الخميس، 9 يوليو 2015

الانفصال..(أربعة سنين) أعادت الحرب!

بشروق شمس هذا اليوم؛ تكون دولة الجنوب الوليدة قد أكملت عامها الرابع، في أعقاب الانفصال الذي جرت مراسمه في العام 2011م بموجب اتفاقية نيفاشا؛ التي أقرت الاستفتاء لشعب الجنوب، والذي اختار الانفصال بمحض إرادته وطوعه.
أرجع كثير من المحللين والساسة النتيجة التي وصل إليها الأشقاء في دولة الجنوب باختطاط هذا الطريق، وتفضيلهم ممارسة بقية حياتهم بعيداً عن الشمال؛ إلي الموت الفجائي للقائد الجنوبي د.جون قرنق الذي توفي أثر تحطم طائرته في جنوب السودان في العام 2005م؛ بعد توليه منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية.
وبعضهم أرجع نتيجة الانفصال إلي الأثر التراكمي لموجبات الوحدة؛ التي لم تلح فيها الحكومة السودانية؛ أو لم تسحب  حساباتها بالدقة المطلوبة، وقال البعض  أن السبب الرئيسي يرجع إلي النخب الجنوبية التي تسنمت مقاعد  القيادة في أعقاب وفاة الراحل قرنق، والتي كان ميولها وقتئذ أقرب الانفصال.
لكن الراجح من التحليلات تفضحه نتيجة الانفصال نفسها؛ فقد صوت الأشقاء الجنوبيون بنسبة عالية مؤيدين  للانفصال بلغت 98% وهي نسبة كفيلة بأن تدحض  كل تكهنات التحليلات وراء الأسباب الحقيقية للانفصال؛ وبافتراض حياة قرنق نفسه لن يكون بمقدوره تغيير نتيجة الاستفتاء.
مع الوضع في الحسبان أن هذه النسبة العالمية ما كانت لتكون إذا كان هناك أدني وجود لاحتمالية الوحدة؛ بحيث إذا كان ذلك كذلك لظهرت النتيجة متقاربة بين الفريقين طالبي الوحدة وراغبي الانفصال.
مضافاً إلي كل ذلك، أن الأشقاء الجنوبيون أسموا ذلك اليوم يوم الاستقلال الذي تحرروا فيه من قبضة الشمال التي كانوا يرونها درجة من درجات (العبودية والاسترقاق)..
وليس أدل علي ذلك من تصريحات كبار قادة الحركة الشعبية يومئذ وعلي سبيل المثال لا الحصر فاقان أموم نائب الأمين العام ليلتئذ عندما قال 0وداعاً لوسخ الخرطوم.. باي باي العبودية).. وهي تصريحات موثقة ومعروفة.
(ألوان) حرصاً منها علي كتابة التاريخ للأجيال القادمة، أعدت بهذه المناسبة الحزبية، وهي انفصال الجنوب وتكوين دولته المستقلة؛ وذهاب ثلث السودان القديم خارج خارطة (الوطنية) الأم.. أعدت (ألوان) ملفاً متكاملاً أو هكذا نظن عن أهم الأحداث يومها وأبرز التصريحات وتحليل المواقف ثم ربطت كل ذلك بمآلات الأحداث الماثلة اليوم في دولة الجنوب نفسها.
وسعت (ألوان) لاستنطاق عدد كبير من الخبراء والمتهمين من الجانبين الجنوب سوداني والسوداني؛ وتضمن (الملف) آراء معارضين جنوبيين وقادة للنظام الحاكم في دولة الجنوب؛ مع ترك مساحة واسعة لآراء ومواقف الخبراء والمسؤولين في الدوليتين.
بدأ انفصال الجنوب بعد أربعة أعوام من عمر الزمان وكأنه (كذبة)؛ في أعقاب الأحداث الجسمية التي اشتعلت في دولة الجنوب الوليدة؛ والتي اندلعت علي إثرها شرارة الحرب بين مناضلي السابق فرقاء اليوم؛ ولم تسحب الحرب حساباً لإنسان الجنوب الذي قدم صوته منادياً بالانفصال (الاستقلال) لينعم بخيرات بلاده أمناً ووعداً وتمني.
جاءت السنوات التي أعقبت الاستقلال الجنوبي عن الوطن الأم بعكس ما كان يزنه الجنوبيون؛ وأذهبت معها أحلام السنين، حيث تحولت الأحلام بالرفاه والأمن إلي حرب أكلت الأخضر واليابس، وأصبح معها النزوح والتشرد والموت المجاني أبرز العناوين.
ليست المادة المضمن بالملف (محاكمة) لجهة دون الأخرى؛ بقدر ما هي وضع للحقائق وإبراز للمواقف؛ لتكون زاداً وعبره في الأيام والسنوات القادمة.. لقد قال الشعب الجنوبي كلمته بانحيازه للانفصال وها هو يقبض ثمن تلك الكلمة.. الأمر الذي جعل أشواق الوحدة تبعث من وراء غبار البارود والقنابل؛ وسيظل الشعب الجنوبي (شقيقاً في الحنايا) وهو الوحيد الذي يملك ثمن العودة للوحدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق