الأحد، 5 نوفمبر 2017

سلفاكير.. (إنت المهم)

برغم أن زيارة سلفاكير للخرطوم ومباحثاته مع الرئيس البشير قد خلصت إلى عدد من الاتفاقيات وتجديد العزم لتنفيذ اتفاقيات التعاون القديمة، إلا أن حالة من الإحباط عبر عنها الكثير من المراقبين كون الزيارة ومن خلال لغة سلفاكير التي تحدث بها في المؤتمر الصحفي لم تمح أو تزل الشكوك بشكل كامل بين الطرفين .
وقد يكون سلفاكير قد عبر عن ذلك بصراحة أكثر في مقابل دبلوماسية أعلى كانت ترافق لغة السودان في التعبير عن شكوكه واتهاماته بل معلوماته الأكيدة بإيواء حكومة الجنوب لقيادات التمرد وتقديم الدعم لهم.
لكن وبرغم هذه التعقيدات الكبيرة التي واجهت وستواجه انتقال علاقات السودان بدولة جنوب السودان من مربع الشكوك والاتهامات إلى مربع الثقة والتعاون، لكن لا سبيل لبلادنا سوى قبول التحدي والاستمرار في هذا الطريق الوعر والشاق والمعقد الذي يهدف لوضع حد نهائي للتوترات بين السودان وجنوب السودان مهما كلف ذلك من صبر وتنازل، لأن المكسب الذي سيعود على السودان في نهاية المطاف من استقرار هذه العلاقات بالذات وانتقالها إلى مرحلة التعاون والتحالف أكبر مما يتخيل الكثيرون .
فإغلاق حدود السودان في وجه الحركات المسلحة سينعكس مباشرة على عمليات التفاوض مع هذه الحركات المسلحة بعد تجفيف كافة أشكال الدعم الذي تتحصل عليه عبر الحدود مع جنوب السودان .
مما يعني دفع تلك الحركات تحت الأمر الواقع للكف بشكل نهائي عن الأنشطة المسلحة، فعملياً لن تجد تلك الحركات بعد إغلاق حدود جنوب السودان في وجهها محوراً بديلاً لدعمها من الشرق أو الغرب .
انتقال علاقات السودان مع جنوب السودان إلى مرحلة التعاون والتحالف بشكل صادق سيعني نهاية عاجلة للحرب والتمرد العسكري في السودان، الشيء الذي سينعكس وبشكل سريع جداً ومباشر على الحالة الاقتصادية والأمنية التي تعني مضاعفة الإنتاج وإنعاش الاقتصاد وحلحلة معظم المشكلات التي تعيشها بلادنا .

العلاقة مع جنوب السودان ليست مجرد علاقة مع دولة جارة يمكن أن تتوتر علاقاتنا بها أو تصلح بشكل طبيعي وروتيني دون تأثير كبير وخطير، بل هي علاقة حساسة خطيرة مؤثرة على الطرفين بشكل ينعكس على كافة جوانب الحياة في السودان وجنوب السودان على حد سواء .
هذه هي الصورة الأوسع لأهمية زيارة سلفاكير للخرطوم حتى وأهمية الصبر على هذا الطريق طريق السلام مع دولة جنوب السودان والانتقال من العداء إلى التعاون وتبادل المصالح الذي ستستفيد منه دولة جنوب السودان بنفس القدر والمستوى، وسينعكس هذا التطور المأمول عليها وعلى استقرارها بنفس الدرجة التي نتوقعها للسودان .

أكبر عقبة تواجه نجاح هذه الاتفاقيات والتفاهمات المتكررة بين القيادتين في كل مرة هي وجود كيان مسلح في السودان ظل يغازل ببرنامجه المعلن ولافتته وشعاراته حكومة جنوب السودان كونه يتظاهر بأنه لا يزال ابناً من ابناء فكرها وبرنامجها هو كيان الحركة الشعبية شمال .
لكن حين يحسبها سلفاكير بشكل صحيح ويوازن بين الفائدة الوهمية تلك والثمن الباهظ الذي يتحمله من دعم هذا الكيان، قد يعود بعقله السياسي إلى صوابه ويفهم أنه خاسر وبامتياز وفي جميع الأحوال، لأنه وببساطة يواجه داخلياً تمرداً أقوى وأخطر على وجوده في قصر الحكم بجوبا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق