الاثنين، 6 يونيو 2016

حاجة جوبا للخرطوم لم يعد معها خيار آخر مطلقاً!

مهما يكن من أمر اللجنة السياسية الأمنية المشتركة بين وجوبا والخرطوم، والتى لم تنجح طوال أكثر من 4 أعوام إنجاز أمر ذي بال أو تحقيق اختراق على صعيد القضايا الأمنية البالغة الأهمية بين الدولتين، فإن جوبا باتت مضطرة بحكم ظروفها ومعطياتها
السياسية لإيلاء هذا الجانب المحوري في علاقات البلدين أهمية فوق العادة!
لقد تلاعبت الحكومة الجنوبية –تكتيكاً– بالعديد من هذه الملفات الاستراتيجية الخطيرة ولم تأبه قط بمآلات هذه التلاعبات، ولكن المعطيات على الأرض في جوبا لم تعد تتيح لهذه الأخيرة ترف التكتيك والعبث، فقد دنت ساعة الجد وحانت لحظة الحقيقة، فمن جهة أولى، فإن البيت الجنوبي في حاجة إلى ترتيب من الداخل سياسياً وأمنياً واقتصادياً وعلى نحو عاجل إذ يكفي أن المجاعة باتت تضرب صوب أجزاء واسعة من الدولة الوليدة واللاجئين -بمئات الآلاف- باتوا يتجهون صوب الحدود السودانية، وهذه كلها مؤشرات أزمة تثير قلق المجتمع الدولي بصفة عميقة جداً ومن الراجح جداً أن يضطر مجلس الأمن الدولي في غضون فترة بسيطة إلى اتخاذ قرارات قاسية بحق الحكام الجنوبيين لوضع حد لهذه المهزلة، لقد نفذ صر المجتمع الدولي وهو يحاول إقناع القادة في جوبا بضرورة معالجة أزمتهم المتصاعدة وهذا ما يجعل تفعيل الملفات العالقة مع السودان سواء في مجال الحدود وحراستها وإنشاء قوات مشتركة، وغيرها من القضايا الأمنية أمراً ضرورياً للغاية لا غنى لجوبا عنه إذا أرادت بالفعل ترتيب أوضاعها الداخلية و تجاوز راهنها المزري. ومن جهة ثانية فإن الظروف الحالية تحتم على جوبا -مهما كانت رهانها- أن تنتهي إلى الأبد استضافة حملة السلاح السودانيين على أرضها أو تقديم الدعم لقطاع الشمال واستخدامه كورقة في مواجهة الخرطوم. المراهنة على هذه اللعبة البالية لم يعد ملائماً. جربته الجارة ارتريا فلم يجد وجربته الجارة تشاد و رضخت في نهاية الأمر للتخلي عنه وإنشاء قوات مشتركة. أسلوب الضرب من الخلف في العادة ينتج عنه رد فعل مضاد و قد يحتمل الطرف ذلك وقد لا يحتمل طرف آخر ذلك، لذلك فمن الأجدى تركه نهائياً.
ومن جهة ثالثة فإن الحركة الشعبية الحاكمة هنا في جوبا هي نفسها في أمس الحاجة لتوحيد صفاه وإعادة ترميم بينها من الداخل دعك من أن تراهن على أن تنشئ جسماً مماثلاً في السودان ونعني به قطاع الشمال  الفكرة لم تعد كما تراها، فقد وقع الخلاف وتباعدت الثقة داخل الحركة الشعبية الحاكمة ولم يعد من مصلحتها أن تظل على هذا النحو وتتطلع إلى إقلاق جيرانها! لقد أثبتت التجربة أن علاقات حس الجوار لا بديل لها بين أي جارين سواء لان كل دولة تمثل عمقاً استراتيجياً للدولة الأخرى أم لأن حركة مواطني البلدين ضرورية ولا تحدها القوانين ومحددات السياسة أو حتى لأن الجوار في حد ذاته يقتضي ثقة بدرجة مناسبة تمنح كل طرف قدراً من الاطمئنان شديد الفائدة لكل دول فما بالك إذا كانت الدولتين جارتين تشتركان في أنهما كانتا دولة واحدة وتربط بين مواطنيها روابط تاريخية عصية على الفصام؟
 جوبا ومهام كابرت في حاجة ماسة للسودان سواء في مجالات الخبرات الادارية والعسكرية والتنموية أو التجارة الحدودية وحركة البضائع أو لتصدير النفط و استيراد المنتجات من الخارج! لم يعد لجوبا من خيار سوى التعامل مع الملفات السياسية والأمنية مع السودان بجدية.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق