الأحد، 12 يوليو 2015

دولة الجنوب .. أربعة أعوام من الإضطراب

أكملت دولة الجنوب الوليدة عامها الرابع، في أعقاب الانفصال الذي جرت مراسمه في العام 2011م بموجب اتفاقية نيفاشا؛ التي أقرت الاستفتاء لشعب الجنوب، والذي اختار الانفصال بمحض إرادته وطوعه.
وتتزامن الذكرى الرابعة لانفصال الجنوب مع مرور عام ونصف على اندلاع النزاع المسلح هناك، ولا تزال الدولة التي انفصلت عن السودان في يوليو 2011 م غارقة في أعمال العنف، والمجاعة تحاصر سكانها من كل جانب، وتقدر مصادر عدد الضحايا بين 50 ألفا- 150 ألف قتيل.ونجمت أعمال العنف والقتال عن صراع على السلطة بين الرئيس سلفا كير ونائبه السابق رياك مشار اللذان يتحدران من قبيلتي الدينكا والنوير أهم إثنيتين في البلد.وبدات المعارك في جوبا، داخل جيش جنوب السودان بسبب خصومة سياسية، ثم امتدت إلى باقي مناطق البلاد ورافقتها العديد من المجازر بحق المدنيين على أسس اثنية. بجانب الصراع الاثني والعرقي في الذكرى الرابعة فقد أشارت تقارير عالمية إلى فشل دولة جنوب السودان والتي تحتل المرتبة الرابعة عالمياً حسب تصنيف مجلة السياسة الخارجية الأمريكية الي عدة أسباب منها عدم امتلاك البنية التحتية للدولة والمنشآت والخبرة البشرية القادرة علي إدارة المؤسسات الحكومية مما يشير الي ان الدولة في جنوب السودان تبدأ من الصفر وان المراحل التي عاشتها تلك الجغرافية قبل ذلك لم تغشها يد التعمير أبدا مثلها مثل أطراف الدولة الأم التي خرجت عنها دولة الجنوب عبر حرب أهلية وتلك حالة يطلق عليها خبراء التنمية الاجتماعية والناشطين السياسيين من أقاليم السودان التي عانت من عدم انجاز تنمية متوازية علي امتداد القطر يطلقون عليها التهميش ولعلها كانت سبباً في اشتعال الحرب الأهلية علي أكثر من جبهة في دولة ظلت ردحاً من الزمان توظف جل وارداتها في قمع التمردات علي السلطة المركزية ولعل اشد النزاعات قد واجهتها في الجنوب وهو نزاع انتهي بقيام الدولة التي يجمع المراقبون علي وصفها بأنها فاشلة رغم أنها لازالت تحبو نحو عامها الرابع.

وتأسيس دولة خاصة بأهل الجنوب هدف توحدت حوله تقريباً معظم النخبة الجنوبية قبل ان تفرضه احترام إرادة الشعب الجنوبي الذي اختار الانفصال بنسبة 98% ورغم حالة الاحتقان التي تميز العلاقة بين الشعبين إلا ان خيار الأغلبية كان من الممكن التأثير فيه إذا توفرت رغبة نخبوية خاصة من قبل التنظيمات التي تنادي بالوحدة وفق سودان جديد ولذلك يتحمل الجميع تطورات الوضع في الجنوب رغم أن الحكم علي دولة بالفشل خلال عامين من عمرها تعتبره جهات رسمية في دولة الجنوب تقييماً غير منصف وان الجهة التي قامت به وهي مجلة السياسة الخارجية الأمريكية لم تطلع علي التقارير الحكومية التي حوت انجازات تعتبر معقولة مقارنة بالفترة الزمنية التي يجري فيها التقييم. ورغم أهمية الزمن في عملية التقييم، ورغم أهمية الزمن في عملية التقييم الا ان الجهات التي تقوم بإعداد مثل تلك التقارير تأخذ في الاعتبار مؤشرات أخري معنية بإنتاج الفشل واستدامته مثل اعتماد الدولة علي مصدر اقتصادي واحد كما هو الحال في دولة الجنوب التي تعتمد علي النفط بنسبة 98%من إجمالي ميزانيتها ولذلك تسبب وقف تصدير النفط عبر الأراضي السودانية بسبب الخلاف علي رسوم العبور في انتكاسة لاقتصاد دولة الجنوب وخسارة بلغت مليارات الدولارات. من ناحية أخري يبدو ان دولة الجنوب شغلتها السياسة عن ما سواها خاصة علاقتها مع جارتها الشمالية ولذلك تعتمد علي الاستيراد في كل شيء حتي الخضروات والتي كان من الممكن زراعتها علي ضفاف الأنهار العديدة في بلاد تعتبر خزاناً للمياه وعليه تعتبر عاصمة دولة الجنوب التي تستورد كل شيء أكثر عواصم العالم ارتفاعاً في تكاليف المعيشة والخدمات الي جانب ارتفاع البطالة وسط الفئات العمرية المنتجة في وقت تقدر فيه العمالة الأجنبية بنسبة 70% معظمهم من شرق إفريقيا ويعملون في أعمال كان في مقدور الجنوبيين ان يشغلونها بقليل من التدريب لوا أن الأمية في الجنوب تصل الي اعلي نسبة في العالم حيث تجاوزت الـ80% خاصة بين النساء في الوقت الذي تصل فيه نسبة الالتحاق بالمدارس 6% ورغم تعاطف كثير من الدول مع شعب الجنوب الذي عاش تداعيات أطول حرب أهلية يحمل الكثيرين وزرها لاختلال الفهم في إشكالية الهوية السودانية الي ان الكثير من المؤسسات العالمية لم تستطيع ان تقدم مساعدات وتسهيلات ائتمانية لان متوسط دخل الفرد في جنوب السودان والذي يصل الي 984 دولاراً يقل عن الدخل الفردي الذي تحدده تلك المؤسسات لتقديم المساعدات والذي يصل الي 1156 دولاراً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق