الأحد، 19 نوفمبر 2017

الاستفزازات المصرية في حلايب.. إسقاطات الهزيمة والفشل!

قرابة الـ22 عاماً ومصر تؤذي جارها (الاستراتيجي) السودان بشتى صنوف الإيذاء في المثلث المعروف حلايب. عمليات التمصير القسرية طالت كل مناطق المثلث تقريباً، معاملة فظة مائة بالمائة. فقبائل البجا، العبابدة، البشاريين، قبائل تنتمي لقبائل شرق السودان المنحدرة من البجا ويتحدثون (لهجة سودانية) معروفة تعتبر دليلاً قاطعاً على إنتمائهم للسودان، ومع لك تسومهم السلطات المصرية المحتلة شتى صنوف الأذى وتجبرهم على حمل الهوية المصرية!
 من النادر نظرياً وعملياً ان تحتمل دولة جارة ممارسات كهذي من دولة أخرى بينهما مشتركات إستراتيجية لا تقدر بثمن وصلت في إحدى المراحل ان يصبح السودان (مأوى آمناً) للطائرات المصرية أمام الغارات الشرسة المؤلمة للطيران الإسرائيلي على المطارات المصرية في الحروب 1956 – 1967 التى تجرعت فيها مصر هزائم شديدة الألم. عمق استراتيجي حقيقي شكلته الأراضي السودانية للجيش المصري في أحلك الظروف التى تجرع فيها الجيش المصري تلك الكؤوس المذلة المريرة من إسرائيل!
 ومع ذلك فان السلطات المصرية لم تجد ما تكافئ به عمقها الاستراتيجي سوى ان (تحتل) أرضه وتؤذي مواطنيه وتدفع الأمور إلى حافة الهاوية. ومن المدهش ان مصر في هزيمة 1967 الماحقة كانت قيادتها العسكرية تتجادل ليل نهار -وقبل الهزيمة- ما اذا كان يتعين على الجيش المصري ان يطلق الطلقة الاولى أم ينتظر ليتخذ موقفاً دفاعياً!
ولكن في علاقاتها بالسودان وبعد كل ما قدمه السودان لها لم تجد وقتاً للتفكير في ما اذا كان عليها إطلاق الطلقة الأولي وإشعال شرارة الحرب مع السودان، فقد أطلقت الطلقة الأولى واحتلت أرضاَ سودانية وأحالت حياة سكان المنطقة السودانيين إلى جحيم! إن 22 عاماً من عمليات التمصير والتهجير القسري والملاحقة السكان والضغط عليهم و استفزاز الجيش السوداني -مع ان الجيش المصري يعرف في قرارة نفسه ما هو الجيش السوداني وما هي مهاراته- هذه كلها بمثابة الاستئساد الأجوف على السودان.
ولا شك ان السودان كان بوسعه ان يطلق طلقة دفاعية و أن تتأزم الأمور ويتدخل مجلس الأمن وتصبح القضية قضية دولية، ولكن ظلت إستراتيجية السودان ان ينأى بنفسه عن مقاتلة الأشقاء، وربما يعتقد القادة المصريين ان السودان ليست لديه خيارات او أنه غير قادر على مواجهة الأمر مواجهة حاسمة قاصمة ولكن السودان يصر على المحافظة على خياره الاستراتيجي، فهو أقوى من ان يتم جره إلى حلبة صراع لا تسمن ولا تغني من جوع.
 فيكفي السلطات المصرية أنها حتى على مستوى أمنها الداخلي (حادثة الواحات) لا تملك الكفاءة اللازمة للمحافظة على شرفها العسكري ولو في حده الأدنى، ومن المؤكد ان من يعجز عن صيانة أمنه الداخلي ويعاني فيه الأمرين على هذا النحو المثير للإشفاق يلجأ إلى تفريغ شحنة طاقته العاجزة في ميادين سهلة أخرى تستغل طيبة و سماحة السودانيين وتظنها ضعفاً وسذاجة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق