثيوبي ؛ كان الشيراتون صباح امس الاثنين مسرحا لحدث القمة الثلاثية بين الرئيس البشير ونظيره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الاثيوبي هايلي ديسالين ، حيث وكما انفردت (الصحافة) كان الفندق هو المكان المحدد لانعقاد القمة الثلاثية التي لم تنعقد داخل مقر الاتحاد الافريقي رغم توفر القاعات الرئاسية بينما فضلت ترتيبات المراسم للدول الثلاث عقده في الشيراتون الواقع في منطقة (فلو ها) حيث اعين المياه المعدنية الحارة ، التي قد تجلب – ربما – عافية لجسد لا يجب ان تعتل علاقات دولة
إجراءات أمنية ..عادية
منذ الثامنة صباحا بدأت وفود الدبلوماسيين والكثير من الاعلاميين في التوافد نحو الشيراتون ، تدافعت وكالات الانباء والصحف والمراسلون ، وجرت اجراءات المراجعات الامنية للواصلين من التفتيش بيسر شديد وغير تعسر ، خاصة بعد وصول الرؤساء الثلاثة ودخولهم مباشرة منذ التاسعة وخمس واربعين دقيقة في اجتماع مغلق اختيرت له غرفة اجتماعات مجاورة اغلقت على الرؤساء بينما التزم البوابات بالخارج الحرس الرئاسي لكل رئيس ويبدو ان اتفاقا قد جري بحيث مثل كل بلد حارسان بينما توزع بقية الحرس في وسط الحشد الاعلامي من الحضور ؛ ملاحظتي هنا ان اجواء التجاذبات الاخيرة بين الدول الثلاث بدت حاضرة في حجم الترقب الكبير الذي تحول الي صخب مناقشات اضطرت رجل من مراسم الدولة الاثبوبية لتنيه الحضور اكثر من مرة الى خفض الاصوات ثم بعد ان تكرر التنبيه طلب رجل المراسم من الحضور التحول بعيدا عن قاعة اجتماع الزعماء
غرفة الوزراء …تترقب
لم يكن حال الانتظار وحده هو السائد تحت مظلة الترقب عن الصحفيين والاعلاميين وملاحظتي هنا ان الاعلام المصري كان الاكثر كثافة في الحضور والتغطية بقدر ربما فاق حتى عدد الصحف الاثيوبية والاعلاميين الاثيوبيين ! وبالطبع كان الاكثر حتى من الاعلام السوداني ، كان الترقب كذلك قد طال حتى الجالسين من الوزراء من الدول الثلاث الذين التقوا في قاعة مجاورة لمكان اللقاء الرئاسي ، اذ جلس الوزراء السودانيون في صف قبالتهم نظراؤهم المصريون بينما جلس الاثيوبيون في المنتصف عند اخر القاعة ، بدا الاجلاس اقرب ما يكون الى لوحة مجسم مخطط ميدان ملعب رياضي يشرح عليه محلل خطة اللعب وتوزيعات العناصر ، وكان لافتا في هذا الحضور حالة الهدوء الكبير لدي وفدي السودان واثيوبيا بينما اكثر وزير الخارجية المصري من التحرك قبل ان يتراجع الي اخر صف جماعته وان علت ملامحه مظاهر ارتياح دلت عليه كثرة ابتسام متكرر !
خروج ودخول لاجتماع آخر ..
مع مضي الزمن بدأت اجتهادات الحاضرين من الاعلاميين في البحث عن مصادر تملك قدرة البوح بالتسريبات ، ورغم ان باب اللقاء كان مغلقا على الرؤساء الثلاثة بينما في الوقت عينه كان الوزراء في القاعة الاخرى ولا يمكن الوصول اليهم ، على الاقل للحصول على ملمح معلومة ، رغم هذا فقد اجتهد بعض الزملاء خاصة من مراسلي الفضائيات في ارسال تعليقات مباشرة لمحطاتهم ، وشمل هذا حتي مراسلين غربيين تطوعوا خلالها من الاشارة الى نقاش حول مقترحات تقدمت بها دولة من الدول الثلاث ورفضت من الجانب المصري ، فيما تواترت افادات ومعلومات منسوبة لمصادر عن تقدم في لقاء الزعماء ولا اعرف من اين لهم هذه المعلومة فقد اقتربت من الباب المدجج بالحراس ولم اظفر سوى بلقطة صورة توخيت فيها الحذر وكان واضحا ان كل الصيد في جوف مجلس البشير وديسالين والسيسي فاختار الملتزمون بنهج الموضوعية امثالي خيار انتظار فتح الابواب المغلقة للحصول على التفاصيل ؛ كانت تلك المبذولة عبر التصريحات من وزيري الخارجية او ما يمكن الحصول عليه بمباحث التحقيق والتحري الصحفي.
البشير (لا توجد أزمة) ..السيسي (اطمئنوا)
بعد مرور الساعة والنصف الساعة او يزيد قليلا سرت حركة عجلي وذات ضجيج بين الحرس ورجال المراسم ، انفتح الباب وتنفس صبرنا وفضولنا معا الصعداء ، خرج الرؤساء الثلاثة ، قطعوا خطوتين نحو الصالة المجاورة حيث الوزراء المرافقين ، ليجلس رئيس الوزراء الاثيوبي ديسالين على صدارة المجلس بينما جلس على يمينه الرئيس البشير فيما جلس المشير السيسي في شمال المجلس ؛ كان الجميع يواجه صفا من المصورين انهمكوا في تحريك لواقط كاميراتهم بينما لم يأبه ديسالين بالضجة منهم فابتدر حديثه بإنجليزية مسموعة متحدثا عن اللقاء ومخرجاته للوزراء وفي هذه الاثناء تنبه رجال المراسم الى وجود الاعلاميين الذين تسلل بعضهم للداخل وحيل بينهم وبين العبور ليتم اخراج الجميع واغلاق الباب ، الذي ظل موصدا لنحو عشرين دقيقة خرج بعدها الزعماء الثلاثة ليخاطب ديسالين الاعلاميين بأنه لن تكون هناك تصريحات او حديث للصحفيين ! قبل ان يقطع قوله الرئيس السيسي الذي يبدو انه لمح اعلاميي بلاده وكثافة الحضور الصحفي فأرسل قولا بأن قيادة الدول الثلاث قيادة مسؤولة وان السودان ومصر واثيوبيا بلد واحد وكرر (اطمئنوا ..اطمئنوا) ليلحق بقوله البشير الذي التقط فيما يبدو قولا من احد الصحفيين فقال بصوت جهوري (لا توجد ازمة لا توجد ازمة ) تجدر الاشارة هنا الى ان الرئيس السيسي حرص لحظة خروج الزعماء الثلاثة علي الامساك بأيديهم مرفوعة ومتشابكة اشارة الى الوحدة
فين الجماعة بتوعي !
عندما مرت نحو ساعة من اللقاء المغلق ، الذي كانت تنتهي اغلب تطلعات الباحثين فيه عن اجابة وفك ساكن ما يحدث داخل الغرفة كانت نظرات الصحفيين تنتهي بالارتداد عن ملامح الحراس الرئاسيين ، الذين كانوا يحولون بين تلك الاعين وسطح باب الغرفة دعك عن ما بداخلها ، كان لافتا في لقاء الشيراتون تراجع شدة الاحتكاك بين اولئك الحراس فيما بينهم او بين الاعلاميين ، وكان لقاء الرئيس المشير البشير والمشير السيسي ببيت الضيافة او (بيت السودان) وهو قصر ضيافة شيدته الحكومة السودانية بأديس ابابا لاستضافة الوفود الرئاسية وغيرها كان اللقاء قد شهد موقفا حاسما من الحرس الرئاسي السوداني لحظة وصول الرئيس السيسي وصعوده بالمصعد للقاء البشير في صالون القصر اذ منع الحرس السوداني نظيره المصري من الصعود باعتبار ان السيسي ضيف في بيت وسفارة السودان ولدى رئيسه وبالفعل دخل الرئيس المصري بدون حراسه حتى انتهاء اللقاء المسائي ليقول الرئيس المصري بعد ان انتهي اللقاء ولحظة هبوطه للمغادرة وقد لاحظ عدم وجود حرسه (فين الجماعة بتوعي) ، واما امس في الشيراتون فقد كان الاختلاط اكثر مودة ورحمة
انكسار الطوق الأمني :
كثافة الحشد الاعلامي كانت كما قلت كبيرة حتى ان مراسم اختتام اليوم الختامي للقمة الافريقية تراجعت في اجندة اعلاميي التغطية ، بل اكثر من هذا فقد فشلت كل محاولات الامن الاثيوبي في صد ورد ملاحقة الاعلاميين للرؤساء ووفودهم وقد اضطر وزير الخارجية المصري سامح شكري وتحت ضغط اعلاميي بلاده للتصريح لهم وهو والرئيس السيسي داخل المصعد ليكون الاسبق في نقل تفاصيل ما جري
بروفيسور غندور …نجومية ساحقة
لعب البروفيسور ابراهيم غندور ادوارا كبيرة وغير منظورة في الوقت نفسه في كواليس ترتيب اللقاء الاول بين الرئيس البشير والرئيس السيسي الذي تم بعد ملاحقة من وزير الخارجية المصري وسفير مصر بإثيوبيا كما لعب من خلال انسجام ملحوظ بينه وبين القيادة الاثيوبية دورا اكبر في تفاصيل جزئيات القمة الثلاثية وقال غندور في تصريحات صحفية عقب انتهاء القمة للصحفيين بمقر الاتحاد الافريقي ان القمة شهدت حديثا قويا ومباشرا اتسم بالصراحة بين الزعماء الثلاثة والملفات الخاصة بالبلدان الثلاث، مشيرا في الوقت نفسه الى ان تلك النقاشات راعت خصوصية العلاقات الشعبية والروابط التاريخية والاجتماعية بين البلدان الثلاث. وبشأن مخرجات اللقاء الثلاثي قال غندور ان القمة اتفقت على انشاء صندوق مشترك بين مصر واثيوبيا والسودان للتنمية، الحصص فيه متساوية الى جانب لجنة من وزراء الخارجية ومديري الامن لبحث ومناقشة القضايا تتبادل المعلومات حتى لا تصل معلومة مغلوطة عن دولة لدولة اخرى وتلحق بهذه اللجنة لجنة اخري من وزراء الرى بالدول الثلاث ترفع في خلال شهر مقترحاتها للامور المتعلقةبقضايا سد النهضة الذي تم التأمين في امره على حق اثيوبيا في اقامته مع مراعاة مصالح الدول الاخري في مياه النيل وقال غندور ان هذه اللجنة لا تتعارض مع اللجنة الفنية المعنية بالمسار الفني لهذه القضية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق