الأحد، 18 يناير 2015

الوحدة بين الخرطوم وجوبا.. الممكن والمستحيل

يناير من العام 2012 خلال ملتقي (دولتا السودان.. فرص ومخاطر ما بعد الانفصال) الذي نظمه مركز الدراسات بشبكه الجزيرة الفضائية، قال د.  آرثرغبريال ياك الكاتب فى جريدة المصير الناطقة بالعربية فى دولة جنوب السودان، ممازحا د. حيدر إبراهيم خلال تقديمه لورقته، إذا وجدتم عرافة لحل مشاكل جمهورية السودان فلا تنسونا فى دولة جنوب السودان"، وفي منتصف شهر يناير من هذا العام 2015م، وردت أخبار حول دعوة تم نفيها من حركة رياك مشار لإعادة الوحدة بين السودان وجنوب السودان سبقتها عدة دعاوي تقدمت بها عدة دول في هذا الشأن، ما يقود إلي تساؤل حول إذا كانت "العرافة" وجدت أنه لا خيار لحل مشكلات الدولتين سوي الوحدة.
المؤتمر الوطني أشار إلي أن الوحدة مع دولة جنوب السودان تحتاج إلي استفتاء جديد من قبل الشعب، بيد أن بعض السياسيين قللوا من قيمة هذه الدعوة، ويرون أن إجراء مثل هذه العملية مستحيلة، وطبقاً لرئيس منبر السلام العادل المهندس الطيب مصطفي – الذي دعا إلي انفصال الجنوب قبل استفتاء 2011م – في حديثه لـ(ألوان) أمس، (الجنوبيين من اختاروا الانفصال، ووحدة الدولتين من جديد مستحيلة، لأننا لسنا في لعبة)..
وأعتبر مصطفي إن دولة الجنوب هي التي تضررت من الانفصال، وأكد أن السودان كان بمثابة (النشارة) فوق الجرح، وأشار الطيب إلي أن الخرطوم تضررت نوعاً ما بذهاب حصة كبيرة من عائدات البترول لدولة الجنوب، لافتاً إلي البترول ملك لدولة جنوب السودان وليس الخرطوم في الأساس، وقال (هذا حقهم الطبيعي).
مهندس الانفصال اجتماعياً كما يراه الكثيرون، يذهب إلي أن السودان في فترة نقاهة، ولا يحتاج إلي وحدة مع الجنوب لكي يقوي من اقتصاده،  وأكد المصطفي أن الراغبين في الوحدة يريدون منها التوحد الداخلي لمواجهة الشمال، وأَضاف (كأنهم يريدون تحميلنا عبء الجنوب ومشاكله من حروب).
المؤتمر الوطني أشار إلي أن إعادة الوحدة بين البلدين ليست مستحيلة، لكنها لن تتم بهذه البساطة أو تكون محل مساومة، وأكد علي لسان القيادي بالحزب د. قطبي المهدي، أن الوحدة كانت من الثوابت الوطنية لديه، رغم أنها غير مربحة للسودان نتيجة للحروب التي أعاقت  بمسيرة التنمية للبلاد، هذا إضافة إلي أنه شن هجوماً علي اتفاقية نيفاشا التي قال بأنها كانت خطأ استراتيجي.
يبدو أن الأصوات التي تنادي بوحدة الجنوب، ليست من داخل الدولة ذاتها، وأشار قطبي المهدي إلي أنها تأتي في شكل مبادرات شخصية من قبل إفراد، حيث أكدت الحركة الشعبية جناح رياك مشار لـ(ألوان) في وقت سابق، أن وحدة جنوب السودان مع السودان، لم تكن محل جدل حتي تطالب بها الحركة،  وأشارت إلي أن الانفصال جاء نتاج لإرادة شعب الجنوب، ولا يمكن أن يسلبه أحد هذا الحق حتي الحركة الشعبية نفسها.
مشكلات معقدة يري المراقبون أنها واجهت البلدين منذ انفصال الجنوب، "سياسياًَ واقتصادياً وأمنياً"، لا تزال تحتاج إلي إعادة النظر فيها، ويشير المحلل السياسي د: حمد عمر حاوي في حديثه لـ(ألوان) أمس، إلي أن التجربة العملية التي مرت بها الدولتين أوضحت أنه من الصعب علي جنوب السودان العيش بسلام أو تطور بمعزل من دولة السودان، لافتاً إلي أن  المبادرات الداعية للوحدة التي تقوم بها النخب  في دولة الجنوب يمكن أن يكون الفيصل فيها هو استجابة الشعب وتأيده، موضحاً أن إمكانية تفاعل الناس مع هذه المسألة في دولة الجنوب أمر ممكن، واعتبر الحاوي أن المعوقات التي يمكن أن تعترض طريق وحدة البلدين هي أن شكل نظام الحكم في الخرطوم وجوبا لا يشجع علي الوحدة، إضافة إلي إدارة وسيادة الصفوة التي لا تقف ضد هذه العملية، لكي لا تفقد هيمنتها علي الحكم في الجنوب، وأشار حاوي إلي بعض دول الإقليم التي لديها مصالح في دولة الجنوب المستقلة، قد تعترض أو تحارب هذه الخطوة خاصة كينيا ويوغندا اللتين تربطهما مصالح مباشرة تحتم عليهم محاولة إبقاء الجنوب مفصولاً عن الشمال.
بالإضافة إلي أن هناك جهات في المجتمع الدولة، لم تكن متحفزة للوحدة سابقاً مثل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وأضاف (المبادرة حول وحدة الدولتين جاءت في ظروف غير مواتية خاصة في ظل الحروب الدائرة في مناطق عدة في دولة الجنوب)، مشيراً إلي أنه بالإمكان إخضاع هذه المبادرات إلي مفاوضات يمكن أن تفضي إلي حلول مرضية قد تؤدي إلي وحدة البلدين في حال الاتفاق التام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق