الأحد، 22 نوفمبر 2015

السودان ومصر و"الفاتورة"

* أي أزمة بين بلدين تبدأ (صغيرة) وربما تتدخل عوامل هنا وهناك إما تحاصرها في مهدها أو تتدحرج مثل كرة الثلج حتى تكبر وتكبر في انتظار الحل، إلا الأزمات المتكررة بين مصر والسودان. دائماً تنهض "كبيرة" ولكنها سرعان ما تعود للمربع الأول .. مربع "ثلاجة وادي النيل" التي تحتفظ دوماً بأزمات تبقي تحت التبريد عند اللزوم ثم تخرج للتسخين والأكل.
* الأزمة الأخيرة لا تخرج عن هذا السياق التقليدي، لكنها تحمل هذه المرة عوامل جديدة لم تكن مألوفة، فقد دخلت وسائل التواصل الاجتماعي وأعطتها بعداً آخر تمثل في سيل متواصل من الروايات والصور التي ثبت أن بعضها "مفبرك" ولا يمت للأحداث التي جرت في مصر.
* أذن هناك أكثر من "لاعب" ينوى الخوض في المياه "العكرة" والتي هي أصلاً جاهزة للتعكير في أي زمان وأي مكان.
* أنا شخصياً وصلتني عبر الواتساب أكثر من شهادات "صوتية" تنفي ما حدث .. سودانيون أكدوا أنهم لم يسمعوا أو يتعرضوا لشيء من هذا القبيل .. ولم يعترضهم أحد سواء كان ذلك من قبل الأجهزة الرسمية أو من أفراد المجتمع المصري.
* هذه الشهادات تبد "مقبولة" إذا وضعنا في الاعتبار أن الجالية السودانية يقارب عددها أكثر من 4 مليون سوداني..
(نصف) هذا العدد "مندمج" بصورة طبيعية في المجتمع المصري بفعل التواصل والتداخل وعلاقات الدم والجوار التاريخية.
* لكن هذا لا يمنع من طرح السؤال الذي نبحث عن إجابة على مر التاريخ ومع كل أزمة: لماذا يدفع المواطن السوداني وحده كل مرة فاتورة غالية الثمن ويتم سدادها من رصيد كرامته الشخصية؟!
* هذا السؤال يطرحه (العقلاء)، والذين هم ضد خط التصعيد الأعمي، وضد أي حديث عن معاملة بالمثل في ظل مشكلات السودان المتراكمة، والتي تجعل السوداني يذهب لمصر للعلاج وللجوء والتجارة وللبحث عن الهجرة حتى ولو لإسرائيل.
* نعم إن القضية في سبيلها للتهدئة – رغم دخول بعض الفضائيات (المغرضة) في الخط – بعد التحركات "القوية" لسفيرنا بالقاهرة عبد المحمود عبد الحليم والذي كان على قدر التحدي، وجاءت تصريحاته متفقة مع واجبه الدبلوماسي في حماية مواطنيه من أي تجاوزات، وهي مواقف جعلت وزير الخارجية المصري سامح شكري يؤكد في كلمات قوية أن الشكاوى بشأن المداهمات والانتهاكات التي طالت مجموعة من السودانيين بالقاهرة تمت إحالتها لجهات الاختصاص للتحقيق فيها، وأنهم حريصون على توفير الأمن والسلامة للمواطن السوداني الزائر والمقيم، منطلقة من ثوابت لا تميز بين السوداني والمصري.
* وهذا ما نأمله ويأمله كل حادب على علاقة قوية بين البلدين.
* ويبقي الأمل في أن ينتهي وللأبد مبدأ تسديد المواطن السوداني البسيط والعادي لـ(فاتورة) هو أصلاً لا يجب أن يتحمل عبء سدادها لأنه ببساطة لا يعلم شيئاً عنها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق